أخطاء صغيرة تكلف رئيس طهاة فرنسي حياته وتدفعه حدّ الانتحار
فرانسوا فاتيل. صورة: History Blog
يتعلق الأمر برئيس الطهاة الفرنسي (فرانسوا فاتيل)، الذي بعد سلسلة من الأخطاء الصغيرة وسوء التفاهم الذي أحاط بالتحضير لمأدبة عشاء، رفع الميلودراما إلى نهاياتها المتطرفة وقضى نحبه منتحرًا.
كان اسم مولد (فرانسوا فاتيل) في سويسرا هو (فريتز كارل فاتيل) 1631-1671. في أيام شبابه توجه إلى فرنسا حيث تعلم طهي العجائن والفطائر، ثم عمل لدى (نيكولاس فوكي) الذي أصبح لاحقًا وزير المالية لدى الملك لويس الرابع عشر. أصبح بعدها (فاتيل) رئيس طهاة مشهور، وكان غالبا ما يشار إليه (خطأً) بأنه الشخص الذي اخترع كريمة (شانتيي).
ارتفع مقام (فاتيل) بين موظفي (فوكي) حتى أصبح الـ(ماجوردومو) الخاص به، وهي أعلى رتبة بين موظفي منزل أرستقراطي.
كان أول من وظف (فاتيل) من الأرستقراطيين هو (نيكولاس فوكي) الظاهر في الصورة. صورة: Wikimedia
في سنة 1661، أشرف (فرانسوا فاتيل) على تدبير وتنظيم حفل باذخ بمناسبة تنصيب (فوكي) في قصر (فو لو فيكومت) في الجنوب الشرقي لباريس.
قام (فاتيل) بعمل ممتاز حيث كانت الحفلة ممتازة بكل المقاييس، لقد كان نصرا حقيقيا لـ(فاتيل) بينما كانت كارثة بالنسبة لرئيسه وموظفه (فوكي)، حيث اتضح أن الحفلة كانت باذخة أكثر من اللزوم لدرجة أنها أصبحت خطأ مهنيًا جسيمًا، حيث أثارت في نفس الملك لويس الرابع عشر نوعاً من الغيرة تجاه وزير المالية خاصته، لذا قام بطرده من منصبه ورمى به في السجن بتهمة سوء استغلال الوظيفة وتبديد المال العام، وأبقى عليه مسجونًا إلى غاية وفاته سنة 1680.
الـ(غراند كوند) الذي قام بتوظيف (فرانسوا فاتيل) بعد سجن رب عمله السابق. صورة: Wikimedia
لم يبق (فاتيل) بدون وظيفة لوقت طويل بعد سجن رئيس عمله، وعلى ما يبدو كان تنظيم حفل مبهرج وباذخ يتسبب في الزج برب عمل المرء في السجن أمراً جيدا يقود لاستقطاب اهتمام الطبقة الأرستقراطية في فرنسا آنذاك. سرعان ما تم توظيف (فاتيل) من قبل الأمير لويس الثاني من (بوربون كوند)، الذي كان يعرف كذلك باسم (غراند كوند)، والذي جعل من (فاتيل) رئيس الطهاة لديه وأعلى موظف في منزله.
قصر (شانتيي) زمن (فرانسوا فاتيل) ورئيس الأمير لويس الثاني، الـ(غراند كوند). صورة: Wikimediaأخطاء صغيرة في مأدبة كبيرة:
عُين (فرانسوا فاتيل) من قبل الأمير لويس الثاني لتدبير وتنظيم مأدبة كبيرة لاستقبال 2000 شخص من الطبقة الأرستقراطية والنبيلة، وقد كان من المقرر لهذا الحفل أن يتم في قصر (شانتيي) في الخامس والعشرين من أبريل سنة 1671 على شرف الملك (لويس الرابع عشر).
تم التخطيط للمأدبة على عجالة ولم يكن أمام (فاتيل) سوى 15 يومًا للتحضير، وهو الأمر الذي جعله يصاب بالتوتر والقلق ما قاده لارتكاب سلسلة من الأخطاء الطفيفة والصغيرة غير أنها قادته إلى حتفه.
خلال مأدبة عشاء تمهيدية سبقت موعد المأدبة الفعلية بأيام، كان عدد الضيوف أكبر من المتوقع، ومنه بقيت طاولتان من بين 26 طاولة بدون لحم مشوي. انتكس (فاتيل) وراح يندب حظه قائلا بأنه قد فقد شرفه ولم يكن بمقدوره تحمل العار.
لم تساهم تأكيدات الكثيرين بأن المأدبة مضت بأفضل ما يرام وأن الملك كان سعيدًا بكل ما تم تقديمه بالتخفيف من قلقه وتوتره، وواصل (فاتيل) هوسه بالطاولتين اللتين لم يقم بوضع اللحم المشوي عليهما. في وقت لاحق في تلك الليلة، لم يسر عرض للألعاب النارية مثلما كان مخططا له بسبب الضباب الكثيف والسحب المنخفضة، وهو الأمر الذي جعل (فاتيل) يكتئب أكثر فأكثر.
انتحار (فرانسوا فاتيل). صورة: Le Parisienأخطاء تقود صاحبها للانتحار:
في اليوم الموالي، سارت الأمور من سيئ لأسوأ بالنسبة لـ(فاتيل)، ففي وقت سابق من يوم 24 أبريل، أي قبل يوم من تاريخ الحفل الموعود، صادف (فاتيل) أحد الممولين الذي كان مسؤولا عن توفير السمك والذي جلب معه شحنتين فقط، فسأله (فاتيل) عما إذا كان ذلك كل السمك المتوفر فأجابه الرجل بنعم، وهنا حصل سوء التفاهم الذي مثل القطرة التي أفاضت الكأس، حيث كان (فاتيل) يسأل عما إذا كان ذلك السمك هو جميع السمك المتوفر الذي سيحصل عليه بينما كانت إجابة الرجل تعني أن شحنة السمك تلك كانت الشحنة التي كان هو مسؤولا عنها وأن ممولين آخرين قادمون في طريقهم مع المزيد من الشحنات من السمك.
كان (فاتيل) في هذه اللحظة قد حرم نفسه من النوم لمدة أسبوعين متتاليين بفعل كل تلك الضغوطات النفسية الرهيبة، فأصيب بانهيار عصبي وراح يصرخ: ”لن أنجو من هذه المعضلة، لن أنجو من هذه الإهانة، شرفي وسمعتي على المحك“، ولم يكن قادرا على تحمل حجم الإهانة التي تنتظره في حالة ما لم يتوفر السمك بالعدد المطلوب خلال مأدبة العشاء الملكية التي هو مسؤول عن تحضيرها، لذا قام بحمل سيف وطعن به نفسه.
لم يستغرق الأمر طويلا قبل أن يتضح سوء التفاهم، حيث سرعان ما بدأت شحنات السمك تصل الواحدة تلو الأخرى من الممولين الآخرين، غير أن الأوان كان قد فات بالنسبة لـ(فاتيل)، حيث مات بعد وقت وجيز متأثرا بإصابته.
فرانسوا فاتيل. صورة: History Blog
يتعلق الأمر برئيس الطهاة الفرنسي (فرانسوا فاتيل)، الذي بعد سلسلة من الأخطاء الصغيرة وسوء التفاهم الذي أحاط بالتحضير لمأدبة عشاء، رفع الميلودراما إلى نهاياتها المتطرفة وقضى نحبه منتحرًا.
كان اسم مولد (فرانسوا فاتيل) في سويسرا هو (فريتز كارل فاتيل) 1631-1671. في أيام شبابه توجه إلى فرنسا حيث تعلم طهي العجائن والفطائر، ثم عمل لدى (نيكولاس فوكي) الذي أصبح لاحقًا وزير المالية لدى الملك لويس الرابع عشر. أصبح بعدها (فاتيل) رئيس طهاة مشهور، وكان غالبا ما يشار إليه (خطأً) بأنه الشخص الذي اخترع كريمة (شانتيي).
ارتفع مقام (فاتيل) بين موظفي (فوكي) حتى أصبح الـ(ماجوردومو) الخاص به، وهي أعلى رتبة بين موظفي منزل أرستقراطي.
كان أول من وظف (فاتيل) من الأرستقراطيين هو (نيكولاس فوكي) الظاهر في الصورة. صورة: Wikimedia
في سنة 1661، أشرف (فرانسوا فاتيل) على تدبير وتنظيم حفل باذخ بمناسبة تنصيب (فوكي) في قصر (فو لو فيكومت) في الجنوب الشرقي لباريس.
قام (فاتيل) بعمل ممتاز حيث كانت الحفلة ممتازة بكل المقاييس، لقد كان نصرا حقيقيا لـ(فاتيل) بينما كانت كارثة بالنسبة لرئيسه وموظفه (فوكي)، حيث اتضح أن الحفلة كانت باذخة أكثر من اللزوم لدرجة أنها أصبحت خطأ مهنيًا جسيمًا، حيث أثارت في نفس الملك لويس الرابع عشر نوعاً من الغيرة تجاه وزير المالية خاصته، لذا قام بطرده من منصبه ورمى به في السجن بتهمة سوء استغلال الوظيفة وتبديد المال العام، وأبقى عليه مسجونًا إلى غاية وفاته سنة 1680.
الـ(غراند كوند) الذي قام بتوظيف (فرانسوا فاتيل) بعد سجن رب عمله السابق. صورة: Wikimedia
لم يبق (فاتيل) بدون وظيفة لوقت طويل بعد سجن رئيس عمله، وعلى ما يبدو كان تنظيم حفل مبهرج وباذخ يتسبب في الزج برب عمل المرء في السجن أمراً جيدا يقود لاستقطاب اهتمام الطبقة الأرستقراطية في فرنسا آنذاك. سرعان ما تم توظيف (فاتيل) من قبل الأمير لويس الثاني من (بوربون كوند)، الذي كان يعرف كذلك باسم (غراند كوند)، والذي جعل من (فاتيل) رئيس الطهاة لديه وأعلى موظف في منزله.
قصر (شانتيي) زمن (فرانسوا فاتيل) ورئيس الأمير لويس الثاني، الـ(غراند كوند). صورة: Wikimediaأخطاء صغيرة في مأدبة كبيرة:
عُين (فرانسوا فاتيل) من قبل الأمير لويس الثاني لتدبير وتنظيم مأدبة كبيرة لاستقبال 2000 شخص من الطبقة الأرستقراطية والنبيلة، وقد كان من المقرر لهذا الحفل أن يتم في قصر (شانتيي) في الخامس والعشرين من أبريل سنة 1671 على شرف الملك (لويس الرابع عشر).
تم التخطيط للمأدبة على عجالة ولم يكن أمام (فاتيل) سوى 15 يومًا للتحضير، وهو الأمر الذي جعله يصاب بالتوتر والقلق ما قاده لارتكاب سلسلة من الأخطاء الطفيفة والصغيرة غير أنها قادته إلى حتفه.
خلال مأدبة عشاء تمهيدية سبقت موعد المأدبة الفعلية بأيام، كان عدد الضيوف أكبر من المتوقع، ومنه بقيت طاولتان من بين 26 طاولة بدون لحم مشوي. انتكس (فاتيل) وراح يندب حظه قائلا بأنه قد فقد شرفه ولم يكن بمقدوره تحمل العار.
لم تساهم تأكيدات الكثيرين بأن المأدبة مضت بأفضل ما يرام وأن الملك كان سعيدًا بكل ما تم تقديمه بالتخفيف من قلقه وتوتره، وواصل (فاتيل) هوسه بالطاولتين اللتين لم يقم بوضع اللحم المشوي عليهما. في وقت لاحق في تلك الليلة، لم يسر عرض للألعاب النارية مثلما كان مخططا له بسبب الضباب الكثيف والسحب المنخفضة، وهو الأمر الذي جعل (فاتيل) يكتئب أكثر فأكثر.
انتحار (فرانسوا فاتيل). صورة: Le Parisienأخطاء تقود صاحبها للانتحار:
في اليوم الموالي، سارت الأمور من سيئ لأسوأ بالنسبة لـ(فاتيل)، ففي وقت سابق من يوم 24 أبريل، أي قبل يوم من تاريخ الحفل الموعود، صادف (فاتيل) أحد الممولين الذي كان مسؤولا عن توفير السمك والذي جلب معه شحنتين فقط، فسأله (فاتيل) عما إذا كان ذلك كل السمك المتوفر فأجابه الرجل بنعم، وهنا حصل سوء التفاهم الذي مثل القطرة التي أفاضت الكأس، حيث كان (فاتيل) يسأل عما إذا كان ذلك السمك هو جميع السمك المتوفر الذي سيحصل عليه بينما كانت إجابة الرجل تعني أن شحنة السمك تلك كانت الشحنة التي كان هو مسؤولا عنها وأن ممولين آخرين قادمون في طريقهم مع المزيد من الشحنات من السمك.
كان (فاتيل) في هذه اللحظة قد حرم نفسه من النوم لمدة أسبوعين متتاليين بفعل كل تلك الضغوطات النفسية الرهيبة، فأصيب بانهيار عصبي وراح يصرخ: ”لن أنجو من هذه المعضلة، لن أنجو من هذه الإهانة، شرفي وسمعتي على المحك“، ولم يكن قادرا على تحمل حجم الإهانة التي تنتظره في حالة ما لم يتوفر السمك بالعدد المطلوب خلال مأدبة العشاء الملكية التي هو مسؤول عن تحضيرها، لذا قام بحمل سيف وطعن به نفسه.
لم يستغرق الأمر طويلا قبل أن يتضح سوء التفاهم، حيث سرعان ما بدأت شحنات السمك تصل الواحدة تلو الأخرى من الممولين الآخرين، غير أن الأوان كان قد فات بالنسبة لـ(فاتيل)، حيث مات بعد وقت وجيز متأثرا بإصابته.