قصة قصيرة.. حصان اليد وفرس الريح ..- بقلم: مسلم الطعان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصة قصيرة.. حصان اليد وفرس الريح ..- بقلم: مسلم الطعان



    Muslim Al-ta'an

    حصان اليد وفرس الريح
    قصة قصيرة
    بقلم: مسلم الطعان
    كان طفله الرضيع يحدّق مليّاً في يده الصغيرة كأنّه يقرأ شيئا ما هناك أو يتكهن بحدوث أشياء أخرى ويكركر.
    -الصغار يقرأون صحف أيديهم ويكركرون، يبصرون ماسيحدث لكنهم يكركرون.
    قال في قرارة نفسه ثم حدّق هو الآخر بيده لعله يبصر شيئا ما أو يقرأ ما سيحدث مثلما فعل وليده الصغير ويكركر ولو لثواني.
    -هل يكون الكبار بحاجةٍ ماسّة للكركرة الى هذا الحد؟ !
    أردف متسائلا، و منذ تلك اللحظة أصبح يطيل النظر في عروق يده علَّه يكتشف ما يكتشفه طفله الرضيع. ذات مرة أطال النظر الى يده اليمنى وأدرك بأن ثمَّة حصان يصهل هناك. حصان بريّ يصعب ترويضه، حصان متوّحش يتسيّد زمنه ويعبث بأحراش يده وهو غير قادر على أن يقوم بردة فعل ولو بإطلاق كركرة واحدة مثلما يفعل وليده الصغير. تسيَّد صهيل ذلك الحصان قارة جسده وتحولت الكركرة التي كان يحلم بها الى قيد مرعب يصعب الفكاك منه. أصبح المشهد يتكرر كلما داهمته فكرة غريبة لكتابة شيئ ما، أو على الأقل عندما يحلم بتفريغ ما في جعبة أحلامه من ايقاعات صاهلة. ذات مساء وهو منهمك بترتيب أثاث تأملاته في كوخ عزلته الحداثوي طرقت الباب عليه إمرأة غريبة الملامح أشبه ما تكون بكائن هلاميّ تنبجس من فمه نافورة كركرات لا تتوقف. قال متوجسا:
    -من الطارق؟
    جاء الرد:
    -فرس الريح..!
    -من؟ !
    تساءلَ بتوّجسٍ أكثر إيقاعاً وكأنَّ خناجر الخشية شرعت بلعبة العبث بحبال صوته:
    -قلت لك فرس الريح، ماذا دهاك؟
    تلعثم وتيبسّت الكلمات في شفتيه، وواصلت فرس الريح، من خلف الباب، توبيخها له متسائلة:
    -هل عصفت بأغصان سمعك عواصف طرش مفاجئ وأنت تسمع دبيب النمل؟!
    شحب وجهه وتساءل في قرارة نفسه وأصابع الذهول تطبق عليه الخناق:
    -يا الهي ماذا بوسعي أن أعمل الآن؟ حصان يصهل في يدي وفرس الريح الهلامية تداهم خلوتي، تستفزني، و توّبخني ويخرس صوتي أمام أسئلتها، و هي تطلق كركراتها بصوت عال، وأصابعها الغريبة تطرق باب كوخ تأملاتي بجنون.
    فتح الباب وتصاعد صهيل الحصان في قارة الجسد والمرأة الهلامية ما زالت تعزف على أوتار كركراتها المرعبة. إلتفت الى طفله الرضيع الذي ما زال يحدّقُ مليّاً في يده الصغيرة لكنه لم يكركر هذه المرة. شعر بدبيب ايقاعيّ يهمس بإذنه ويقول:
    أكتبْ قصيدَتكَ أيّها الشاعر
    يَدُكَ بيضاء الآنَ كبياضِ الورق
    الذي تصّبُ عليهِ جامَّ حنينكَ
    لقد انتهت طقوسُ الصهيلْ
    وتبعثرت جدائلُ فرسِ الريح
    وعليكَ الآنَ:
    أن ترقصَ ببهجةٍ في كوخِ القصيدة...!

    ***********************
    تم التعليق بواسطة ‏‎Massimo Saretta‎‏.
يعمل...
X