الوقود النجمي
هل تسألت يومًا لماذا لا ينفد وقود الشمس!؟ ربما كان هذا التساؤل طفوليًّا نوعًا ما فكثيرٌ من الأطفال عندما نشبه لهم الشمس بالمصباح يسأل لماذا لا تنطفئ إذن!؟ يمكن السر في عدم انطفاء الشمس أو غيرها من النجوم في طبيعة الوقود التي تستخدمه لتوليد طاقتها التي تشعها في الكون (في الحقيقة وحسب علماء الفيزياء الفلكية والنظرية فإن للنجوم أعمارًا وبعدها تموت وبمعنى آخر؛ ينتهي الوقود النجمي الخاصّ بها)
تعريف الوقود النجمي
يعرف قاموس Merriam-Webster الشهير عبر موقعه على الويب الوقود النجمي أو الطاقة النجمية بالكلمات البسيطة التالية:
الطاقة الداخلية للنجوم أو الطاقة التي يشعها النجم أو ببساطة هي طاقة النجم
إنتاج الوقود النجمي داخل النجوم
لعلَّ أهم ما يميز النجوم بشكلٍ عام هو الطاقة التي تشعها (هذه الطاقة هي سبب انبهار الإنسان بها) والشيء الفريد في هذه الطاقة أنها ذات منبعٍ داخليٍّ؛ أي أن النجوم لا تستمد طاقتها من جسمٍ خارجيٍّ إنما هي ذاتية التوليد ضمن النجم نفسه.
بالنظر إلى عمر النجوم الطويل ( 10 مليارات سنة في حالة الشمس التي نعرفها في نظامنا الشمسي) فإنه من المستبعد تمامًا أن يكون مصدر هذه الطاقة هو حقول الجاذبية Gravitational أو التفاعلات الكيمائية Chemical؛ فهما غير كافيين لتوليد كمية الطاقة التي تشعها النجوم، لذا فإن المصدر الرئيسي لهذه الكميات الهائلة من الطاقة (أي الوقود النجمي فعليًّا) هو التفاعلات النووية Nuclear Reaction الاندماجية حيث تندمج العناصر النووية الخفيفة مع بعضها لتوليد عناصر نووية أثقل مولدةً بذلك كميات هائلة من الطاقة.
تتحرك الجزيئات والعناصر داخل النجوم بسرعةٍ كبيرةٍ وبكل الاتجاهات وذلك نتيجةً للحرارة العالية في النجوم، وبالتالي يزيد ذلك من احتمال اقتراب بروتونات الذرات من بعضها البعض مما يساعد ويهيئ الظروف المناسبة لحدوث تفاعل الاندماج النووي.
شروط تفاعل الاندماج
بشكلٍ عام، تساعد الحركة السريعة والعشوائية للذرات والجزيئات داخل النجم على حدوث تفاعل الاندماج النووي ولكنها غير كافيةٍ، ولا بدّ لحدوث التفاعل وهي:
بالنسبة للشمس والنجوم الرئيسية، يكون تفاعل الاندماج هو التفاعل الذي يؤدي لتحويل عنصر الهيدروجين H إلى عنصر الهليوم He، ويسمى هذا التفاعل بدورة البروتون- بروتون proton-proton cycle.
تفاعل البروتون بروتون في الشمس
يبدأ تفاعل الاندماج هذا بتصادم بروتونين من الهيدروجن (1H) لتشكيل نواة الديوتيريوم 2H مع إطلاق بوزيترون واحد (البوزيترون هو جسيمٌ مشابهٌ للإلكترون إلا أنه يعاكسه في الشحنة ويرمز له عادةً بـ +e)، ولكن سرعان ما يجد البوزيترون إلكترونًا عاديًّا ذا شحنةٍ سالبةٍ، حيث يصطدمان ويفني كل منهما الآخر ويرافق ذلك إطلاق كمية كبيرة من الطاقة تقدر بـ1.02 ميغا إلكترون فولت(1MeV) وهذا يتوافق مع معادلة الطاقة التي جاء بها ألبرت إينشتاين.
تبدأ المرحلة الثانية من التفاعل عندما يصدم بروتون نواة الديوتيريوم المتشكلة من التفاعل الأول لتتشكل نواة الهليوم الخفيف 3He (الهليوم الخفيف هو أحد نظائر الهليوم المشعة) مع إطلاق أشعة غاما، وبعدها تأتي المرحلة الثالثة عندما تصطدم نواة الهليوم الخفيف 3He مع نواة الهليوم الطبيعي 4He لتشكيل عنصر البريليوم 7Be مع إصدار أشعة غاما مرة ثانية.
في الحقيقة، لا تتوقف سلسلة تفاعلات الاندماج عند هذا الحد، بل تتابع مع اصطدام نواة البريليوم 7Be مع بروتون جديد لتتشكل نواة عنصر البورون 8B مع إطلاقٍ لأشعة غاما مرةً أخرى، ولكن البورون المتشكل عنصر غير مستقرٍ بحد ذاته، لذلك يتحول مباشرةً لنواة ذرة البريليوم ذات الوزن الذري 8 8Be مع إصدار بوزيترون ونيوترينو، وأخيرًا تنشطر ذرة البريليوم الأخيرة لتشكل ذرتي هيليوم، ويمكن وصف سلسلة التفاعلات السابقة بالمعادلات التالية:
الخلاصة
في النهاية يمكن أن نختصر كل الأحداث والمعادلات السابقة بالقول بإن الوقود النجمي ينتج من تفاعلات الاندماج النووي الحاصلة داخل النجوم والتي يرافقها إطلاق كمياتٍ كبيرةٍ من الطاقة.
نفاد الوقود النجمي
يتضح من التفسير السابق لطريقة تشكل الوقود النجمي أن للتفاعل المنتج لهذا الوقود مادةً أوليةً وهي الهيدروجن والتي تتحول بشكلٍ تدريجيٍّ إلى هليوم عبر الاندماج لتوليد الطاقة، ومع نفاد هذه المادة الأولية يصل النجم لمرحلة الموت حيث يتوسع بشكلٍ هائلٍ ويصبح أكثر برودةً، ويمر بعدها بعدة مراحلَ وقد ينتهي به الحال ليصبح ثقبًا أسودًا.
هل تسألت يومًا لماذا لا ينفد وقود الشمس!؟ ربما كان هذا التساؤل طفوليًّا نوعًا ما فكثيرٌ من الأطفال عندما نشبه لهم الشمس بالمصباح يسأل لماذا لا تنطفئ إذن!؟ يمكن السر في عدم انطفاء الشمس أو غيرها من النجوم في طبيعة الوقود التي تستخدمه لتوليد طاقتها التي تشعها في الكون (في الحقيقة وحسب علماء الفيزياء الفلكية والنظرية فإن للنجوم أعمارًا وبعدها تموت وبمعنى آخر؛ ينتهي الوقود النجمي الخاصّ بها)
تعريف الوقود النجمي
يعرف قاموس Merriam-Webster الشهير عبر موقعه على الويب الوقود النجمي أو الطاقة النجمية بالكلمات البسيطة التالية:
الطاقة الداخلية للنجوم أو الطاقة التي يشعها النجم أو ببساطة هي طاقة النجم
إنتاج الوقود النجمي داخل النجوم
لعلَّ أهم ما يميز النجوم بشكلٍ عام هو الطاقة التي تشعها (هذه الطاقة هي سبب انبهار الإنسان بها) والشيء الفريد في هذه الطاقة أنها ذات منبعٍ داخليٍّ؛ أي أن النجوم لا تستمد طاقتها من جسمٍ خارجيٍّ إنما هي ذاتية التوليد ضمن النجم نفسه.
بالنظر إلى عمر النجوم الطويل ( 10 مليارات سنة في حالة الشمس التي نعرفها في نظامنا الشمسي) فإنه من المستبعد تمامًا أن يكون مصدر هذه الطاقة هو حقول الجاذبية Gravitational أو التفاعلات الكيمائية Chemical؛ فهما غير كافيين لتوليد كمية الطاقة التي تشعها النجوم، لذا فإن المصدر الرئيسي لهذه الكميات الهائلة من الطاقة (أي الوقود النجمي فعليًّا) هو التفاعلات النووية Nuclear Reaction الاندماجية حيث تندمج العناصر النووية الخفيفة مع بعضها لتوليد عناصر نووية أثقل مولدةً بذلك كميات هائلة من الطاقة.
تتحرك الجزيئات والعناصر داخل النجوم بسرعةٍ كبيرةٍ وبكل الاتجاهات وذلك نتيجةً للحرارة العالية في النجوم، وبالتالي يزيد ذلك من احتمال اقتراب بروتونات الذرات من بعضها البعض مما يساعد ويهيئ الظروف المناسبة لحدوث تفاعل الاندماج النووي.
شروط تفاعل الاندماج
بشكلٍ عام، تساعد الحركة السريعة والعشوائية للذرات والجزيئات داخل النجم على حدوث تفاعل الاندماج النووي ولكنها غير كافيةٍ، ولا بدّ لحدوث التفاعل وهي:
- درجة حرارة وسطية داخل النجم لا تقل عن 10 مليون كلفن.
- أن تتمتع البروتونات الداخلة في تفاعل الاندماج النووي بطاقةٍ عاليةٍ كافية لبدء التفاعل.
بالنسبة للشمس والنجوم الرئيسية، يكون تفاعل الاندماج هو التفاعل الذي يؤدي لتحويل عنصر الهيدروجين H إلى عنصر الهليوم He، ويسمى هذا التفاعل بدورة البروتون- بروتون proton-proton cycle.
تفاعل البروتون بروتون في الشمس
يبدأ تفاعل الاندماج هذا بتصادم بروتونين من الهيدروجن (1H) لتشكيل نواة الديوتيريوم 2H مع إطلاق بوزيترون واحد (البوزيترون هو جسيمٌ مشابهٌ للإلكترون إلا أنه يعاكسه في الشحنة ويرمز له عادةً بـ +e)، ولكن سرعان ما يجد البوزيترون إلكترونًا عاديًّا ذا شحنةٍ سالبةٍ، حيث يصطدمان ويفني كل منهما الآخر ويرافق ذلك إطلاق كمية كبيرة من الطاقة تقدر بـ1.02 ميغا إلكترون فولت(1MeV) وهذا يتوافق مع معادلة الطاقة التي جاء بها ألبرت إينشتاين.
تبدأ المرحلة الثانية من التفاعل عندما يصدم بروتون نواة الديوتيريوم المتشكلة من التفاعل الأول لتتشكل نواة الهليوم الخفيف 3He (الهليوم الخفيف هو أحد نظائر الهليوم المشعة) مع إطلاق أشعة غاما، وبعدها تأتي المرحلة الثالثة عندما تصطدم نواة الهليوم الخفيف 3He مع نواة الهليوم الطبيعي 4He لتشكيل عنصر البريليوم 7Be مع إصدار أشعة غاما مرة ثانية.
في الحقيقة، لا تتوقف سلسلة تفاعلات الاندماج عند هذا الحد، بل تتابع مع اصطدام نواة البريليوم 7Be مع بروتون جديد لتتشكل نواة عنصر البورون 8B مع إطلاقٍ لأشعة غاما مرةً أخرى، ولكن البورون المتشكل عنصر غير مستقرٍ بحد ذاته، لذلك يتحول مباشرةً لنواة ذرة البريليوم ذات الوزن الذري 8 8Be مع إصدار بوزيترون ونيوترينو، وأخيرًا تنشطر ذرة البريليوم الأخيرة لتشكل ذرتي هيليوم، ويمكن وصف سلسلة التفاعلات السابقة بالمعادلات التالية:
الخلاصة
في النهاية يمكن أن نختصر كل الأحداث والمعادلات السابقة بالقول بإن الوقود النجمي ينتج من تفاعلات الاندماج النووي الحاصلة داخل النجوم والتي يرافقها إطلاق كمياتٍ كبيرةٍ من الطاقة.
نفاد الوقود النجمي
يتضح من التفسير السابق لطريقة تشكل الوقود النجمي أن للتفاعل المنتج لهذا الوقود مادةً أوليةً وهي الهيدروجن والتي تتحول بشكلٍ تدريجيٍّ إلى هليوم عبر الاندماج لتوليد الطاقة، ومع نفاد هذه المادة الأولية يصل النجم لمرحلة الموت حيث يتوسع بشكلٍ هائلٍ ويصبح أكثر برودةً، ويمر بعدها بعدة مراحلَ وقد ينتهي به الحال ليصبح ثقبًا أسودًا.