لماذا يعجز البعض عن تحديد اليمين من اليسار، ولم يعتبر الأمر مهماً جداً؟
هل تعاني من مشكلة في تحديد اليمين من اليسار؟ على سبيل المثال عندما تكون بصدد تعلم السياقة فيخبرك معلم السياقة بأن تلتف إلى اليمين فتتوقف لبرهة، وتجد نفسك تعاني لتحديد أي الوجهتين هي يمين وأيها يسار؟ إذا كان الأمر كذلك معك، فأنت لست لوحدك، ذلك أن عددا معتبرا من سكان العالم يعانون من صعوبات في معرفة وتحديد اليسار من اليمين.
إن التمييز بين اليمين واليسار هو عملية نفسية عصبية معقدة، تتضمن عدة وظائف عصبية عليا على غرار القدرة على الجمع بين المعلومات الحسية والبصرية، ووظيفة اللغة، والذاكرة. يعتبر تحديد اليمين واليسار بالنسبة للبعض طبيعة ثانية بينما يعتبرها البعض الآخر تحديا معتبراً.
واحدة من المشكلات العويصة التي تواجه مهنة الطب والرعاية الصحية هو أنه عندما يجلس طبيب أو ممرضة بمواجهة المريض، فإن جانبهم الأيمن يكون الجانب الأيسر لدى المريض، لذا فإن تحديد وتمييز يسار المريض من يمينه يتضمن كذلك وظيفة بصرية معقدة وتركيزاً كبيراً.
عندما يتحول الخطأ البسيط إلى كارثة:
إن السير في الاتجاه الخاطئ خلال رحلة ما بسبب عدم القدرة على التمييز بين اليسار واليمين لا يكون مشكلة كبيرة في معظم الأحيان، غير أنه توجد هناك الكثيرمن الوضعيات حيث يكون الارتباك في تحديد اليمين واليسار مسألة خطيرة لها عواقب كارثية. تكون بعض أكثر الأخطاء الطبية مأساوية عندما يتم إجراء العملية الجراحية على الجانب الخطأ من المريض: كاستئصال الكلية الخطأ، أو بتر الساق الخطأ.
بينما توجد هناك أنظمة، وتحريات وموازين في الميدان من أجل توقع هذا النوع من الأخطاء والتقليل منها، فإنها عندما تحدث، يكون الخطأ البشري دائما في قاعدتها.
مكتوب على الركبة اليسرى: ”لا تجري العملية على هذه الركبة“. صورة: Gerry Gormley
إن الخطأ خاصية متأصلة في السلوك البشري، فأحيانا نحن فقط نسيء فهم الأمور، غير أن الخطأ فيما يتعلق بتحديد اليمين واليسار قد يكون له أكثر من سبب وجذر واحد. تقترح بعض الأدلة أن الارتباك في تحديد اليمين واليسار يكون أكثر شيوعا عند النساء، حيث تشير بعض الأبحاث أن الرجال يستظهرون درجة أعلى في الوظيفة المكانية الإبصارية.
عامل الإلهاء:
لا تجري عملية تحديد اليمين من اليسار في معزل عن ظروف خارجية أخرى. إن المشافي وبعض المنشآت الصحية الأخرى هي أماكن معقدة وكثيرة الحركة والازدحام بطبيعتها، ويخضع الأطباء فيها غالبا لعوامل الإلهاء بينما هم يؤدون واجباتهم، حيث يتلقون المكالمات الهاتفية، وأصوات تنبيه آلات دعم الحياة، كما يتلقون أسئلة من طرف زملائهم، ومرضاهم، وحتى أقاربهم، ومنه قد يكون المحيط الاستشفائي أو العيادي تحديا كبيرا في وجه التركيز على العمل.
في بحث تم نشره في Medical Education، تم استكشاف تأثير هذا النوع من عوامل تشتيت الانتباه على قدرة طلبة الطب في التمييز الصحيح بين اليمين واليسار. بينما قيست بموضوعية قدرة 234 طالب طب في تحديد اليمين من اليسار، تم إخضاعهم للضجيج النموذجي الذي يسود محيط المستشفيات، وتمت مقاطعتهم بواسطة أسئلة طبية عيادية.
كان ما اكتشفه البحث مثيرا للاهتمام، فقد كان مجرد الضجيج في الخلفية الذي يحاكي محيطا مزدحماً كافيا لجعل بعض طلبة الطب يرتبكون في تحديد اليمين من اليسار، كما كان لطرح سلسلة من الأسئلة عليهم بينما كانوا يحاولون تحديد وتمييز اليمين من اليسار تأثير وأثر أكبر على قدرتهم على تحديد ذلك، كما وجدت الدراسة أن ”تأثير الإلهاء“ كان أوخم على المتقدمين في السن والنساء على حد سواء.
لطالما كانت قدرة الفرد على التحديد الذاتي لكفاءته في التمييز بين اليسار واليمين غير دقيقة بالمرّة، لذا كان الكثير من الطلبة يعتقدون بأنهم كانوا جيدين في تحديد اليسار من اليمين، بينما عندما تم قياس قدرتهم تلك بموضوعية، تبين أنهم لم يكونوا كذلك.
التقنيات المضادة:
يطور كل من يعاني من صعوبة في تحديد اليمين من اليسار تقنيته الخاصة في مواجهة هذه الصعوبة، على سبيل المثال كأن يضع أحدهم إبهامه الأيسر على الزاوية المثالية على أصبع السبابة لتشكيل حرف L باللاتينية لتمثيل جانبه الأيسر. غير أنه اتضح أن هذه التقنيات لم تكن معصومة من الخطأ، وفشلت في محاربة هذه المشكلة في جميع الحالات.
في مجال الرعاية الصحية، يجب على المدرّسين أن يجعلوا الطلبة على دراية بتحديات تحديد اليمين من اليسار، وكذا أن يكونوا على علم بتأثير الإلهاء على هذه القرارات المهمة للغاية في هذا الميدان.
نحن في حاجة إلى تطوير استراتيجيات معينة من أجل خفض هذه الوضعيات التي تحفز وقوع الأخطاء، ورفع الوعي لدى كل من الأساتذة والطلبة لواقع أن بعض الأفراد أكثر عرضة للوقوع في هذا النوع من الأخطاء من غيرهم.
بينما يكون الأشخاص المعرضون للخطأ غير عالمين دائما بكونهم يعانون من مشكلة، يمكن إجراء اختبارات لتحديد قدرة الطلبة على تحديد اليمين من اليسار، ومن خلال ذلك يمكن لكل من تبين أنه يعاني من صعوبة في ذلك أن يبدأ في إعارة انتباه في بعض الوضعيات.
كما أن خفض عناصر تشتيت الإنتباه والإلهاء هو أمر مهم بشكل خاص، فخلال مراحل حرجة من التحليق بالطائرات على سبيل المثال، يلتزم الطيارون بالامتناع عن كل حديث غير مهم من أجل تجنب أي إلهاء إضافي، وقد يكون لهذه القواعد المتعلقة بمقصورات القيادة في الطيران بالإضافة إلى استراتيجيات أخرى فوائد عظيمة في مجال الرعاية الصحية إذا ما تم تبنّيها فيها.
هل تعاني من مشكلة في تحديد اليمين من اليسار؟ على سبيل المثال عندما تكون بصدد تعلم السياقة فيخبرك معلم السياقة بأن تلتف إلى اليمين فتتوقف لبرهة، وتجد نفسك تعاني لتحديد أي الوجهتين هي يمين وأيها يسار؟ إذا كان الأمر كذلك معك، فأنت لست لوحدك، ذلك أن عددا معتبرا من سكان العالم يعانون من صعوبات في معرفة وتحديد اليسار من اليمين.
إن التمييز بين اليمين واليسار هو عملية نفسية عصبية معقدة، تتضمن عدة وظائف عصبية عليا على غرار القدرة على الجمع بين المعلومات الحسية والبصرية، ووظيفة اللغة، والذاكرة. يعتبر تحديد اليمين واليسار بالنسبة للبعض طبيعة ثانية بينما يعتبرها البعض الآخر تحديا معتبراً.
واحدة من المشكلات العويصة التي تواجه مهنة الطب والرعاية الصحية هو أنه عندما يجلس طبيب أو ممرضة بمواجهة المريض، فإن جانبهم الأيمن يكون الجانب الأيسر لدى المريض، لذا فإن تحديد وتمييز يسار المريض من يمينه يتضمن كذلك وظيفة بصرية معقدة وتركيزاً كبيراً.
عندما يتحول الخطأ البسيط إلى كارثة:
إن السير في الاتجاه الخاطئ خلال رحلة ما بسبب عدم القدرة على التمييز بين اليسار واليمين لا يكون مشكلة كبيرة في معظم الأحيان، غير أنه توجد هناك الكثيرمن الوضعيات حيث يكون الارتباك في تحديد اليمين واليسار مسألة خطيرة لها عواقب كارثية. تكون بعض أكثر الأخطاء الطبية مأساوية عندما يتم إجراء العملية الجراحية على الجانب الخطأ من المريض: كاستئصال الكلية الخطأ، أو بتر الساق الخطأ.
بينما توجد هناك أنظمة، وتحريات وموازين في الميدان من أجل توقع هذا النوع من الأخطاء والتقليل منها، فإنها عندما تحدث، يكون الخطأ البشري دائما في قاعدتها.
مكتوب على الركبة اليسرى: ”لا تجري العملية على هذه الركبة“. صورة: Gerry Gormley
إن الخطأ خاصية متأصلة في السلوك البشري، فأحيانا نحن فقط نسيء فهم الأمور، غير أن الخطأ فيما يتعلق بتحديد اليمين واليسار قد يكون له أكثر من سبب وجذر واحد. تقترح بعض الأدلة أن الارتباك في تحديد اليمين واليسار يكون أكثر شيوعا عند النساء، حيث تشير بعض الأبحاث أن الرجال يستظهرون درجة أعلى في الوظيفة المكانية الإبصارية.
عامل الإلهاء:
لا تجري عملية تحديد اليمين من اليسار في معزل عن ظروف خارجية أخرى. إن المشافي وبعض المنشآت الصحية الأخرى هي أماكن معقدة وكثيرة الحركة والازدحام بطبيعتها، ويخضع الأطباء فيها غالبا لعوامل الإلهاء بينما هم يؤدون واجباتهم، حيث يتلقون المكالمات الهاتفية، وأصوات تنبيه آلات دعم الحياة، كما يتلقون أسئلة من طرف زملائهم، ومرضاهم، وحتى أقاربهم، ومنه قد يكون المحيط الاستشفائي أو العيادي تحديا كبيرا في وجه التركيز على العمل.
في بحث تم نشره في Medical Education، تم استكشاف تأثير هذا النوع من عوامل تشتيت الانتباه على قدرة طلبة الطب في التمييز الصحيح بين اليمين واليسار. بينما قيست بموضوعية قدرة 234 طالب طب في تحديد اليمين من اليسار، تم إخضاعهم للضجيج النموذجي الذي يسود محيط المستشفيات، وتمت مقاطعتهم بواسطة أسئلة طبية عيادية.
كان ما اكتشفه البحث مثيرا للاهتمام، فقد كان مجرد الضجيج في الخلفية الذي يحاكي محيطا مزدحماً كافيا لجعل بعض طلبة الطب يرتبكون في تحديد اليمين من اليسار، كما كان لطرح سلسلة من الأسئلة عليهم بينما كانوا يحاولون تحديد وتمييز اليمين من اليسار تأثير وأثر أكبر على قدرتهم على تحديد ذلك، كما وجدت الدراسة أن ”تأثير الإلهاء“ كان أوخم على المتقدمين في السن والنساء على حد سواء.
لطالما كانت قدرة الفرد على التحديد الذاتي لكفاءته في التمييز بين اليسار واليمين غير دقيقة بالمرّة، لذا كان الكثير من الطلبة يعتقدون بأنهم كانوا جيدين في تحديد اليسار من اليمين، بينما عندما تم قياس قدرتهم تلك بموضوعية، تبين أنهم لم يكونوا كذلك.
التقنيات المضادة:
يطور كل من يعاني من صعوبة في تحديد اليمين من اليسار تقنيته الخاصة في مواجهة هذه الصعوبة، على سبيل المثال كأن يضع أحدهم إبهامه الأيسر على الزاوية المثالية على أصبع السبابة لتشكيل حرف L باللاتينية لتمثيل جانبه الأيسر. غير أنه اتضح أن هذه التقنيات لم تكن معصومة من الخطأ، وفشلت في محاربة هذه المشكلة في جميع الحالات.
في مجال الرعاية الصحية، يجب على المدرّسين أن يجعلوا الطلبة على دراية بتحديات تحديد اليمين من اليسار، وكذا أن يكونوا على علم بتأثير الإلهاء على هذه القرارات المهمة للغاية في هذا الميدان.
نحن في حاجة إلى تطوير استراتيجيات معينة من أجل خفض هذه الوضعيات التي تحفز وقوع الأخطاء، ورفع الوعي لدى كل من الأساتذة والطلبة لواقع أن بعض الأفراد أكثر عرضة للوقوع في هذا النوع من الأخطاء من غيرهم.
بينما يكون الأشخاص المعرضون للخطأ غير عالمين دائما بكونهم يعانون من مشكلة، يمكن إجراء اختبارات لتحديد قدرة الطلبة على تحديد اليمين من اليسار، ومن خلال ذلك يمكن لكل من تبين أنه يعاني من صعوبة في ذلك أن يبدأ في إعارة انتباه في بعض الوضعيات.
كما أن خفض عناصر تشتيت الإنتباه والإلهاء هو أمر مهم بشكل خاص، فخلال مراحل حرجة من التحليق بالطائرات على سبيل المثال، يلتزم الطيارون بالامتناع عن كل حديث غير مهم من أجل تجنب أي إلهاء إضافي، وقد يكون لهذه القواعد المتعلقة بمقصورات القيادة في الطيران بالإضافة إلى استراتيجيات أخرى فوائد عظيمة في مجال الرعاية الصحية إذا ما تم تبنّيها فيها.