مسرحية الغول
بقلم / أبوالقاسم فرنانة
مسرحية الغول
تأليف:محمد صبري
إخراج:حسن قرفال
المسرحية مطبوعة بالحاسوب وعدد صفحاتها "28"صفحة من حجم "A"
وشخصياتها:الأب،الأم،الابن،المراسل،الغول.
زمن العرض "51دقيقة"
وقد عرضت عام "2004"على مسرح الكشاف
حكاية النص:
هي حكاية لأسرة متكونة من ثلاثة أفراد حوصروا داخل البيت بسبب الغول الذي ظهر في المدينة ويحاصر سكانها،تصاب
العائلة بالخوف والفزع خوفاً من اقتحام الغول بيتهم يتم إقفال الأبواب والنوافذ وبسبب هذا الحصار ينفد الغذاء
من البيت حتى أصيب أفراد العائلة بالجوع،وعندما لم يجدوا شيئاً يأكلونه إلا قطة ميتة يتم تقاسمها بينهم وهنا
يبدأ الصراع من يأخذ حصة أكبر.
يصل الصراع إلى درجة الشك بين أفراد الأسرة الواحدة فقد يكون كل واحد منهم قد أخفى عن الآخر جزءا من هذه
الغنيمة.
تخرج الزوجة من البيت لجلب بعض الأشياء وعندما تعود يخاف الزوج منها ويظن أن الغول قد تلبسها فلا يفتح لها
الباب حتى تضطر إلى الدخول من الباب الخلفي وتنزل من العلية وتدخل فيشك الزوج في أمرها وتزداد مخاوفه منها
ويظن أنها ستقتله وهي تشعر بنفس الحالة فتبدأ المعركة بينهما فيتمكن الزوج من قتل زوجته.يظهر الغول بصورة
الابن فيعلن للأب من إنه قتل زوجته ولم يقتل الغول كما يظن وإنما الغول لايزال حيا فيكشف له عن نفسه،بأنه هو
الغول،وجاء ليقتله ويبدأ الصراع حتى يتمكن الغول من قتل الأب وبعدها يقتل المراسل الغول وتنتهي حكاية النص.
حكاية العرض:
أما بالنسبة لحكاية العرض فقد تمثلت في ماقدّمه المخرج من صور أراد بها إيصال مضامين ودلالات حيث حاول المخرج
أن يعطيها شكلا غريبا معتمدا على عملية الإدهاش والمفاجأة من خلال حركة الأبطال المعتادة وصراخهم المستمر وتمثل
في الإضاءة المعتمة التي لاتكشف عن التكوينات بصورة واضحة،فالشخصيات تتحرك،تجلس،تقف،تراقب وهي أيضاً محافظة على
هاجس الخوف والاستكانة والرعب ولهذا جاءت الشخصيات موزعة على ثلاثة مستويات المستوى:الأول الغول،المستوى
الثاني:الأب والأم والابن الذين يمثلون رمزا دلاليا للعائلة الكبيرة والمتمثلة في المجتمع وهنا أي المجتمع كان
غير محدد المكان فيمكن تطبيقه على أي مجتمع"فهذا العمل إنساني لايخص منطقة بذاتها".
أما المستوى الثالث فيتمثل في المراسل الذي يمثل خيط الوصل وأيضاً "المايسترو"والربط بين الشخصيات وهو في
الوقت ذاته خيط الربط بين ما يقع في الداخل والخارج وبذلك أخذ دور محرك الأحداث والمعلق عليها.
إن ثبات المكان الداخلي والخارجي لايعني ثبات الشخصيات ففي الداخل هناك انهيارات تنتهي بالقتل،وبينما في
الخارج الغول ثابت في مكانه لكنه متغير في اتجاهه وكأنه يؤدي فعل المنحوتة كونها تعكس الحركة غير
المتحركة،وبهذا استفاد المخرج من نظام النحت وأدخله ضمن تشكيل"سينوغرافيا"العرض،وينتهي العرض بتلبس شخصية
الغول وكأنه جن يدخل تحت جلد الشخصيات فيتلبّسها.
إن الشر متمثل في الغول دال لمدلول المتغيرات الهائلة في الحياة المعاصرة "فهو عندي يمثل
الهيمنة،العولمة،الشركات الاحتكارية،الغزو الثقافي".
وعزز العرض ذلك من خلال شبحية الأبطال وهم يتحركون وسريان الموت والقتل والاستباحة للإنسان والحياة.
التكوين التشكيلي للعرض:
تكوين المنظر:
افترض مخرج العرض من خلال "السينوغرافيا"أن هناك مستويين من المكان الأول هو المكان الداخلي الممثل في تكوين
المنظر الداخلي يشكله البيت مكان الأكل أو المطبخ قطع الأثاث البسيطة ثلاثة كراسي،طاولة ونافذة ساعة حائط
مشروخة سلم مزدوج ومدرجات تصل الداخل بالخارج.
أما المستوى الثاني للمنظر متخيل فقد اعتمد فيه المخرج على مايمكن أن توحي به الشخصيات وما تنقله عن المكان
الخارجي القريب،وبالتالي ساهم بتحديد نوع من الصراع المكاني من خلال التكوين الأول والثاني فالمكان الخارجي
يشكل تهديدا ساخرا للأبطال من خلال الأصوات والصور المفزعة لشخصيات مقتولة ومعلقة والتي تظهر بشاعة مايحدث في
الخارج من عمليات القتل والسطوة والهيمنة وهذا أدى اكتساح الخارج للداخل وبالتالي ينعكس على شكل أفكار معلقة
بالخارج.
تكوين الإضاءة:
من خلال العرض حاول المخرج أن يضفي شكلا مميزا من خلال اعتماده على عملية التعميم وعدم وضوح الأشياء والشخصيات
والمكان لذلك ظهر اللون الأحمر والأزرق باعتبارهما لونين مضادين يختزلان فكرة الصراع بين عالمين ممثلا بالعائلة
والغول لهذا جاء العرض بكثافة ضوئية محدودة ومركزة الاستخدام واقتصرت على الألوان التي تزيد من تشويه أو تغيير
وإخفاء الملامح المحدودة للأبطال مما يساعد على إخفاء الكثير من ملامحها وزيادة حدة إخفاء ماسيحدث فضلاً لاستخدامه
اللون الأزرق والأحمر وهما لونان متناقضان،وكانت إضاءة العرض إضاءة بسيطة للغاية للإيحاء بظلمة المكان تأكيدا
لهاجس الخوف فاللون لم يكن ساطعا ولم تستخدم الإضاءة الفيضية وإنما بقع حادة المساقط لتعطي جوا مشحونا
بالترقب،وهذا الأمر ساهم جمالياً في زيادة التداخل بين مايحدث في الخارج وانعكاسه على مايحدث في الداخل
وبالتالي انعكس الأمر بعدم وضوح ملامح المنظر الداخلي.
وهذه تأثيرات الصورة التشكيلية الانطباعية التي تحاول أن تجعل اللون أساس العملية الفنية ولهذا اختفت تلك
الملامح التفصيلية في اللوحة التشكيلية وكذلك الحال في هذا العرض حيث تم استخدام الفضاء المسرحي من خلال
التركيز على بعض البقع الضوئية لتغيير ملامح المكان وبالتالي حصر الشخصيات وكأنها تسبح في الظلام.
التكوين المتخيل:
من خلال تفاعلات الأحداث والتوجسات المتعددة التي تنتاب الزوج مرتابا في زوجته كون الغول قد تلبسهما،فيتوجس
الأب،الزوج خوفا وظنا بأنها ستقتله فتجتاحه أفكار متضاربة ومتوجسة فأصبح ينظر إلى الواقع بصورة مغايرة لهذا
يظهر المخرج تلك الأفكار المطموسة من خلال عرض صورة الزوجة كما يراها زوجها حيث يظهرها في عرض اللوحة الخلفية
صورا بشعة مشوهة وبالمعنى نفسه أبرز المخرج نفس الهواجس في عقل الزوجة وكيف ترى زوجها فتظهر لنا الصورة
المعروضة وجه الزوج مشوها ومقززا هذه الخواطر شكّلت تكوينا في لحظة من لحظات العرض فجاء تعبيرا عن حالات
الهلوسة التي أصابت كلا الشخصيتين.
تكوين الأب والأم والابن:
الزوج والزوجة والابن يجلسون حول مائدة الطعام حيث يبدو المشهد واقعيا ولكن الإضاءة تضفي عليه مسحة من الغرابة
والضبابية فالإضاءة الحمراء عبّرت عن الجو المشحون وصدام الحياة جاء تعبيرا على حالة الصدام داخل الأسرة وإن
كانوا يتناولون الطعام ولكن في النهاية يرمون بعضهم بالصحون.
فبعد تلبس الغول للابن تنفصل الكتلة الأب والأم في جانب والابن في جانب آخر،إن هذا التكوين اعتمد الفصل بين
الشخصيات من خلال المسافة تأكيدا لموضوع التلبّس.
وفي واحدة من المشاهد المتعددة للأب برز تكوين تشكيلي متميز عندما كان يقف بجوار النافذة،إن هذا التكوين
واللون الذي أضفى مسحة جمالية فأبرز البعد التشكيلي للمخرج في صياغة جمالية.
تكوين الأقدام:
في هذا التكوين وبعد أن مارس الزوج عملية قتل زوجته أكد المخرج جريمة القتل التي مرّت بعنف ضد الزوجة من خلال
الحركة النصف دائرية لأقدام الزوج وهي تتحرك في مقدمة المسرح بعد أن عتم الجزء الأعلى لجسد الشخصية فأعطى
إيحاء بأن الجسد قد فصل ولا نرى منه غير الأقدام،وهذا التكوين دلل فيه المخرج على أن الجريمة التي قام بها
الزوج تتحرك بأقدام ثابتة وجاءت دفاعا عن النفس باعتباره قتل عدوا وهو الغول المتجسد في شكل زوجته.
تكوين مصارعة الثيران:
حاول المخرج من خلال عرضه المسرحي أن يضفي نوعا من الحركية في تنويع التكوينات فبعد فشل الزوج كونه لم يقتل
الغول المتلبس لزوجته وتحديدا بعد أن كشف الغول عن شخصيته بأنه لم يكن الابن الحقيقي وإنما شكله فقط والذي
اتخذه الغول بعد قتل الابن،والحقيقة أن الغول تمكن من دخول البيت للقضاء على من بداخله فيزداد الزوج رعباً
وخوفاً فيتحول التكوين حلبة مصارعة للثيران واحد منهم مهاجم وآخر مدافع.
إن هذا التكوين أعطى نوعا من الحيوية في التغيير المفاجئ في التكوين.
تكوين المراسل:
تم الاستفادة من السلم المزدوج لتكوين شكل المثلث وأن هذا السلم أضاف إلى الشخصية مسألة الارتفاع وذلك أكد
المخرج الطبيعة الإعلامية للمراسل أو قائد الفرقة الذي يحرك الأحداث ويعلق عليها وينقلها وقد تكرر هذا العرض
تأكيدا لدلالة الشخصية وفي الوقت ذاته تمت الاستفادة شكليا ولمشاركته في تحريك الأحداث فنجده قد مارس عملية قتل
الغول في نهاية العرض باعتباره قد أنهى الدور المطلوب منه وهنا أكدت هذه الشخصية التآمرية هيمنتها العالمية
وتسلطها على الشخصيات وقد أعطى هذا الأمر دلالات أخرى أكثر انفتاحا لما يمكن أن يتضمنه من معاني.وما أن تنتهي
مهمة قتل الغول حتى يضم السلم المزدوج ويترك أرضا تدليلا على انتهاء المهمة.
مسرحية الكنًاس
بقلم / أبوالقاسم فرنانة
مسرحية الكناس (مونودراما)
مأخوذه من مسرحية (الزبال) للكاتب السوري ممدوح عدوان .
إعداد وإخراج عبدالعزيز الحضيري
مكتوبة باللهجة الليبية بخط اليد في (13 صفحة من حجم (A4)
الشخصيات : الزبال ، الحاج يوسف صاحب المخبز ، فاطمة ، ابراهيم ، الحاجة عيشة ، عبدالله .
زمن العرض ، 55 دقيقة
عرضت سنة 2004 افرنجي على مسرح الكشاف .
حكاية النص :
تدور حكاية النص حول سكان شارع من شوارع المدينة يكشف عن اسرارهم كناس من خلال القمامة ويسرد العلاقات القائمة
بين الجيران وتبدأ هذه الحكاية بالتعريف بنفسه وكيف وصل الى هذه المهنة ثم باستعراض سكان كل بيت والغوص في
خصوصياتهم من خلال النبش في براميل القمامة يتضح ان المرأة غير المتزوجة تسكن البيت مع أمها ترغب في أن تكون
صاحب نفوذ ومال فانحرفت بعلاقات غير سوية مع عدد من الرجال كما يتطرق النص أيضاً الى الجارة التي تراقب
جيرانها وتحصي عليهم أفعالهم وحركاتهم وإفشاء أسرارهم وعلاقات الخباز والتصرفات الشاذة للشاب وغيرها من
الأحداث التي تتوالى والحكايات تتشابك ويبقى الخط الواصل بينهم القمامة نفسها .
لتكشف عن مخلفات المجتمع من خلال الشخصية التي تتصف بالانحلال والشذوذ والممارسات غير السوية المنحطة .
وتتوالى الأحداث حتى بلوغ ذروتها متمثلة بوجود طفل رضيع داخل أكوام القمامة يدهش الكناس فيرفع الطفل وقد فارق
الحياة .
حكاية العرض :
إضاءة زرقاء تسود فضاء المسرح وتظهر ستة أبواب توحي ببيوتها وأتخذت خطوطا حادة ومقوسة والمسرح معبأ
بالقمامة التي تملأ المكان وتمثل جزءا مهما من مكملات العرض يبدأ العرض بأصوات سكان الشارع ثم دخول الكناس
وهو شخصية ترتدي أزياء ليبية سترة زرقاء قبعة بيضاء بنطلون بني يبدأ العرض بجولة أمام الأبواب مستعرضاً قصة كل
بيت من البيوت ومن خلال القمامة نكشف طبيعة المجتمع والحالة الاجتماعية لكل أسرة التي تتنوع من الحالة
الاقتصادية الى السلوك والأخلاق ونكتشف ذلك من خلال ما يظهره الكناس من أشياء من القمامة في كل بيت من علب
العصير وقناني الدواء والمشروبات الكحولية وشريط اقراص منع الحمل من قمامة بيت تسكنه عجوز وابنتها غير
المتزوجة وهناك جزء من بطيخة ، جهاز إذاعة مسموعة يبدأ الكناس في استعراض الشخصيات من خلال تقليد أصواتهم
وحركاتهم وارتداء الملابس الدالة على كل شخصية .
أستخدمت الإضاءة الزرقاء لإضفاء الجو العام للعرض وكذلك عزل الشخصية من خلال بقعة الضوء فلم تستخدم المؤثرات
الموسيقية واستخدم بدلا عنها مؤثر صوت الطفل الذي نسمعه بين الفترة والأخرى.
تستمر الأحداث واستعراض كل بيت من خلال شخصياته ، مشاكله ، علاقاته مع الجيران وسلوكياته .
ينتهي العرض بعد أن ينتشل الكناس الطفل من بين ركام القمامة يضعه بين ذراعيه ويتحول به في أرجاء الخشبة
ويختلط بكائه مع بكاء وحسرات الكناس على ما وصل إليه الناس فقد وصلوا الى أن يرموا ابنائهم في القمامة
وينتهي العرض بمفارقة الطفل لحياته .
التكوين التشكيلي للعرض :
تكوين المنظر : المنظر العام تغلب عليه الإضاءة الزرقاء التي تعم المكان والقمامة الموزعة والمنتشرة داخل
فضاء الخشبة كما في الصورة 26 التي تعبر على محاصرتها للمكان من خلال التكوين العام الذي تتوزع فيه هذه
الأكوام المنتشرة التي لم يخلوا منها جزءا من الفضاء ستة أبواب تمثل جزءا من المنظر وتمثل ايضاً سكان الشارع
الذين نكتشفهم من خلال تقديم لهذه الشخصيات ويرى المخرج (أن التكوين العام للمنظر تم من خلال علاقة الممثل بكل
ما هو موجود على خشبة المسرح مثل الأبواب ، العربة ، المكانس ، وجردال القمامة وصناديق الكرتون . استخدم
المخرج الإضاءة القاتمة للإيحاء بالجو العام للعرض واستخدمها ايضاً في حالة عزل الممثل من خلال بقعة الضوء او
الدوائر الزرقاء كما استخدمت ايضاً باعتبارها دلالات رمزية من خلال استخدام اللون الأحمر بقعا تظهر جزءاً من
الكناس والطفل في نهاية العرض كما في الصورة 27 وذلك للدلالة على المأساة والخطيئة وكما استخدمت ايضاً من خلال
العزل لغرض تكوين الكناس عن التكوين العام وكما استعملت لإخفاء ملامح الرجل لتأكيد حالة هيمنة القمامة التي
تمثل معاني ودلالات إيحائية أخرى فالقمامة وانتشارها يؤثر على البيئة وتكشف ايضاً عن بعض الممارسات غير الأخلاقية
المنحرفة التي تنخر المجتمع وهي أكثر ضرراً من القمامة المادية .
وهي مؤشر لخطر كبير قد يخرب المجتمع بأسره وتمثل هذا المعنى من خلال إظهار الطفل من القمامة فترك أولادنا في
الشارع وإهمالهم هو أيضاص نوع من أنواع القمامة من خلال استبعادهم ورميهم والتخلص منهم وكأنهم شيء غير مرغوب
في وجوده .
تكوين الكناس :
أما بالنسبة لتكوين الكناس الذي كان طوال العرض شخصية تسير بشكل منحني في تكوين جسده للدلالة على اقترابه من
والتصاقه بها أيضاً تغلبها عليه باعتباره جزءاً بسيطا من البيئة التي تسودها أكوام القمامة .
هذه الشخصية لم تبق على حالها بل تنوعت تكويناتها طبقا للأحداث الجارية في العرض وعلاقتها بمحيط المكان الذي
تعيش فيه فصفة (الكناس) لا تكشل مهنته فقط بل شكلت حالته حالة اجتماعية مأساوية وذكرياته فكما كان الكناس
شاهداً ومعلقا على أحداث تجرى فهو ايضاً مشاركاً في هذه الأحداث وكما رسم المخرج شكل هذه الشخصية وعلاقتها بأحجام
وأشكال الأدوات لو نظرنا الى العرض لوجدنا مثلا وقوف الكناس أمام المكنسة الطويلة وهو يخاطبها على أنها ابنه
والتي يبدو أمام طولها "قزما صغيرا إذا القمامة تمثل حياته" وهذا كان واضحاً عندما أرتمى في قلبها واخذ
ينثرها في فضاء المسرح كما في الصورة بحثا عن الطفل رمز البراءة المدنسة .
ان تنوع الشخصيات جاء تعبيراً لنماذج متعددة من المجتمع والتي يعتبرها العرض شكلا من أشكال القمامة فشخصية
فاطمة وتمردها على التقاليد الاجتماعية والخلقية وميوعة ابراهيم وحركته الكلتوية غير مستقيمة ، وعلاقة الحاجة
عائشة بجيرانها ومراقبتهم وما يقوم به عبدالله من أشياء مشبوهة كل ذلك يعبر عن دلالة الانحطاط الأخلاقي والاجتماعي
لهذه الشخصيات.
أما بالنسبة للخطوط المنحنية والأشكال الدائرية والشبه دائرية التي كانت ذات غلبة في شكل التكوين العام للعرض
حيث تمثلت في انحناءات جسد شخصية الكناس وحركته وكذلك في حركة الشاب وتمثلت ايضاً في أقواس الأبواب وأشكال
البراميل الدائرية وعجلات العربة وأشكال دوائر الإضاءة هذه الأشكال دلالة على الانحسار داخل دائرة مغلقة يصعب
الفكاك منها .
تكوين القمامة :
شكلت القمامة كتلة متنوعة ومنتشرة وكانت توحي بالفوضى التي أحاطت بالمكان كما في الصورة 29 إلا أنها كانت
تعبيرا عن نظام من العلاقات الصارمة فضلا عن نمط من الحياة يحياها السكان لهذا فقد كانت القمامة في تنوع
أشكالها ومواقعها وأحجامها وجاء تنوع أشكالها متمثلا في مكعبات الورق المقوى وبقايا العلب .
تكوين الأزياء :
أما الأزياء فقد تنوعت من حيث الشكل ولكنها حافظت على دلالتها السائدة في تحديد هوية الشخصيات التي أكدت
بيئتها فكانت الأزياء دلالة عن الهوية حيث كانت الأزياء محلية ليبية كما استخدمت للدلالة على جنس الشخصية
ووظيفتها الاجتماعية كما في الصورة 30 فتنوعت بتعدد الشخصيات التي كان يؤديها الممثل وكات المرأة العجوز
باستخدام اللحاف والخباز باستعمال الملاية والشاب المخنث بارتداء الأزياء القريبة من ملابس البنات أما بالنسبة
للأزياء الشخصية الرئيسية فقد دسبق الإشارة إليها من خلال نص المخرج .
أما اللون الأزرق بصفة عامة فقد كان دلالة على الشعور بالحزن والأسى والمحاطرة كما استخدمت اللونين الأحمر
والأصفر للدلالة على التنوع في شخصيات المجتمع واختلاف تكويناتها وتكوين مزاجها النفسي وانتمائهما الاجتماعي .
تكوين الإضاءة :
واستخدم المخرج في تنظيم (سينوغرافيا) العرض اللون بوصفه تكوينا يثير دلالات ويشحن المعنى ففي بعض التكوينات
للكناس وهو يفترش الأرض كما في الصورة 31 غيب جزءاً من شكله وكأن المخرج أراد أن يوحي بأن الكناس الذي يحيا
ضمن الوسط البيئي غيبت ملامحه أو تكاد تغيب فقد غيب جزء من وجه الكناس فضلا عن سحنة لونه السمراء وإن لم يكن
الممثل بهذه السحنة لكان قد دهن باللون الأسود وبهذا الصدد يقول المخرج :
(كان اللون جزءا من التكوين العام للعرض ، فضلا عن كونه يسهم بتحقيق الجو العام للعرض) .
أما من ناحية استخدام اللون تكوينا وتعبيرا ذي دلالة كما في الصورة 32 فبعد اكتشاف الطفل وصرخاته ثم يحدث
انقلابا عاما في التكوين من خلال الاضاءة فسرعان ما تنغرس بقعة اللون الحمراء في فضاء العرض التي شكلت صورة
جديدة نقلت شكل المنظر الطبيعي الى شكل صورة تعبيرية أعطت دلالة أكثر من كونها تكوينا محدداً بدلالة محددة
وإنما حدث انفتاح للمعني فاللون الأحمر دلالة الدم والعار والخزي وهو لون حار بالمقارنة مع اللون الأزرق فاللون
هنا لم يعبر على الحالة النفسية أو السلوك الاجتماعي فقط بل تعداه من خلال الإضاءة الى خلق تكوين ملموس قد يغير
تكون الحياة وقلب الأشكال المألوفة الى أشكال غرائبية تكون دلالاتها أضخم وأشد قسوة مما نتصور وبذلك كان
المضمون في هذا التكوين يتصاعد ويكشف عن نفسه تدريجا من خلال الكيفية التي يظهر من خلالها هذا التكوين
التشكيلي للعرض المرسحي إن ذلك أسهم بتكثيف الصورة المسرحية وانفتاحها على الرغم من حالة الانحسار التي شكلت
وضع الكناس ان الانغلاق والانفتاح في التكوين المسرحي هو تغيير في طريقة التفكير بمعني آخر ان المضمون يتحرك
ويتخذ شكلا جمالياً معبراً وقد يكون هذا الشكل أكثر انفتاحاً لإحداث الأثر المتوخى منه .
"1908م- 2008م"أوهكذا تكلم المسرحيون -2-56 - نوري عبدالدائم
**************************************
مسرحية الغول
بقلم / أبوالقاسم فرنانة
مسرحية الغول
تأليف:محمد صبري
إخراج:حسن قرفال
المسرحية مطبوعة بالحاسوب وعدد صفحاتها "28"صفحة من حجم "A"
وشخصياتها:الأب،الأم،الابن،المراسل،الغول.
زمن العرض "51دقيقة"
وقد عرضت عام "2004"على مسرح الكشاف
حكاية النص:
هي حكاية لأسرة متكونة من ثلاثة أفراد حوصروا داخل البيت بسبب الغول الذي ظهر في المدينة ويحاصر سكانها،تصاب
العائلة بالخوف والفزع خوفاً من اقتحام الغول بيتهم يتم إقفال الأبواب والنوافذ وبسبب هذا الحصار ينفد الغذاء
من البيت حتى أصيب أفراد العائلة بالجوع،وعندما لم يجدوا شيئاً يأكلونه إلا قطة ميتة يتم تقاسمها بينهم وهنا
يبدأ الصراع من يأخذ حصة أكبر.
يصل الصراع إلى درجة الشك بين أفراد الأسرة الواحدة فقد يكون كل واحد منهم قد أخفى عن الآخر جزءا من هذه
الغنيمة.
تخرج الزوجة من البيت لجلب بعض الأشياء وعندما تعود يخاف الزوج منها ويظن أن الغول قد تلبسها فلا يفتح لها
الباب حتى تضطر إلى الدخول من الباب الخلفي وتنزل من العلية وتدخل فيشك الزوج في أمرها وتزداد مخاوفه منها
ويظن أنها ستقتله وهي تشعر بنفس الحالة فتبدأ المعركة بينهما فيتمكن الزوج من قتل زوجته.يظهر الغول بصورة
الابن فيعلن للأب من إنه قتل زوجته ولم يقتل الغول كما يظن وإنما الغول لايزال حيا فيكشف له عن نفسه،بأنه هو
الغول،وجاء ليقتله ويبدأ الصراع حتى يتمكن الغول من قتل الأب وبعدها يقتل المراسل الغول وتنتهي حكاية النص.
حكاية العرض:
أما بالنسبة لحكاية العرض فقد تمثلت في ماقدّمه المخرج من صور أراد بها إيصال مضامين ودلالات حيث حاول المخرج
أن يعطيها شكلا غريبا معتمدا على عملية الإدهاش والمفاجأة من خلال حركة الأبطال المعتادة وصراخهم المستمر وتمثل
في الإضاءة المعتمة التي لاتكشف عن التكوينات بصورة واضحة،فالشخصيات تتحرك،تجلس،تقف،تراقب وهي أيضاً محافظة على
هاجس الخوف والاستكانة والرعب ولهذا جاءت الشخصيات موزعة على ثلاثة مستويات المستوى:الأول الغول،المستوى
الثاني:الأب والأم والابن الذين يمثلون رمزا دلاليا للعائلة الكبيرة والمتمثلة في المجتمع وهنا أي المجتمع كان
غير محدد المكان فيمكن تطبيقه على أي مجتمع"فهذا العمل إنساني لايخص منطقة بذاتها".
أما المستوى الثالث فيتمثل في المراسل الذي يمثل خيط الوصل وأيضاً "المايسترو"والربط بين الشخصيات وهو في
الوقت ذاته خيط الربط بين ما يقع في الداخل والخارج وبذلك أخذ دور محرك الأحداث والمعلق عليها.
إن ثبات المكان الداخلي والخارجي لايعني ثبات الشخصيات ففي الداخل هناك انهيارات تنتهي بالقتل،وبينما في
الخارج الغول ثابت في مكانه لكنه متغير في اتجاهه وكأنه يؤدي فعل المنحوتة كونها تعكس الحركة غير
المتحركة،وبهذا استفاد المخرج من نظام النحت وأدخله ضمن تشكيل"سينوغرافيا"العرض،وينتهي العرض بتلبس شخصية
الغول وكأنه جن يدخل تحت جلد الشخصيات فيتلبّسها.
إن الشر متمثل في الغول دال لمدلول المتغيرات الهائلة في الحياة المعاصرة "فهو عندي يمثل
الهيمنة،العولمة،الشركات الاحتكارية،الغزو الثقافي".
وعزز العرض ذلك من خلال شبحية الأبطال وهم يتحركون وسريان الموت والقتل والاستباحة للإنسان والحياة.
التكوين التشكيلي للعرض:
تكوين المنظر:
افترض مخرج العرض من خلال "السينوغرافيا"أن هناك مستويين من المكان الأول هو المكان الداخلي الممثل في تكوين
المنظر الداخلي يشكله البيت مكان الأكل أو المطبخ قطع الأثاث البسيطة ثلاثة كراسي،طاولة ونافذة ساعة حائط
مشروخة سلم مزدوج ومدرجات تصل الداخل بالخارج.
أما المستوى الثاني للمنظر متخيل فقد اعتمد فيه المخرج على مايمكن أن توحي به الشخصيات وما تنقله عن المكان
الخارجي القريب،وبالتالي ساهم بتحديد نوع من الصراع المكاني من خلال التكوين الأول والثاني فالمكان الخارجي
يشكل تهديدا ساخرا للأبطال من خلال الأصوات والصور المفزعة لشخصيات مقتولة ومعلقة والتي تظهر بشاعة مايحدث في
الخارج من عمليات القتل والسطوة والهيمنة وهذا أدى اكتساح الخارج للداخل وبالتالي ينعكس على شكل أفكار معلقة
بالخارج.
تكوين الإضاءة:
من خلال العرض حاول المخرج أن يضفي شكلا مميزا من خلال اعتماده على عملية التعميم وعدم وضوح الأشياء والشخصيات
والمكان لذلك ظهر اللون الأحمر والأزرق باعتبارهما لونين مضادين يختزلان فكرة الصراع بين عالمين ممثلا بالعائلة
والغول لهذا جاء العرض بكثافة ضوئية محدودة ومركزة الاستخدام واقتصرت على الألوان التي تزيد من تشويه أو تغيير
وإخفاء الملامح المحدودة للأبطال مما يساعد على إخفاء الكثير من ملامحها وزيادة حدة إخفاء ماسيحدث فضلاً لاستخدامه
اللون الأزرق والأحمر وهما لونان متناقضان،وكانت إضاءة العرض إضاءة بسيطة للغاية للإيحاء بظلمة المكان تأكيدا
لهاجس الخوف فاللون لم يكن ساطعا ولم تستخدم الإضاءة الفيضية وإنما بقع حادة المساقط لتعطي جوا مشحونا
بالترقب،وهذا الأمر ساهم جمالياً في زيادة التداخل بين مايحدث في الخارج وانعكاسه على مايحدث في الداخل
وبالتالي انعكس الأمر بعدم وضوح ملامح المنظر الداخلي.
وهذه تأثيرات الصورة التشكيلية الانطباعية التي تحاول أن تجعل اللون أساس العملية الفنية ولهذا اختفت تلك
الملامح التفصيلية في اللوحة التشكيلية وكذلك الحال في هذا العرض حيث تم استخدام الفضاء المسرحي من خلال
التركيز على بعض البقع الضوئية لتغيير ملامح المكان وبالتالي حصر الشخصيات وكأنها تسبح في الظلام.
التكوين المتخيل:
من خلال تفاعلات الأحداث والتوجسات المتعددة التي تنتاب الزوج مرتابا في زوجته كون الغول قد تلبسهما،فيتوجس
الأب،الزوج خوفا وظنا بأنها ستقتله فتجتاحه أفكار متضاربة ومتوجسة فأصبح ينظر إلى الواقع بصورة مغايرة لهذا
يظهر المخرج تلك الأفكار المطموسة من خلال عرض صورة الزوجة كما يراها زوجها حيث يظهرها في عرض اللوحة الخلفية
صورا بشعة مشوهة وبالمعنى نفسه أبرز المخرج نفس الهواجس في عقل الزوجة وكيف ترى زوجها فتظهر لنا الصورة
المعروضة وجه الزوج مشوها ومقززا هذه الخواطر شكّلت تكوينا في لحظة من لحظات العرض فجاء تعبيرا عن حالات
الهلوسة التي أصابت كلا الشخصيتين.
تكوين الأب والأم والابن:
الزوج والزوجة والابن يجلسون حول مائدة الطعام حيث يبدو المشهد واقعيا ولكن الإضاءة تضفي عليه مسحة من الغرابة
والضبابية فالإضاءة الحمراء عبّرت عن الجو المشحون وصدام الحياة جاء تعبيرا على حالة الصدام داخل الأسرة وإن
كانوا يتناولون الطعام ولكن في النهاية يرمون بعضهم بالصحون.
فبعد تلبس الغول للابن تنفصل الكتلة الأب والأم في جانب والابن في جانب آخر،إن هذا التكوين اعتمد الفصل بين
الشخصيات من خلال المسافة تأكيدا لموضوع التلبّس.
وفي واحدة من المشاهد المتعددة للأب برز تكوين تشكيلي متميز عندما كان يقف بجوار النافذة،إن هذا التكوين
واللون الذي أضفى مسحة جمالية فأبرز البعد التشكيلي للمخرج في صياغة جمالية.
تكوين الأقدام:
في هذا التكوين وبعد أن مارس الزوج عملية قتل زوجته أكد المخرج جريمة القتل التي مرّت بعنف ضد الزوجة من خلال
الحركة النصف دائرية لأقدام الزوج وهي تتحرك في مقدمة المسرح بعد أن عتم الجزء الأعلى لجسد الشخصية فأعطى
إيحاء بأن الجسد قد فصل ولا نرى منه غير الأقدام،وهذا التكوين دلل فيه المخرج على أن الجريمة التي قام بها
الزوج تتحرك بأقدام ثابتة وجاءت دفاعا عن النفس باعتباره قتل عدوا وهو الغول المتجسد في شكل زوجته.
تكوين مصارعة الثيران:
حاول المخرج من خلال عرضه المسرحي أن يضفي نوعا من الحركية في تنويع التكوينات فبعد فشل الزوج كونه لم يقتل
الغول المتلبس لزوجته وتحديدا بعد أن كشف الغول عن شخصيته بأنه لم يكن الابن الحقيقي وإنما شكله فقط والذي
اتخذه الغول بعد قتل الابن،والحقيقة أن الغول تمكن من دخول البيت للقضاء على من بداخله فيزداد الزوج رعباً
وخوفاً فيتحول التكوين حلبة مصارعة للثيران واحد منهم مهاجم وآخر مدافع.
إن هذا التكوين أعطى نوعا من الحيوية في التغيير المفاجئ في التكوين.
تكوين المراسل:
تم الاستفادة من السلم المزدوج لتكوين شكل المثلث وأن هذا السلم أضاف إلى الشخصية مسألة الارتفاع وذلك أكد
المخرج الطبيعة الإعلامية للمراسل أو قائد الفرقة الذي يحرك الأحداث ويعلق عليها وينقلها وقد تكرر هذا العرض
تأكيدا لدلالة الشخصية وفي الوقت ذاته تمت الاستفادة شكليا ولمشاركته في تحريك الأحداث فنجده قد مارس عملية قتل
الغول في نهاية العرض باعتباره قد أنهى الدور المطلوب منه وهنا أكدت هذه الشخصية التآمرية هيمنتها العالمية
وتسلطها على الشخصيات وقد أعطى هذا الأمر دلالات أخرى أكثر انفتاحا لما يمكن أن يتضمنه من معاني.وما أن تنتهي
مهمة قتل الغول حتى يضم السلم المزدوج ويترك أرضا تدليلا على انتهاء المهمة.
مسرحية الكنًاس
بقلم / أبوالقاسم فرنانة
مسرحية الكناس (مونودراما)
مأخوذه من مسرحية (الزبال) للكاتب السوري ممدوح عدوان .
إعداد وإخراج عبدالعزيز الحضيري
مكتوبة باللهجة الليبية بخط اليد في (13 صفحة من حجم (A4)
الشخصيات : الزبال ، الحاج يوسف صاحب المخبز ، فاطمة ، ابراهيم ، الحاجة عيشة ، عبدالله .
زمن العرض ، 55 دقيقة
عرضت سنة 2004 افرنجي على مسرح الكشاف .
حكاية النص :
تدور حكاية النص حول سكان شارع من شوارع المدينة يكشف عن اسرارهم كناس من خلال القمامة ويسرد العلاقات القائمة
بين الجيران وتبدأ هذه الحكاية بالتعريف بنفسه وكيف وصل الى هذه المهنة ثم باستعراض سكان كل بيت والغوص في
خصوصياتهم من خلال النبش في براميل القمامة يتضح ان المرأة غير المتزوجة تسكن البيت مع أمها ترغب في أن تكون
صاحب نفوذ ومال فانحرفت بعلاقات غير سوية مع عدد من الرجال كما يتطرق النص أيضاً الى الجارة التي تراقب
جيرانها وتحصي عليهم أفعالهم وحركاتهم وإفشاء أسرارهم وعلاقات الخباز والتصرفات الشاذة للشاب وغيرها من
الأحداث التي تتوالى والحكايات تتشابك ويبقى الخط الواصل بينهم القمامة نفسها .
لتكشف عن مخلفات المجتمع من خلال الشخصية التي تتصف بالانحلال والشذوذ والممارسات غير السوية المنحطة .
وتتوالى الأحداث حتى بلوغ ذروتها متمثلة بوجود طفل رضيع داخل أكوام القمامة يدهش الكناس فيرفع الطفل وقد فارق
الحياة .
حكاية العرض :
إضاءة زرقاء تسود فضاء المسرح وتظهر ستة أبواب توحي ببيوتها وأتخذت خطوطا حادة ومقوسة والمسرح معبأ
بالقمامة التي تملأ المكان وتمثل جزءا مهما من مكملات العرض يبدأ العرض بأصوات سكان الشارع ثم دخول الكناس
وهو شخصية ترتدي أزياء ليبية سترة زرقاء قبعة بيضاء بنطلون بني يبدأ العرض بجولة أمام الأبواب مستعرضاً قصة كل
بيت من البيوت ومن خلال القمامة نكشف طبيعة المجتمع والحالة الاجتماعية لكل أسرة التي تتنوع من الحالة
الاقتصادية الى السلوك والأخلاق ونكتشف ذلك من خلال ما يظهره الكناس من أشياء من القمامة في كل بيت من علب
العصير وقناني الدواء والمشروبات الكحولية وشريط اقراص منع الحمل من قمامة بيت تسكنه عجوز وابنتها غير
المتزوجة وهناك جزء من بطيخة ، جهاز إذاعة مسموعة يبدأ الكناس في استعراض الشخصيات من خلال تقليد أصواتهم
وحركاتهم وارتداء الملابس الدالة على كل شخصية .
أستخدمت الإضاءة الزرقاء لإضفاء الجو العام للعرض وكذلك عزل الشخصية من خلال بقعة الضوء فلم تستخدم المؤثرات
الموسيقية واستخدم بدلا عنها مؤثر صوت الطفل الذي نسمعه بين الفترة والأخرى.
تستمر الأحداث واستعراض كل بيت من خلال شخصياته ، مشاكله ، علاقاته مع الجيران وسلوكياته .
ينتهي العرض بعد أن ينتشل الكناس الطفل من بين ركام القمامة يضعه بين ذراعيه ويتحول به في أرجاء الخشبة
ويختلط بكائه مع بكاء وحسرات الكناس على ما وصل إليه الناس فقد وصلوا الى أن يرموا ابنائهم في القمامة
وينتهي العرض بمفارقة الطفل لحياته .
التكوين التشكيلي للعرض :
تكوين المنظر : المنظر العام تغلب عليه الإضاءة الزرقاء التي تعم المكان والقمامة الموزعة والمنتشرة داخل
فضاء الخشبة كما في الصورة 26 التي تعبر على محاصرتها للمكان من خلال التكوين العام الذي تتوزع فيه هذه
الأكوام المنتشرة التي لم يخلوا منها جزءا من الفضاء ستة أبواب تمثل جزءا من المنظر وتمثل ايضاً سكان الشارع
الذين نكتشفهم من خلال تقديم لهذه الشخصيات ويرى المخرج (أن التكوين العام للمنظر تم من خلال علاقة الممثل بكل
ما هو موجود على خشبة المسرح مثل الأبواب ، العربة ، المكانس ، وجردال القمامة وصناديق الكرتون . استخدم
المخرج الإضاءة القاتمة للإيحاء بالجو العام للعرض واستخدمها ايضاً في حالة عزل الممثل من خلال بقعة الضوء او
الدوائر الزرقاء كما استخدمت ايضاً باعتبارها دلالات رمزية من خلال استخدام اللون الأحمر بقعا تظهر جزءاً من
الكناس والطفل في نهاية العرض كما في الصورة 27 وذلك للدلالة على المأساة والخطيئة وكما استخدمت ايضاً من خلال
العزل لغرض تكوين الكناس عن التكوين العام وكما استعملت لإخفاء ملامح الرجل لتأكيد حالة هيمنة القمامة التي
تمثل معاني ودلالات إيحائية أخرى فالقمامة وانتشارها يؤثر على البيئة وتكشف ايضاً عن بعض الممارسات غير الأخلاقية
المنحرفة التي تنخر المجتمع وهي أكثر ضرراً من القمامة المادية .
وهي مؤشر لخطر كبير قد يخرب المجتمع بأسره وتمثل هذا المعنى من خلال إظهار الطفل من القمامة فترك أولادنا في
الشارع وإهمالهم هو أيضاص نوع من أنواع القمامة من خلال استبعادهم ورميهم والتخلص منهم وكأنهم شيء غير مرغوب
في وجوده .
تكوين الكناس :
أما بالنسبة لتكوين الكناس الذي كان طوال العرض شخصية تسير بشكل منحني في تكوين جسده للدلالة على اقترابه من
والتصاقه بها أيضاً تغلبها عليه باعتباره جزءاً بسيطا من البيئة التي تسودها أكوام القمامة .
هذه الشخصية لم تبق على حالها بل تنوعت تكويناتها طبقا للأحداث الجارية في العرض وعلاقتها بمحيط المكان الذي
تعيش فيه فصفة (الكناس) لا تكشل مهنته فقط بل شكلت حالته حالة اجتماعية مأساوية وذكرياته فكما كان الكناس
شاهداً ومعلقا على أحداث تجرى فهو ايضاً مشاركاً في هذه الأحداث وكما رسم المخرج شكل هذه الشخصية وعلاقتها بأحجام
وأشكال الأدوات لو نظرنا الى العرض لوجدنا مثلا وقوف الكناس أمام المكنسة الطويلة وهو يخاطبها على أنها ابنه
والتي يبدو أمام طولها "قزما صغيرا إذا القمامة تمثل حياته" وهذا كان واضحاً عندما أرتمى في قلبها واخذ
ينثرها في فضاء المسرح كما في الصورة بحثا عن الطفل رمز البراءة المدنسة .
ان تنوع الشخصيات جاء تعبيراً لنماذج متعددة من المجتمع والتي يعتبرها العرض شكلا من أشكال القمامة فشخصية
فاطمة وتمردها على التقاليد الاجتماعية والخلقية وميوعة ابراهيم وحركته الكلتوية غير مستقيمة ، وعلاقة الحاجة
عائشة بجيرانها ومراقبتهم وما يقوم به عبدالله من أشياء مشبوهة كل ذلك يعبر عن دلالة الانحطاط الأخلاقي والاجتماعي
لهذه الشخصيات.
أما بالنسبة للخطوط المنحنية والأشكال الدائرية والشبه دائرية التي كانت ذات غلبة في شكل التكوين العام للعرض
حيث تمثلت في انحناءات جسد شخصية الكناس وحركته وكذلك في حركة الشاب وتمثلت ايضاً في أقواس الأبواب وأشكال
البراميل الدائرية وعجلات العربة وأشكال دوائر الإضاءة هذه الأشكال دلالة على الانحسار داخل دائرة مغلقة يصعب
الفكاك منها .
تكوين القمامة :
شكلت القمامة كتلة متنوعة ومنتشرة وكانت توحي بالفوضى التي أحاطت بالمكان كما في الصورة 29 إلا أنها كانت
تعبيرا عن نظام من العلاقات الصارمة فضلا عن نمط من الحياة يحياها السكان لهذا فقد كانت القمامة في تنوع
أشكالها ومواقعها وأحجامها وجاء تنوع أشكالها متمثلا في مكعبات الورق المقوى وبقايا العلب .
تكوين الأزياء :
أما الأزياء فقد تنوعت من حيث الشكل ولكنها حافظت على دلالتها السائدة في تحديد هوية الشخصيات التي أكدت
بيئتها فكانت الأزياء دلالة عن الهوية حيث كانت الأزياء محلية ليبية كما استخدمت للدلالة على جنس الشخصية
ووظيفتها الاجتماعية كما في الصورة 30 فتنوعت بتعدد الشخصيات التي كان يؤديها الممثل وكات المرأة العجوز
باستخدام اللحاف والخباز باستعمال الملاية والشاب المخنث بارتداء الأزياء القريبة من ملابس البنات أما بالنسبة
للأزياء الشخصية الرئيسية فقد دسبق الإشارة إليها من خلال نص المخرج .
أما اللون الأزرق بصفة عامة فقد كان دلالة على الشعور بالحزن والأسى والمحاطرة كما استخدمت اللونين الأحمر
والأصفر للدلالة على التنوع في شخصيات المجتمع واختلاف تكويناتها وتكوين مزاجها النفسي وانتمائهما الاجتماعي .
تكوين الإضاءة :
واستخدم المخرج في تنظيم (سينوغرافيا) العرض اللون بوصفه تكوينا يثير دلالات ويشحن المعنى ففي بعض التكوينات
للكناس وهو يفترش الأرض كما في الصورة 31 غيب جزءاً من شكله وكأن المخرج أراد أن يوحي بأن الكناس الذي يحيا
ضمن الوسط البيئي غيبت ملامحه أو تكاد تغيب فقد غيب جزء من وجه الكناس فضلا عن سحنة لونه السمراء وإن لم يكن
الممثل بهذه السحنة لكان قد دهن باللون الأسود وبهذا الصدد يقول المخرج :
(كان اللون جزءا من التكوين العام للعرض ، فضلا عن كونه يسهم بتحقيق الجو العام للعرض) .
أما من ناحية استخدام اللون تكوينا وتعبيرا ذي دلالة كما في الصورة 32 فبعد اكتشاف الطفل وصرخاته ثم يحدث
انقلابا عاما في التكوين من خلال الاضاءة فسرعان ما تنغرس بقعة اللون الحمراء في فضاء العرض التي شكلت صورة
جديدة نقلت شكل المنظر الطبيعي الى شكل صورة تعبيرية أعطت دلالة أكثر من كونها تكوينا محدداً بدلالة محددة
وإنما حدث انفتاح للمعني فاللون الأحمر دلالة الدم والعار والخزي وهو لون حار بالمقارنة مع اللون الأزرق فاللون
هنا لم يعبر على الحالة النفسية أو السلوك الاجتماعي فقط بل تعداه من خلال الإضاءة الى خلق تكوين ملموس قد يغير
تكون الحياة وقلب الأشكال المألوفة الى أشكال غرائبية تكون دلالاتها أضخم وأشد قسوة مما نتصور وبذلك كان
المضمون في هذا التكوين يتصاعد ويكشف عن نفسه تدريجا من خلال الكيفية التي يظهر من خلالها هذا التكوين
التشكيلي للعرض المرسحي إن ذلك أسهم بتكثيف الصورة المسرحية وانفتاحها على الرغم من حالة الانحسار التي شكلت
وضع الكناس ان الانغلاق والانفتاح في التكوين المسرحي هو تغيير في طريقة التفكير بمعني آخر ان المضمون يتحرك
ويتخذ شكلا جمالياً معبراً وقد يكون هذا الشكل أكثر انفتاحاً لإحداث الأثر المتوخى منه .
"1908م- 2008م"أوهكذا تكلم المسرحيون -2-56 - نوري عبدالدائم
**************************************