ليبيا مائة عام من المسرح"1908م- 2008م"أوهكذا تكلم المسرحيون -1-21- نوري عبدالدائم
**************************
أنور الطرابلسي.. شيخ المسرح الذي رحل
بقلم / ناصر الدعيسي
مثل قنديل انطفأ في ليلة باردة هكذا تحدث أقرب أصدقائه يوم رحيله النهائي وكان يقول (طالما فيها زيت لا تنطفئ) كان هذا الرجل ابتسامة دائمة بهجة حينما يحكي للآخرين رحلة طويلة معاناة رحلة المسرح الذي عاش في أعماقه سنوات طويلة عن الحياة التي عاشها في مواجهة الآخرين من أجل المسرح، عن المنفي أيام المستعمر، عن رحلات الغربة كان يعرف أن النهاية أسرع من أقدامه في ميدان الصحابة ذلك الميدان الذي قضى فيه آخر أيامه وحمل منه على أكتاف أبناء المسرح والفن في درنة.
لقد عرف أن قلبه بدأ ينبض ببطء وأنها أيام فقط هذا الفارس الذي امتطى جواد المسرح والفن والشعر منذ عام ١٩٣٠ ولم يتوقف لحظة واحدة عن العطاء لحركة المسرح ثلاثة أجيال عاصرها وأعطى لها وكان في آخر أيامه يعمل في مسرحيتين معاً رغم هذه السنوات الطويلة، جيله كله توقف لظروفه لكنه هو بقى مخلصاً لكل أجيال المسرح كان المسرح حياته دمه كان الزمن عنده جامداً لم يعرف يوماً غير الفن طريقاً عاصر المسرح قضية ولم يعاصره رحلة صيف لم يعش من أجله كي يراهن على مستقبل مادي أو معنوي لم يعرف سوى الخشبة والنص ورفاق العمل تسعة وخمسون عاماً في المسرح كان أنور الطرابلسي وجهاً ناصعاً في رحلة البداية وشيخاً يخدمه الجميع في نهاية نفس الرحلة كان موتاً وقف له الجميع إجلالاً وتقديراً.
ورغم هذا لم يحظ كالآخرين إعلامياً ولم يخرج على شاشات المرئية ولو للتعريف بريادته للمسرح رغم المزايدة على المسرح والجميع يعرف أنه بعد
رحيل محمد عبدالهادي في الخمسينيات عن الحياة أصبح أنور الطرابلسي مسؤولاً تاريخيّاً عن هذه الحقبة الطويلة أمام أبناء وطنه والجميع يعرف أنه عاش للمسرح وقدم له دون رغبات في شيء كان يقول المسرح يخرج منه صاحبه دون شيء سوى تاريخه وعطائه وحبه للناس وخرج أنور الطرابلسي هكذا تاريخ وعطاء وحب الناس.
حينما تبدأ الكتابة عن هذا الفنان تعود بك الذاكرة سريعاً لمرحلة صعبة من تاريخ بلادنا ألا وهي مرحلة الاستعمار الفاشي لبلادنا تلك المرحلة التي دفع فيها شعبنا الدم وقدم الضحايا وكان نصيبه من تلك المرحلة النفي والقتل والتشريد وكانت الثلاثينيات قمة تلك المواجهة مع هذا المستعمر الغاشم وكانت ضربات عمر المختار ١٩٣٠ م القوية لإيطاليا وفي معركة الفايدية يقول غرسياني (لا أنسى أبداً ضربات عمر المختار الموجعة لنا لقد حرق قلب مدرعات لواء شحات) في هذه الفترة برز هذا الفنان العائد من المنفى والتحم مع أبناء وطنه أصحاب الاهتمام بحركة المسرح والكتابة كما أن الكتابة عن هذا الفنان الراحل لا تعرف البداية ماذا تكتب عن مسرحي عاش بدايات المسرح في ليبيا وعاصر ثلاثة أجيال متتالية لهذا المسرح أم عن شاعر يحفظ عن ظهر قلب أشعار العرب أم عن ... راوٍ للحكاية وتاريخ المسرح إن أنور الطرابلسي الذي كتب الله له أن يعيش بيننا أكثر من ثلاثة أرباع القرن الحاضر كان وبلا أدنى شك فرصة نادرة لكل المهتمين بحركة المسرح الليبي فقد كان يمتلك المعلومات الكاملة عن تاريخ ورحلة هذا المسرح لقد كان يقول : (لا يزايد أحد في المسرح وأنا على قيد الحياة وحينما أتحدث عن المسرح فأنني أقول الحقيقة التي أواجه بها الله وضميري أمام أبناء وطني إن المسرحيين في بلادنا كلهم أحبائي لكنني أكره غياب الحقيقة أو تزويرها).
وكان آخر لقاء لأنور الطرابلسي مع مجلة (كل العرب) الصادرة ف باريس وتحدث لها عن المسرح في ليبيا والوطن العربي.
ولد فناننا الراحل في ١٩١١ العام الذي دخلت فيه إيطاليا إلى ليبيا ووالده دخل الدور العسكري مقاتلاً مع عمر المختار وعندما ضاقت إيطاليا الفاشية سكان البلاد بقتلها للشيوخ النساء والأطفال وبعد أن أصبحت الحياة صعبة قررت أسرته الهجرة إلى لبنان أثناء وجوده في بيروت في عام ١٩٢٦ م كان يتردد على مكتبة في منطقة الرملة البيضاء الآن وكرر زيارته مع والدته لهذه المكتبة والتي بدورها اشترت له مجموعة من الكتب كانت تخص المسرح ودراسات في فن المسرح وبعض دواوين الشعر في تلك الفترة كان المرحوم محمد عبدالهادي يقوم بمحاولة مسرحية بمدينة طبرق وهي مسرحية (خليفة) لكنه لم يستطع القيام بهذا العمل المسرحي وحينما عاد أنور الطرابلسي للبلاد في بداية الثلاثينيات كان محمد عبدالهادي في درنة يعيد الكرة على مسرحية "خليفة الصياد" وكان حائراً في دور نسائي "قوت القلوب" عرضه على أنور الطرابلسي فقبل الدور ورغم صعوبة المحاولة التي لم يرض عنها المجتمع في تلك الفترة إلا أن حبه للمسرح جعله يتجاوز هذا المفهوم ويأخذ الدور ويبدع فيه وبعد عرض هذا العمل تم اعتقال معظم العاملين فيه وكتب الحاكم العسكري يقول لغرسياني إننا سوف نربي أفعى تلدغنا يوماً ما لكن بعد عام طلب غرسياني ترجمة هذه المسرحية وإعادة عرضها وحينما أعيد عرضها في ١٩٣٤و أخذ أنور الطرابلسي دورين في هذه المسرحية دور (قوت القلوب) ودور هارون الرشيد والشاعر ابراهيم الأسطى عمر دور إسحاق النديم وقد تأثر كثيراً بدور هارون الرشيد وظل حافظاً لدوره هذا حتى آخر لحظة في حياته كان يردده دائماً مع أصدقائه وقد تأثر الناس بدوره حتى أن مدرساً سأل طالباً في الفصل من هو هارون الرشيد فقال له :أنور الطرابلسي وسافر مع (عبدالهادي) إلى بنغازي وطرابلس والزاوية حيث عرضت مسرحيات خليفة الصياد العباسة أخت الرشيد ـ لا أتزوج ولو شنقوني ـ أه لو كنت ملكاً ثم أعاد إخراج مسرحية (خليفة الصياد) وأخرج سهاد لمحمود تيمور وبعدها قام بإخراج وتمثيل مسرحيات أميرة الاندلس ، تاجر بغداد ، الجيل الجديد.
في عام ١٩٥٧ وبعد ثورة عبدالناصر بدأ الوعي القومي ينتشر بقوة ولهذا بدأ يبحث عن أدوار تناسب هذه المرحلة فقام بدور في مسرحية عمر المختار وقد شاهد هذه المسرحية أحد قادة الجهاد الذين قاتلوا مع عمر المختار فوق الجياد وفي عام ١٩٥٩م كتب أحد شباب درنة وهو الأستاذ عبدالباسط الدلال مسرحية (جميلة بوحريد) وقام فناننا الراحل بدور المحامي في هذه المسرحية التي شاهدتها حينما كنت طفلاً في السابعة ولازالت تعيش في ذاكرتي أشياء كثيرة من هذه المسرحة التي ولأول مرة في ليبيا تقف فتاتان ليبيتان على المسرح وهما فوزية العجيلي وحليمة الثلثي.
في نهاية الستينيات ظهرت فرقة الفنون الشعبية بدرنة وكان أنور الطرابلسي في ذلك الوقت مسؤولاً عن هيئة تضم كل الفنون في المدينة وبهذا كان على علاقة قوية ببداية فرقة الفنون الشعبية بدرنة حيث شاركها في رحلاتها الداخلية والخارجية منذ عام ١٩٦٨م وكانت آخر رحلاتها مهرجان (كاتانيا) الذي تألق فيه الطرابلسي حينما كان يترجم بالإيطالية أشعارنا الشعبية وما تمثله هذه الرقصات الشعبية وقد كان لمشاركته في الوفد الليبي الأثر الكبير في نجاح ما قدمته فرقة درنة أمام الجماهير الإيطالية التي شاهدت وسمعت فنوننا بلغتها التي قدمها الطرابلسي.
اشترك في شريط (الشظية) مع مجموعة من الفنانين العرب الليبيين وكانت أول مرة يدخل فيها عملاً سينمائياً وفي عام ١٩٨٨م قام بدور الموسيقي في رائعة (وليام سارويان) (قلبي في بلاد الأحزان) وقد أعجب بدوره هذا وأندمج فيه لكن هذا العمل رغم أنه اكتمل لكن الظروف حالت دون عرضه وحرمت الجماهير من رؤية أنور الطرابلسي في آخر حياته كما عرض عليها العمل في مسرحية (الزفاف يتم الآن) وهو نص محلي للشاعر عبدالحميد بطاو وهذه المسرحية هي آخر عمل اشترك فيه وقبل رحيله كان يأمل رؤية مهرجان المسرح المزمع عقده في طرابلس لكن أنور الطرابلسي يرحل للعالم الآخر لكنه رحل بعد أن أعطى للمسرح الليبي سنوات لم نعرف حتى كتابة هذه الحروف فناناً قدم في حجم هذه السنوات الطويلة ويخرج هذا الفنان من المسرح إلى الأبد فإننا نخسر أحد الرجال الذين شاركوا بفاعلية في بناء المسرح الليبي.
ليبيا مائة عام من المسرح"1908م- 2008م"أوهكذا تكلم المسرحيون -1-21- نوري عبدالدائم
**************************
أنور الطرابلسي.. شيخ المسرح الذي رحل
بقلم / ناصر الدعيسي
مثل قنديل انطفأ في ليلة باردة هكذا تحدث أقرب أصدقائه يوم رحيله النهائي وكان يقول (طالما فيها زيت لا تنطفئ) كان هذا الرجل ابتسامة دائمة بهجة حينما يحكي للآخرين رحلة طويلة معاناة رحلة المسرح الذي عاش في أعماقه سنوات طويلة عن الحياة التي عاشها في مواجهة الآخرين من أجل المسرح، عن المنفي أيام المستعمر، عن رحلات الغربة كان يعرف أن النهاية أسرع من أقدامه في ميدان الصحابة ذلك الميدان الذي قضى فيه آخر أيامه وحمل منه على أكتاف أبناء المسرح والفن في درنة.
لقد عرف أن قلبه بدأ ينبض ببطء وأنها أيام فقط هذا الفارس الذي امتطى جواد المسرح والفن والشعر منذ عام ١٩٣٠ ولم يتوقف لحظة واحدة عن العطاء لحركة المسرح ثلاثة أجيال عاصرها وأعطى لها وكان في آخر أيامه يعمل في مسرحيتين معاً رغم هذه السنوات الطويلة، جيله كله توقف لظروفه لكنه هو بقى مخلصاً لكل أجيال المسرح كان المسرح حياته دمه كان الزمن عنده جامداً لم يعرف يوماً غير الفن طريقاً عاصر المسرح قضية ولم يعاصره رحلة صيف لم يعش من أجله كي يراهن على مستقبل مادي أو معنوي لم يعرف سوى الخشبة والنص ورفاق العمل تسعة وخمسون عاماً في المسرح كان أنور الطرابلسي وجهاً ناصعاً في رحلة البداية وشيخاً يخدمه الجميع في نهاية نفس الرحلة كان موتاً وقف له الجميع إجلالاً وتقديراً.
ورغم هذا لم يحظ كالآخرين إعلامياً ولم يخرج على شاشات المرئية ولو للتعريف بريادته للمسرح رغم المزايدة على المسرح والجميع يعرف أنه بعد
رحيل محمد عبدالهادي في الخمسينيات عن الحياة أصبح أنور الطرابلسي مسؤولاً تاريخيّاً عن هذه الحقبة الطويلة أمام أبناء وطنه والجميع يعرف أنه عاش للمسرح وقدم له دون رغبات في شيء كان يقول المسرح يخرج منه صاحبه دون شيء سوى تاريخه وعطائه وحبه للناس وخرج أنور الطرابلسي هكذا تاريخ وعطاء وحب الناس.
حينما تبدأ الكتابة عن هذا الفنان تعود بك الذاكرة سريعاً لمرحلة صعبة من تاريخ بلادنا ألا وهي مرحلة الاستعمار الفاشي لبلادنا تلك المرحلة التي دفع فيها شعبنا الدم وقدم الضحايا وكان نصيبه من تلك المرحلة النفي والقتل والتشريد وكانت الثلاثينيات قمة تلك المواجهة مع هذا المستعمر الغاشم وكانت ضربات عمر المختار ١٩٣٠ م القوية لإيطاليا وفي معركة الفايدية يقول غرسياني (لا أنسى أبداً ضربات عمر المختار الموجعة لنا لقد حرق قلب مدرعات لواء شحات) في هذه الفترة برز هذا الفنان العائد من المنفى والتحم مع أبناء وطنه أصحاب الاهتمام بحركة المسرح والكتابة كما أن الكتابة عن هذا الفنان الراحل لا تعرف البداية ماذا تكتب عن مسرحي عاش بدايات المسرح في ليبيا وعاصر ثلاثة أجيال متتالية لهذا المسرح أم عن شاعر يحفظ عن ظهر قلب أشعار العرب أم عن ... راوٍ للحكاية وتاريخ المسرح إن أنور الطرابلسي الذي كتب الله له أن يعيش بيننا أكثر من ثلاثة أرباع القرن الحاضر كان وبلا أدنى شك فرصة نادرة لكل المهتمين بحركة المسرح الليبي فقد كان يمتلك المعلومات الكاملة عن تاريخ ورحلة هذا المسرح لقد كان يقول : (لا يزايد أحد في المسرح وأنا على قيد الحياة وحينما أتحدث عن المسرح فأنني أقول الحقيقة التي أواجه بها الله وضميري أمام أبناء وطني إن المسرحيين في بلادنا كلهم أحبائي لكنني أكره غياب الحقيقة أو تزويرها).
وكان آخر لقاء لأنور الطرابلسي مع مجلة (كل العرب) الصادرة ف باريس وتحدث لها عن المسرح في ليبيا والوطن العربي.
ولد فناننا الراحل في ١٩١١ العام الذي دخلت فيه إيطاليا إلى ليبيا ووالده دخل الدور العسكري مقاتلاً مع عمر المختار وعندما ضاقت إيطاليا الفاشية سكان البلاد بقتلها للشيوخ النساء والأطفال وبعد أن أصبحت الحياة صعبة قررت أسرته الهجرة إلى لبنان أثناء وجوده في بيروت في عام ١٩٢٦ م كان يتردد على مكتبة في منطقة الرملة البيضاء الآن وكرر زيارته مع والدته لهذه المكتبة والتي بدورها اشترت له مجموعة من الكتب كانت تخص المسرح ودراسات في فن المسرح وبعض دواوين الشعر في تلك الفترة كان المرحوم محمد عبدالهادي يقوم بمحاولة مسرحية بمدينة طبرق وهي مسرحية (خليفة) لكنه لم يستطع القيام بهذا العمل المسرحي وحينما عاد أنور الطرابلسي للبلاد في بداية الثلاثينيات كان محمد عبدالهادي في درنة يعيد الكرة على مسرحية "خليفة الصياد" وكان حائراً في دور نسائي "قوت القلوب" عرضه على أنور الطرابلسي فقبل الدور ورغم صعوبة المحاولة التي لم يرض عنها المجتمع في تلك الفترة إلا أن حبه للمسرح جعله يتجاوز هذا المفهوم ويأخذ الدور ويبدع فيه وبعد عرض هذا العمل تم اعتقال معظم العاملين فيه وكتب الحاكم العسكري يقول لغرسياني إننا سوف نربي أفعى تلدغنا يوماً ما لكن بعد عام طلب غرسياني ترجمة هذه المسرحية وإعادة عرضها وحينما أعيد عرضها في ١٩٣٤و أخذ أنور الطرابلسي دورين في هذه المسرحية دور (قوت القلوب) ودور هارون الرشيد والشاعر ابراهيم الأسطى عمر دور إسحاق النديم وقد تأثر كثيراً بدور هارون الرشيد وظل حافظاً لدوره هذا حتى آخر لحظة في حياته كان يردده دائماً مع أصدقائه وقد تأثر الناس بدوره حتى أن مدرساً سأل طالباً في الفصل من هو هارون الرشيد فقال له :أنور الطرابلسي وسافر مع (عبدالهادي) إلى بنغازي وطرابلس والزاوية حيث عرضت مسرحيات خليفة الصياد العباسة أخت الرشيد ـ لا أتزوج ولو شنقوني ـ أه لو كنت ملكاً ثم أعاد إخراج مسرحية (خليفة الصياد) وأخرج سهاد لمحمود تيمور وبعدها قام بإخراج وتمثيل مسرحيات أميرة الاندلس ، تاجر بغداد ، الجيل الجديد.
في عام ١٩٥٧ وبعد ثورة عبدالناصر بدأ الوعي القومي ينتشر بقوة ولهذا بدأ يبحث عن أدوار تناسب هذه المرحلة فقام بدور في مسرحية عمر المختار وقد شاهد هذه المسرحية أحد قادة الجهاد الذين قاتلوا مع عمر المختار فوق الجياد وفي عام ١٩٥٩م كتب أحد شباب درنة وهو الأستاذ عبدالباسط الدلال مسرحية (جميلة بوحريد) وقام فناننا الراحل بدور المحامي في هذه المسرحية التي شاهدتها حينما كنت طفلاً في السابعة ولازالت تعيش في ذاكرتي أشياء كثيرة من هذه المسرحة التي ولأول مرة في ليبيا تقف فتاتان ليبيتان على المسرح وهما فوزية العجيلي وحليمة الثلثي.
في نهاية الستينيات ظهرت فرقة الفنون الشعبية بدرنة وكان أنور الطرابلسي في ذلك الوقت مسؤولاً عن هيئة تضم كل الفنون في المدينة وبهذا كان على علاقة قوية ببداية فرقة الفنون الشعبية بدرنة حيث شاركها في رحلاتها الداخلية والخارجية منذ عام ١٩٦٨م وكانت آخر رحلاتها مهرجان (كاتانيا) الذي تألق فيه الطرابلسي حينما كان يترجم بالإيطالية أشعارنا الشعبية وما تمثله هذه الرقصات الشعبية وقد كان لمشاركته في الوفد الليبي الأثر الكبير في نجاح ما قدمته فرقة درنة أمام الجماهير الإيطالية التي شاهدت وسمعت فنوننا بلغتها التي قدمها الطرابلسي.
اشترك في شريط (الشظية) مع مجموعة من الفنانين العرب الليبيين وكانت أول مرة يدخل فيها عملاً سينمائياً وفي عام ١٩٨٨م قام بدور الموسيقي في رائعة (وليام سارويان) (قلبي في بلاد الأحزان) وقد أعجب بدوره هذا وأندمج فيه لكن هذا العمل رغم أنه اكتمل لكن الظروف حالت دون عرضه وحرمت الجماهير من رؤية أنور الطرابلسي في آخر حياته كما عرض عليها العمل في مسرحية (الزفاف يتم الآن) وهو نص محلي للشاعر عبدالحميد بطاو وهذه المسرحية هي آخر عمل اشترك فيه وقبل رحيله كان يأمل رؤية مهرجان المسرح المزمع عقده في طرابلس لكن أنور الطرابلسي يرحل للعالم الآخر لكنه رحل بعد أن أعطى للمسرح الليبي سنوات لم نعرف حتى كتابة هذه الحروف فناناً قدم في حجم هذه السنوات الطويلة ويخرج هذا الفنان من المسرح إلى الأبد فإننا نخسر أحد الرجال الذين شاركوا بفاعلية في بناء المسرح الليبي.