حكم البطالمة في مصر
هل سمعت سابقًا عن البطالمة في مصر أو غيرها؟ وهل تعلم ما صلتهم بمصر ولِمَ يضجُّ التاريخ المصري بالكثير من المعالم التي نسبوها إلى البطالمة؟ في مقالنا هذا سنتحدث بالتفصيل عن حضارة البطالمة ابتداءً من نشأتها وتطوّرها، ووصولًا إلى ذروة قوتها وتأثيرها في المنطقة، وانتهاءًا بفترة ضعفها واضمحلالها.
من هم البطالمة
البطالمة هم أفراد العائلة الملكية الحاكم التي حكمت مصر لقُرابة 300 سنة بين العامين 305 و 30 قبل الميلاد. ويعود في الواقع أصل مسمّاهم هذا إلى قائدهم ومؤسس حضارتهم، بطليموس الأول الذي ينتمي بدوره إلى إحدى العائلات الملكية المقدونية، وكان أحد الجنرالات والقادة السبعة الخاصّيين بالاسكندر الكبير، وقد تقلّد الحكم في مصر خلاف الاسكندر المقدوني عقب موته عام 323 ق.م، ليتزعّم بذلك حكم مصر ويتفّرد به لنفسه، معلنًا نفسه الحاكم الأول في مصر.
قبل الشعب حكم البطالمة في مصر واعتبرهم المصريون خلفاء الفراعنة الذين سبقوهم في حكم مصر، وقد استمر حكمهم لها حتى عام 30 ق.م؛ حين اجتاح الرومان مصر بأكملها وتمكّنوا من القضاء على آخر حكّامهم، بطليموس الخامس عشر.
والجدير بالذّكر أن جميع حكّام البطالمة الذكور كان يطلقون على أنفسهم اسم بطليموس، اقتداءً بالمؤسّس الأول لدولتهم، بطليموس الأول. في حين أن من مرّ على سدّة الحكم من النساء كنَّ يطلقن على أنفسهِنَّ اسم كليوباترا، ولعلّ أشهرهنَّ هي كليوبترا السابعة، والتي حيكت العديد من القصص والحكايا عنها، لما كان لها من الأثر الكبير في الحروب السياسية التي اندلعت في نهاية عهد البطالمة مع الرومان. بالإضافة إلى أن البطالمة اتخذوا من الاسكندرية عاصمة لدولتهم طيلة فترة تواجدهم في مصر.
أبرز الأحداث السياسية فترة حكم البطالمة في مصر
وبعد موت بطليموس الثاني تزعّم ابنه بطليموس الثالث الحكم، وتوجّه مباشرةً بحملةٍ عسكريةٍ كبيرةٍ إلى منطقة سوريا وذلك من أجل دعم زوج شقيقته، أنتيكوس، في الحرب السورية الثالثة ضد سلوقس الثاني (ثاني ملوك الدولة السلوقية)، تمكّن على إثرها من السيطرة على مناطقٍ واسعةٍ من سوريا حتى نهر دجلة.
تولّى بطليموس الثامن، الأخ الأصغر لبطليموس السادس، الحكم في سنة 145 ق.م، ووفق منهجيةٍ شائعةٍ عند البطالمة آنذاك (حيث كان من عاداتهم الزواج من عائلاتهم كشقيقاتهم وبنات أزواجهم وزوجات إخوانهم، حتى أمهاتهم!) قام بطليموس الثامن بتزوّج زوجة أخيه، كليوبترا الثانية.
كان لهذا الملك العديد من الخطوات والإجراءات الاستبدادية التي أرّقت وكدّرت معيشة المواطنين لا سيّما في العاصمة، الاسكندرية. لتشتعل على إثرها حربٌ أهليةٌ بين مؤيديه والمناوئين له استمرّت بين العامين 132 و124 ق.م، لتنتهي بعدها بطرد بطليموس الثالث للسكّان المعارضين له من الاسكندرية، ثمّ عفوه عنهم وإعادتهم إلى ديارهم وذلك في سنة 118 ق.م.
الأوضاع
الاقتصادية العامّة في فترة حكم البطالمة
شهد البطالمة في مصر الكثير من الإنجازات التي لم يسبق لها مثيلٌ في تاريخ المنطقة، فقد طوّر البطالمة نظام زراعة وحراثة متقدّمٌ ساهم وبشكلٍ كبيرٍ في زيادة الإنتاج المحلي من المحاصيل، الأمر الذي دفع عجلة اقتصاد الدولة بشكل هائل، لتتصدّر مصر قائمة أغنى دول المملكة الهيلينستية في تلك الفترة. فقد عمد البطالمة إلى زيادة مساحة الأراضي الزراعية، كما وأدخلوا أنواع محاصيلٍ جديدةٍ إلى البلاد.
إلا أنه وبالرّغم من ذلك احتكروا إدارة مجمل منتوجات البلاد، ولاسيّما الهامّة منها كالورق والزيت والكتّان والبيرة لأنفسهم، وحصروا أحقيّة الملكية لهم ولأسرتهم الملكية، الأمر الذي شكّل فجوَةً في الثقة بين المواطنين ومن هم في سدّة الحكم من البطالمة ومن حولهم.
المعالم الثقافية
في عهد البطالمة
يظهر جليَّا التأثّر الكبير للمعالم الحضارية والثقافية للبطالمة بسابقتها في عهد الفراعنة المصريين، وهذا واضحٌ من خلال التشابه فيما بينهما في الزخارف وأسلوب النحت الفريد. أما اللغة المصرية القديمة بشكلها الهيروغليفي فقد استمرّت في مصر خلال فترة حكم البطالمة وحتى أواخر العهد الروماني، ونجت بالكاد في العصر البيزنطي بمسمّى آخر هو اللغة القبطية.
كما أثرى وجود البطالمة في مصر بثقافتهم الواسعة الأدب المصري التقليدي بشكلٍ كبيرٍ وساهم بازدهاره وإنتاج العديد من التحف الفنية الأدبية.
نهاية الدولة
في أواخر عهد البطالمة في مصر تمكّن قيصر ملك الروم من اجتياح مصر والانتصار على البطالمة، إلا أنه بالرغم من ذلك لم يقم بمحوهم رغم قدرته، ومن أهم الأسباب التي عدلت في قراره بالقضاء على البطالمة نهائيًا هي كليوبترا السابعة التي عمدت إلى الذهاب إليه واقناعه، وكان لها تأثيرٌ بليغٌ على يوليوس قيصر، حتى أنه تزوّجها وأنجب منها طفلًا سمّوه بطليموس قيصر.
هذه الخطوة الحذقة من كليوبترا ساهمت في درء خطر الروم عن مملكتها، إلا أنّه سُرعان ما بَغُض الروم تصرّفات ملكهم قيصر وعمد معارضوه إلى اغتياله، مخلّفين وراء اغتياله فوضى عارمةً في عموم مملكة الروم بما فيها مصر.
ليتمكّن بعدها كل من أنطونيوس واكتافيوس القائدين المُخلصين لقيصر من إعادة الاستقرار إلى بلاد الروم وتقاسما العالم الروماني فيما بينهما، فتولى انطانيوس الولايات الشرقية واكتافيوس تلك الغربية منها. ولما توجّه انطانيوس الى الشرق جمع جميع القادة الرومانيين وأتباعهم بما فيهم زوجة القيصر الراحل كليوبترا، التي تقاعست عن مدِّ يد العون أثناء النزاعات التي تلت موت القيصر، في محاولة منها لعدم الدخول في حروبٍ تزجُّ مملكتها في الخطر.
ونجحت كليوبترا في تبرير موقفها وتمكّنت من إصباغ تأثيرٍ كبيرٍ على انطانيوس في شتى الميادين حتى أعلن زواجه منها واعترف بها ملكة على مصر وقلّدها ومن معها من البطالمة على العديد من الممالك في مصر، هذا التصرّف بالإضافة إلى العديد من الخطوات الجرئية الأخرى التي تتصادم ومصالح الرومان، أدى إلى اشعال نار الغضب لدى الرومان وخصوصًا اوكتافيوس، الأمر الذي أدى إلى اندلاع فتيل الحرب بين الطرفين، انطانيوس القائد الروماني وكليوبترا السابعة ومن معها من البطالمة في مصر في مواجهة اوكتافيوس وعموم الرومانيين في مختلف الولايات.
وكان الصدام في معركة أكتيون التي انتصر فيها أوكتافيوس على غريمه انتصارًا ساحقًا، وتمكّن من السيطرة على الاسكندرية، ولم تتحمّل على إثر ذلك كليوبترا أن يتم أخذها إلى روما لتُسبى ففضلت الانتحار مُنهيةً بذلك عهد البطالمة إلى الأبد.
هل سمعت سابقًا عن البطالمة في مصر أو غيرها؟ وهل تعلم ما صلتهم بمصر ولِمَ يضجُّ التاريخ المصري بالكثير من المعالم التي نسبوها إلى البطالمة؟ في مقالنا هذا سنتحدث بالتفصيل عن حضارة البطالمة ابتداءً من نشأتها وتطوّرها، ووصولًا إلى ذروة قوتها وتأثيرها في المنطقة، وانتهاءًا بفترة ضعفها واضمحلالها.
من هم البطالمة
البطالمة هم أفراد العائلة الملكية الحاكم التي حكمت مصر لقُرابة 300 سنة بين العامين 305 و 30 قبل الميلاد. ويعود في الواقع أصل مسمّاهم هذا إلى قائدهم ومؤسس حضارتهم، بطليموس الأول الذي ينتمي بدوره إلى إحدى العائلات الملكية المقدونية، وكان أحد الجنرالات والقادة السبعة الخاصّيين بالاسكندر الكبير، وقد تقلّد الحكم في مصر خلاف الاسكندر المقدوني عقب موته عام 323 ق.م، ليتزعّم بذلك حكم مصر ويتفّرد به لنفسه، معلنًا نفسه الحاكم الأول في مصر.
قبل الشعب حكم البطالمة في مصر واعتبرهم المصريون خلفاء الفراعنة الذين سبقوهم في حكم مصر، وقد استمر حكمهم لها حتى عام 30 ق.م؛ حين اجتاح الرومان مصر بأكملها وتمكّنوا من القضاء على آخر حكّامهم، بطليموس الخامس عشر.
والجدير بالذّكر أن جميع حكّام البطالمة الذكور كان يطلقون على أنفسهم اسم بطليموس، اقتداءً بالمؤسّس الأول لدولتهم، بطليموس الأول. في حين أن من مرّ على سدّة الحكم من النساء كنَّ يطلقن على أنفسهِنَّ اسم كليوباترا، ولعلّ أشهرهنَّ هي كليوبترا السابعة، والتي حيكت العديد من القصص والحكايا عنها، لما كان لها من الأثر الكبير في الحروب السياسية التي اندلعت في نهاية عهد البطالمة مع الرومان. بالإضافة إلى أن البطالمة اتخذوا من الاسكندرية عاصمة لدولتهم طيلة فترة تواجدهم في مصر.
أبرز الأحداث السياسية فترة حكم البطالمة في مصر
- الحرب السورية
وبعد موت بطليموس الثاني تزعّم ابنه بطليموس الثالث الحكم، وتوجّه مباشرةً بحملةٍ عسكريةٍ كبيرةٍ إلى منطقة سوريا وذلك من أجل دعم زوج شقيقته، أنتيكوس، في الحرب السورية الثالثة ضد سلوقس الثاني (ثاني ملوك الدولة السلوقية)، تمكّن على إثرها من السيطرة على مناطقٍ واسعةٍ من سوريا حتى نهر دجلة.
- الحرب الأهلية
تولّى بطليموس الثامن، الأخ الأصغر لبطليموس السادس، الحكم في سنة 145 ق.م، ووفق منهجيةٍ شائعةٍ عند البطالمة آنذاك (حيث كان من عاداتهم الزواج من عائلاتهم كشقيقاتهم وبنات أزواجهم وزوجات إخوانهم، حتى أمهاتهم!) قام بطليموس الثامن بتزوّج زوجة أخيه، كليوبترا الثانية.
كان لهذا الملك العديد من الخطوات والإجراءات الاستبدادية التي أرّقت وكدّرت معيشة المواطنين لا سيّما في العاصمة، الاسكندرية. لتشتعل على إثرها حربٌ أهليةٌ بين مؤيديه والمناوئين له استمرّت بين العامين 132 و124 ق.م، لتنتهي بعدها بطرد بطليموس الثالث للسكّان المعارضين له من الاسكندرية، ثمّ عفوه عنهم وإعادتهم إلى ديارهم وذلك في سنة 118 ق.م.
الأوضاع
الاقتصادية العامّة في فترة حكم البطالمة
شهد البطالمة في مصر الكثير من الإنجازات التي لم يسبق لها مثيلٌ في تاريخ المنطقة، فقد طوّر البطالمة نظام زراعة وحراثة متقدّمٌ ساهم وبشكلٍ كبيرٍ في زيادة الإنتاج المحلي من المحاصيل، الأمر الذي دفع عجلة اقتصاد الدولة بشكل هائل، لتتصدّر مصر قائمة أغنى دول المملكة الهيلينستية في تلك الفترة. فقد عمد البطالمة إلى زيادة مساحة الأراضي الزراعية، كما وأدخلوا أنواع محاصيلٍ جديدةٍ إلى البلاد.
إلا أنه وبالرّغم من ذلك احتكروا إدارة مجمل منتوجات البلاد، ولاسيّما الهامّة منها كالورق والزيت والكتّان والبيرة لأنفسهم، وحصروا أحقيّة الملكية لهم ولأسرتهم الملكية، الأمر الذي شكّل فجوَةً في الثقة بين المواطنين ومن هم في سدّة الحكم من البطالمة ومن حولهم.
المعالم الثقافية
في عهد البطالمة
يظهر جليَّا التأثّر الكبير للمعالم الحضارية والثقافية للبطالمة بسابقتها في عهد الفراعنة المصريين، وهذا واضحٌ من خلال التشابه فيما بينهما في الزخارف وأسلوب النحت الفريد. أما اللغة المصرية القديمة بشكلها الهيروغليفي فقد استمرّت في مصر خلال فترة حكم البطالمة وحتى أواخر العهد الروماني، ونجت بالكاد في العصر البيزنطي بمسمّى آخر هو اللغة القبطية.
كما أثرى وجود البطالمة في مصر بثقافتهم الواسعة الأدب المصري التقليدي بشكلٍ كبيرٍ وساهم بازدهاره وإنتاج العديد من التحف الفنية الأدبية.
نهاية الدولة
في أواخر عهد البطالمة في مصر تمكّن قيصر ملك الروم من اجتياح مصر والانتصار على البطالمة، إلا أنه بالرغم من ذلك لم يقم بمحوهم رغم قدرته، ومن أهم الأسباب التي عدلت في قراره بالقضاء على البطالمة نهائيًا هي كليوبترا السابعة التي عمدت إلى الذهاب إليه واقناعه، وكان لها تأثيرٌ بليغٌ على يوليوس قيصر، حتى أنه تزوّجها وأنجب منها طفلًا سمّوه بطليموس قيصر.
هذه الخطوة الحذقة من كليوبترا ساهمت في درء خطر الروم عن مملكتها، إلا أنّه سُرعان ما بَغُض الروم تصرّفات ملكهم قيصر وعمد معارضوه إلى اغتياله، مخلّفين وراء اغتياله فوضى عارمةً في عموم مملكة الروم بما فيها مصر.
ليتمكّن بعدها كل من أنطونيوس واكتافيوس القائدين المُخلصين لقيصر من إعادة الاستقرار إلى بلاد الروم وتقاسما العالم الروماني فيما بينهما، فتولى انطانيوس الولايات الشرقية واكتافيوس تلك الغربية منها. ولما توجّه انطانيوس الى الشرق جمع جميع القادة الرومانيين وأتباعهم بما فيهم زوجة القيصر الراحل كليوبترا، التي تقاعست عن مدِّ يد العون أثناء النزاعات التي تلت موت القيصر، في محاولة منها لعدم الدخول في حروبٍ تزجُّ مملكتها في الخطر.
ونجحت كليوبترا في تبرير موقفها وتمكّنت من إصباغ تأثيرٍ كبيرٍ على انطانيوس في شتى الميادين حتى أعلن زواجه منها واعترف بها ملكة على مصر وقلّدها ومن معها من البطالمة على العديد من الممالك في مصر، هذا التصرّف بالإضافة إلى العديد من الخطوات الجرئية الأخرى التي تتصادم ومصالح الرومان، أدى إلى اشعال نار الغضب لدى الرومان وخصوصًا اوكتافيوس، الأمر الذي أدى إلى اندلاع فتيل الحرب بين الطرفين، انطانيوس القائد الروماني وكليوبترا السابعة ومن معها من البطالمة في مصر في مواجهة اوكتافيوس وعموم الرومانيين في مختلف الولايات.
وكان الصدام في معركة أكتيون التي انتصر فيها أوكتافيوس على غريمه انتصارًا ساحقًا، وتمكّن من السيطرة على الاسكندرية، ولم تتحمّل على إثر ذلك كليوبترا أن يتم أخذها إلى روما لتُسبى ففضلت الانتحار مُنهيةً بذلك عهد البطالمة إلى الأبد.