نبيل صافيةالاتحاد العربي للثقافة
بيت الشّعر قلب الشّارقة
يسرّني أن أتحدّث اليوم عن بيت الشّعر في الشّارقة ، للتّعريف به كونه أحد قلاع الشّعر العربيّ الذي له أهمّيّته على مستوى الوطن العربيّ ، فقد تمّ تأسيسه بتوجيهات من صاحب السّمو الشّيخ الدّكتور سلطان بن محمّد القاسميّ ، عضو المجلس الأعلى للاتّحاد في دولة الإمارات العربيّة المتّحدة حاكم الشّارقة _ حفظه الله ورعاه _ وافتتح سمّوه ذلك البيت في شهر تشرين الثّاني من عام ألف وتسعمئة وسبعة وتسعين ، إيماناً منه بأنّ ذلك الصّرح الشّعريّ سيكون له أهمّيّته في انتشار الثّقافة العربيّة في بعدها العربيّ والإنسانيّ ، وتمّ الافتتاح وسط احتفال مميّز حضره عدد كبير من الشّعراء والأدباء والنّقّاد والمثقّفين العرب ، ويعدّ ذلك الصّرح الحضاريّ والثّقافي امتداداً لسلسة الإنجازات الرّائدة التي احتضنتها الشّارقة ودائرة الثّقافة والإعلام المميزّة فيها ، والتي يترأسها السّيّد عبد الله العويس ، وتعدّ الشّارقة العاصمة الثّقافيّة في بعدها العربيّ والدّوليّ والإنسانيّ ، ويقدّم بيت الشّعر مختلف أنواع الشّعر العربيّ سواء ماكان من الشّعر التّقليديّ أو الحداثي كشعر التّفعيلة والحر وأجناس شعريّة متنوّعة لشعراء مبدعين من مختلف الدّول العربيّة ، ويتناول أغراض الشّعر كلّها حاملاً القيم العربيّة والإسلاميّة والإنسانيّة .
ولبيت الشّعر أهداف يسعى لتحقيقها ، كان منها الاهتمام بالشّعر والشّعراء في مجالات التّوثيق والكتابة والإعلام ، وتأصيل دور الشّعر والشّعراء في الحركة الثّقافية والمجتمع ، وإيصال صوت الشّعر إلى مختلف قطاعات المجتمع ، وتوثيق الحركة الشّعريّة المحلّيّة والخليجيّة والعربيّة ، والتّفاعل مع الحياة الشّعريّة وطنيّاً وعربيّاً وإنسانيّاً ، ودعم الشّعراء وتشجيعهم مادّياً ومعنويّاً ، والبحث في جماليّات الشّعر العربيّ وبثّها في دنيا النّاس المنظورة ، والبحث والدّراسة في شعر شعراء الإمارات خصوصاً والوطن العربيّ عموماً ، والاهتمام بالنّقد الأدبيّ كرافد مهمّ في حركة تطوّر الشّعر العربيّ ، والعمل للحفاظ على الموروث الشّعريّ من التّبديد والتّهميش ، وإذكاء حركة التّطوّر الشّعريّ بانتقاء الأجود من الأعمال الشّعريّة للمشاركات والنّشر ، وإعلاء قيم التّواصل الإنسانيّ بين الشّعراء والأدباء في الوطن العربيّ ، ورعاية المواهب الشّعريّة بالتّدريب العلميّ والمتابعة المستمرّة ، وإلقاء الضّوء على التّجارب المهمّة من الشّعراء الرّياديين أو الشّباب فيما يخدم عراقة القصيدة العربية وتطوّرها ، وتوثيق الشّعر والنّقد عن طريق النّشر المطبوع والرّقميّ ومواقع التّواصل الاجتماعيّ ، وتخصيص مساحة دائمة للإنتاج الشّعريّ الإماراتيّ في مختلف النّشاطات والمجالات والفعاليّات والاهتمام به لخدمة مسيرة الشّعر في دولة الإمارات العربيّة المتّحدة ، وتشجيع الابتكار الشّعريّ والأدبيّ بالطّريقة التي تستند إلى القيم الأدبيّة الأصيلة .
ويتربّع بيت الشّعر في قلب الشّارقة بمنطقة المريجة ، ويتضمّن مكاتب وقاعات عدّة ، منها قاعة للمطالعة ، وهي تضمّ خمسة عشر ألف عنوان متخصّص في تاريخ الشّعر العربيّ ودراسته ونقده ودواوين لشعراء ومراجع من الشّعر الجاهليّ حتّى وقتنا الرّاهن ، إضافة لركن خاص بأعمالٍ لشعراءَ عالميين مترجمة للعربيّة ، وهي تعدّ المكتبة الأولى عربيّاً وفق التّصنيف الثّقافي لها ، وهناك قاعات أخرى ، منها : قاعة منتدى الثّلاثاء التي تقام فيها الأمسيات الشّعريّة ومجلس الضّيافة وقاعة البحوث والدّراسات وقاعات إداريّة أخرى .
وقد نظّم بيت الشّهر منذ تأسيسه العديد من الأنشطة الثّقافية المرتبطة بالشّعر العربيّ الفصيح والنّبطيّ ، كما أُقيمَت فيه العديد من النّدوات والمحاضرات الشّعريّة والنّقديّة قدّمها عدد من المثقّفين العرب والمهتمّين بالشّعر العربيّ ، وبيت الشّعر يعمد لاستقطاب شعراء الوطن العربيّ وشعراء العالم ، ويقيم دورات تدريبيّة لأنشطة ثقافيّة للنّاشئة والموهوبين في فنّ الشعر ، يشرف عليها أساتذة متخصّصون لتنمية تلك الموهبة الفذّة في نفوس أبنائنا .
ومن تلك الأنشطة التي يرعاها بيت الشّعر منتدى الثّلاثاء ، حيث يتمّ فيه تقديم الأمسيات الشّعريّة والمنتديات والنّدوات الأدبيّة والثّقافية ، كما يتمّ فيه مهرجان الشّارقة للشّعر العربيّ ، وتقديم جائزة الشّارقة للشّعر العربيّ ، كما يُقام ملتقى الشّارقة الشّهريّ للشّعر العربيّ إضافةً للاحتفال باليوم العالميّ للغة العربيّة وكذلك اليوم العالميّ للشّعر واليوم الوطنيّ وكذا الحال للاحتفال بيوم الشّهيد ومختلف المناسبات الدّينيّة ، وهو يسعى للتّعاون مع مختلف المؤسّسات الحكوميّة والخاصة في دولة الإمارات العربيّة المتّحدة ، كما يسعى للإسهام بإصدار الدّواوين الشّعريّة والكتب النّقديّة المتميّزة .
وحريٌ بنا ونحن نتحدّث عن بيت الشّعر أن نشير بلمحة لمديره الشّاعر المتميّز ، وصاحب الموهبة الشّعريّة المتّقدة الأستاذ محمّد عبد الله البريكيّ ، وهو قامة أدبيّة متميّزة يسعى دوماً لتفعيل الحركة الثّقافيّة الشّعريّة العربيّة ، كما أنّه صاحب دواوين شعريّة عديدة سواء في الشّعر العربيّ الفصيح أو النبطيّ ، وتقلّد جوائز شعريّة متعدّدة ، كما شارك في تحكيم مختلف المسابقات الشّعريّة العربيّة ، وهو دائم الحضور في المهرجانات الشّعريّة والأدبيّة العربيّة ، كما يسعى دوماً لتنفيذ توجيهات صاحب السّمو الشّيخ الدّكتور سلطان بن محمّد القاسميّ ، عضو المجلس الأعلى للاتّحاد ، حاكم الشّارقة _ حفظه الله ورعاه _ للارتقاء بالمستوى الشّعريّ نحو آفاق إنسانيّة واسعة وتطويره نحو تحقيق الأهداف المنشودة التي يرعاها صاحب السّمو الشّيخ الدّكتور سلطان بن محمّد القاسميّ _ حفظه الله وأمدّ بعمره _ لتبقى الشّارقة عاصمة الثّقافة الإنسانيّة ، وسموّ الشّيخ سلطان الشّخصية الثّقافيّة الأبرز في القرن الحادي والعشرين .
بقلم : الباحث التّربويّ والإعلاميّ
، وعضو الجمعيّة السّوريّة للعلوم النّفسيّة والتّربويّة
د. نبيل أحمد صافية