الإنتاج السينمائي في بوليوود يواجه أزمة اقتصادية تاريخية
2022
الوكالات ـ «سينماتوغراف»
يواجه الإنتاج السينمائي في بوليوود، والذي يشكّل عنصراً أساسياً في الهوية الثقافية للهند أزمة اقتصادية تاريخية، ممّا أفسح المجال أمام منصات البث التدفقي الأجنبية وإنتاجات جنوب الهند لاحتلال الصدارة.
وتشهد دور السينما في بومباي، التي تُعدّ المركز الرئيسي للإنتاج السينمائي في بوليوود، هدوءاً كبيراً. وتستمر في تحقيق إيرادات منخفضة حتّى بعد إلغاء الحجر الصحي المرتبط بالجائحة.
ويقول صاحب دار سينما قديمة في بومباي، يدعى مانوج ديساي، لوكالة فرانس برس: “لم نواجه في الماضي أزمة أسوأ من التي نعانيها”، إذ أُلغيت عروض أفلام عدة لأنّ أحداً لم يرتَد الصالة.
وتنتج الهند التي تضم مليارا ونصف مليار نسمة ما معدّله 1600 فيلم سنوياً، وهو أعلى عدد أفلام ينتجه بلد في العالم.
وعادةً ما كانت أفلام بوليوود تجذب رواد السينما في الهند والسكان الذين يكنّون للنجوم إعجاباً كبيراً ويُقبلون بكثافة على العروض الأولى للأفلام. إلّا أنّ أفلام الممثل أكشاي كومار الثلاثة الأخيرة لم تحظَ بالنجاح المُتوقَّع.
حتّى عامر خان، الذي يُعتبَر وجهاً للأفلام الأكثر شعبية في الهند، لم ينجح في جذب الجماهير لمشاهدة “لال سينغ تشادا”، وهو النسخة الهندية من فيلم “فورست غامب” الشهير.
من بين 50 فيلما من بوليوود صدرت العام الماضي، نجحت 5 منها فقط بتحقيق الإيرادات المتوقّعة، بحسب ما يؤكّده محلل وسائط الإعلام كاران توراني من شركة إيلارا كابيتل. أمّا قبل الجائحة، فقد استطاعت نصف الأفلام المطروحة أن تحقق أهدافها.
وفي المقابل، تصدّرت لائحة الأفلام التي حقّقت أعلى الإيرادات أعمال عدة مُنتَجَة بلغة التيلغو (توليوود) في جنوب الهند، وتُعتَبَر مُنافِسة للإنتاج السينمائي في بوليوود، الذي يعتمد اللغة الهندية.
ويشير كبير المستشارين الاقتصاديين في “ستايت بنك أوف إنديا” سوميا كانتي غوش، في تقرير صدر أخيراً، إلى أنّ نصف إيرادات الأفلام الهندية بين يناير2021 وأغسطس 2022 حقّقتها أعمال من الجنوب مُدبلجة إلى الهندية.
يقول: “يبدو أنّ بوليوود وصلت إلى نقطة انعطاف، تختلف طبيعتها عن المشاكل التي شهدتها سابقاً”.
وسبق لظهور المنصات الالكترونية أنّ وجّه ضربة للإنتاج السينمائي في بوليوود قبل الجائحة، وازداد الوضع سوءاً مع الحجر الصحي الذي فرضته جائحة كوفيد-19.
وفيما يُتاح الاتصال بشبكة الانترنت لنحو نصف سكان الهند، يبلغ عدد المشتركين في خدمات البث التدفقي المحلية والأجنبية، مثل “نتفليكس” و”أمازون برايم” و”ديزني بلس” و”هوت ستار”، 96 مليون مشترك، على ما تشير أرقام تقديرية للحكومة.
وعُرضت بعض الأفلام التي صدرت بعد إلغاء الحجر الصحي، عبر منصات البث التدفقي، بينما بُثّت أعمال أخرى عبر قنوات تلفزيونية بعد أسابيع فقط من بدء عرضها في دور السينما.
ولا تتعدى تكلفة الاشتراك الشهري في خدمة للبث التدفقي سعر تذكرة سينما واحدة، أي مبلغاً لا يتجاوز 2،43 دولار أميركي بكثير.
وأبدى الهنود إعجابهم بالمحتوى المحلي والعالمي الذي توفره منصات البث التدفقي، بالإضافة إلى الأفلام المُنتَجَة باللغات الإقليمية كالتيلغو والتاميل والمالايالام، وحتّى اللغة الكنادية المنطوقة في جنوب البلاد.
ويقول الناقد رجا سين: “لم تكن الأعمال الإقليمية تنتشر خارج نطاقها، لكنّ الجميع بدأوا فجأة يشاهدون الأفلام الناطقة بالمالايالامية أو المراثية وأدركوا أنّ مخرجيها يتناولون قصصاً مثيرة للاهتمام أكثر”.
ويتابع: “الجمهور لم يعد يبدي اهتماماً بالأفلام التي يشارك فيها نجم ما وتعيد تناول موضوع جرى التطرق له مرات عدة سابقاً”.
يلوم النقاد بوليوود لتركيزها على أفلام متخصّصة أو موجّهة لجمهور نخبوي من سكان المدن، مع أنّ 70% من سكان الهند يعيشون في الأرياف.
وفي مقابلة صحافية، يقرّ عامر خان بأنّ “الخيارات التي تبدو أنّها مرتبطة بمخرجي الأفلام الهنديين، ليست بصورة مؤكّدة موجّهة لعامة الناس”.
من ناحية أخرى، يبرهن نجاح توليوود أنّ جنوب البلاد يتطور أكثر في المجال السينمائي، مع أفلام مثل “بوشبا: ذي رايز” و”آر آر آر”، اللذين يتمحوران على مواضيع مرتبطة بالسكان مع مشاهد وأغان ورقصات لا تقلّ أهمية عن تلك الخاصة ببوليوود.
ويقول أكشاي راثي الذي يتولى إدارة دور سينما عدة: “لجذب الأشخاص إلى الصالات، علينا إيجاد سيناريو لا يمكن اختباره داخل المنزل”.
ويعتبر توراني أنّ مشاركة نجم ما في العمل لم تعد تضمن نجاح الفيلم، واصفاً المشاكل التي تعانيها بوليوود بـ”المقلقة”.
ويضيف إنّ “الجمهور يرغب بالتأكيد أن يشاهد أحد النجوم، لكنّه يريد كذلك أن يشارك هذا النجم في فيلم مقنع”.
ويرى رواد سينما قابلتهم وكالة فرانس برس أمام إحدى دور السينما في بومباي، أنّ المشكلة الفعلية تكمن في جودة الأفلام التي تصبح في الغالب متدنية.
وتقول الطالبة بريتي ساوانت (22 عاماً) “ينبغي أن يكون موضوع الفيلم جميلاً، والتطرق إليه جيداً أيضاً” لدفع الناس إلى ارتياد دور السينما ومشاهدته.
ويوافقها الرأي أكشاي كومار، الملقب بـ”رجل المجال السينمائي” والذي تحدثت إليه صحيفة “إنديان إكسبرس” اليومية في أغسطس الماضي.
ويقول إنّ “عدم نجاح أفلامي يعود إلى خطأ من جانبنا”، مضيفاً: “ينبغي أن أعيد تجديد نفسي وأن أدرك رغبة الجمهور”.
2022
الوكالات ـ «سينماتوغراف»
يواجه الإنتاج السينمائي في بوليوود، والذي يشكّل عنصراً أساسياً في الهوية الثقافية للهند أزمة اقتصادية تاريخية، ممّا أفسح المجال أمام منصات البث التدفقي الأجنبية وإنتاجات جنوب الهند لاحتلال الصدارة.
وتشهد دور السينما في بومباي، التي تُعدّ المركز الرئيسي للإنتاج السينمائي في بوليوود، هدوءاً كبيراً. وتستمر في تحقيق إيرادات منخفضة حتّى بعد إلغاء الحجر الصحي المرتبط بالجائحة.
ويقول صاحب دار سينما قديمة في بومباي، يدعى مانوج ديساي، لوكالة فرانس برس: “لم نواجه في الماضي أزمة أسوأ من التي نعانيها”، إذ أُلغيت عروض أفلام عدة لأنّ أحداً لم يرتَد الصالة.
وتنتج الهند التي تضم مليارا ونصف مليار نسمة ما معدّله 1600 فيلم سنوياً، وهو أعلى عدد أفلام ينتجه بلد في العالم.
وعادةً ما كانت أفلام بوليوود تجذب رواد السينما في الهند والسكان الذين يكنّون للنجوم إعجاباً كبيراً ويُقبلون بكثافة على العروض الأولى للأفلام. إلّا أنّ أفلام الممثل أكشاي كومار الثلاثة الأخيرة لم تحظَ بالنجاح المُتوقَّع.
حتّى عامر خان، الذي يُعتبَر وجهاً للأفلام الأكثر شعبية في الهند، لم ينجح في جذب الجماهير لمشاهدة “لال سينغ تشادا”، وهو النسخة الهندية من فيلم “فورست غامب” الشهير.
من بين 50 فيلما من بوليوود صدرت العام الماضي، نجحت 5 منها فقط بتحقيق الإيرادات المتوقّعة، بحسب ما يؤكّده محلل وسائط الإعلام كاران توراني من شركة إيلارا كابيتل. أمّا قبل الجائحة، فقد استطاعت نصف الأفلام المطروحة أن تحقق أهدافها.
وفي المقابل، تصدّرت لائحة الأفلام التي حقّقت أعلى الإيرادات أعمال عدة مُنتَجَة بلغة التيلغو (توليوود) في جنوب الهند، وتُعتَبَر مُنافِسة للإنتاج السينمائي في بوليوود، الذي يعتمد اللغة الهندية.
ويشير كبير المستشارين الاقتصاديين في “ستايت بنك أوف إنديا” سوميا كانتي غوش، في تقرير صدر أخيراً، إلى أنّ نصف إيرادات الأفلام الهندية بين يناير2021 وأغسطس 2022 حقّقتها أعمال من الجنوب مُدبلجة إلى الهندية.
يقول: “يبدو أنّ بوليوود وصلت إلى نقطة انعطاف، تختلف طبيعتها عن المشاكل التي شهدتها سابقاً”.
وسبق لظهور المنصات الالكترونية أنّ وجّه ضربة للإنتاج السينمائي في بوليوود قبل الجائحة، وازداد الوضع سوءاً مع الحجر الصحي الذي فرضته جائحة كوفيد-19.
وفيما يُتاح الاتصال بشبكة الانترنت لنحو نصف سكان الهند، يبلغ عدد المشتركين في خدمات البث التدفقي المحلية والأجنبية، مثل “نتفليكس” و”أمازون برايم” و”ديزني بلس” و”هوت ستار”، 96 مليون مشترك، على ما تشير أرقام تقديرية للحكومة.
وعُرضت بعض الأفلام التي صدرت بعد إلغاء الحجر الصحي، عبر منصات البث التدفقي، بينما بُثّت أعمال أخرى عبر قنوات تلفزيونية بعد أسابيع فقط من بدء عرضها في دور السينما.
ولا تتعدى تكلفة الاشتراك الشهري في خدمة للبث التدفقي سعر تذكرة سينما واحدة، أي مبلغاً لا يتجاوز 2،43 دولار أميركي بكثير.
وأبدى الهنود إعجابهم بالمحتوى المحلي والعالمي الذي توفره منصات البث التدفقي، بالإضافة إلى الأفلام المُنتَجَة باللغات الإقليمية كالتيلغو والتاميل والمالايالام، وحتّى اللغة الكنادية المنطوقة في جنوب البلاد.
ويقول الناقد رجا سين: “لم تكن الأعمال الإقليمية تنتشر خارج نطاقها، لكنّ الجميع بدأوا فجأة يشاهدون الأفلام الناطقة بالمالايالامية أو المراثية وأدركوا أنّ مخرجيها يتناولون قصصاً مثيرة للاهتمام أكثر”.
ويتابع: “الجمهور لم يعد يبدي اهتماماً بالأفلام التي يشارك فيها نجم ما وتعيد تناول موضوع جرى التطرق له مرات عدة سابقاً”.
يلوم النقاد بوليوود لتركيزها على أفلام متخصّصة أو موجّهة لجمهور نخبوي من سكان المدن، مع أنّ 70% من سكان الهند يعيشون في الأرياف.
وفي مقابلة صحافية، يقرّ عامر خان بأنّ “الخيارات التي تبدو أنّها مرتبطة بمخرجي الأفلام الهنديين، ليست بصورة مؤكّدة موجّهة لعامة الناس”.
من ناحية أخرى، يبرهن نجاح توليوود أنّ جنوب البلاد يتطور أكثر في المجال السينمائي، مع أفلام مثل “بوشبا: ذي رايز” و”آر آر آر”، اللذين يتمحوران على مواضيع مرتبطة بالسكان مع مشاهد وأغان ورقصات لا تقلّ أهمية عن تلك الخاصة ببوليوود.
ويقول أكشاي راثي الذي يتولى إدارة دور سينما عدة: “لجذب الأشخاص إلى الصالات، علينا إيجاد سيناريو لا يمكن اختباره داخل المنزل”.
ويعتبر توراني أنّ مشاركة نجم ما في العمل لم تعد تضمن نجاح الفيلم، واصفاً المشاكل التي تعانيها بوليوود بـ”المقلقة”.
ويضيف إنّ “الجمهور يرغب بالتأكيد أن يشاهد أحد النجوم، لكنّه يريد كذلك أن يشارك هذا النجم في فيلم مقنع”.
ويرى رواد سينما قابلتهم وكالة فرانس برس أمام إحدى دور السينما في بومباي، أنّ المشكلة الفعلية تكمن في جودة الأفلام التي تصبح في الغالب متدنية.
وتقول الطالبة بريتي ساوانت (22 عاماً) “ينبغي أن يكون موضوع الفيلم جميلاً، والتطرق إليه جيداً أيضاً” لدفع الناس إلى ارتياد دور السينما ومشاهدته.
ويوافقها الرأي أكشاي كومار، الملقب بـ”رجل المجال السينمائي” والذي تحدثت إليه صحيفة “إنديان إكسبرس” اليومية في أغسطس الماضي.
ويقول إنّ “عدم نجاح أفلامي يعود إلى خطأ من جانبنا”، مضيفاً: “ينبغي أن أعيد تجديد نفسي وأن أدرك رغبة الجمهور”.