قصة قصيرة: حصة الكيميائي

قصة قصيرة:
حصة الكيميائي

تسعون كيلومترا من القرية إلى مستشفى الأورام الخبيثة بالعاصمة...المستشفى الوحيد المختصّ بكامل تراب البلاد...تسعون كيلومترا...مسافة تقطعها مريم مرتين في الشهر على متن " لواج"* جارها الذي تعهّد بنقلها وابنتها مجّانا أيّام العلاج علّه يكفّر عن ذنب ابنه الذي داس بجرّاره زوجها ذات صباح فأقعده عن الحركة دون قصد...
حضرت في الموعد إلى المستشفى لحصّة العلاج الكيميائي...بين ذراعيها ابنتها الوحيدة زهرة التي تشكو ورما في البطن ما انفك يأكل جسدها الصّغير رغم الجراحة وحصص الكيميائي...اكتظاظ وازدحام كالمعتاد.. بكاء وأنين في الأروقة وقاعات الانتظار......تقدّمت إلى شبّاك الاستقبال بعناء...عرضت أوراقها على القائمة على تنظيم المواعيد...
- الموعد موثّق لكني لا أجد ملفّ ابنتك..
- كيف ذلك...وأين هو ؟
- لا أدري...عليك بزميلتي في آخر شبّاك على اليمين ...لعلّه بين يديها...
ضاع الملفّ بين الشّبابيك والمكاتب والأروقة ولم تحصل ابنتها زهرة على حصّة الكيميائي...وعدها رئيس الممرّضين بالاتصال بها حالما يعثر على الملفّ لتحديد موعد آخر...
قالت لها إحدى عاملات النّظافة :
- يتعلّلون بضياع الملفّات لنُدرة الأدوية أحيانا وربّما لأنّ المريض...
لم تكمل كلامها لكنّ مريم فهمت ما ينتظر زهرتها........

* لواج: سيارة أجرة جماعية للتنقّل بين المدن

م.فتوح
تونس