..... العطاء ....
رحلَ آذار حاملا معه آخر نسمات الشتاء، طاويا موسما البرد والمطر وأقبل نيسانُ معلنا بدايةَ موسم الصيف حيثُ بدأت الأرض تزدان بحلةٍ خضراءَ موشاةٍ بأزهى الألوان كانت الشمسُ تبعث في النسمات بعضَ الدفء كيدٍ حانيةٍ تحاول أنْ تهدأ من روعة خائفٍ لتشعرهُ بالطمأنينة والآمان ياللّهِ ما أشبهَ تقلّبَ الطبيعة بأحاسيس البشر من برد شتاء إلى دفء ربيعٍ إلى حرارة صيف.........
كان ذلك في عام ثمانية وثمانين وتسعمئة وألف حيث كنت أقضي إجازتي في قريتي تغمرني سعادة لقائي مع أسرتي حيث كنا نتبادل أنا ووالدي الحديث أقبلت امرأةٌ يبدو عليها الفقرُ وقالت بحياءٍ: أريد بعض البصل الأخضر
رحب بها والدي وقال لها: دونك الحاكورة خذي ما تشائين تعجبت لجواب والدي ورحت أتأمل وجهَهُ ولم أستطيع السؤال فبادرني بالقول يابني ليست الثقافةُ في قراءة الكتب ومتابعة الأخبار ومواكبة الابتكارات فحسب إنّ جوهر الثقافة هو استنبات بذور الخير في النفوس ورعايتها لتورقَ نبتاً يُفادُ منه عالَمٌ بأسره فهمت بعض كلام والدي ولستُ أدري كيف خرجتُ إلى الحاكورة لأجدَ المرأةَ تقتطع أوراق البصل تاركةً الجذور وعندما سألتها عن ذلك أجابت: إنه بوسعي فعل ذلك فقد سمح لي والدك بقوله خذي ما تشائين لكنني آثرت أن أترك الجذور كي تنمو أوراقها لَعلّهُ يأتي فقيرٌ يطلبها فيجدُ حاجتهُ
سُررتُ جدا وفهمت قول والدي عندما كان يقول الأرض لله والمال لله والسعادة أن تُسعِدَ خلق الله
وأنّ استنبات الخير أهمّ درجات الثقافة
بقلم
معين علي الرفاعي
رحلَ آذار حاملا معه آخر نسمات الشتاء، طاويا موسما البرد والمطر وأقبل نيسانُ معلنا بدايةَ موسم الصيف حيثُ بدأت الأرض تزدان بحلةٍ خضراءَ موشاةٍ بأزهى الألوان كانت الشمسُ تبعث في النسمات بعضَ الدفء كيدٍ حانيةٍ تحاول أنْ تهدأ من روعة خائفٍ لتشعرهُ بالطمأنينة والآمان ياللّهِ ما أشبهَ تقلّبَ الطبيعة بأحاسيس البشر من برد شتاء إلى دفء ربيعٍ إلى حرارة صيف.........
كان ذلك في عام ثمانية وثمانين وتسعمئة وألف حيث كنت أقضي إجازتي في قريتي تغمرني سعادة لقائي مع أسرتي حيث كنا نتبادل أنا ووالدي الحديث أقبلت امرأةٌ يبدو عليها الفقرُ وقالت بحياءٍ: أريد بعض البصل الأخضر
رحب بها والدي وقال لها: دونك الحاكورة خذي ما تشائين تعجبت لجواب والدي ورحت أتأمل وجهَهُ ولم أستطيع السؤال فبادرني بالقول يابني ليست الثقافةُ في قراءة الكتب ومتابعة الأخبار ومواكبة الابتكارات فحسب إنّ جوهر الثقافة هو استنبات بذور الخير في النفوس ورعايتها لتورقَ نبتاً يُفادُ منه عالَمٌ بأسره فهمت بعض كلام والدي ولستُ أدري كيف خرجتُ إلى الحاكورة لأجدَ المرأةَ تقتطع أوراق البصل تاركةً الجذور وعندما سألتها عن ذلك أجابت: إنه بوسعي فعل ذلك فقد سمح لي والدك بقوله خذي ما تشائين لكنني آثرت أن أترك الجذور كي تنمو أوراقها لَعلّهُ يأتي فقيرٌ يطلبها فيجدُ حاجتهُ
سُررتُ جدا وفهمت قول والدي عندما كان يقول الأرض لله والمال لله والسعادة أن تُسعِدَ خلق الله
وأنّ استنبات الخير أهمّ درجات الثقافة
بقلم
معين علي الرفاعي