جماليات العزلة المكانية على الشاشات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جماليات العزلة المكانية على الشاشات


    جماليات العزلة المكانية على الشاشات


    الأحد 2022/10/0




    ثنائية الإنسان والمكان ركن أساسي في العمل الإبداعي


    طاهر علوان

    ثنائية الإنسان والمكان تشكل ركنا أساسيا مهما في العمل الإبداعي بشتى أنواعه، ومنه فن الفيلم، وهنا يصبح المكان بمثابة مرآة للشخصية ومعبرا عنها وانعكاسا حسيا مباشرا لها ولهذا لا تجد تلك الفاصلة القسرية بين الإنسان والمكان بل إنه ينجح غالبا في التكيف مع المعطيات المكانية وقادر على التفاعل معها بتفرد وبشكل فعال ومباشر.
    سوف تبرز هنا الآثار النفسية المترتبة على العزلة المكانية على الشاشات كما نشاهدها في عمليات الاختطاف والترويع، حيث تعزل الشخصيات بعيدا عن العالم الخارجي، وكما شاهدنا ذلك في أفلام مثل فيلم “التلفزيون الأسود” 2022، والفيلمين اللذين نناقشهما في هذه الصفحة وهما فيلم “حيثما يغني جراد البحر” وفيلم “لو” وقد أسهبنا في تحليلهما.
    في المقابل هنالك قائمة من الأفلام قد تطول وخلاصة تركيزها على الكائن البشري وهو يخضع لتلك السطوة والسيطرة التي تمثلها الأماكن المعزولة وهي كثيرة جدا ومتنوعة وتدخل تلك العلاقة الإشكالية ما بين الإنسان والمكان بقوة، وكما في أفلام “مباشرة أمام دارك” 2006 و”غرفة الهلع” 2022 و”التماسك” 2013 و”اكس ماشينا” 2014 و”كابينة الخشب”2011 و”ألعاب مرحة” 1997 و”جماعة القتل” 1998 و”الغرفة الخضراء” 2016 و”اخرج” 2017 و”الشروق” 1980 و”الشيء” 1982 وغيرها.
    يذهب الباحث والناقد نيكولاس لاسكن في دراسته لهذا النوع من الأفلام إلى أن تقليد العزلة المكانية في السينما، سواء كان نفسيًا أو جسديًا أو كليهما، ثري وأيضا ظاهرة حديثة إلى حد ما إذ لا نشاهد الكثير من مثل هذا النوع من الأفلام في الثلاثينات والأربعينات عن أشخاص يفكرون في وجودهم الحسي والنفسي، وكأن أحدهم في حفرة وفي شكل دوامة خطيرة، لكن العزلة في عصر الأوبئة والتباعد الاجتماعي قد اتخذت أبعادا أخرى جديدة وربما خلقت نوعا جديدا من تلقي الصدمة والتأثر بها لدى الجمهور العريض وبما في ذلك التفاعل السلبي أو النفور من هذا النوع في مقابل ولع جمهور عريض به.
    في أفلام الأمكنة المعزولة تتكامل سينما الجريمة والعنف مع سينما الخوف والإثارة لتقدم شكلا سينمائيا مؤثرا ومشوقا

    ويكتب الفيلسوف والناقد والتر بنجامين عن الصور السينمائية التي تجسد العزلة المكانية المفضي إلى الاغتراب المكاني “بلغ الاغتراب الذاتي للبشرية درجة أنه يمكن أن يُختبر كعملية تدمير ذاتي لكنه يكتسب متعة جمالية من الدرجة الأولى”.
    في المقابل هناك شعور بدائي فينا يثير فكرة ومفهوم كون أي واحد منا هو الناجي الأخير ولهذا تتفاعل فكرة المعزولين مكانيا على الشاشات باتجاه مختلف ممثلا في النجاة كنوع من الصراع من أجل البقاء وبذلك تخوض الشخصية صراعاتها الى النهاية لكي تخرج من تلك المنطقة المعزولة.
    هنا بالطبع تتكامل سينما الجريمة والعنف مع سينما الخوف والإثارة لتقدم لنا شكلا سينمائيا يجد فيه الجمهور الكثير من مواصفات الفيلم المؤثر، والجدير أن يجري التفاعل معه وبذلك ترسخ هذا النوع الفيلمي من بين المئات من الأفلام الأخرى التي لا تعني بتلك المغامرة الشرسة التي يراد من ورائها التحرر من ذلك المكان والخروج منه إلى فضاء أكثر رحابة.
    بالطبع هنالك آلية وتدرج في تقديم القصة السينمائية في هذا النوع من الأفلام وذلك من خلال الشخصية المركزية له، وهي تعيش في حالة من الوحدة والعزلة ولو كانت نسبية المهم أن هنالك قلقا مكانيا متصاعدا وكون الشخصية تسعى للخروج من دائرتها المعتادة.
    أما على صعيد السيناريو فإنه يعرف غالبا في الثلث الأول من الفيلم بالشخصية، وجوانب تتم إضاءتها من الموضوع، ثم الإشكالية والتحدي الذي تواجهه الشخصية ثم هنالك العلاقة مع الشخصيات الثانوية وحتى الموجودات المكانية واستخداماتها، كل تلك العوامل تتكامل مع مجمل الأدوات الفنية لتعكس لنا تلك الجماليات التي تسعى لها في مثل هذا النوع من الأفلام..











يعمل...
X