كيف أصبح للولايات المتحدة الحق في ضم أي جزيرة إذا كانت فقط تحوي براز الطيور، بصرف النظر عن مكان وجودها!
في القرن الثامن عشر، كان جميع البشر من المزارعين، وفيما كان عدد سكان العالم قد بدأ بالتزايد بشكل متسارع ظلت نسبة العاملين في الزراعة على حالها تقريبًا.
كانت التربة في جميع أنحاء العالم تفقد مغذياتها جراء قرون من الزراعة المستمرة، مما أدّى لتدهور كفاءة المزروعات، إلى أن سافر رجل يدعى (ألكساندر فون هومبولت) إلى دولة البيرو واكتشف الـ(جوانو) Guano، وهو سماد من ذرق الطيور المتراكم، أي فضلات الطيور وبرازها، وكلمة ”اكتشف“ هنا تعني هنا أنه قد رأى مواطنين يفعلون شيئًا وادّعى أنه مخترعه.
يعرّف قاموس Merriam-Webster الجوانو بأنه ”سماد يحتوي على البراز المتراكم للطيور البحرية أو الخفافيش“. كان الجوانو عبارة عن سمادٍ معجزة بفضل محتواه العالي من النيتروجين، وقد جن جنون العالم به.
بحلول الخمسينيات من القرن التاسع عشر، كان الجوانو يُباع في الولايات المتحدة مقابل 75 دولارًا لكل رطل بحسب قيمة الدولار لعام 2017، أي ما يساوي ثلث تكلفة ذات الوزن من الفضة، وكان الناس يصنعون ثرواتهم عن طريق استيراد براز الطيور، في حين هيمن عدد قليل من الأشخاص على السوق في الولايات المتحدة، حيث رفعوا أسعار الجوانو دون حسيب أو رقيب.
البحث عن الجوانو.
لذلك قدم (وليام هنري سيوارد)، وهو نفس الشخص الذي كان قد اشترى جزيرة ألاسكا، مشروع قانون في مجلس الشيوخ يسمح لأي مواطن أمريكي بالمطالبة بأي جزيرة غير مأهولة وضمها للولايات المتحدة، إذا ما تبين أنها تحتوي على الجوانو.
وهكذا استمرت هستيريا الجوانو، وسافر رجال الأعمال حول العالم بحثاً عن جزر نائية تحتوي على الجوانو وبمجرد إيجادها، كانت هذه الجزر تُلحَق بالولايات المتحدة بصرف النظر عن مكان وجودها.
نسخة أصلية من قانون جزر الجوانو الذي سنّه الكونغرس الأمريكي.
بهذه الطريقة ألحقت أماكن كجزيرة (هاولاند) بأمريكا، وهي قطعة أرض بطول 2.4 كيلومتر تقع جنوب المحيط الهادئ، وجزيرة (كينغمان ريف) المرجانية التي لا تبرز عن سطح البحر بأكثر من متر واحد.
لذا كان السؤال هو: كيف تُضم مثل هذه الأماكن إلى الولايات المتحدة؟ باعتبار أنها لم تكن قريبة منها حتى، إذ أن بعضها كان على بعد أكثر من 6437 كلم من البر الرئيسي.
لم يكن من المنطقي إضافة هذه الأماكن كولايات، فمعظمها لا يحتوي على سكان دائمين، كما لم يكن من المنطقي إضافة هذه الجزر كأقاليم، وهكذا كان على الولايات المتحدة الخروج بتصنيف جديد كلياً لجزر الجوانو تلك: وقد سمتها «المناطق المنعزلة» The Insular Areas.
اعتبرت هذه المناطق الجزرية جزءًا لا يتجزأ من الولايات المتحدة من قبل الحكومة الفيدرالية، قاطعةً الطريق على أي احتمالية لاستقلالها أو إنشاء حكومات مستقلة فيها. في الواقع، بموجب هذا القانون، لم تنظر الولايات المتحدة إلى هذه المناطق على أنها أراضي حتى، بل على أنها سفن، فأي جرائم كانت قد ارتكبت على جزر الجوانو تلك تم البت فيها بموجب القانون البحري الأمريكي.
بعض الجزر التي ضمت للولايات المتحدة بموجب قانون جزر الجوانو .
كانت الفائدة الحقيقية الوحيدة لكون هذه الجزر جزءًا من الولايات المتحدة هي مشروعية تدخل الجيش الأمريكي في حال حاولت دولة أخرى المطالبة بها، واتضح فيما بعد أن معظم الجزر المطالب بها لا تصلح لاستخراج الجوانو، فجزر كثيرة مثل (بالميرا أتول) كانت رطبة جدًا بطريقة لا يجف معها الجوانو ويتحول إلى سماد مفيد.
في الحقيقة لم تكن هذه الجزر عديمة الفائدة تمامًا، فقد أعطت للولايات المتحدة مواقع اقتصادية حصرية تمتد على بعد 280 كلم من أراضي أي بلد. ومع هذه المناطق الاقتصادية الحصرية تتمتع الدولة المالكة بحقوق حصرية في صيد الأسماك والحفر وجميع الأنشطة الاقتصادية الأخرى.
حتى اليوم، يتمتع الأمريكيون بهذه الحقوق الحصرية في جميع أنحاء العالم بفضل ذرق الطيور، والجزء الأكثر روعة من قانون جزر الجوانو هو أنه لا يزال ساري المفعول حتى اليوم، حيث لا يزال بإمكانك الذهاب وإضافة جزيرة إلى الولايات المتحدة إذا كانت تحتوي على ذرق الطيور.
قبل 20 عامًا فقط، صادف مواطن أمريكي جزيرة (نافاسا) التي تقع بين (هايتي) و(جامايكا)، وكانت تحتوي على الجوانو، فقدم طلبًا إلى وزارة الداخلية للمطالبة بها، لكنهم رفضوا هذا الطلب بسرعة لأنهم ادعوا أنه تمت المطالبة به بالفعل قبل قرن من الزمان، وهذا أمر منطقي، فاليوم لا وجود لجزر معروفة في جميع أنحاء العالم لم تتم المطالبة بها بالفعل من قبل الدول، لكن هذا لا يعني أنه لن يتواجد هذا النوع من الجزر بتاتاً، حيث تظهر الجزر البركانية الصغيرة على الدوام، وإذا ما وجدتها في الوقت المناسب، يمكنك استخدام هذا القانون القديم لإضافة مجموعة من الصخور إلى الولايات المتحدة .
في القرن الثامن عشر، كان جميع البشر من المزارعين، وفيما كان عدد سكان العالم قد بدأ بالتزايد بشكل متسارع ظلت نسبة العاملين في الزراعة على حالها تقريبًا.
كانت التربة في جميع أنحاء العالم تفقد مغذياتها جراء قرون من الزراعة المستمرة، مما أدّى لتدهور كفاءة المزروعات، إلى أن سافر رجل يدعى (ألكساندر فون هومبولت) إلى دولة البيرو واكتشف الـ(جوانو) Guano، وهو سماد من ذرق الطيور المتراكم، أي فضلات الطيور وبرازها، وكلمة ”اكتشف“ هنا تعني هنا أنه قد رأى مواطنين يفعلون شيئًا وادّعى أنه مخترعه.
يعرّف قاموس Merriam-Webster الجوانو بأنه ”سماد يحتوي على البراز المتراكم للطيور البحرية أو الخفافيش“. كان الجوانو عبارة عن سمادٍ معجزة بفضل محتواه العالي من النيتروجين، وقد جن جنون العالم به.
بحلول الخمسينيات من القرن التاسع عشر، كان الجوانو يُباع في الولايات المتحدة مقابل 75 دولارًا لكل رطل بحسب قيمة الدولار لعام 2017، أي ما يساوي ثلث تكلفة ذات الوزن من الفضة، وكان الناس يصنعون ثرواتهم عن طريق استيراد براز الطيور، في حين هيمن عدد قليل من الأشخاص على السوق في الولايات المتحدة، حيث رفعوا أسعار الجوانو دون حسيب أو رقيب.
البحث عن الجوانو.
لذلك قدم (وليام هنري سيوارد)، وهو نفس الشخص الذي كان قد اشترى جزيرة ألاسكا، مشروع قانون في مجلس الشيوخ يسمح لأي مواطن أمريكي بالمطالبة بأي جزيرة غير مأهولة وضمها للولايات المتحدة، إذا ما تبين أنها تحتوي على الجوانو.
وهكذا استمرت هستيريا الجوانو، وسافر رجال الأعمال حول العالم بحثاً عن جزر نائية تحتوي على الجوانو وبمجرد إيجادها، كانت هذه الجزر تُلحَق بالولايات المتحدة بصرف النظر عن مكان وجودها.
نسخة أصلية من قانون جزر الجوانو الذي سنّه الكونغرس الأمريكي.
بهذه الطريقة ألحقت أماكن كجزيرة (هاولاند) بأمريكا، وهي قطعة أرض بطول 2.4 كيلومتر تقع جنوب المحيط الهادئ، وجزيرة (كينغمان ريف) المرجانية التي لا تبرز عن سطح البحر بأكثر من متر واحد.
لذا كان السؤال هو: كيف تُضم مثل هذه الأماكن إلى الولايات المتحدة؟ باعتبار أنها لم تكن قريبة منها حتى، إذ أن بعضها كان على بعد أكثر من 6437 كلم من البر الرئيسي.
لم يكن من المنطقي إضافة هذه الأماكن كولايات، فمعظمها لا يحتوي على سكان دائمين، كما لم يكن من المنطقي إضافة هذه الجزر كأقاليم، وهكذا كان على الولايات المتحدة الخروج بتصنيف جديد كلياً لجزر الجوانو تلك: وقد سمتها «المناطق المنعزلة» The Insular Areas.
اعتبرت هذه المناطق الجزرية جزءًا لا يتجزأ من الولايات المتحدة من قبل الحكومة الفيدرالية، قاطعةً الطريق على أي احتمالية لاستقلالها أو إنشاء حكومات مستقلة فيها. في الواقع، بموجب هذا القانون، لم تنظر الولايات المتحدة إلى هذه المناطق على أنها أراضي حتى، بل على أنها سفن، فأي جرائم كانت قد ارتكبت على جزر الجوانو تلك تم البت فيها بموجب القانون البحري الأمريكي.
بعض الجزر التي ضمت للولايات المتحدة بموجب قانون جزر الجوانو .
كانت الفائدة الحقيقية الوحيدة لكون هذه الجزر جزءًا من الولايات المتحدة هي مشروعية تدخل الجيش الأمريكي في حال حاولت دولة أخرى المطالبة بها، واتضح فيما بعد أن معظم الجزر المطالب بها لا تصلح لاستخراج الجوانو، فجزر كثيرة مثل (بالميرا أتول) كانت رطبة جدًا بطريقة لا يجف معها الجوانو ويتحول إلى سماد مفيد.
في الحقيقة لم تكن هذه الجزر عديمة الفائدة تمامًا، فقد أعطت للولايات المتحدة مواقع اقتصادية حصرية تمتد على بعد 280 كلم من أراضي أي بلد. ومع هذه المناطق الاقتصادية الحصرية تتمتع الدولة المالكة بحقوق حصرية في صيد الأسماك والحفر وجميع الأنشطة الاقتصادية الأخرى.
حتى اليوم، يتمتع الأمريكيون بهذه الحقوق الحصرية في جميع أنحاء العالم بفضل ذرق الطيور، والجزء الأكثر روعة من قانون جزر الجوانو هو أنه لا يزال ساري المفعول حتى اليوم، حيث لا يزال بإمكانك الذهاب وإضافة جزيرة إلى الولايات المتحدة إذا كانت تحتوي على ذرق الطيور.
قبل 20 عامًا فقط، صادف مواطن أمريكي جزيرة (نافاسا) التي تقع بين (هايتي) و(جامايكا)، وكانت تحتوي على الجوانو، فقدم طلبًا إلى وزارة الداخلية للمطالبة بها، لكنهم رفضوا هذا الطلب بسرعة لأنهم ادعوا أنه تمت المطالبة به بالفعل قبل قرن من الزمان، وهذا أمر منطقي، فاليوم لا وجود لجزر معروفة في جميع أنحاء العالم لم تتم المطالبة بها بالفعل من قبل الدول، لكن هذا لا يعني أنه لن يتواجد هذا النوع من الجزر بتاتاً، حيث تظهر الجزر البركانية الصغيرة على الدوام، وإذا ما وجدتها في الوقت المناسب، يمكنك استخدام هذا القانون القديم لإضافة مجموعة من الصخور إلى الولايات المتحدة .