تعلموا كيف تطورت استخدامات الصورة الصحفية عبر الزمن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تعلموا كيف تطورت استخدامات الصورة الصحفية عبر الزمن




    أخلاقيات الصورة الصحفية في الإعلام العربي

    كيف تطورت استخدامات الصورة الصحفية عبر الزمن؟

    الأحد 27 يناير، 2019
    كيو بوست – رشيد العزوزي

    تتزايد يومًا بعد آخر أهمية الصورة الصحفية في المشهد الإعلامي العربي، حتى باتت جزءًا من آليات اشتغال الخطاب عمومًا، الصحفي خصوصًا، فما هي الفوتوغرافية الصحفية؟ وما تأثيراتها فينا باعتبارها فعلًا تعبيريًا إنجازيًا حجاجيًا تأثيريًا؟ وما خصوصية اللغة الأيقونية على الورق بالمقارنة مع الإعلام الرقمي؟

    الصورة الصحفية: التعريف والنشأة

    يكتسي المدخل اللغوي أهمية خاصة في الاقتراب من دلالة معنى الصورة، إذ هي ترجمة لكلمة Image بالإنجليزية، المشتقة بدورها من كلمة (سحر)، بسبب تعبيرها عن المواقف والأحداث بدقة متناهية، قد تتفوق على الواقع في تقريب بعض الأشياء البعيدة (اللقطة الكبيرة)، وإبعاد أخرى قريبة وتهميشها، ولقدرتها العجيبة على إبراز جوانب وثيمات معينة تدخل في دائرة التواصل غير اللفظي.
    إنها لغة البصر وما يستهوي العين من انفعالات ناتجة عن منطق العلامة البصرية ومفاهيمها كـ”التأطير” (إطار الصورة) و”اللقطة” و”الخلفية” و”الحجم” و”الإخراج” و”الألوان” و”الإنتاج والتلقي” و”الحقل” و”التمثيل” و”الوضعة” (بكسر الواو)… وغيرها مما يدخل ضمن صميم فن التصوير الصحفي.
    هذا الفن، كان أول من أبدع فيه أمريكي الجنسية يدعى “ماثيو برادي” (1823 – 1899)، لذلك لقب بأبي الصحافة المصورة، أي أن الفن لم يولد مع الصحافة، وإنما اقتحمها مع الحرب الأهلية الأمريكية (1861 – 1865).
    ففي البداية، “كان الإعلام لا يعتمد على الصور، وإنما على أخبار منقولة إلى المتلقي، فكان الجمهور يتلقى الخبر، إما عن طريق القراءة عبر الصحف أو من خلال السمع عبر الراديو، لتتطور وسائل الاتصال فيما بعد ويظهر التلفاز كوسيلة أكثر تطورًا وتأثيرًا في عقل الجمهور ووعيه، لأنه يعتمد بشكل أساسي على الصورة والمشاهدة التي تقرب “الحقيقة” إلى المتابعين، وتجعلها أكثر تصديقًا وواقعًا، لأن الصورة تكون قد انطبعت في ذهن المشاهد وظلت راسخة لما لها من وقع عليه، بحسب أهمية الموضوع واهتمامات المتابعين له”، وفقًا لما أوضحته الإعلامية منى شلبي في اتصال مع كيو بوست.
    ما يعني، حسب المتحدثة، أن “الصورة الصحفية شكلت لوحدها خطابًا مرئيًا لا يحتاج إلى تفسير وترجمة”، مؤكدة على ضرورة “عدم الكتابة للصورة ولا شرحها لأنها واضحة وضوح الشمس، وحتى لا يكرر ما يراه المشاهد”، داعية إلى “إعطاء المتلقي فرصة قراءة ما خلف الصورة، وهنا يكمن الإبداع”.

    وظيفة الصورة الصحافية
    لا تبتعد كثيرًا وظيفة الفوتوغرافية الصحفية عن الوظائف الأصلية لوسائل الإعلام (الإخبار – التثقيف – الترفيه)، فهي إما ناقلة للمعلومة أو موثقة لها –كما حدث عام 1948 ومستمر إلى اليوم مع القضية الفلسطينية–، وإما مؤكدة لها، وإما مكثفة لمعانيها، كما قد تكون مرفهة ممتعة.
    إلا أن الخطير في الموضوع أنها قد تكون مموهة مغالطة؛ فالمصور الصحفي لا يهدف إلى إبراز مواطن الجمال فقط، بل قد يعمل على عكس ذلك، إذ يبحث عن مواطن القبح والإهمال، حسب أهمية الصورة وطبيعة الأثر الذي يريد تركه.
    هنا يرى الباحث جعفر عاقل أن “الوظيفة الأساسية لفوتوغرافيا غلاف مجلة أو صفحة أولى لجريدة ما، هي شد نظر القارئ المشاهد وإثارة انتباهه واستفزاز فضوله المعرفي والفني والجمالي”.
    ويسترسل عاقل: “تقوم الفوتوغرافيا الصحافية من خلال اختيار زاوية النظر والموضوعات المصورة والشكل الذي تتوزع به عناصر الصورة وأيضًا من خلال الألوان المختارة وتدرجات النور والضلال، وكل العلاقات والتركيبات الموظفة، بإعادة تشكيل وعي المشاهد ومساءلة متخيله وخلخلة ذوقه، بل أكثر من ذلك؛ فلهذه السلسلة من المكونات دور كبير في إعادة تركيب عناصر العالم المرئي الذي يحيط به، وتمثل قيمه، رغم ما تعيشه الصورة في الإعلام بشقيه.

    الصورة في الإعلام التقليدي والجديد
    ليس خفيًا على أحد أن واقع الصورة الصحفية في الإعلام الورقي عربيًا لا يسر أحدًا، نظرًا لتغييب الجانب الدينطولوجي (أخلاقيات المهنة) من جهة، وغياب قوانين رادعة من أخرى، ناهيك عن افتقار الساحة لمتخصصين في التصوير الصحفي غالبًا، مما يؤدي بالمؤسسات الإعلامية إلى اللجوء للحل السهل، أي اعتماد صور جاهزة وحيدة لمواضيع عديدة متشابهة، وبالتالي “القص” و”إعادة التأطير”.
    منى شلبي
    ومع ذلك، تؤكد منى شلبي أن “من المهم جدًا أن ندرج صورًا تدعم مقالاتنا الصحافية وتزيد من توثيقها، حتى تتمكن أنامل ذلك الصحافي من إقناع القارئ، وحتى تنجح محاولة التأثير فيه، لما تمثله تلك الصورة من دليل يدعم تارة رأي الكاتب، وتارة أخرى تشكل لوحدها مادة دسمة للدراسة والمناقشة، رغم أن الصورة الثابتة لم تعد تشكل اهتمامًا كبيرًا لمتصفح الصحف الورقية”.
    والسبب في ذلك وجود بديل أكثر تطورًا وتأثيرًا، لكن هذا لا يعني عدم إدراجها، بل لا بد من ذلك لأن الصورة بوظائفها الثلاث البصرية والاتصالية والتوبوغرافية هي في حد ذاتها رسالة. وإن كانت الصورة غير متحركة، فمن المؤكد أنها تنطوي على معان كثيرة يتلقفها الصحافي ويستثمرها بذكاء لاستقطاب شريحة واسعة من القراء وإيصال رسالته بكل سلاسة وسرعة، خصوصًا مع التقدم التكنولوجي، وما وفره من صور عالية الدقة وثلاثية الأبعاد، إذ جرى استثمار ذلك استثمارًا حقيقيًا في الإعلام الرقمي، المنفتح على وسائل التواصل الاجتماعي، وما تتيحه من إمكانات أهمها (المشاركة) و(البث الحي) و(التفاعل)، بفعل ثورة مطلقة حدثت مؤخرًا في مجال الاتصال والتواصل.
    ثورة يحددها المفكر عبد السلام بنعبد العال في اندماج أمرين: “ثورة وسائل النقل في القرن الماضي، وثورة أدوات الاتصال التي ما تفتأ تتطور. الثورة الأولى تعمل وفق السرعة النسبية للآلات، فحتى الطائرة التي حطمت جدار الصوت لم تتعد سرعتها السرعة النسبية، فما يصنع التاريخ اليوم هو الأقمار الاصطناعية والصواريخ. إنه عصر الثورة الثانية للسرعة، ثورة السرعة المطلقة”.
    وهكذا بفعل تفاعل التقني بالإعلامي حدثت النقلة النوعية من التصوير الضوئي إلى التصوير الرقمي في الإعلام الجديد، لدرجة يمكن معها الحديث عن ولادة جنس صحفي قائم بذاته، تحت مسمى الفوتوغرافيا الخبرية، به يمكن خلق سبق صحفي، وإثارة -بل وتوجيه- رأي عام، كما حدث مؤخرًا مع النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية المغربي، وما استتبع ذلك من نقاش سياسي قانوني أخلاقي.

    الصورة الصحفية وسؤال أخلاقيات المهنة
    نظرًا لتفرد صورة الإعلام الرقمي وتميزها بالمرونة والحرية -على خلاف الإعلام التقليدي- ازدادت أهميتها، بقدر ازدياد قلق المتخصصين في الإعلام الجديد، خصوصًا في ظل انتشار الهواتف الذكية وسهولة التقاط الصور ونشرها بكل حرية على مواقع التواصل الاجتماعي دون قيد أو شرط، ومنها إلى مؤسسات إعلامية، بحكم تزايد أهميتها كمصدر للمعلومة، ونظرًا لتعاظم قوة ما يعرف بـ”صحافة المواطنة”، وما تطرحه من إشكالات أخلاقية.
    الباحثة في الإعلام والتواصل خديجة زويشي
    أمام هذه الإشكالات الدينطولوجية، اقترحت الباحثة في الإعلام والتواصل خديجة زويشي، في اتصال مع كيو بوست، عدم نشر الصور المسيئة للأفراد، خصوصًا عندما تكون الإساءة أكبر من القيمة الإخبارية. “هذه القاعدة تستمد راهينتها لأننا نعيش عصر الصورة بامتياز، وتشرعن نفسها في ظل التراشق بوصم اللامهنية بين الصحفيين، وأيضًا لضمان المصداقية، وكسب ثقة الجمهور، وعدم الانسياق وراء ثقافة “البوز والفضائحية”.
    وكحل للخروج من هذه الأزمة الأخلاقية التي طرحت بقوة في الغرب والشرق منذ تسعينيات القرن الماضي، وبحدة عقب نشر صور مقتل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، اتجهت الصحافة العالمية -على أمل لحاق العربية- إلى توفير الصور الصادمة مع ترك إمكانية الاطلاع عليها للمتلقي بعد تحذيره، ما دامت متاحة ويمكن الوصول إليها، كما اهتدت إلى ذلك رويترز وفيسبوك.
    أما في الصحافة الورقية فيحبذ الخبراء تضمينها في الصفحات الداخلية، بعد التنبيه إليها في الصفحة الأولى بخط مضغوط، هذا إن كانت ذات قيمة قصوى، وإلا يستحسن عدم الدخول في هذه المتاهات والمتاعب.
    على العموم، لقد جاء الوقت لإعطاء الصورة ما تستحقه من قيمة في العمل الصحفي، وحان زمن اعتماد كل مؤسسة على مصور محترف يمدها بصور حصرية أو بشراء حق النشر من بعض المصورين المحترفين أو عبر وكالة خاصة أو وكالات أنباء رسمية، لأن دورها أصبح حاسمًا.
    ومع ذلك، يجب الحذر كل الحذر في التعامل مع الخطاب الأيقوني اللاموضوعي بالغ الأثر في البنية الإدراكية، وما قد يترتب عليها من فعل أو قناعة، تبدو مبنية بناءً منطقيًا يرجع إلى كفاءة المصور / المخرج؛بناء سرعان ما ينهار إذا دققنا في الخلفية (خلفية الصورة)، أو تساءلنا عن مصدر الصورة، أو تاريخ التقاطها أو اسم المصور، وغيرها من المكونات الفوتوغرافية الداخلية والخارجية، النسقية، والسياقية.
يعمل...
X