صحبة " با عروب" نعيد عقارب الساعة للحياة البيولوجية، بعدما فقدنا نسيمها لسنتين متتاليتين
بقلم
عبد الرحيم هريوى
ويبقى للمقهى الشعبية مكانها في حياة كل عاشق للفن والثقافة والأدب، بحيث يعيش بين أصوات شتى تأتيك من كل جانب، وهي تتلاقى في فضاء تسمو فيه غيمات من خيوط دخان لسجائرمتنوعة،وعادة ما تعيش لحظات حميمية مختلفة بين نوع ورهط من أصناف من البشر، قد تشترك معهم في هموم شتى ،ولعل جلهم ألفوا التواجد بين كراسي تعرفهم حق المعرفة بل لعلها تعرفهم أكثر من النادل نفسه ..!!فقد أكون قد طرحت على نفسي سؤالا غريبا ومهما بالنسبة لي هو :-فأي المقاهي تحب الجلوس فيها يا عبد الرحيم..!؟؟أي في وقت من الأوقات،أو التي تفضلها كمكان تعيد فيه هدوءك النفسي، وتماسكك الروحي ككائن لا يستقر على حال ..!؟!فأجبت نفسي بنفسي وبكل ثقة و صدق :- نعم ؛ إنني بالفعل ، لا ولن أعشق في يوم من الأيام تلكم المقاهي التي نعتبرها أو تطلق على نفسها بأنها عصرية،وقد صرفت الملايين المثنية، ولربما قد تحتال بطرق المظاهر والألوان المثيرة بكل جانب على كثير من الزبائن مناصفة، وذلك من خلال الجودة بين قوسين في الفضاء ،والجودة في العرض والجودة عبرشاشات تلفزية طويلة،إذ أنها تحتل مساحة العين ككل، كي تتابع الجماهير العاشقة للريال والبارصا واشيلسي وأولمبيك خريبكة، وكأنها متواجد بالملعب..وتلكم من أحلام اليقظة يتصيدونها بفكر الربح والخسارة..!!لكنني ؛ حينما تبحث عني، فإنني أتواجد حيث تتواجد روحي الباطنية، وأنا تائه ببصري في حي السوق القديم.. إذ ظلت معالمه التاريخية في ذاكرتي، وأنا الشاب، وأنا اليوم قد صرت لما صرت إليه من الشيخوخة والمشيب ..!! ها أنا أطل عليكم اليوم أيها القراء مناصفة، و كعادتي من مقهى الموعد، التي لها علاقة ما مع كياني الباطني ، وقد جئت كي أسجل حضوري اليومي و أتنسم هواء زماني القديم ..!أنا التائه بين ظلال خيالات من الماضي السحيق،أعيد لحظات رائعة وجميلة نفضناها نفضا من العمر،وكأنه الأمس،أجالس أصدقائي الأوفياء والدائمين ،جريدة الأخبار بعدما غابت عنا جريدة المساء،وأنا أطالع ما فيها، و ما استجد من أخبار.. وما فيها من هكذا مقالات مهمة،وأنا أتلذذ وبشهية في ٱحتسائي لرشفات من قهوتي السوداء المعصورة بحق، على يد صديقي القديم، من بين أصدقاء الدراسة" با عروب " وتراى في ثغره ابتسامته وهي التي تعيدنا لأيام جميلة عشناها معا بإعدادية مولاي رشيد ..!فتحية وسلام لبا عروب"