الممرضة الصالحة
هذا الفيلم الدرامي الأمريكي The Good Nurse ( إنتاج 2022 ) يعتمد القصة الحقيقية لجرائم قاتل متسلسل دوّنها الكاتب " چارلز گريبر " في كتابه ( الممرضة الصالحة ) الصادر عام 2013 . و قد حمل الفيلم العنوان ذاته ، و هو يسلط الضوء على وقائع الجرائم المتسلسلة التي ارتكبها مجرم واحد ، هو الممرض " چارلي كولين " ( لعب دوره " ايدي ريدماين " الحائز على الأوسكار ) الذي يُعتقد أنه تسبب بقتل نحو 400 مريض في المستشفيات الأمريكية التي عمل فيها ممرضاً طوال 16 سنة دون أن يلمس أياً من ضحاياه .
في اللقطات الأخيرة من الفيلم ، تسأله زميلته الممرضة " إيمي لوگرين " التي كشفت جرائمه ( لعبت دورها " جيسيكا شاستين " الحائزة على الأوسكار ) : لماذا فعلت ذلك ؟ فيجيبها : ( لأنه لم يَرْدَعني أحد ) . و هذه الإجابه تكشف حجم السوء في المستشفيات ، خصوصاً و أنه كان قد عمل ، من قبل ، في تسع مستشفيات ، ما يعني أن الرقابة سائبة فيها جميعاً ، و جميع المسؤولين فيها يتنصلون عن مسؤولياتهم ، كما جسدت ذلك " ليندا گارن " ( لعبت دورها " كيم ديكنز " ) مديرة ( المخاطر ) في مستشفى باركفيلد التذكاري في نيوجرسي ، الذي تدور أحداث الفيلم فيه عام 2003 ، عندما كان المحققان " داني بالدوين " و " تيم براون " يحققان في سبب وفاة المريضة " آنا مارتينيز " المشكوك فيه . ولكن المشكلة التي وقفت أمامهما كمنت في أن جثتها قد اُحرقت فلا سبيل الى فحصها . كما أن " ليندا گارن " لم تكن متعاونة معهما ، فقد مرت ثمانية أسابيع دون أن تسلمهما ملف العاملين في المستشفى ، و عندما سلمته إياهما لاحقاً كان ناقصاً ، بل منزوع الصفحات . ولكن عند مراجعة المحقق " داني بالدوين " للملف وجد أن ( أحد ) الممرضين كان قد إعتُقل عام 1995 بتهمة التعدي الجنائي في بنسلفانيا ، ذلكم هو " " چارلي كولين " . و من هنا مسك المحققان رأس الخيط ، ليتعقباه ، ولكن المستشفيات التي عمل فيها الممرض سابقاً لم تكن متعاونة في تزويد المحققـَـيْن بمعلومات عنه ، فجنّدا الممرضة " إيمي " التي تصرفت بهدوء و ذكاء شديد حتى توصلت الى الحقيقة .
ولكن أحداث الفيلم تبدأ من مستشفى سانت ألويسيوس في بنسلفانيا عام 1996 . من ذلك المشهد الذي يقف فيه الممرض " چارلي كولين " و هو يراقب خروج الروح من جسد ضحيته . عند هذا المشهد سيتساءل مُشاهد الفيلم أو قارئ كتاب ( الممرضة الصالحة ) بماذا كان يشعر ذلك ( الممرض ) في تلك اللحظة و هو يرى النتيجة التي أفرزتها جريمته ؟ و إذ مرت تلك الجريمة ، فقد بات ما تلاها مستساغاً لديه و قد غاب عنه الشعور بالذنب حين ( لم يكن ثمة من يردعه ) .
الفيلم لا يتوقف عند مرض نفسي يحكم سلوك ذلك الممرض ، بل يشير الى غياب الأخلاق لدى بعض العاملين في المستشفيات و الى سوء ادارات هذه المستشفيات التي هي أهم مرفق إجتماعي معني بحياة الناس . ولكن ، مع ذلك ، كان الممرض " چارلي كولين " أشد ذكاءً و نباهة من جميع العاملين في المستشفيات التي عمل فيها . و كدليل على عدم التدقيق ، فإنه ما أن تم إنهاء عمله في مستشفى باركفيلد التذكاري في نيوجرسي ، حتى وجد عملاً في مستشفى جديد ، و قد جاء الى المطعم ــ الفخ ( لإصطياده بالتعاون مع الممرضه " إيمي " ) مرتدياً زي التمريض الخاص بذاك المستشفى .
هذا الفيلم الذي ينطوي على وقائع إجرامية متسلسلة مؤلمة ، تجري أحداثه بسلاسة و كأنه ليس فيلم جرائم مدروسة . ذلك لأنه ليست فيه أي مشاهد جريمة ، ولكنه يشير الى ( نتائج ) جرمية .
يقدم الفيلم شخصية المجرم الخطير" چارلي كولين " كشخص غريب التكوين من حيث الشكل و المضمون ، فظاهره إنسان طيب يتعاطف مع الممرضة " ايمي " التي تعاني من مشاكل في القلب ، و يعدها بالوقوف الى جانبها حتى تحصل على التأمين الصحي و يرعى إبنتيها بلطف ، حتى في غيابها ، ولكنه ــ في الوقت ذاته ــ ينطوي على روح قاتلة و عقل ذكي يخطط لجرائمه بطريقة بسيطة لا تخطر على بال مجرم إلا مَن كان من طرازه .
ولكن ، هل أن ( عدم وجود رادع ) كان السبب في استمرار المجرم ( الممرض ) في ارتكاب جرائمه ؟
ما دافع الجريمة الأولى أصلاً ؟ أهو العبث .. أم ماذا ؟ . الفيلم لا يجيب على هذه الأسئلة ، فذلك ليس شأنه ، ولكن ربما قال الممرض شيئاً أثناء التحقيق الذي لم يظهر في الفيلم .
حظي هذا الفيلم باهتمام شديد في المهرجانات العالمية هذا الخريف و قد حصل بطلاه : " ايدي ريدماين " و " جسيكا شاستاين " على تكريم خاص فيها ، فهو فيلم يستحق المشاهدة و التمعن ، ليس في موضوعه حسب بل في إخراجه و أداء ممثليه و تصويره و موسيقاه البطيئة المدروسة .
الفيلم من إخراج الدانماركي " توبياس ليندهولم " ، أما السيناريو فقد كتبته الأسكتلندية " كريستي ويلسون كيرنز "
.هادي ياسين
رابط الفيلم
https://ok.ru/video/4179334924950
هذا الفيلم الدرامي الأمريكي The Good Nurse ( إنتاج 2022 ) يعتمد القصة الحقيقية لجرائم قاتل متسلسل دوّنها الكاتب " چارلز گريبر " في كتابه ( الممرضة الصالحة ) الصادر عام 2013 . و قد حمل الفيلم العنوان ذاته ، و هو يسلط الضوء على وقائع الجرائم المتسلسلة التي ارتكبها مجرم واحد ، هو الممرض " چارلي كولين " ( لعب دوره " ايدي ريدماين " الحائز على الأوسكار ) الذي يُعتقد أنه تسبب بقتل نحو 400 مريض في المستشفيات الأمريكية التي عمل فيها ممرضاً طوال 16 سنة دون أن يلمس أياً من ضحاياه .
في اللقطات الأخيرة من الفيلم ، تسأله زميلته الممرضة " إيمي لوگرين " التي كشفت جرائمه ( لعبت دورها " جيسيكا شاستين " الحائزة على الأوسكار ) : لماذا فعلت ذلك ؟ فيجيبها : ( لأنه لم يَرْدَعني أحد ) . و هذه الإجابه تكشف حجم السوء في المستشفيات ، خصوصاً و أنه كان قد عمل ، من قبل ، في تسع مستشفيات ، ما يعني أن الرقابة سائبة فيها جميعاً ، و جميع المسؤولين فيها يتنصلون عن مسؤولياتهم ، كما جسدت ذلك " ليندا گارن " ( لعبت دورها " كيم ديكنز " ) مديرة ( المخاطر ) في مستشفى باركفيلد التذكاري في نيوجرسي ، الذي تدور أحداث الفيلم فيه عام 2003 ، عندما كان المحققان " داني بالدوين " و " تيم براون " يحققان في سبب وفاة المريضة " آنا مارتينيز " المشكوك فيه . ولكن المشكلة التي وقفت أمامهما كمنت في أن جثتها قد اُحرقت فلا سبيل الى فحصها . كما أن " ليندا گارن " لم تكن متعاونة معهما ، فقد مرت ثمانية أسابيع دون أن تسلمهما ملف العاملين في المستشفى ، و عندما سلمته إياهما لاحقاً كان ناقصاً ، بل منزوع الصفحات . ولكن عند مراجعة المحقق " داني بالدوين " للملف وجد أن ( أحد ) الممرضين كان قد إعتُقل عام 1995 بتهمة التعدي الجنائي في بنسلفانيا ، ذلكم هو " " چارلي كولين " . و من هنا مسك المحققان رأس الخيط ، ليتعقباه ، ولكن المستشفيات التي عمل فيها الممرض سابقاً لم تكن متعاونة في تزويد المحققـَـيْن بمعلومات عنه ، فجنّدا الممرضة " إيمي " التي تصرفت بهدوء و ذكاء شديد حتى توصلت الى الحقيقة .
ولكن أحداث الفيلم تبدأ من مستشفى سانت ألويسيوس في بنسلفانيا عام 1996 . من ذلك المشهد الذي يقف فيه الممرض " چارلي كولين " و هو يراقب خروج الروح من جسد ضحيته . عند هذا المشهد سيتساءل مُشاهد الفيلم أو قارئ كتاب ( الممرضة الصالحة ) بماذا كان يشعر ذلك ( الممرض ) في تلك اللحظة و هو يرى النتيجة التي أفرزتها جريمته ؟ و إذ مرت تلك الجريمة ، فقد بات ما تلاها مستساغاً لديه و قد غاب عنه الشعور بالذنب حين ( لم يكن ثمة من يردعه ) .
الفيلم لا يتوقف عند مرض نفسي يحكم سلوك ذلك الممرض ، بل يشير الى غياب الأخلاق لدى بعض العاملين في المستشفيات و الى سوء ادارات هذه المستشفيات التي هي أهم مرفق إجتماعي معني بحياة الناس . ولكن ، مع ذلك ، كان الممرض " چارلي كولين " أشد ذكاءً و نباهة من جميع العاملين في المستشفيات التي عمل فيها . و كدليل على عدم التدقيق ، فإنه ما أن تم إنهاء عمله في مستشفى باركفيلد التذكاري في نيوجرسي ، حتى وجد عملاً في مستشفى جديد ، و قد جاء الى المطعم ــ الفخ ( لإصطياده بالتعاون مع الممرضه " إيمي " ) مرتدياً زي التمريض الخاص بذاك المستشفى .
هذا الفيلم الذي ينطوي على وقائع إجرامية متسلسلة مؤلمة ، تجري أحداثه بسلاسة و كأنه ليس فيلم جرائم مدروسة . ذلك لأنه ليست فيه أي مشاهد جريمة ، ولكنه يشير الى ( نتائج ) جرمية .
يقدم الفيلم شخصية المجرم الخطير" چارلي كولين " كشخص غريب التكوين من حيث الشكل و المضمون ، فظاهره إنسان طيب يتعاطف مع الممرضة " ايمي " التي تعاني من مشاكل في القلب ، و يعدها بالوقوف الى جانبها حتى تحصل على التأمين الصحي و يرعى إبنتيها بلطف ، حتى في غيابها ، ولكنه ــ في الوقت ذاته ــ ينطوي على روح قاتلة و عقل ذكي يخطط لجرائمه بطريقة بسيطة لا تخطر على بال مجرم إلا مَن كان من طرازه .
ولكن ، هل أن ( عدم وجود رادع ) كان السبب في استمرار المجرم ( الممرض ) في ارتكاب جرائمه ؟
ما دافع الجريمة الأولى أصلاً ؟ أهو العبث .. أم ماذا ؟ . الفيلم لا يجيب على هذه الأسئلة ، فذلك ليس شأنه ، ولكن ربما قال الممرض شيئاً أثناء التحقيق الذي لم يظهر في الفيلم .
حظي هذا الفيلم باهتمام شديد في المهرجانات العالمية هذا الخريف و قد حصل بطلاه : " ايدي ريدماين " و " جسيكا شاستاين " على تكريم خاص فيها ، فهو فيلم يستحق المشاهدة و التمعن ، ليس في موضوعه حسب بل في إخراجه و أداء ممثليه و تصويره و موسيقاه البطيئة المدروسة .
الفيلم من إخراج الدانماركي " توبياس ليندهولم " ، أما السيناريو فقد كتبته الأسكتلندية " كريستي ويلسون كيرنز "
.هادي ياسين
رابط الفيلم
https://ok.ru/video/4179334924950