خيرية البشلاوي تكتب: «يا عمري».. فيلم وثائقي لبناني عن الشيخوخة والذاكـرة والزمن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • خيرية البشلاوي تكتب: «يا عمري».. فيلم وثائقي لبناني عن الشيخوخة والذاكـرة والزمن


    خيرية البشلاوي تكتب: «يا عمري».. فيلم وثائقي لبناني عن الشيخوخة والذاكـرة والزمن





    ـ خيرية البشلاوي
    “يا عمري” فيلم لبناني تسجيلي يسكن الذاكرة ولا يبرحها بانتهاء مدة عرضه.. استغرق جمع مادة هذا الفيلم سنوات طويلة تم احتاج لإعادة انتاجها في قالب فني مدة ليست قصيرة. والأهم احتاج مخرجه إلي طاقة نفسية وقدرة وجدانية لايجاد مسافة فاصلة بين المادة المصورة التي تجمعت لديه وبينه هو كمخرج ومنتج وكاتب لهذه التجربة. وكل ذلك لم يكن هيناً لو عرفنا حميمية العلاقة ومدي معزتها بين الفاعل “المخرج” وبين المفعول به “وهي هنا جدته”.“يا عمري” فيلم وثائقي صنعه حفيد عن جدته التي توفيت عن عمر يتجاوز المائة عام منذ فترة قليلة.وكان الحفيد المخرج مدللاً وتربطه علاقة آسرة بينه وبين جدته ولم تكن هذه الجدة شخصية عادية وإنما امرأة جميلة عاشت ربيع حياتها وسنوات عمرها مع بدايات القرن العشرين وحتي ما بعد نهايته وقد امتلكت أسباب الحياة الحلوة العامرة بالجمال والمكانة الاجتماعية واليسر المادي. وعرفت العالم وتعرفت علي بعض بلدانه أثناء هجرتها إلي البرازيل وزواجها ثم عودتها إلي بيروت. حيث عاصرت أشكالاً من الصراعات السياسية والحياة الحزبية والطائفية ومع ذلك فلم يكن في نية الحفيد أبداً أن يسيس حياة جدته ولكنه في نفس الوقت لم يستطع وهو يسجل مراحل من عمرها المديد أن ينفصل عن الحياة العامة وتاريخ لبنان الذي يطول تأثيره أفراد الأسرة اللبنانية.“يا عمري” فيلم وثائقي مؤثر عن “الشيخوخة” ومعني التقدم في العمر. والذاكرة حين تتعرض لمرض الزهايمر وعن تفاعل الحياة والزمن. وهو أيضا عن موضوع “الذبول”و”الفناء” والموت وكلها كما تري أشياء حميمة والفيلم مع ذلك كله ليس ميلودرامياً ولكنه أبعد ما يكون عن المبالغة. بل هو رصد متزن وقريب لـ”حالة” نمر بها ولابد أن نتعامل معها بإنسانية حتي لا تتحول الشيخوخة إلي عبء ويبقي الهروب منها متاهة.الفيلم أيضا عن العلاقة الأسرية الإنسانية الخلاقة بين جيلين تربط بينهما صلة رحم. وكيف يتولد عن تفاعلها عمل فني بقيمة وعذوبة “يا عمري” الذي يرسم بورتريه متعدد الزوايا. الفيلم مشبع بالعاطفة والتعاطف والحكمة في النظر إلي معني الحياة وماذا يبقي منها بعد الموت؟تبقي علي وجه اليقين ذكريات وتجارب مليئة بأشياء الحياة نفسها. بالحب والحزن والعلاقات المثمرة بين الاحفاد والجدات. بين الفن والحياة ودور الأول في تخليد الثانية.وفي هذا الفيلم تقترب الكاميرا كثيراً من وجه الجدة “هنريات” في لقطات تبرز الأخاديد المحفورة عميقاً في مرحلة الشيخوخة المتقدمة بعدها يعود المخرج إلي الألبوم والصور الفوتوغرافية القديمة لكي يكشف عن مرور الزمن وأثره وما يخلفه علي صفحة الوجه واليدين وعلي مخارج الكلمات بينما تحاول الإجابة عن الأسئلة علي العقل تحت تأثير مرض الزهايمر وعلي الذاكرة عندما تسقط منها الأحداث وتتوه الاسماء وتختلط الحكايات التي مازال يحفظها الحفيد عن هذه “الجدة” نفسها.والمخرج يقلب في ألبوم الصور الفوتوغرافية التي سجلت مشوار الجدة في شبابها وأثناء عمرها المتقدم ويستحضر أمامها المواقف المشحونة بالذكريات مع من أحبتهم وارتبطت بهم من الأبناء وقد مات أكبرهم قبل وفاة أمه ومن حسن الحظ أن هذه الذكري الاليمة قد محت مع ضياع صفحات الذاكرة.فيلم “يا عمري” أقرب إلي الريبورتاج المصور لأمرأة عجوز لم تعد تتذكر عمرها الحقيقي ولا كثيراً من الشخصيات القريبة منها. ولكنها في محاولاتها لاستعادة الذكريات القديمة تذكرنا بماذا تعني أرذل سنوات العمر ولكنها بالقطع سيدة محظوظة بأسرة ترعي شيخوختها ولا تري أنها تشكل عبئاً عليها. يزورها الأبناء والبنات. ويسجل حياتها الحفيد في فيلم يطوف المهرجانات الدولية ويلقي إعجاباً كبيراً.اللقطات القريبة والقريبة جداً. مفردات أساسية في لغة الفيلم المرئية وفي بعض أجزاء من الفيلم يختلط الضحك بالآسي. وبالسرحان في قيمة الحياة وأيضا في قيمة الفن السينمائي والكاميرا التي بامكانها أن تثبت حياة الفرد ولحظات حميمة من حياته.الفيلم أيضا يقدم نموذجاً لإمرأة عربية “هنريات” تمتعت بقدر من الحرية وبالشخصية القوية التي سمحت لها باختيار شريك حياتها والمجاهرة بحبها في وقت لم تكن مثل هذه الحرية متاحة بسهولة.الفيلم كتبه واخرجه وأنتجه هادي زكاك
يعمل...
X