بقلم:عبدالله القويري- حول المهرجان الوطني الخامس للفنون المسرحية.هل هو تجريب أم تهريج

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بقلم:عبدالله القويري- حول المهرجان الوطني الخامس للفنون المسرحية.هل هو تجريب أم تهريج

    ​​​​​​​​​​​​​​​​​​
    ليبيا مائة عام من المسرح"1908م- 2008 م"أو هكذا تكلم المسرحيون -2-77- نوري عبدالدائم
    *****************​​​​*********************
    حول (المهرجان الوطني الخامس للفنون المسرحية
    هل هو تجريب أم تهريج ؟!
    بقلم / عبدالله القويري


    لم يكتسب المسرح عندنا تاريخاً والتاريخ يأتي من الاستمرار والتأثير في الحياة والتأثر بها والمحاولات المسرحية
    عندنا قليلة جاءت من أفراد قدموا وضحوا على قدر جهودهم وظروفهم مازلنا نذكرهم ونقدر جهودهم التي بذلوها.
    أما في النفوس فلم يبق شيء!!
    لم تبق علامة لم تبق جملة حوارية لم تبق كلمة وامضة لم يبق نص نعود إليه ونقرأه ونتأمله ونردد بعض ما فيه
    ونستعيد شخصياته أو مواقفها على خشبة المسرح وإذا فعل شخص ذلك لا نهتم به ولا ندرك بأنه أعاد إلينا لحظة بهجة
    تتحدى الزمن ولا تفر من أمام أعيننا ولا تذهب بعيداً هناك في الأعماق كأنها حالة سكر طائش.
    أعرف أن هناك أعمالاً قدمت ونالت نجاحاً باهراً وشاهدها الناس وتزاحموا على قاعة العرض في يوم من الأيام من
    أجلها.
    ترى هل افتقد أكثرنا الضمير الجمعي وقبله أنكرنا الضمير الفني؟!
    إنني أتساءل في محاولة مني لأن استعيد بالقلم ما عجزت عن استعادته بالعروض المسرحية!!
    كيف لم أستطع استعادة لحظة بهجة واحدة؟!
    لقد ضمر مفهوم المسرح عندنا ليصبح مجرد فرق جمعت في أماكن مختلفة من (الجماهيرية) وقاعات عرض منهارة مغلقة
    ونصوص في المحاولة وفقدنا الشخصية المرسومة بعناية والمؤداة بواسطة ممثل مقتدر يجود في أدائه على مر الأيام
    وافتقدنا قاعات عرض تزدهر بالعروض بين الحين والحين وجفت النصوص فلم تعد موجودة وعشش العنكبوت في خلفيات
    الخشبات خلف الستائر وفجأة سمعنا بالمهرجان الخامس وكان يمكن أن يمر هذا المهرجان مثلما مر غيره قبله فلا
    أشاهده ولكن دعيت لكي أكون ضمن (لجنة المفاضلة) فكان واجباً عليّ أن أشاهد جميع العروض وهذا مافعلته احتملت (
    جو) قاعة (الكشاف) طيلة عشرة أيام وفوجئت إذ رأيت فرقاً حقيقية تقوم بالأداء فأثبتوا أن لدينا من يؤدي بطريقة
    جيدة بل هناك من ارتفع إلى درجة الامتياز وأحسست أن وراء المجهود أمامي مخرجون مسرحيون يفهمون هذا الفن
    ويعتمدون على ثقافة مسرحية جيدة.
    ولكن ما صدمني هو افتقاد النصوص المسرحية
    كيف؟!
    النصوص في الكتب.
    إن ما رأيته كان مجرد حركات على الخشبة في أحيان يسيطر عليها إيقاع وفي أكثر الأحيان تضطرب بلا إيقاع فحزنت
    وأتممت العروض وأنا حزين.
    صرخات وإلقاء مباشر وحركات هستيرية دخول وخروج بلا معنى ومؤثرات صوتية تصم الآذان وأضواء تطفأ ثم تضاء بلا سبب
    مفهوم وصعود على الخشبة ونزول عنها إلى القاعة بلا داع كلها أمور تحاول إن تقنعنا بأن ما يقدم هو مسرح ملتزم
    محرض وأكثر ما اعتمدوا عليه هو عبارات إنشائية صارخة تحاول أن تكون تحريضية لمؤلفين مغاربة.
    وكأنما كان (المغرب قارة) مجهولة مسرحية فاكتشفها الإخوة الليبيون المخرجون ووقعت فرقنا في فخ العبارات
    الطنانة والادعاء.
    وقالوا لنا هذا مسرح تجريبي وكأنما التجريب هو صراخ وجماجم وقفز وهياكل عظمية ومقابر فوق الخشبة؟!
    ونسوا أن المسرح التجريبي هو (فن) أولاً ولكنه اتخذ بعض التجاوزات من أجل إيصال أعماق وأبعاد إلى المشاهد، في
    التجريب هناك الفن والمعنى والأداء وهناك إيقاع وهناك لحظة البهجة العميقة وهناك إيماء.
    ليس التجريب حالة من (الشيزوفرانيا الجماعية)!! ترى ما الذي دفع هذه الفرق التي يوجد بها مخرجون على درجة من
    الوعي والثقافة مثلما يوجد بها ممثلون إلى الالتجاء إلى هذه الشذرات الخطابية وسموها نصوصاً مسرحية وقاموا
    بتنفيذها على المسرح مستعملين الأضواء والأصوات والمناظر دون داع فني أقول ترى ما الذي دفع هذه الفرق إلى
    ذلك؟!
    أهو روح التجريب؟!
    إن التجريب كما قلنا هو فن.
    أم هو الهروب من النصوص الجيدة والبحث عنها.
    ولكن النصوص متوفرة في الكتب وعند المؤلفين.
    أم هو ما يشيعونه من أن هذا هو المطلوب إذ المطلوب هو مسرح (دعاوى) يتناول القضية المركزية (فلسطين) مثلما
    يتناول واقع الوطن العربي والدعوة إلى الوحدة؟!
    إن التوجيه في الفن يفقده أهم عناصره وهو الإقناع الداخلي هذا بالإضافة إلى أنني أعتقد أنه لا يوجد كاتب لا
    يتأثر من ذاته بالواقع ويعتنق القضايا الإنسانية ويكون اقتناعه داخلياً أعني ذاتياً ومن ثم ينعكس ذلك على
    إنتاجه بطريقة غير مباشرة بكلمة موحية أو إيماءة فنية دالة مما يعطي العمل قوة إقناع داخلي دون صياح وعبارات
    صارخة.
    إن الفن إيماء وإيقاع داخلي يجذب النفوس وليس صياحاً وصراخاً وقفزاً.
    تألمت عندما شاهدت النصوص جميعها أمامي على المسرح وحزنت على الجهد المهدر، جهد المخرج وجهد الممثلين وجهد
    الجمهور في المشاهدة.
    كانت كلها نصوصاً هابطة بل أقول لم تكن هناك نصوص بل أكوام من الكلمات المسطحة وأستثني مما قدم نص مسرحية (
    جسر آرتا) فقد اعتمدت على نص مسرحي حقيقي فشاهدنا عرضاً جيداً واستخلصنا فكرة رائعة تقدس التضحية من أجل الغير
    دون صراخ وصياح.
    العجيب أن هذا حدث عندنا دون حديث ودون تعليق وفي (القاهرة) في نفس الفترة تقريباً كان هناك مهرجان المسرح
    التجريبي ولكن حوله دار النقاش وكتبت الأبحاث والمقالات متى نتعود أن نأخذ الأمور في جدية في مجال الفن
    والثقافة.
يعمل...
X