كارما

قصّة بعنوان
كارما
سقاها المبادئ ماء زلالا وعسلا خالص الرحيق..حلاّها بالقيم فبدت بهاء كامل النور..ستسافر الآن لتدرس بالجامعة..حدث زاد هامته شموخا..عيناه بصيرة لشمس ابنته المتلألئة..قبل لحظة من أزوف الرحيل أحاطها بحضن الحذر..أوصاها بنخلة عالية رعاها عمرا..رسم أمامها المشوار طريقا مسطّرا لا تسمح فيه لخطاها أن تحيد عنه..نسي في لائحة الوصايا أن ينبهها لغلق باب القفص جيّدا حين ترفرف أجنحة القلب ويعتو العنفوان..أثلج نار خوفه قوّة ابنته وهي تغادر في رباطة الواثق من سبيله..وحين مضت صارت تفيض في كل يوم كوابيسه..رأى فيما يرى الآثم ابنته نجمة ناصعة بعيدة..تمدّ إليهاأيادي الذئاب ناعمة وتنزل خائبة..يبتسم لابنته فخورا..تلوّح له مطمئنة..تتوارى في غيمة فرح ثم تطفو بنورها من جديد حاملة بين يديها قلبا خافقا يعرفه جيّدا ..إنه قلب ابنته ينفرط منها ويهوي إلى أرض الغابة يلاحق حملا ناصع البياض..يخفت الضياء شيئا فشيئا..مازال في غبش الكابوس يرى ابنته تلاحق قلبها وقلبها يلاحق الحمل الأبيض..تذكّر أنه كان حملا أبيضا..ويله نسي أن يذكّر ابنته بأن تحذر من الذئاب مرّة ومن الحملان ألف مرّة..يستعيذ من الظنون لتتبدّد كوابيسه لكنّها تظلّ في حمّى تأنيب الضمير تعاوده..يرى فيما يرى النّادم قلبا موجوعا لا يعرف صاحبه...
بقلم وفاء الرعودي-تونس-