ليبيا مائة عام من المسرح"1908م- 2008م"أوهكذا تكلم المسرحيون -1-16- نوري عبدالدائم
**************************
الإدارة المسرحية في المسرح الليبي
بقلم / عبدالله مفتاح هويدي
تعرف الإدارة المسرحية على أنها جهاز مهم من أجهزة المسرح التي تمثل الجانب التقني والفني في عملية الإنتاج المسرحي.. وهي الجهة التي تتولى تسيير وتنظيم الأجهزة التقنية والفنية والتنسيق بين الأطقم البشرية العاملة بهذه الأجهزة الذي نشترك في تجسيد العمل المسرحي وبعث الحياة فيه وتقديمه كعرض مسرحي متكامل..
وكانت الإدارة المسرحية في السابق مهمة من مهمات المخرج الذي يكون في أغلب الأحيان مديراً للفرقة المسرحية والمؤلف والمخرج والممثل الأول بها ويتخذ من أعضاء الفرق كفريق مساعد له بالنسبة للخدمات الإنتاجية إلى جانب مشاركتهم في العرض المسرحي كممثلين..
غير أن التغير والتطور الذي طرأ على ممارسة الفن المسرحي وحرفيته من ناحية تقنية وفنية وإتساع مجالات الخدمات الإنتاجية والفصل بين المهمات الإدارية والفنية وظهور وظائف جديدة لها اختصاصاتها من حيث هيكلية المؤسسات المسرحية والفصل بين هذه الوظائف ووضعت القوانين واللوائح لذلك وبناء على ذلك برزت الإدارة المسرحية التي تختص بإدارة الحيز الذي عليه التمثيل أي الخشبة أو المنصة..
وأسندت مهمة الإدارة المسرحية قياديا إلى شخص تكون لديه خبرة ودراية بشؤون المسرح عامة والجانب التقني والفني والحرفي خاصة.. ويأتي مركز هذا الشخص بعد المخرج في التسلسل التقني والفني وهو يعد بمثابة المخرج المنفذ المعروف في الخيالة والمرئية..
والحديث حول وجود الإدارة المسرحية في المسرح الليبي عبر تاريخه الذي يزيد عن قرن ونيف من الصعوبة بمكان إذ أن الوثائق والمصادر التاريخية من مكتوبة ورواية شفهية لم تتعرض لذكر ذلك لا من قريب ولا من بعيد..
فلا وجود لذكر الإدارة المسرحية لا في الكتيبات ولا في الملصقات والإعلانات كما أن ما دون في الصحف والمجلات من مقالات حول الفن المسرحي في بلادنا وحتى الكتب التي ألفت أو أعدت في مجال تاريخ الحركة المسرحية لم تتطرق إلى ذلك..
بالإضافة إلى الفرق المسرحية العربية والأجنبية والشرق والغرب في أوائل القرن العشرين خلت إعلاناتها هي الأخرى وملصقاتها من مصطلح الإدارة المسرحية إلا نادراً أو تحت مسميات عديدة أغلبها من المفردات الأجنبية التي انتقلت إلى ثقافتنا الفنية العربية عندما تعرف الوطن العربي على الفن المسرحي الأوروبي الغربي في منتصف القرن التاسع عشر وما زالت هذه المصطلحات مستعملة حتى اليوم خاصة في الجزئية التقنية والفنية والحرفية في الفن المسرحي رغم أنه تم تقريب الكثير منها..
ولا شك أن الزيارات المتعددة للبلاد من طرف الفرق العربية والأجنبية اعتمد عليها كثيراً في مرحلة النشأة والتأسيس من حيث محاكاتها وتقليدها والتأثر بها في تقديم العروض المسرحية وكانت مهمات واختصاصات الإدارة المسرحية تسند إلى أعضاء الفرق الذين يقومون بذلك جماعياً تحت إشراف وإرشاد وتوجيه المخرج إلى كونهم ممثلين كما ذكرنا سابقاً..
هذا بالإضافة إلى أن تقنية وفنية الكتابة المسرحية ومعرفة أصولها وقواعدها غير معروفة والسبب يرجع إلى أن الانتماء إلى هذا المجال وممارسته يعتمد على الموهبة والهواية وليس على الدراسة والممارسة المبنية على أسس علمية وموضوعية إذ أنه لا توجد كليات جامعية أو معاهد عليا متخصصة في تدريس الدراما وفنونها عامة والمسرح خاصة..
والاحتكاك بالفرق الزائرة كان قليلاً بحيث لم يتمكن العاملون في مجال المسرح من الاطلاع على الفن المسرحي وخصائصه الفنية مما جعل العملية تعتمد على الاجتهاد حيناً وعلى التقليد والمحاكاة حيناً آخر..
أما فيما يتعلق بكتابة المسرحيات فكانت تكتب باليد ويقوم كل ممثل بنسخ دوره فقط ولم يكن هناك تسجيل للحركة أو وضع رموز خاصة بالإضاءة والموسيقا التصويرية والمؤثرات الصوتية بالإضافة إلى وضعية نواقل الصوت التي تربك من حركة الممثلين فوق الخشبة.
وانتقال النمط الأوروبي للفضاء المسرحي من حيث البناء والمعمار الخضم في نقل المعمار المسرحي الإيطالي المعلق الذي ينقسم إلى خشبة أو منصة خاصة بحيز التمثيل وإلى قاعة للمشاهدين إضافة إلى الشرفات في المسارح ذات الطوابق المتعددة..
وسواء ظهرت فرق مسرحية مارست هذا النشاط واختفى بعضها أو تلك المجموعات من الفنانين الذين كانوا يعملون داخل الأندية الرياضية التي تجمع بين النشاط الرياضي والثقافي والاجتماعي أو الجمعيات الموجودة في ذلك الوقت..
ووجود الإدارة المسرحية أو عدم وجودها يتعلق بالمرحلة الممتدة من سنة 1975م إلى سنة 1950م..
وما أن حل النصف الثاني من القرن العشرين حتى برزت إلى الوجود فرق مسرحية ودب النشاط من جديد في الفرق التي كانت قائمة.. وأوقفت نشاطها أبان الحرب العالمية الثانية 1939-1945م..
مثل فرقة هواة التمثيل التي أسسها المرحوم محمد عبدالهادي بدرنة سنة 1931م والفرقة الوطنية للتمثيل والموسيقا التي تأسست سنة 1936م بطرابلس وفرقة الشباب التي أسسها المرحوم رجب البكوش وزملاؤه في بنغازي وغيرها من الفرق وانتشر النشاط المسرحي بالمدارس وأصبح العمل المسرحي يقدم في عرض خاص وليس كفقرة في حفل منوعات فني في كثير من الأحيان..
ونظراً لجملة الأسباب التي ذكرت مقدما فإن الإدارة المسرحية ما زالت متداخلة مع غيرها من الخدمات الإنتاجية وقد ظهر مصطلح المدير الفني كعضو في الهيئات الإدارية للفرق إلا أنه لم تحدد اختصاصاته.. وظل كمشرف عام على جميع الخدمات الإنتاجية التي يساهم فيها الجميع..
ولم تعرف الكتابة التقنية والفنية للفن المسرحي ونتيجة لذلك ما زالت الإدارة المسرحية غير معترف بها وليست مدرجة ضمن المناهج الدراسية بالكليات الجامعية والمعاهد العليا المتخصصة والتي بها أقسام لتدريس الدراما بأنواعها والفرق المسرحية هي الأخرى لا تستطيع إعادة عروضها لعدم وجود نسخة تضم مخططات العرض المسرحي تقنياً وفنياً وأدبياً حتى يعطى من درس في الخارج أو ذهب في بعثة تدريبية في مجال الفن المسرحي وعاد لم يعر اهتماما بالإدارة المسرحية ويتولى كل شيء بنفسه مما جعل العملية الإنتاجية للعرض المسرحي أحادية الجانب من طرف المخرج دون غيره..
ولا يفوتني هنا الإشارة إلى أن دائرة الشؤون المسرحية التابعة للإدارة العامة للفنون والآداب قد جلبت من جمهورية مصر العربية مجموعة من رجالات المسرح المتخصصين في الإدارة المسرحية بغية إقامة دورات تأهيلية في شؤون المسرح سنة 1972م وهؤلاء الأساتذة هم:
- عاصم بدوي
- محمد محمود
- سليمان عبدالهادي
- نبيل الشاذلي
وأقيمت في تلك السنة دورات تأهيلية في المسرح وشؤونه بكل من درنة وبنغازي ومصراته وطرابلس.. هذا بالإضافة إلى أن اللجنة الشعبية العامة للثقافة والإعلام أقامت دورتين في كل من طرابلس وبنغازي بمناسبة انعقاد الدورتين التاسعة والعاشرة للمهرجان الوطني للفنون المسرحية 2006-2007مسيحي.. وكان لي شرف المساهمة البسيطة المتواضعة للمشاركة في هاتين الدورتين مع الزملاء الدكتور صبري محمد والأخ عبدالعزيز الزني بإلقاء محاضرات فيما يتعلق بالإدارة المسرحية إلا أن نتائج ذلك لم تلمس ولم يكن لها تأثير يذكر في عروض المهرجان خلال الدورتين..
وقد انصب اهتمامي بالإدارة المسرحية منذ ستينيات القرن الماضي..
عندما كنت عضواً بفرقة الأمل للتمثيل المسرحي 1957-1973مسيحي وذلك بالاطلاع على الكتب المتخصصة بالناحية التقنية والفنية والحرفية خاصة تلك التي تتحدث وتتناول الإخراج فهي تحوي بين طياتها معلومات وافرة حول هذا المجال أي -الإدارة المسرحية- مع الممارسة من خلال المسرحيات التي قدمتها الفرقة طيلة تواجدها..
ووقع علي الاختيار ضمن مجموعة من الزملاء للإيفاد إلى جمهورية مصر العربية في بعثة تدريبية في مجال الإدارة المسرحية وإدارة شؤون الفرق صحبة الزملاء عبدالله التركي وعبدالحفيظ ابوسبولة..وتتلمذنا على الأستاذ عاصم بدوي مدير الإدارة المسرحية بالمسرح القومي بالقاهرة بالإضافة إلى حضوري كمستمع بالسنة الأخيرة بمعهد التذوق العالي للفنون المسرحية بالقاهرة..
وحاضرنا في الأدب والنقد المسرحي المرحوم د.رشاد رشدي بالإضافة إلى حضوري بالمحاضرات الخاصة بالموسيقا التصويرية.. مما جعلني ألم إلماماً غير بسيط بالموسيقا العالمية والعربية ومعرفة آلاتها ودرجات أصواتها وإيقاعاتها ونغماتها.. وكذلك الصوت البشري وأنواعه ودرجاته وكانت المحاضرة لهذه المادة الدكتور رتيبه الحفني كما حظينا بالمشاركة في الأعمال المسرحية التي قدمها المسرح القومي بالقاهرة بجمهورية مصر العربية خلال الموسم المسرحي لسنة 1973مسيحي..
وقد أفادتني هذه الدورة رغم قصرها والتي لا تتعدى مدتها ستة أشهر كثيراً في دراسة أدب وفن المسرح من حيث النقد والتحليل والقراءة والدراسة والبحث والذي ما زلت أمارسها وأتابعها حتى الآن..
وأخيراً أرجو أن أكون وفقت في إعطاء صورة للإدارة المسرحية بالمسرح الليبي حسب معلوماتي البسيطة وثقافتي المتواضعة وخبرتي التي تساوي نصف قرن من الزمن..
ولا يسعني أن أقول في ختام هذه الصورة القلمية للإدارة المسرحية بالمسرح الليبي للجيل الحاضر والأجيال القادمة "المسرح عرق ودموع ودم وليس طريقاً للشهرة أو لكسب المال".. والله من وراء القصد.
ليبيا مائة عام من المسرح"1908م- 2008م"أوهكذا تكلم المسرحيون -1-16- نوري عبدالدائم
**************************
الإدارة المسرحية في المسرح الليبي
بقلم / عبدالله مفتاح هويدي
تعرف الإدارة المسرحية على أنها جهاز مهم من أجهزة المسرح التي تمثل الجانب التقني والفني في عملية الإنتاج المسرحي.. وهي الجهة التي تتولى تسيير وتنظيم الأجهزة التقنية والفنية والتنسيق بين الأطقم البشرية العاملة بهذه الأجهزة الذي نشترك في تجسيد العمل المسرحي وبعث الحياة فيه وتقديمه كعرض مسرحي متكامل..
وكانت الإدارة المسرحية في السابق مهمة من مهمات المخرج الذي يكون في أغلب الأحيان مديراً للفرقة المسرحية والمؤلف والمخرج والممثل الأول بها ويتخذ من أعضاء الفرق كفريق مساعد له بالنسبة للخدمات الإنتاجية إلى جانب مشاركتهم في العرض المسرحي كممثلين..
غير أن التغير والتطور الذي طرأ على ممارسة الفن المسرحي وحرفيته من ناحية تقنية وفنية وإتساع مجالات الخدمات الإنتاجية والفصل بين المهمات الإدارية والفنية وظهور وظائف جديدة لها اختصاصاتها من حيث هيكلية المؤسسات المسرحية والفصل بين هذه الوظائف ووضعت القوانين واللوائح لذلك وبناء على ذلك برزت الإدارة المسرحية التي تختص بإدارة الحيز الذي عليه التمثيل أي الخشبة أو المنصة..
وأسندت مهمة الإدارة المسرحية قياديا إلى شخص تكون لديه خبرة ودراية بشؤون المسرح عامة والجانب التقني والفني والحرفي خاصة.. ويأتي مركز هذا الشخص بعد المخرج في التسلسل التقني والفني وهو يعد بمثابة المخرج المنفذ المعروف في الخيالة والمرئية..
والحديث حول وجود الإدارة المسرحية في المسرح الليبي عبر تاريخه الذي يزيد عن قرن ونيف من الصعوبة بمكان إذ أن الوثائق والمصادر التاريخية من مكتوبة ورواية شفهية لم تتعرض لذكر ذلك لا من قريب ولا من بعيد..
فلا وجود لذكر الإدارة المسرحية لا في الكتيبات ولا في الملصقات والإعلانات كما أن ما دون في الصحف والمجلات من مقالات حول الفن المسرحي في بلادنا وحتى الكتب التي ألفت أو أعدت في مجال تاريخ الحركة المسرحية لم تتطرق إلى ذلك..
بالإضافة إلى الفرق المسرحية العربية والأجنبية والشرق والغرب في أوائل القرن العشرين خلت إعلاناتها هي الأخرى وملصقاتها من مصطلح الإدارة المسرحية إلا نادراً أو تحت مسميات عديدة أغلبها من المفردات الأجنبية التي انتقلت إلى ثقافتنا الفنية العربية عندما تعرف الوطن العربي على الفن المسرحي الأوروبي الغربي في منتصف القرن التاسع عشر وما زالت هذه المصطلحات مستعملة حتى اليوم خاصة في الجزئية التقنية والفنية والحرفية في الفن المسرحي رغم أنه تم تقريب الكثير منها..
ولا شك أن الزيارات المتعددة للبلاد من طرف الفرق العربية والأجنبية اعتمد عليها كثيراً في مرحلة النشأة والتأسيس من حيث محاكاتها وتقليدها والتأثر بها في تقديم العروض المسرحية وكانت مهمات واختصاصات الإدارة المسرحية تسند إلى أعضاء الفرق الذين يقومون بذلك جماعياً تحت إشراف وإرشاد وتوجيه المخرج إلى كونهم ممثلين كما ذكرنا سابقاً..
هذا بالإضافة إلى أن تقنية وفنية الكتابة المسرحية ومعرفة أصولها وقواعدها غير معروفة والسبب يرجع إلى أن الانتماء إلى هذا المجال وممارسته يعتمد على الموهبة والهواية وليس على الدراسة والممارسة المبنية على أسس علمية وموضوعية إذ أنه لا توجد كليات جامعية أو معاهد عليا متخصصة في تدريس الدراما وفنونها عامة والمسرح خاصة..
والاحتكاك بالفرق الزائرة كان قليلاً بحيث لم يتمكن العاملون في مجال المسرح من الاطلاع على الفن المسرحي وخصائصه الفنية مما جعل العملية تعتمد على الاجتهاد حيناً وعلى التقليد والمحاكاة حيناً آخر..
أما فيما يتعلق بكتابة المسرحيات فكانت تكتب باليد ويقوم كل ممثل بنسخ دوره فقط ولم يكن هناك تسجيل للحركة أو وضع رموز خاصة بالإضاءة والموسيقا التصويرية والمؤثرات الصوتية بالإضافة إلى وضعية نواقل الصوت التي تربك من حركة الممثلين فوق الخشبة.
وانتقال النمط الأوروبي للفضاء المسرحي من حيث البناء والمعمار الخضم في نقل المعمار المسرحي الإيطالي المعلق الذي ينقسم إلى خشبة أو منصة خاصة بحيز التمثيل وإلى قاعة للمشاهدين إضافة إلى الشرفات في المسارح ذات الطوابق المتعددة..
وسواء ظهرت فرق مسرحية مارست هذا النشاط واختفى بعضها أو تلك المجموعات من الفنانين الذين كانوا يعملون داخل الأندية الرياضية التي تجمع بين النشاط الرياضي والثقافي والاجتماعي أو الجمعيات الموجودة في ذلك الوقت..
ووجود الإدارة المسرحية أو عدم وجودها يتعلق بالمرحلة الممتدة من سنة 1975م إلى سنة 1950م..
وما أن حل النصف الثاني من القرن العشرين حتى برزت إلى الوجود فرق مسرحية ودب النشاط من جديد في الفرق التي كانت قائمة.. وأوقفت نشاطها أبان الحرب العالمية الثانية 1939-1945م..
مثل فرقة هواة التمثيل التي أسسها المرحوم محمد عبدالهادي بدرنة سنة 1931م والفرقة الوطنية للتمثيل والموسيقا التي تأسست سنة 1936م بطرابلس وفرقة الشباب التي أسسها المرحوم رجب البكوش وزملاؤه في بنغازي وغيرها من الفرق وانتشر النشاط المسرحي بالمدارس وأصبح العمل المسرحي يقدم في عرض خاص وليس كفقرة في حفل منوعات فني في كثير من الأحيان..
ونظراً لجملة الأسباب التي ذكرت مقدما فإن الإدارة المسرحية ما زالت متداخلة مع غيرها من الخدمات الإنتاجية وقد ظهر مصطلح المدير الفني كعضو في الهيئات الإدارية للفرق إلا أنه لم تحدد اختصاصاته.. وظل كمشرف عام على جميع الخدمات الإنتاجية التي يساهم فيها الجميع..
ولم تعرف الكتابة التقنية والفنية للفن المسرحي ونتيجة لذلك ما زالت الإدارة المسرحية غير معترف بها وليست مدرجة ضمن المناهج الدراسية بالكليات الجامعية والمعاهد العليا المتخصصة والتي بها أقسام لتدريس الدراما بأنواعها والفرق المسرحية هي الأخرى لا تستطيع إعادة عروضها لعدم وجود نسخة تضم مخططات العرض المسرحي تقنياً وفنياً وأدبياً حتى يعطى من درس في الخارج أو ذهب في بعثة تدريبية في مجال الفن المسرحي وعاد لم يعر اهتماما بالإدارة المسرحية ويتولى كل شيء بنفسه مما جعل العملية الإنتاجية للعرض المسرحي أحادية الجانب من طرف المخرج دون غيره..
ولا يفوتني هنا الإشارة إلى أن دائرة الشؤون المسرحية التابعة للإدارة العامة للفنون والآداب قد جلبت من جمهورية مصر العربية مجموعة من رجالات المسرح المتخصصين في الإدارة المسرحية بغية إقامة دورات تأهيلية في شؤون المسرح سنة 1972م وهؤلاء الأساتذة هم:
- عاصم بدوي
- محمد محمود
- سليمان عبدالهادي
- نبيل الشاذلي
وأقيمت في تلك السنة دورات تأهيلية في المسرح وشؤونه بكل من درنة وبنغازي ومصراته وطرابلس.. هذا بالإضافة إلى أن اللجنة الشعبية العامة للثقافة والإعلام أقامت دورتين في كل من طرابلس وبنغازي بمناسبة انعقاد الدورتين التاسعة والعاشرة للمهرجان الوطني للفنون المسرحية 2006-2007مسيحي.. وكان لي شرف المساهمة البسيطة المتواضعة للمشاركة في هاتين الدورتين مع الزملاء الدكتور صبري محمد والأخ عبدالعزيز الزني بإلقاء محاضرات فيما يتعلق بالإدارة المسرحية إلا أن نتائج ذلك لم تلمس ولم يكن لها تأثير يذكر في عروض المهرجان خلال الدورتين..
وقد انصب اهتمامي بالإدارة المسرحية منذ ستينيات القرن الماضي..
عندما كنت عضواً بفرقة الأمل للتمثيل المسرحي 1957-1973مسيحي وذلك بالاطلاع على الكتب المتخصصة بالناحية التقنية والفنية والحرفية خاصة تلك التي تتحدث وتتناول الإخراج فهي تحوي بين طياتها معلومات وافرة حول هذا المجال أي -الإدارة المسرحية- مع الممارسة من خلال المسرحيات التي قدمتها الفرقة طيلة تواجدها..
ووقع علي الاختيار ضمن مجموعة من الزملاء للإيفاد إلى جمهورية مصر العربية في بعثة تدريبية في مجال الإدارة المسرحية وإدارة شؤون الفرق صحبة الزملاء عبدالله التركي وعبدالحفيظ ابوسبولة..وتتلمذنا على الأستاذ عاصم بدوي مدير الإدارة المسرحية بالمسرح القومي بالقاهرة بالإضافة إلى حضوري كمستمع بالسنة الأخيرة بمعهد التذوق العالي للفنون المسرحية بالقاهرة..
وحاضرنا في الأدب والنقد المسرحي المرحوم د.رشاد رشدي بالإضافة إلى حضوري بالمحاضرات الخاصة بالموسيقا التصويرية.. مما جعلني ألم إلماماً غير بسيط بالموسيقا العالمية والعربية ومعرفة آلاتها ودرجات أصواتها وإيقاعاتها ونغماتها.. وكذلك الصوت البشري وأنواعه ودرجاته وكانت المحاضرة لهذه المادة الدكتور رتيبه الحفني كما حظينا بالمشاركة في الأعمال المسرحية التي قدمها المسرح القومي بالقاهرة بجمهورية مصر العربية خلال الموسم المسرحي لسنة 1973مسيحي..
وقد أفادتني هذه الدورة رغم قصرها والتي لا تتعدى مدتها ستة أشهر كثيراً في دراسة أدب وفن المسرح من حيث النقد والتحليل والقراءة والدراسة والبحث والذي ما زلت أمارسها وأتابعها حتى الآن..
وأخيراً أرجو أن أكون وفقت في إعطاء صورة للإدارة المسرحية بالمسرح الليبي حسب معلوماتي البسيطة وثقافتي المتواضعة وخبرتي التي تساوي نصف قرن من الزمن..
ولا يسعني أن أقول في ختام هذه الصورة القلمية للإدارة المسرحية بالمسرح الليبي للجيل الحاضر والأجيال القادمة "المسرح عرق ودموع ودم وليس طريقاً للشهرة أو لكسب المال".. والله من وراء القصد.