هوليود ونظرية المؤامرة والحرب في أوكرانيا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هوليود ونظرية المؤامرة والحرب في أوكرانيا

    هوليود ونظرية المؤامرة والحرب في أوكرانيا
    هلسنكي ــ يوسف أبو الفوز
    كثيرون، لا يعتبرون مصطلح (نظرية المؤامرة) مفهوما جديدا، رغم ان اضافته الى قاموس أكسفورد كانت في عام 1997 ــ بالإنجليزية Conspiracy Theor ‏ــ، فعلماء الاجتماع والنفس والتاريخ عرفوه واستخدموه كثيرا، وتداولوه في تفسير كثير من الاحداث، خصوصا المؤمنين بأن لا شيء يحدث بالصدفة، وان الأشياء مرتبطة مع بعضها. في العقود الأخيرة، ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي على تسويق هذا المفهوم للانتشار بشكل واسع.
    ولم تغفل هوليود الامر، فقدمت تفسيرات لكثير من الاحداث تبعا لمفهوم المؤامرة، فشاهدنا أفلاما تناولت حادثة اغتيال الرئيس الأمريكي جون كيندي 1963، فضيحة ووتر غيت 1972 وقبلها مصير الزعيم هتلر الذي انتحر 1945 وغيرها.
    ويمكن القول ان حادث اغتيال كيندي، يعتبر من اهم الاحداث التي دفعت السينما والتلفزيون في هوليود لتبني تفسيرها تبعا لنظرية المؤامرة، فبعدها لم يعد من الصعوبة العثور على تفسيرات لأحداث سياسية دبرت من قبل (عدو خارجي) أو (عدو داخلي) متحالف مع نخب فاسدة.
    عن اغتيال جون كنيدي سنجد أفلاما مثل فيلم (الإجراء التنفيذي ــ 1973) من اخراج ديفيد ميلر (1909–1992)، وساهم في كتابته كاتب السيناريو الأمريكي الشيوعي دالتون ترامبو (1905–1976)، الذي سبق وسجن لعام كامل مع غرامة من قبل محاكم التفتيش الماكارثية ووضع اسمه على القائمة السوداء لمنعه من العمل، فاضطر لكتابة العديد من الأعمال الناجحة بأسماء مستعارة، ومثل في هذا الفيلم نجوم كبار مثل برت لانكستر (1913–1994)، روبرت رايان (1909–1973)، ويل غير (1902–1978)واخرين، وكان اول فيلم امريكي يشكك في الرواية الرسمية لاغتيال كنيدي. أيضا هناك فيلم (جون كنيدي ــ 1991) من اخراج اوليفر ستون (مواليد 1946)، المعروف بميوله الليبرالية واعتبر ستون هذا افضل أفلامه، ومثل فيه نجوم كبار مثل كيفن كوستنر (مواليد 1955)، تومي لي جونز (مواليد 1958)، جاك ليمون (1925–2001)، ووالتر ماتاو (1920–2000) واخرين، وحصل الفيلم على ثمانية ترشيحات لجوائز الأوسكار وكان أحد أكثر أفلام المخرج نجاحًا رغم فشله في الفوز بجائزة الأوسكار لأفضل مخرج.
    اما عن فضيحة ووتر غيت فهناك فيلم (كل رجال الرئيس ــ 1976) من اخراج الامريكي آلان باكولا (1928 -1998) والذي اشترك في تمثيله داستن هوفمان (مواليد 1937) الى جانب روبرت ريدفورد (مواليد 1936) الى جانب كوكبة من نجوم هوليود، وفي الفيلم يقوم صحفيان من صحيفة الواشنطن بوست بتسليط الضوء وفضح ضلوع الرئيس الأمريكي الجمهوري ريتشارد نيكسون في التجسس على مقر الحزب الديمقراطي الأمريكي ايام انتخابات عام 1972 وزرع أجهزة تنصت هناك، وبعد كشف الملابسات وتجنبا لسحب الثقة منه اضطر نيكسون للاستقالة على اثرها، وحيث اصبح مصطلح ووتر غيت رمزا شعبيا للنشاطات والتآمر غير القانوني واستغلال مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) ووكالة المخابرات المركزية (CIA) ودائرة الإيرادات الداخلية (IRS) كأسلحة سياسية.
    وهكذا ستقودنا عمليات البحث الى عناوين العديد من الأفلام، التي صيغت احداثها تبعا لمصطلح ومفهوم المؤامرة، وكأمثلة: الفيلم الشهير (ثلاثة أيام من الكوندورــ 1975)، عن الفساد في اجهزة المخابرات وحيث التهديدات للمواطن تمتد إلى أعلى المستويات في الحكومة، والفيلم من اخراج سيدني بولاك (1934 ـ 2008) تمثيل روبرت ريدفورد مع فاي دوناواي (مواليد 1941)، ترشح الفيلم لعدة جوائز منها الاوسكار لأفضل مونتاج.
    وفيلم (نظرية المؤامرة - 1997) اخراج ريتشارد دونر(1930 - 2021 (، وتمثيل ميل كبسون (مواليد 1956) وجوليا روبرتس (مواليد 1967)، حيث سائق سيارة أجرة، يؤمن بأن كثير من الاحداث تجري وفق نظرية المؤامرة من أجهزة المخابرات ومليشيات غير قانونية، حتى يكتشف مؤامرة لتصفيته من جهات غامضة، وهناك الكثير من الأفلام التي يمكن ادراجها.
    قبل أسابيع، لفت انتباهي أحد الأصدقاء، الى مسلسل حركة ومغامرات امريكي، يعرض على منصة Netflix، أنتج منه ثلاثة مواسم في الأعوام 2018- 2016، تحت عنوان (القناص)، مستوحى عن رواية (نقطة الاصابة) للكاتب الأمريكي ستيفن هانتر، التي صدرت عام 1993 ولاقت ناجحا لافتا، فتم تحويلها أولا الى فيلم عام 2007، من اخراج أنطوان فوكوا والدور الرئيس تمثيل مارك والبيرغ (مواليد 1971). أما بالنسبة لمسلسل (القناص)، فقد تم اعداد الموسم الأول على يد مجموعة كتاب سيناريو، بتصرف كبير، ففي الفيلم ميدان خدمة القناص، الشخصية الأساسية، كان في ارتيريا، بينما في المسلسل، أصبح أفغانستان وأيضا تم تغيير الهدف المراد اغتياله وأصبح له علاقة بالأزمة الأوكرانية!! تصدى لإخراج الموسم الأول من المسلسل عدة مخرجين أمريكيين يتقدمهم سايمون جونز (مواليد 1936)، وكان من عشر حلقات مدة الحلقة 45 دقيقة.
    في المسلسل يقوم الممثل ريان فيليب (مواليد 1974)، بأداء دور (بوب لي سواغر)، محارب مخضرم، قناص بارع من مشاة البحرية الأمريكية حائز على اوسمة وجوائز عديدة، متقاعد بسبب الإصابة، يعيش في شبه عزلة، فيتم الاستعانة به من قبل قائده السابق في الجيش، للاستفادة من خبرته كقناص لمنع محاولة لاغتيال الرئيس الأمريكي، فيقوم بأبحاثه وزيارة مكان توقف موكب الرئيس ويدرس احتمالات مواقع الاغتيال الممكنة ويصورها ويرسم ابعادها، لكن يتم الإيقاع به، واستخدمت الكثير من الأدلة التي تركها في الأماكن لتوريطه في عملية اغتيال الرئيس الاوكراني !! الذي كان في زيارة للبلاد. احداث المسلسل، التي لا تختلف عن الطبخة المعتادة من مسلسلات الاكشن الأمريكي، تكشف عن منظمة سرية متطرفة، تتصرف كالدولة العميقة، متغلغلة في أجهزة مخابرات الدولة وتتحكم بولاء الكثير من كبار المسؤولين، تستغل الحرب في أفغانستان للتجارة بالمخدرات، ولتسويق الأسلحة لمناطق الحروب ولديها استثمارات اقتصادية في اوكرانيا، وخططت لاغتيال الرئيس الاوكراني، بالتنسيق مع المخابرات الروسية، بإيعاز مباشر من الرئيس فلاديمير بوتين، ولكن باستخدام ايدي أمريكية!
    واذا نظرنا الى فترة عرض المسلسل، حيث تم عرضه بثمان حلقات من الفترة 15 تشرين الثاني 2016 حتى الفترة 17 كانون الثاني 2017 وزمن احداثه، نجدها تجري في الفترة التي أعقبت ضم روسيا لجزيرة القرم (اذار 2014)، وفي فترة رئاسة الرئيس الاوكراني الحالي فولوديمير زيلينسكي، مما يقودنا للقول بان المسلسل يعطي حافزا للمؤمنين بنظرية المؤامرة للقول بأن دولة مثل الولايات المتحدة الامريكية، أذ تسعى لشيطنة روسيا وتوريطها في نزاعات وإضعافها، فأنها تحاربها على كل الأصعدة، وتعبأ بشكل مسبق الرأي العام بمختلف الوسائل، ومن ذلك الاعمال السينمائية والتلفزيونية، فحلقات المسلسل لم تخلو من الإشارات الى مطامع روسيا وتهديدها لأمريكا ودول حلف الناتو، وتظهرها كدولة محبة للحرب ومتآمرة، تغتال المعارضين بدم بارد، ولا تتردد في التعاون مع جماعات أمريكية متطرفة، خارجة على القانون، توظفها لاغتيال الرئيس الاوكراني الضيف إرضاءا لمصالح ومخططات خاصة.
    سينما العالم
يعمل...
X