هل قبر حواء موجود حقاً في مدينة جدة؟
تُعد جدة إحدى أهم وأقدم المدن السعودية، فهي اليوم الوجهة الأولى للسياح الراغبين بزيارة السعودية، كما أنّها تُعد مركزاً للمال والأعمال في المملكة وذلك يعود نسبياً لكونها أكبر ميناء على البحر الأحمر.
وفي الحقيقة فموقعها المميز على شاطئ البحر الأحمر كان سبب نشأتها بالأساس، حيث يُعتقد أنّ مجموعة من الصيادين أنشأوا المدينة في الألفية الأولى قبل الميلاد عندما استقروا فيها وجعلوها منطلقاً لرحلات الصيد، وقد كان التحول التاريخي الذي قاد المدينة للازدهار والنمو هو قرار الخليفة عثمان بن عفان باتخاذها كميناءٍ لمكة المكرمة.
موقع مدينة جدة على الخريطة.
لكن يبقى من الأمور المحيرة جداً سبب تسمية المدينة بهذا الإسم، وبينما يرى الكثيرون أنّ الاسم هو فيالحقيقة ”جُدّة“ –بضم الجيم– التي تعني بالعربية شاطئ البحر، وقد ذكر هذا الاسم الأديب ومؤلف المخطوطات ياقوت الحموي في معجم البلدان، كما ذكره ابن بطوطة في رحلته، لكن هناك رأياً آخر يقول أنّ اسم المدينة في الحقيقة يُلفظ بفتح الجيم أي ”جَدة“، وينسب هذا الاسم إلى أم وجدّة البشرية، وهي ”حواء“!
في وسط مدينة جدة اليوم؛ تقع أحياء جدة الأثرية كحي العمارية، وحي جدة التاريخية الذي يُعرف محلياً باسم جدة البلد، ويضم العديد من المعالم والمباني الأثرية كسور جدة، ومسجد عثمان بن عفان، بالإضافة إلى الأسواق التاريخية، كما تضم هذه الأحياء مقابر تاريخية، ومن أقدم هذه المقابر ”مقبرة أمنا حواء“ الواقعة في حي العمارية، حيث هناك لافتة صغيرة على سور هذه المقبرة كُتب عليها: ”أمنا حواء“.
يوجد داخل هذه المقبرة قبرٌ يُعتقد أنّه قبر حواء، وتقول القصص المتداولة أنّه كان قبراً ضخماً جداً، فقد كان طوله 120 متراً وعرضه 3 أمتار وارتفاعه 6 أمتار، لكن وضع القبر تدهور كثيراً خلال القرن الأخير، وذلك بسبب السلطات السعودية والعقيدة الوهابية، فقد قام الأمير فيصل بتدمير القبر عام 1928، وبعدها أهملت السلطات السعودية القبر ولم تهتم به، وذلك يعود ربما للاعتقاد الوهابي بأنّ الاهتمام الكبير بالقبور سيقود إلى الوثنية وعبادة الأصنام والشرك بالله، وقد اتضح هذا في عام 1975 حيث غضبت السلطات السعودية الدينية من قيام بعض الحجاج بالصلاة عند القبر، فقامت بإغلاقه وطمره بالإسمنت بقرارٍ من هيئة الأمر بالمعروف.
مقبرة حواء في جدة.
بالطبع؛ فالقصص والآراء حول هذا القبر وحول حقيقة كونه قبر حواء تتباين كثيراً، حيث يقول بعض سكان المدينة أنّ حواء نزلت في الأصل في هذه المدينة بينما نزل آدم في الهند والتقيا عند جبل عرفة، الذي يظن البعض أنّه أخذ اسمه هذا لأن آدم وحواء التقيا فيه فعرفته وعرفها، وينسب الكثيرون هذه القصة إلى الجغرافيّ أبو محمد الهمداني، وقد ورد ذكر هذا القبر من قبل العديد من المؤرخين.
في ترجمته لكتاب ألف ليلة وليلة؛ ذكر المستكشف والمستشرق (السير ريتشارد فرانسيس بورتون) مشاهدة القبر، كما ذكر الكاتب (أنجيلو بيشي) موقع القبر في كتابه Jeddah: Portrait of an Arabian City، وقد كان العالم والجغرافي الإدريسي من أوائل من ذكروا القبر وذلك في القرن الثاني عشر، كما قام الجغرافي والرحالة ابن جبير بذكره بعد زيارته جدة، حيث ذكر وجود مكان ذو قبة بالغة القدم في جدة يُقال أنّه قبر حواء، كما قام كلٌ من الرحالة ابن المجاور والمؤرخ ابن خلكان بذكر وجود القبر.
قبر حواء سنة 1913. صورة: Wikimedia Commons
ويذكر المفكر والمؤرخ والرحالة اللبناني أمين الريحاني أنّ أمير الحجاز وشريف مكة عون الرفيق حاول هدم بعض القبور من بينها قبر حواء، لكن هذا سبب غضباً شعبياً، حتى أنّ قناصل الدول الأجنبية اعترضوا على الأمر وقالو له: ”لك ما تشاء في الأولياء، ولكن حواء أم الناس أجمعين، ونحن نحتج على هدم مقامها“، لذا عدل عن الأمر لكنه كان غير راضياً على ما يبدو حيث قال: ”لكن هل تظنون أنّ أمنا كانت طويلة بهذا القدر؟ إذا كان الغباء عالمياً فدعوا القبر على حاله“.
بالطبع لا يوجد دليل علمي ملموس حول صحة كون هذا القبر يضم رفات حواء بل وحتى صحة وجودها هي في الأساس، وآراء الباحثين المعاصرين تتباين حول تاريخ هذا الضريح لكن الكثيرين منهم يرون أنّ الأمر ليس أكثر من أسطورةٍ محلية، وبينما كان الكثير من الحجاج يزورون المقبرة في السابق –حتى أنّ البعض كان يقوم بشراء بعضٍ من تراب المقبرة ليتبارك به– إلا أنّ الاهتمام بهذا القبر قد قلَّ في يومنا هذا حتى بين أهل جدة، وذلك بسبب التعاليم الدينية الوهابية التي ترى وجوب عدم الاهتمام بالقبور.
تُعد جدة إحدى أهم وأقدم المدن السعودية، فهي اليوم الوجهة الأولى للسياح الراغبين بزيارة السعودية، كما أنّها تُعد مركزاً للمال والأعمال في المملكة وذلك يعود نسبياً لكونها أكبر ميناء على البحر الأحمر.
وفي الحقيقة فموقعها المميز على شاطئ البحر الأحمر كان سبب نشأتها بالأساس، حيث يُعتقد أنّ مجموعة من الصيادين أنشأوا المدينة في الألفية الأولى قبل الميلاد عندما استقروا فيها وجعلوها منطلقاً لرحلات الصيد، وقد كان التحول التاريخي الذي قاد المدينة للازدهار والنمو هو قرار الخليفة عثمان بن عفان باتخاذها كميناءٍ لمكة المكرمة.
موقع مدينة جدة على الخريطة.
لكن يبقى من الأمور المحيرة جداً سبب تسمية المدينة بهذا الإسم، وبينما يرى الكثيرون أنّ الاسم هو فيالحقيقة ”جُدّة“ –بضم الجيم– التي تعني بالعربية شاطئ البحر، وقد ذكر هذا الاسم الأديب ومؤلف المخطوطات ياقوت الحموي في معجم البلدان، كما ذكره ابن بطوطة في رحلته، لكن هناك رأياً آخر يقول أنّ اسم المدينة في الحقيقة يُلفظ بفتح الجيم أي ”جَدة“، وينسب هذا الاسم إلى أم وجدّة البشرية، وهي ”حواء“!
في وسط مدينة جدة اليوم؛ تقع أحياء جدة الأثرية كحي العمارية، وحي جدة التاريخية الذي يُعرف محلياً باسم جدة البلد، ويضم العديد من المعالم والمباني الأثرية كسور جدة، ومسجد عثمان بن عفان، بالإضافة إلى الأسواق التاريخية، كما تضم هذه الأحياء مقابر تاريخية، ومن أقدم هذه المقابر ”مقبرة أمنا حواء“ الواقعة في حي العمارية، حيث هناك لافتة صغيرة على سور هذه المقبرة كُتب عليها: ”أمنا حواء“.
يوجد داخل هذه المقبرة قبرٌ يُعتقد أنّه قبر حواء، وتقول القصص المتداولة أنّه كان قبراً ضخماً جداً، فقد كان طوله 120 متراً وعرضه 3 أمتار وارتفاعه 6 أمتار، لكن وضع القبر تدهور كثيراً خلال القرن الأخير، وذلك بسبب السلطات السعودية والعقيدة الوهابية، فقد قام الأمير فيصل بتدمير القبر عام 1928، وبعدها أهملت السلطات السعودية القبر ولم تهتم به، وذلك يعود ربما للاعتقاد الوهابي بأنّ الاهتمام الكبير بالقبور سيقود إلى الوثنية وعبادة الأصنام والشرك بالله، وقد اتضح هذا في عام 1975 حيث غضبت السلطات السعودية الدينية من قيام بعض الحجاج بالصلاة عند القبر، فقامت بإغلاقه وطمره بالإسمنت بقرارٍ من هيئة الأمر بالمعروف.
مقبرة حواء في جدة.
بالطبع؛ فالقصص والآراء حول هذا القبر وحول حقيقة كونه قبر حواء تتباين كثيراً، حيث يقول بعض سكان المدينة أنّ حواء نزلت في الأصل في هذه المدينة بينما نزل آدم في الهند والتقيا عند جبل عرفة، الذي يظن البعض أنّه أخذ اسمه هذا لأن آدم وحواء التقيا فيه فعرفته وعرفها، وينسب الكثيرون هذه القصة إلى الجغرافيّ أبو محمد الهمداني، وقد ورد ذكر هذا القبر من قبل العديد من المؤرخين.
في ترجمته لكتاب ألف ليلة وليلة؛ ذكر المستكشف والمستشرق (السير ريتشارد فرانسيس بورتون) مشاهدة القبر، كما ذكر الكاتب (أنجيلو بيشي) موقع القبر في كتابه Jeddah: Portrait of an Arabian City، وقد كان العالم والجغرافي الإدريسي من أوائل من ذكروا القبر وذلك في القرن الثاني عشر، كما قام الجغرافي والرحالة ابن جبير بذكره بعد زيارته جدة، حيث ذكر وجود مكان ذو قبة بالغة القدم في جدة يُقال أنّه قبر حواء، كما قام كلٌ من الرحالة ابن المجاور والمؤرخ ابن خلكان بذكر وجود القبر.
قبر حواء سنة 1913. صورة: Wikimedia Commons
ويذكر المفكر والمؤرخ والرحالة اللبناني أمين الريحاني أنّ أمير الحجاز وشريف مكة عون الرفيق حاول هدم بعض القبور من بينها قبر حواء، لكن هذا سبب غضباً شعبياً، حتى أنّ قناصل الدول الأجنبية اعترضوا على الأمر وقالو له: ”لك ما تشاء في الأولياء، ولكن حواء أم الناس أجمعين، ونحن نحتج على هدم مقامها“، لذا عدل عن الأمر لكنه كان غير راضياً على ما يبدو حيث قال: ”لكن هل تظنون أنّ أمنا كانت طويلة بهذا القدر؟ إذا كان الغباء عالمياً فدعوا القبر على حاله“.
بالطبع لا يوجد دليل علمي ملموس حول صحة كون هذا القبر يضم رفات حواء بل وحتى صحة وجودها هي في الأساس، وآراء الباحثين المعاصرين تتباين حول تاريخ هذا الضريح لكن الكثيرين منهم يرون أنّ الأمر ليس أكثر من أسطورةٍ محلية، وبينما كان الكثير من الحجاج يزورون المقبرة في السابق –حتى أنّ البعض كان يقوم بشراء بعضٍ من تراب المقبرة ليتبارك به– إلا أنّ الاهتمام بهذا القبر قد قلَّ في يومنا هذا حتى بين أهل جدة، وذلك بسبب التعاليم الدينية الوهابية التي ترى وجوب عدم الاهتمام بالقبور.