كُتاب وأفلام
غونتر غراس - طبل الصفيح
في عام 1959 نشر الكاتب الألماني غونتر غراس روايته الأولى تحت عنوان "طبل الصفيح" وبعد مرور عشرين عاما، أي في 1979 تحولت الرواية إلى فيلم أثار ضجة كبيرة في كل مكان.
وغراس كاتب ألماني ولد في 16 تشرين أول/أكتوبر من عام 1927 في أسرة بسيطة لها أصول ألمانية وبولندية تملك محلا للبقالة في مدينة دانتسيغ التي تحمل اسم غدانسك حاليا وتقع في بولندا وكانت في السابق على الحدود بين ألمانيا وبولندا. تربى غراس في وسط كاثوليكي وأراد مغادرة بيت أسرته فتوجه إلى الجيش أثناء الحكم النازي وشارك في الحرب العالمية الثانية وشهد أهوالها وانضم إلى الوحدات النازية الخاصة (وهو ما كشف عنه في فترة متأخرة من حياته)، ثم وقع أسيرا لدى القوات الأميركية. وبعد الحرب مارس أعمالا بسيطة متعددة مثل مزارع وعامل بناء و عامل مناجم قبل أن يقرر التركيز على الدراسة فسافر إلى دوسلدورف وبرلين ثم انتقل إلى باريس حيث كان يكسب قوت يومه من النحت والرسم والكتابة قبل أن يعود إلى برلين لاحقا.
لم يكن غراس روائيا فحسب بل كانت له قدرات أخرى في الرسم وكتابة الشعر والمسرحيات والكرافيك وحتى في الموسيقى إذ كان يعزف لفترة مع فرقة لموسيقى الجاز. نشر أولى نتاجاته الشعرية في عام 1955 ثم أولى مسرحياته في عام 1957 وبعدها أصدر أولى رواياته في عام 1959 بعنوان "طبل الصفيح" لتبدأ معها شهرته العالمية.
وغراس واحد من عمالقة الأدب في العالم وفي ألمانيا وكان يُعتبر سلطة أخلاقية ويُسمى ضمير البلد الوطني وله أعمال عديدة رصد فيها المجتمع الألماني وبيئته ملتقطا خصوصياته وكان يتابع التغيرات التي طرأت على مجتمعه مع تطور الأحداث السياسية والاقتصادية وغيرها ومنها انتفاضة المثقفين في ألمانيا الشرقية في عام 1953 والاحتجاجات الطلابية في عام 1968. ومن أهم كتبه روايته الأولى التي أضاف إليها كتابين آخرين في عام 1963 هما "قط وفأر" و "سنوات الكلاب" فأصبحت تسمى ثلاثية دانتسيغ. له أيضا "تخدير موضعي" و "الجرذ" و "السمكة".
في عام 1999 كتب مذكرات في ثلاثة أجزاء تحت عنوان شامل هو "قرني" إشارة إلى قرن أو مائة عام وتتضمن "تقشير البصل" و "الصندوق" و "كلمات جريم".
وكانت آخر رواية نشرها في عام 2002 تحت عنوان "مشية السرطان" عن عملية إغراق سفينة ألمانية كانت تحمل على متنها حوالى عشرة آلاف شخص بضمنهم نساء وأطفال وآخرون فروا أمام تقدم القوات الروسية. ففي ليلة الثلاثين من كانون الثاني/يناير من عام 1945 أطلقت غواصة روسية طوربيدا في اتجاه السفينة ما أدى إلى غرقها وإلى قتل الآلاف حرقا أو غرقا أو بسبب تجمد مياه بحر البلطيق، وهذا العدد يفوق بكثير عدد من لاقوا حتفهم في حادث غرق سفينة تايتانك. ومع ذلك قرر التاريخ تجاوز ذلك وتناسيه لأن ألمانيا كانت في خانة الجناة وبالتالي لا أحد يحفل بما يصيبها وبما تدفع من أثمان.
غراس السياسي
عُرف غراس بنشاط سياسي إذ دعم المستشار السابق فيلي برانت في الانتخابات ودعم الحزب الإجتماعي الديمقراطي ثم انتمى إليه ولكنه لم يستمر فيه وكان يتطرق في رواياته إلى مسؤولية المثقفين في ما يجري من أحداث سياسية في ألمانيا والعالم كما في روايته "تخدير موضعي".
عُرف غراس أيضا بإثارته الكثير من الجدال واللغط كلما نشر نتاجا ما وهو ما حدث في عام 2012 عند نشره قصيدة تحمل عنوان "ما يجب أن يقال" إذ انتقد فيها إسرائيل وصمت العالم عما تفعله خوفا من تهمة جاهزة إسمها معاداة السامية ووصفها بأنها "قوة نووية تهدد السلام الدولي الهش بطبيعته". وبالطبع واجه الكاتب ردود فعل عنيفة من الجميع تقريبا ومنعته إسرائيل من دخول أراضيها فرد عليها بالقول إن هذا المنع يذكره بسياسة ألمانيا الشرقية. عُرف غراس أيضا بانتقاده الولايات المتحدة وسياساتها الخارجية في العالم واستهجن موقف المستشارة أنغيلا ميركل المتساهل مع قضية التجسس وعمليات التنصت التي تقوم بها وكالة الأمن القومي الأميركية كما كشف عن ذلك إدوارد سنودن.
طبل الصفيح
في عام 1999 حصل غراس على جائزة نوبل للآداب بفضل روايته "طبل الصفيح" التي وُصفت بأنها كشفت عن الجانب المنسي من التاريخ وبأنها واحدة من الأعمال الأدبية التي ستبقى خالدة.
صحيفة الغارديان وصفت الرواية بالقول إنها قد لا تكون أفضل رواية في التاريخ ولكنها أفضل رواية عن القرن العشرين، أي أفضل كتاب وصف المرحلة بكل أمجادها ومآثرها وكوارثها وأمزجتها المتعددة وأجوائها وجنونها وتياراتها وتاريخها والمضمر من هذا التاريخ.
وفي عام 1979 عُرض فيلم مأخوذ عن الرواية يحمل العنوان نفسه من إخراج فولكر شلوندورف Volker Schlöndorff.
حصل الفيلم على جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان مشاركة مع فيلم "يوم القيامة الآن" لفرنسيس فورد كوبولا وهو أول فيلم ألماني أو يخرجه ألماني يفوز بهذه الجائزة.
وفي عام 1980 فاز بجائزة أوسكار لأفضل فيلم أجنبي ليكون بذلك أول فيلم من ألمانيا أو باللغة الألمانية يفوز بهذه الجائزة.
تدور أحداث الفيلم في مدينة دانتسيغ في فترات ما قبل الحرب العالمية الثانية وخلالها وبعدها والشخصية الأساسية فيه هو أوسكار ماتزيراث الذي ينضج في وقت مبكر جدا ويراقب عالم الكبار ويمقته فيقرر وهو في سن الثالثة ألا يكبر على الإطلاق ويستلم في هذه الأثناء هدية هي طبل من الصفيح سيبقى يرافقه في جميع مراحل حياته وسيرتبط به إلى درجة أنه قد يفعل أي شيء إذا ما حاول أحد تجريده منه. وللصغير أوسكار قدرة غريبة أخرى تتمثل بصوت هائل إذا ما صرخ به حطم كل ما حوله من زجاج. ومع طبل الصفيح وصوته، وهي في الحقيقة وسائل احتجاجه على هذا العالم، يواصل أوسكار حياته لينقل لنا ما يحدث.
في الرواية الأصلية ثلاثة أبواب ولا يتناول الفيلم غير بابين منها. ورغم حصول الفيلم على جوائز مهمة انتقده البعض لكونه يتضمن مشاهد للكبار مثَّلها طفل في الحادية عشرة من العمر، ليظهر بمظهر أوسكار القزم وهو ما دفع عددا من الولايات الأميركية إلى منع عرضه على أراضيها.
وصف فنسنت كانبي من صحيفة نيويورك تايمز الفيلم بأنه عملية جادة ومسؤولة لتحويل قصة عملاقة إلى فيلم وقال إنه حتى لو وجدت مآخذ فالسبب هو أن الرواية معقدة وصعبة بالأساس ثم اعتبر الفيلم واحدا من أفضل 1000 فيلم في التاريخ.
أما جين سيسكل من صحيفة شيكاغو تربيون فقالت عن الفيلم بأنه يسبب تمزقات داخلية وإنه مليء بصور ومشاهد صادمة واحدة تلو الأخرى.
غونتر غراس قال في كلمته عند تسلمه جائزة نوبل إنه تعلم من ردود الفعل على روايته طبل الصفيح بأن "الكتب يمكن أن تمثل إهانة وأن تثير غضبا وحتى كراهية بحيث أن ما يفعله المرء بدافع الحب لبلده قد يُنظر إليه على أنه إساءة له. ومنذ ذلك الوقت أصبحتُ مثيرا للجدل" .
توفي غراس في نيسان/أبريل من عام 2015 عن ثمانية وثمانين عاما تقريبا.
غونتر غراس - طبل الصفيح
في عام 1959 نشر الكاتب الألماني غونتر غراس روايته الأولى تحت عنوان "طبل الصفيح" وبعد مرور عشرين عاما، أي في 1979 تحولت الرواية إلى فيلم أثار ضجة كبيرة في كل مكان.
وغراس كاتب ألماني ولد في 16 تشرين أول/أكتوبر من عام 1927 في أسرة بسيطة لها أصول ألمانية وبولندية تملك محلا للبقالة في مدينة دانتسيغ التي تحمل اسم غدانسك حاليا وتقع في بولندا وكانت في السابق على الحدود بين ألمانيا وبولندا. تربى غراس في وسط كاثوليكي وأراد مغادرة بيت أسرته فتوجه إلى الجيش أثناء الحكم النازي وشارك في الحرب العالمية الثانية وشهد أهوالها وانضم إلى الوحدات النازية الخاصة (وهو ما كشف عنه في فترة متأخرة من حياته)، ثم وقع أسيرا لدى القوات الأميركية. وبعد الحرب مارس أعمالا بسيطة متعددة مثل مزارع وعامل بناء و عامل مناجم قبل أن يقرر التركيز على الدراسة فسافر إلى دوسلدورف وبرلين ثم انتقل إلى باريس حيث كان يكسب قوت يومه من النحت والرسم والكتابة قبل أن يعود إلى برلين لاحقا.
لم يكن غراس روائيا فحسب بل كانت له قدرات أخرى في الرسم وكتابة الشعر والمسرحيات والكرافيك وحتى في الموسيقى إذ كان يعزف لفترة مع فرقة لموسيقى الجاز. نشر أولى نتاجاته الشعرية في عام 1955 ثم أولى مسرحياته في عام 1957 وبعدها أصدر أولى رواياته في عام 1959 بعنوان "طبل الصفيح" لتبدأ معها شهرته العالمية.
وغراس واحد من عمالقة الأدب في العالم وفي ألمانيا وكان يُعتبر سلطة أخلاقية ويُسمى ضمير البلد الوطني وله أعمال عديدة رصد فيها المجتمع الألماني وبيئته ملتقطا خصوصياته وكان يتابع التغيرات التي طرأت على مجتمعه مع تطور الأحداث السياسية والاقتصادية وغيرها ومنها انتفاضة المثقفين في ألمانيا الشرقية في عام 1953 والاحتجاجات الطلابية في عام 1968. ومن أهم كتبه روايته الأولى التي أضاف إليها كتابين آخرين في عام 1963 هما "قط وفأر" و "سنوات الكلاب" فأصبحت تسمى ثلاثية دانتسيغ. له أيضا "تخدير موضعي" و "الجرذ" و "السمكة".
في عام 1999 كتب مذكرات في ثلاثة أجزاء تحت عنوان شامل هو "قرني" إشارة إلى قرن أو مائة عام وتتضمن "تقشير البصل" و "الصندوق" و "كلمات جريم".
وكانت آخر رواية نشرها في عام 2002 تحت عنوان "مشية السرطان" عن عملية إغراق سفينة ألمانية كانت تحمل على متنها حوالى عشرة آلاف شخص بضمنهم نساء وأطفال وآخرون فروا أمام تقدم القوات الروسية. ففي ليلة الثلاثين من كانون الثاني/يناير من عام 1945 أطلقت غواصة روسية طوربيدا في اتجاه السفينة ما أدى إلى غرقها وإلى قتل الآلاف حرقا أو غرقا أو بسبب تجمد مياه بحر البلطيق، وهذا العدد يفوق بكثير عدد من لاقوا حتفهم في حادث غرق سفينة تايتانك. ومع ذلك قرر التاريخ تجاوز ذلك وتناسيه لأن ألمانيا كانت في خانة الجناة وبالتالي لا أحد يحفل بما يصيبها وبما تدفع من أثمان.
غراس السياسي
عُرف غراس بنشاط سياسي إذ دعم المستشار السابق فيلي برانت في الانتخابات ودعم الحزب الإجتماعي الديمقراطي ثم انتمى إليه ولكنه لم يستمر فيه وكان يتطرق في رواياته إلى مسؤولية المثقفين في ما يجري من أحداث سياسية في ألمانيا والعالم كما في روايته "تخدير موضعي".
عُرف غراس أيضا بإثارته الكثير من الجدال واللغط كلما نشر نتاجا ما وهو ما حدث في عام 2012 عند نشره قصيدة تحمل عنوان "ما يجب أن يقال" إذ انتقد فيها إسرائيل وصمت العالم عما تفعله خوفا من تهمة جاهزة إسمها معاداة السامية ووصفها بأنها "قوة نووية تهدد السلام الدولي الهش بطبيعته". وبالطبع واجه الكاتب ردود فعل عنيفة من الجميع تقريبا ومنعته إسرائيل من دخول أراضيها فرد عليها بالقول إن هذا المنع يذكره بسياسة ألمانيا الشرقية. عُرف غراس أيضا بانتقاده الولايات المتحدة وسياساتها الخارجية في العالم واستهجن موقف المستشارة أنغيلا ميركل المتساهل مع قضية التجسس وعمليات التنصت التي تقوم بها وكالة الأمن القومي الأميركية كما كشف عن ذلك إدوارد سنودن.
طبل الصفيح
في عام 1999 حصل غراس على جائزة نوبل للآداب بفضل روايته "طبل الصفيح" التي وُصفت بأنها كشفت عن الجانب المنسي من التاريخ وبأنها واحدة من الأعمال الأدبية التي ستبقى خالدة.
صحيفة الغارديان وصفت الرواية بالقول إنها قد لا تكون أفضل رواية في التاريخ ولكنها أفضل رواية عن القرن العشرين، أي أفضل كتاب وصف المرحلة بكل أمجادها ومآثرها وكوارثها وأمزجتها المتعددة وأجوائها وجنونها وتياراتها وتاريخها والمضمر من هذا التاريخ.
وفي عام 1979 عُرض فيلم مأخوذ عن الرواية يحمل العنوان نفسه من إخراج فولكر شلوندورف Volker Schlöndorff.
حصل الفيلم على جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان مشاركة مع فيلم "يوم القيامة الآن" لفرنسيس فورد كوبولا وهو أول فيلم ألماني أو يخرجه ألماني يفوز بهذه الجائزة.
وفي عام 1980 فاز بجائزة أوسكار لأفضل فيلم أجنبي ليكون بذلك أول فيلم من ألمانيا أو باللغة الألمانية يفوز بهذه الجائزة.
تدور أحداث الفيلم في مدينة دانتسيغ في فترات ما قبل الحرب العالمية الثانية وخلالها وبعدها والشخصية الأساسية فيه هو أوسكار ماتزيراث الذي ينضج في وقت مبكر جدا ويراقب عالم الكبار ويمقته فيقرر وهو في سن الثالثة ألا يكبر على الإطلاق ويستلم في هذه الأثناء هدية هي طبل من الصفيح سيبقى يرافقه في جميع مراحل حياته وسيرتبط به إلى درجة أنه قد يفعل أي شيء إذا ما حاول أحد تجريده منه. وللصغير أوسكار قدرة غريبة أخرى تتمثل بصوت هائل إذا ما صرخ به حطم كل ما حوله من زجاج. ومع طبل الصفيح وصوته، وهي في الحقيقة وسائل احتجاجه على هذا العالم، يواصل أوسكار حياته لينقل لنا ما يحدث.
في الرواية الأصلية ثلاثة أبواب ولا يتناول الفيلم غير بابين منها. ورغم حصول الفيلم على جوائز مهمة انتقده البعض لكونه يتضمن مشاهد للكبار مثَّلها طفل في الحادية عشرة من العمر، ليظهر بمظهر أوسكار القزم وهو ما دفع عددا من الولايات الأميركية إلى منع عرضه على أراضيها.
وصف فنسنت كانبي من صحيفة نيويورك تايمز الفيلم بأنه عملية جادة ومسؤولة لتحويل قصة عملاقة إلى فيلم وقال إنه حتى لو وجدت مآخذ فالسبب هو أن الرواية معقدة وصعبة بالأساس ثم اعتبر الفيلم واحدا من أفضل 1000 فيلم في التاريخ.
أما جين سيسكل من صحيفة شيكاغو تربيون فقالت عن الفيلم بأنه يسبب تمزقات داخلية وإنه مليء بصور ومشاهد صادمة واحدة تلو الأخرى.
غونتر غراس قال في كلمته عند تسلمه جائزة نوبل إنه تعلم من ردود الفعل على روايته طبل الصفيح بأن "الكتب يمكن أن تمثل إهانة وأن تثير غضبا وحتى كراهية بحيث أن ما يفعله المرء بدافع الحب لبلده قد يُنظر إليه على أنه إساءة له. ومنذ ذلك الوقت أصبحتُ مثيرا للجدل" .
توفي غراس في نيسان/أبريل من عام 2015 عن ثمانية وثمانين عاما تقريبا.