ليبيا مائة عام من المسرح"1908م- 2008 م"أو هكذا تكلم المسرحيون -2-78- نوري عبدالدائم
**************************************
أسئلة المسرح ..
بقلم / أحمد بللو
في الفترة مابين 12\7\2006 و20\7\2006 جرت بمدينة طرابلس وقائع الدورة التاسعة للمهرجان الوطني للمسرح، بعد
انقطاع دام سبع سنوات كان لها أثرها البالغ وتأثيرها السلبي على نشاط حركتنا المسرحية وآفاق واستمراريتها
وتطورها، في هذه الإطلالة محاولة للاقتراب من أجواء هذه الاحتفالات الفنية. والتعرف على بعض من مجرياتها وأحداثها
وما تمثله في سياق حركة هذا المهرجان من جانب ، وما تشكله في سيرورة الحركة المسرحية الليبية بشكل عام من
جانب آخر.
بعض من وقائعها
*انطلقت هذه الدورة مساء الأربعاء 12\7\2004 مسيحي بمسرح الكشاف وسط احتفال فني حاشد ، بمشاركة (14) فرقة
مسرحية مثلت مناطق عدة من بلادنا...
وبحضور عدد من الكتاب والأدباء والفنانين وبعض الأمناء المسؤولين ، إضافة إلى عدد من الفنانين العرب كضيوف على
المهرجان ، وجمهور غفير من محبي المسرح. وقد بدأها رئيس اللجنة العليا للمهرجان (د.حسن قرفال) بكلمة ترحيب
جاء في بعضها((أرحب بكم في رحاب هذا الفن العريق، الذى يعتبر جنساً مهماً من أجناس الأدب والفن والثقافة عموماً
.. ها هي أضواء مسارحنا ترحب بكم وتعلن عن بداية هذه التظاهرة المسرحية الكبرى)) (1) تلتها كلمة الفنان (
أحمد النويري) أمين الرابطة العامة للفنانين قال في مستهلها )أحييكم وأقدر جهدكم الكبير في سبيل إنجاز هذا
المنشط الثقافي المهم).
(2) ثم بكلمة الأستاذ (نوري الحميدي) ، أمين اللجنة الشعبية العامة للثقافة والإعلام ورد فيها : (إن الثقافة في
هذا الوطن العظيم تعتمد فلسفة المؤتمرات الشعبية الأساسية منطلقاً ودليلاً لها ، وهى فلسفة تؤمن بدور الثقافة في
الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية والانتماء الأفريقي وفتح آفاق المستقبل أمامها ... إن ثورة الفاتح ثورة
الإبداع أخرجت المسرح من دائرة التهميش ...).
(3)أعطى بعدها الأمين شرف إعطاء الإذن بافتتاح الدورة للدكتور (علي فهمي خشيم) الذي ألقى كلمة قال فيها (هذا
هو الفن في ليبيا .. يا إلهي ما أسعدني ، أشكرك لأنك أتحت لي فرصة من الحياة كي أرى هذه الوجوه الرائعة التي
أود أن أعانقها فرداً فرداً ، ولكنها في قلبي هنا ،هذا القلب الذي جدد كما جددت الثقافة في ليبيا(4) ليفتتح
المهرجان بلوحات فنية للأزياء الشعبية والتراثية الليبية وبثلاث دقات للفنان الكبير(محمد شرف الدين) على خشبة
مسرح الكشاف أعلن عن بدء عروض هذه الدورة...حيث قدمت فرقة المسرح الوطني بطرابلس عرض الافتتاح الذي كان
بعنوان (خارج نطاق التسلية) من إعداد وإخراج : (فتحي كحلول) ، وهو بالمناسبة العرض الوحيد الذي يقع خارج
نطاق التقييم.
تواصلت ومنذ اليوم التالي العروض ولمدة أسبوع بواقع عرضين في كل يوم : الأول بمسرح "الفتح" والثاني بمسرح
"الكشاف" باستثناء يوم الجمعة الذي شهد عرضا واحدا ، ًوالعروض التي قدمت في هذه الدورة هي : الخميس :
1- ( الرياح والصاري) "فرقة الينابيع" إجدابيا / تأليف وإخراج مصطفى السعيطي.
2- (قطارة الملح) "فرقة الجيل الصاعد" طرابلس / تأليف : القذافي الفاخري وإخراج هدى عبد اللطيف.
3- الجمعة : (الحجالات) المسرح الوطني بنغازي / تأليف : منصور بوشناف وإخراج عبد الحميد الباح.
4- السبت : (سكان الكهف) مسرح المرج / إعداد وإخراج : أحمد إبراهيم حسن.
5- (اللحظة) الوطنية للتمثيل طرابلس / إعداد وإخراج عمر هندر.
6- الأحد : (فليسقط شكسبير) المسرح الشعبي بنغازي / إعداد وإخراج : محمد الصادق.
7- (رائحة البارود) الشباب الثائر مصراتة / إعداد وإخراج : أحمد إبراهيم حسن.
8- الاثنين : (اللعبة) المسرح الوطني سبها / تأليف : أبوبكر قاسم وإخراج عمر مسعود.
9- (السؤال والحل) فرقة الهواة درنة / تأليف عبد العظيم شلوف وإخراج حسين عبد الهادي
10- الثلاثاء : (الهذيان) الوفاء للتمثيل / الجميل / تأليف :الزنقاح محمد عثمان وإخراج خليفة الأمين الكلابي.
11- (عذاب الذاكرة) الفن المسرحي طبرق / تأليف علي الجهاني وإخراج عز الدين المهدي.
12- الأربعاء : (الصاروخ) العربية للتمثيل مصراتة / وهو عرض مونودراما عن قصة للكاتب إبراهيم حميدان بنفس
العنوان من إعداد "يوسف خشيم" وإخراج شقيقه خالد خشيم.
13- (اللعبة) فرقة البيت الفني للأعمال الدرامية / إعداد وإخراج عبد الله الزروق .
* كما شهدت هذه الدورة تواصل صدور جريدة (الركح) في إصدارها الثالث واستمرت على مدى ثمانية أعداد .. إقامة
عدد من الندوات الصباحية حول العروض ، وندوات ومحاضرات حول المسرح والنص المسرحي ، والمسرح والعولمة ، وشارك
فيها بالإضافة إلى المهتمين من الفنانين الليبيين عدد من الفنانين العرب أبرزهم "عبد الكريم برشيد" من المغرب
و"عمر دوارة وعصام خليل" من مصر "و محمد صبري" من العراق و "جمال عياد" من الأردن .. إضافة إلى أصبوحة
قصصية.
وفي ليلة الخميس 20\7\2006 بحضور أمين الثقافة والإعلام وعدد من الأمناء والمسؤولين أقيم الاحتفال الختامي ،
اقتصر على أمسية شعرية شارك فيها عدد محدود من الشعراء والشاعرات .. ليعلن بعدها رئيس اللجنة العليا
للمهرجان النتائج .. ووزعت الجوائز وشهادات التقدير التي أرضت البعض وأغضبت البعض الآخر .. وإن تم في الأخير
التسليم بهذه النتائج التي رأى فيها الكثير من المتابعين أنها جاءت على قدر كبير من الموضوعية والإنصاف ..
وليسدل الستار على هذه الدورة ويظل السؤال الحائر: ترى هل ستكون هذه الدورة بداية جديدة تتلوها دورات أخرى
متواترة ومنتظمة أم أنها ستقع في النسيان بعد حين ويحدث لها ما حدث مع دورات سابقة ؟
بعض من واقعها
* بداية يمكن القول إن أهمية هذه الدورة ليس من كونها جاءت بعد انقطاع طويل .. وبعد تأجيلات عدة .. وبعد أن
وصل الإحباط مداه ولا في العروض التي قدمت .. واختلافاتنا حولها وحول محاميلها الفنية والفكرية .. ولا في تحسين
ظروف الإقامة
ولا في تحسين جريدة الركح ، ولا في الضيوف من الفنانين والندوات والمحاضرات والاهتمام الإعلامي (مع احترامي لكل
ذلك ولكل أولئك) ولكنها في اعتقادي من طرحها بإلحاح سؤال الديمومة أو الاستمرارية ، سواء استمرارية المهرجان
وانتظامه ، أو استمرارية الحركة المسرحية الليبية برمتها وارتباطها الوثيق – حتى الآن على الأقل – بالمهرجان
.
*فسؤال متى ستعقد الدورة العاشرة ؟ الذي جاء في الختام كما ظل مطروحاً طيلة أيام وليالي المهرجان في مقهى
وأروقة وغرف "فندق الواحات" وحلقات ساحة مسرح الكشاف أو عبر جريدة الركح لا يشير بالحيرة فقط ، بل يشير إلى
معضلة المسرح الليبي وسؤاله الأساسي .وليس من الصعب التدليل على أن شرط الاستمرارية قد ظل شرط حيوية حركتنا
المسرحية ، وغيابه معناه التراجع أو الركود أو التلاشي . هذا لا يعني أنه الشرط الوحيد .. فثمة شروط أخرى لا
تقل أهمية، ومن قلب التجربة، تخص سبل دعمه ومراقبته وسبل توسيع رقعته وآفاق تطلعه.
*إن البحث في الحصيلة الفنية لعروض هذه الدورة ومدى اجتهاداتها الفنية والأدائية والمساحات التي ارتادها أو
القضايا التي تناولها.. سيشهد التراجع الكبير الذي حدث عندنا قياسا بما شهدته الدورة الثامنة التي جرت في
خريف 1999مسيحي حيث اعتقد الكثير من المنخرطين في هذه الظاهرة والمتابعين لصيرورة المسرح الليبي وتحولاته في
ختام تلك الدورة أن مسرحنا مقدم على مرحلة جديدة..وأنه قد بلغ من النضج –على الأقل في عدد لا بأس به من
المحاولات الجادة والمتطلعة لآفاق أبعد وارتياد فضاءات بكر للفن المسرحي بأدوات ووسائل تعبير حاذقة ، وإن
سنوات قليلة فقط ما يفصله عن تحديد بعض ملامح هويته الفنية والجمالية الفكرية التي ظل يحاولها منذ ما يقرب من
قرن ويكابد من أجلها ، فقد شهدت تلك الدورة ميلاد فنانين واستمرار آخرين (مؤلفين ومخرجين وممثلين ..عدد منهم
لا يشارك في هذه الدورة) وظهور تجارب فنية مميزة .. والجدير بذكره هنا أن تلك الدورة قد جاءت بعد دورتين
متلاحقتين ، وكانت الثامنة ثالثهما 95-97-99 لتحقق مهمتين اثنتين ، فعلى المستوى الأفقي وصل عدد الفرق
المشاركة إلى 40 فرقة مسرحية ، منها من يشارك في المهرجان للمرة الأولى (شحات ، طبرق ، هون على سبيل المثال)
وعلى المستوى الرأسي فإن العروض التي قدمت جهداً فنياً واضحاً واجتهاداً في إطار اللعبة المسرحية ويبشر بنجاحات
قد يصل إلى 15 عرضاً.
· إن كنت لأجزم بأن ذلك كله كان بفضل هذا المهرجان وتواتر دوراته الثلاث – إذا إن مهرجانات أخرى كان لها
حضورها المساند وشكلت رافداً مهماً كمهرجان النهر الصناعي العظيم والتحدي من بنغازي والمسرح المدرسي والجامعي
في طرابلس – إلا أنني أستطيع الجزم بأن مسرحنا - في معظمه - لا يزال أسيراً للحالة المهرجانية .. والمهرجان
الوطني للمسرح تحديداً - وإن كنت لست بصدد البحث في الأسباب التي جعلته رهينا لهذه الحالة ، لأن ذلك يتطلب
البحث المطول والجاد في عناصر وعوامل عدة منها (التاريخي والاجتماعي والنفسي والحضاري واللغوي والاقتصادي
والديني وأسباب أخرى) فإن بإمكاني التأكيد على أن تاريخه وتجربته تقول إن علاقته بالجمهور ( الذي يعد أحد
أسباب وجوده وتحوله في أماكن كثيرة من العالم ) مازالت عندنا ملتبسة.. غير ذات بال .. مما يستدعي البحث في
الوسائط التي من شأنها أن تجعلها حقيقة واقعة..ولعل في تجارب غيرنا من الدول النامية أو المتقدمة أيضا
محاولات وجهودا يمكن الاستهداء بها..كدعم المجتمع له سواء عبر مؤسساته التعليمية ،والثقافية .. واحتضان
الثقافة له وتبنيه كعنصر أساس في تشكلها لما يمثله كشكل من أشكال الحوار الذي يعد آلية أساسية لكل ثقافة أو
حضارة.
·إن تركيزي في المقارنة بين هذه الدورة وسابقاتها التي تفصلها عنها سبعة أعوام .. لا يعني ذلك أنه الانقطاع
الوحيد المؤثر فثمة انقطاعات سابقة وصلت لتسعة أعوام كاملة، حدث ذلك بين الدورة الثانية 10\12\1973م
والثالثة التي انعقدت 1\5\1982م.. وفي غيرها وإن بنسب أقل، الأمر الذي لم يمّكن المهرجان الذي بلغ عمره 35
عاماً منذ انطلاقته في 9\1971 م من عقد سوى تسع دورات، وهو عدد قليل ولاشك.. ولعله الأمر نفسه الذي لم يمكنَ
المسرح عندنا من خلق وتيرة منتظمة وذاتية الحركة ، ولذا فإن المطلوب من انعقاد الدورة التاسعة ليس كسر جمود
السبع الطوال ، ولكن استمرارية انعقادها وتسريعه إن أمكن ولو بعقد المهرجانات المحلية المساندة لتلافي ما
يمكن تلافيه ، والنظر إلى حال المسرح عندنا ، إما في بناه التحتية ، وإما في وضع المشتغلين به وفيه وله ..
وإعادة الاعتبار له كفن صعب وله مكانه ومكانته المهمة والضرورية لأية ثقافة وأي مجتمع.
·ومن ضمن الملاحظات على هذه الدورة غياب النص المسرحي بشكل عام (فكثير من العروض جاءت إعداداً لمخرجين ) والنص
الليبي خصوصاً وأعني به النص الدرامي المكتوب للمسرح ، والذي يملك شروط تحققه الجميل والمؤثر في العرض ، كذلك
غياب مخرجين وممثلين لهم حضورهم المميز .. أيضا لوحظ تراجع عدد الممثلات ( ويمكن تسمية فرق عديدة لأكثر من
مدينة..) وإن سجلت هذه الدورة اسم ثاني مخرجة ليبية تشارك في المهرجان وهى " هدى عبد اللطيف" بعد زميلتها "
زهرة مصباح " في الدورة الثامنة كأول مخرجة، ويمكن أيضا الإشارة إلى ضعف مستوى الندوات التي صاحبت العروض،إذ
لم تشهد حضوراً فاعلاً من المهتمين بهذا الفن و عزاها البعض لعدم حضور المثقفين والمهتمين من الكتاب والأدباء
والصحفيين الفنيين.
·ولكن سيبقى لهذه الدورة حرص المسؤولين عن قيامها كمحاولة لكسر هذا الجمود.. وهذا الحضور الكبير للجمهور
ولجريدة المهرجان التي حاولت أن تكون مختلفة عن سابقاتها .. وللجنة التقييم التي كانت على شيء كبير من
النزاهة والإنصاف ، ولما أثارته من أسئلة بخصوص هذه الدورة والمسرح الليبي بشكل عام وللمسؤولين عن المهرجان
الذين وعدوا بأن الدورة العاشرة ستكون بعد عامين وذلك بمناسبة مئوية المسرح الليبي التي ستوافق العام 2008
مسيحي .
ليبيا مائة عام من المسرح"1908م- 2008 م"أو هكذا تكلم المسرحيون -2-78- نوري عبدالدائم
**************************************
أسئلة المسرح ..
بقلم / أحمد بللو
في الفترة مابين 12\7\2006 و20\7\2006 جرت بمدينة طرابلس وقائع الدورة التاسعة للمهرجان الوطني للمسرح، بعد
انقطاع دام سبع سنوات كان لها أثرها البالغ وتأثيرها السلبي على نشاط حركتنا المسرحية وآفاق واستمراريتها
وتطورها، في هذه الإطلالة محاولة للاقتراب من أجواء هذه الاحتفالات الفنية. والتعرف على بعض من مجرياتها وأحداثها
وما تمثله في سياق حركة هذا المهرجان من جانب ، وما تشكله في سيرورة الحركة المسرحية الليبية بشكل عام من
جانب آخر.
بعض من وقائعها
*انطلقت هذه الدورة مساء الأربعاء 12\7\2004 مسيحي بمسرح الكشاف وسط احتفال فني حاشد ، بمشاركة (14) فرقة
مسرحية مثلت مناطق عدة من بلادنا...
وبحضور عدد من الكتاب والأدباء والفنانين وبعض الأمناء المسؤولين ، إضافة إلى عدد من الفنانين العرب كضيوف على
المهرجان ، وجمهور غفير من محبي المسرح. وقد بدأها رئيس اللجنة العليا للمهرجان (د.حسن قرفال) بكلمة ترحيب
جاء في بعضها((أرحب بكم في رحاب هذا الفن العريق، الذى يعتبر جنساً مهماً من أجناس الأدب والفن والثقافة عموماً
.. ها هي أضواء مسارحنا ترحب بكم وتعلن عن بداية هذه التظاهرة المسرحية الكبرى)) (1) تلتها كلمة الفنان (
أحمد النويري) أمين الرابطة العامة للفنانين قال في مستهلها )أحييكم وأقدر جهدكم الكبير في سبيل إنجاز هذا
المنشط الثقافي المهم).
(2) ثم بكلمة الأستاذ (نوري الحميدي) ، أمين اللجنة الشعبية العامة للثقافة والإعلام ورد فيها : (إن الثقافة في
هذا الوطن العظيم تعتمد فلسفة المؤتمرات الشعبية الأساسية منطلقاً ودليلاً لها ، وهى فلسفة تؤمن بدور الثقافة في
الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية والانتماء الأفريقي وفتح آفاق المستقبل أمامها ... إن ثورة الفاتح ثورة
الإبداع أخرجت المسرح من دائرة التهميش ...).
(3)أعطى بعدها الأمين شرف إعطاء الإذن بافتتاح الدورة للدكتور (علي فهمي خشيم) الذي ألقى كلمة قال فيها (هذا
هو الفن في ليبيا .. يا إلهي ما أسعدني ، أشكرك لأنك أتحت لي فرصة من الحياة كي أرى هذه الوجوه الرائعة التي
أود أن أعانقها فرداً فرداً ، ولكنها في قلبي هنا ،هذا القلب الذي جدد كما جددت الثقافة في ليبيا(4) ليفتتح
المهرجان بلوحات فنية للأزياء الشعبية والتراثية الليبية وبثلاث دقات للفنان الكبير(محمد شرف الدين) على خشبة
مسرح الكشاف أعلن عن بدء عروض هذه الدورة...حيث قدمت فرقة المسرح الوطني بطرابلس عرض الافتتاح الذي كان
بعنوان (خارج نطاق التسلية) من إعداد وإخراج : (فتحي كحلول) ، وهو بالمناسبة العرض الوحيد الذي يقع خارج
نطاق التقييم.
تواصلت ومنذ اليوم التالي العروض ولمدة أسبوع بواقع عرضين في كل يوم : الأول بمسرح "الفتح" والثاني بمسرح
"الكشاف" باستثناء يوم الجمعة الذي شهد عرضا واحدا ، ًوالعروض التي قدمت في هذه الدورة هي : الخميس :
1- ( الرياح والصاري) "فرقة الينابيع" إجدابيا / تأليف وإخراج مصطفى السعيطي.
2- (قطارة الملح) "فرقة الجيل الصاعد" طرابلس / تأليف : القذافي الفاخري وإخراج هدى عبد اللطيف.
3- الجمعة : (الحجالات) المسرح الوطني بنغازي / تأليف : منصور بوشناف وإخراج عبد الحميد الباح.
4- السبت : (سكان الكهف) مسرح المرج / إعداد وإخراج : أحمد إبراهيم حسن.
5- (اللحظة) الوطنية للتمثيل طرابلس / إعداد وإخراج عمر هندر.
6- الأحد : (فليسقط شكسبير) المسرح الشعبي بنغازي / إعداد وإخراج : محمد الصادق.
7- (رائحة البارود) الشباب الثائر مصراتة / إعداد وإخراج : أحمد إبراهيم حسن.
8- الاثنين : (اللعبة) المسرح الوطني سبها / تأليف : أبوبكر قاسم وإخراج عمر مسعود.
9- (السؤال والحل) فرقة الهواة درنة / تأليف عبد العظيم شلوف وإخراج حسين عبد الهادي
10- الثلاثاء : (الهذيان) الوفاء للتمثيل / الجميل / تأليف :الزنقاح محمد عثمان وإخراج خليفة الأمين الكلابي.
11- (عذاب الذاكرة) الفن المسرحي طبرق / تأليف علي الجهاني وإخراج عز الدين المهدي.
12- الأربعاء : (الصاروخ) العربية للتمثيل مصراتة / وهو عرض مونودراما عن قصة للكاتب إبراهيم حميدان بنفس
العنوان من إعداد "يوسف خشيم" وإخراج شقيقه خالد خشيم.
13- (اللعبة) فرقة البيت الفني للأعمال الدرامية / إعداد وإخراج عبد الله الزروق .
* كما شهدت هذه الدورة تواصل صدور جريدة (الركح) في إصدارها الثالث واستمرت على مدى ثمانية أعداد .. إقامة
عدد من الندوات الصباحية حول العروض ، وندوات ومحاضرات حول المسرح والنص المسرحي ، والمسرح والعولمة ، وشارك
فيها بالإضافة إلى المهتمين من الفنانين الليبيين عدد من الفنانين العرب أبرزهم "عبد الكريم برشيد" من المغرب
و"عمر دوارة وعصام خليل" من مصر "و محمد صبري" من العراق و "جمال عياد" من الأردن .. إضافة إلى أصبوحة
قصصية.
وفي ليلة الخميس 20\7\2006 بحضور أمين الثقافة والإعلام وعدد من الأمناء والمسؤولين أقيم الاحتفال الختامي ،
اقتصر على أمسية شعرية شارك فيها عدد محدود من الشعراء والشاعرات .. ليعلن بعدها رئيس اللجنة العليا
للمهرجان النتائج .. ووزعت الجوائز وشهادات التقدير التي أرضت البعض وأغضبت البعض الآخر .. وإن تم في الأخير
التسليم بهذه النتائج التي رأى فيها الكثير من المتابعين أنها جاءت على قدر كبير من الموضوعية والإنصاف ..
وليسدل الستار على هذه الدورة ويظل السؤال الحائر: ترى هل ستكون هذه الدورة بداية جديدة تتلوها دورات أخرى
متواترة ومنتظمة أم أنها ستقع في النسيان بعد حين ويحدث لها ما حدث مع دورات سابقة ؟
بعض من واقعها
* بداية يمكن القول إن أهمية هذه الدورة ليس من كونها جاءت بعد انقطاع طويل .. وبعد تأجيلات عدة .. وبعد أن
وصل الإحباط مداه ولا في العروض التي قدمت .. واختلافاتنا حولها وحول محاميلها الفنية والفكرية .. ولا في تحسين
ظروف الإقامة
ولا في تحسين جريدة الركح ، ولا في الضيوف من الفنانين والندوات والمحاضرات والاهتمام الإعلامي (مع احترامي لكل
ذلك ولكل أولئك) ولكنها في اعتقادي من طرحها بإلحاح سؤال الديمومة أو الاستمرارية ، سواء استمرارية المهرجان
وانتظامه ، أو استمرارية الحركة المسرحية الليبية برمتها وارتباطها الوثيق – حتى الآن على الأقل – بالمهرجان
.
*فسؤال متى ستعقد الدورة العاشرة ؟ الذي جاء في الختام كما ظل مطروحاً طيلة أيام وليالي المهرجان في مقهى
وأروقة وغرف "فندق الواحات" وحلقات ساحة مسرح الكشاف أو عبر جريدة الركح لا يشير بالحيرة فقط ، بل يشير إلى
معضلة المسرح الليبي وسؤاله الأساسي .وليس من الصعب التدليل على أن شرط الاستمرارية قد ظل شرط حيوية حركتنا
المسرحية ، وغيابه معناه التراجع أو الركود أو التلاشي . هذا لا يعني أنه الشرط الوحيد .. فثمة شروط أخرى لا
تقل أهمية، ومن قلب التجربة، تخص سبل دعمه ومراقبته وسبل توسيع رقعته وآفاق تطلعه.
*إن البحث في الحصيلة الفنية لعروض هذه الدورة ومدى اجتهاداتها الفنية والأدائية والمساحات التي ارتادها أو
القضايا التي تناولها.. سيشهد التراجع الكبير الذي حدث عندنا قياسا بما شهدته الدورة الثامنة التي جرت في
خريف 1999مسيحي حيث اعتقد الكثير من المنخرطين في هذه الظاهرة والمتابعين لصيرورة المسرح الليبي وتحولاته في
ختام تلك الدورة أن مسرحنا مقدم على مرحلة جديدة..وأنه قد بلغ من النضج –على الأقل في عدد لا بأس به من
المحاولات الجادة والمتطلعة لآفاق أبعد وارتياد فضاءات بكر للفن المسرحي بأدوات ووسائل تعبير حاذقة ، وإن
سنوات قليلة فقط ما يفصله عن تحديد بعض ملامح هويته الفنية والجمالية الفكرية التي ظل يحاولها منذ ما يقرب من
قرن ويكابد من أجلها ، فقد شهدت تلك الدورة ميلاد فنانين واستمرار آخرين (مؤلفين ومخرجين وممثلين ..عدد منهم
لا يشارك في هذه الدورة) وظهور تجارب فنية مميزة .. والجدير بذكره هنا أن تلك الدورة قد جاءت بعد دورتين
متلاحقتين ، وكانت الثامنة ثالثهما 95-97-99 لتحقق مهمتين اثنتين ، فعلى المستوى الأفقي وصل عدد الفرق
المشاركة إلى 40 فرقة مسرحية ، منها من يشارك في المهرجان للمرة الأولى (شحات ، طبرق ، هون على سبيل المثال)
وعلى المستوى الرأسي فإن العروض التي قدمت جهداً فنياً واضحاً واجتهاداً في إطار اللعبة المسرحية ويبشر بنجاحات
قد يصل إلى 15 عرضاً.
· إن كنت لأجزم بأن ذلك كله كان بفضل هذا المهرجان وتواتر دوراته الثلاث – إذا إن مهرجانات أخرى كان لها
حضورها المساند وشكلت رافداً مهماً كمهرجان النهر الصناعي العظيم والتحدي من بنغازي والمسرح المدرسي والجامعي
في طرابلس – إلا أنني أستطيع الجزم بأن مسرحنا - في معظمه - لا يزال أسيراً للحالة المهرجانية .. والمهرجان
الوطني للمسرح تحديداً - وإن كنت لست بصدد البحث في الأسباب التي جعلته رهينا لهذه الحالة ، لأن ذلك يتطلب
البحث المطول والجاد في عناصر وعوامل عدة منها (التاريخي والاجتماعي والنفسي والحضاري واللغوي والاقتصادي
والديني وأسباب أخرى) فإن بإمكاني التأكيد على أن تاريخه وتجربته تقول إن علاقته بالجمهور ( الذي يعد أحد
أسباب وجوده وتحوله في أماكن كثيرة من العالم ) مازالت عندنا ملتبسة.. غير ذات بال .. مما يستدعي البحث في
الوسائط التي من شأنها أن تجعلها حقيقة واقعة..ولعل في تجارب غيرنا من الدول النامية أو المتقدمة أيضا
محاولات وجهودا يمكن الاستهداء بها..كدعم المجتمع له سواء عبر مؤسساته التعليمية ،والثقافية .. واحتضان
الثقافة له وتبنيه كعنصر أساس في تشكلها لما يمثله كشكل من أشكال الحوار الذي يعد آلية أساسية لكل ثقافة أو
حضارة.
·إن تركيزي في المقارنة بين هذه الدورة وسابقاتها التي تفصلها عنها سبعة أعوام .. لا يعني ذلك أنه الانقطاع
الوحيد المؤثر فثمة انقطاعات سابقة وصلت لتسعة أعوام كاملة، حدث ذلك بين الدورة الثانية 10\12\1973م
والثالثة التي انعقدت 1\5\1982م.. وفي غيرها وإن بنسب أقل، الأمر الذي لم يمّكن المهرجان الذي بلغ عمره 35
عاماً منذ انطلاقته في 9\1971 م من عقد سوى تسع دورات، وهو عدد قليل ولاشك.. ولعله الأمر نفسه الذي لم يمكنَ
المسرح عندنا من خلق وتيرة منتظمة وذاتية الحركة ، ولذا فإن المطلوب من انعقاد الدورة التاسعة ليس كسر جمود
السبع الطوال ، ولكن استمرارية انعقادها وتسريعه إن أمكن ولو بعقد المهرجانات المحلية المساندة لتلافي ما
يمكن تلافيه ، والنظر إلى حال المسرح عندنا ، إما في بناه التحتية ، وإما في وضع المشتغلين به وفيه وله ..
وإعادة الاعتبار له كفن صعب وله مكانه ومكانته المهمة والضرورية لأية ثقافة وأي مجتمع.
·ومن ضمن الملاحظات على هذه الدورة غياب النص المسرحي بشكل عام (فكثير من العروض جاءت إعداداً لمخرجين ) والنص
الليبي خصوصاً وأعني به النص الدرامي المكتوب للمسرح ، والذي يملك شروط تحققه الجميل والمؤثر في العرض ، كذلك
غياب مخرجين وممثلين لهم حضورهم المميز .. أيضا لوحظ تراجع عدد الممثلات ( ويمكن تسمية فرق عديدة لأكثر من
مدينة..) وإن سجلت هذه الدورة اسم ثاني مخرجة ليبية تشارك في المهرجان وهى " هدى عبد اللطيف" بعد زميلتها "
زهرة مصباح " في الدورة الثامنة كأول مخرجة، ويمكن أيضا الإشارة إلى ضعف مستوى الندوات التي صاحبت العروض،إذ
لم تشهد حضوراً فاعلاً من المهتمين بهذا الفن و عزاها البعض لعدم حضور المثقفين والمهتمين من الكتاب والأدباء
والصحفيين الفنيين.
·ولكن سيبقى لهذه الدورة حرص المسؤولين عن قيامها كمحاولة لكسر هذا الجمود.. وهذا الحضور الكبير للجمهور
ولجريدة المهرجان التي حاولت أن تكون مختلفة عن سابقاتها .. وللجنة التقييم التي كانت على شيء كبير من
النزاهة والإنصاف ، ولما أثارته من أسئلة بخصوص هذه الدورة والمسرح الليبي بشكل عام وللمسؤولين عن المهرجان
الذين وعدوا بأن الدورة العاشرة ستكون بعد عامين وذلك بمناسبة مئوية المسرح الليبي التي ستوافق العام 2008
مسيحي .