مثقفو حلب
Basel O Hariri · ·
+18أرشيف حلب الوطني - دار الوثائق الرقمية التاريخية
·
حلب بريشة الفنانة جِهان أسود أنطاكي
عند مشاهدة لوحات الفنانة جِهان سوف يدرك المشاهد تلك العلاقة المتينة بينها و بين أحجار المدينة ذات اللون الأشهب الجميل، و التي اكتسبت حلب لقبها منه، ذلك اللون الكلسي الأصفر الذي يعطي مشهد بديع خلال إنعكاس أشعة الشمس عليه.
سنلاحظ تركيز الفنانة على التفاصيل المعمارية للحجر الحلبي الأشهب و التي تخفي جمالاً فنياً لا يوصف، يعكس خبرة المعمار الحلبي على مر العصور و الذي طوع الحجر الكلسي لخدمته ليحول ذلك الجماد الصامت إلى تحفة فنية مليئة بالحياة، فأتت آية من الإبداع المعماري المميز. تعتمد الفنانة جِهان في لوحاتها على تقنية الرسم النافر على الخشب، من خلال مزجها لعدد من العناصر و المواد كالخشب و المعادن و الجِص، أغلب لوحاتها مرسومة على الخشب و ليست على قماش كما جرت العادة في اللوحات التشكيلية التقليدية، رغبة منها لإبراز التفاصيل الحجرية بشكلها النافر على اللوحات مما يزيد أهمية اللوحة و فرادتها.
ربما هو أمر طبيعي عند معرفتنا أن الفنانة جيهان بالأساس هي مهندسة معمارية و لها خبرات سابقة في ترميم أبنية حلب التاريخية، فجاءت لوحاتها تتويجاً لتجربتها كمهندسة معمارية بدايةً وانعكاساً لمشاعرها كإنسانة مغتربة عاشقة لمدينتها لاحقاً.
تذكر الفنانة جيهان أن الغربة و الحرب السورية و خراب مدينة حلب القديمة زاد من تعلقها و شغفها بمسقط رأسها، خاصة أن غيابها عن مدينتها قد طال لأكثر من ثماني سنوات، بسبب الحرب الشيطانية التي سرقت منها شخص غالي على قلبها، و كان عرابها في تنمية موهبة الرسم، والدها الشهيد د. ميشيل أسود، دون استطاعتها رؤيته أو توديعه، الأمر الذي دفع بها أن تجد من خلال الفن الملجأ الدافئ للتنفيس عن همومها و للابتعاد عن الواقع المؤلم و اعتبرته الوسيلة الأمثل للتعبير عن مشاعرها الداخلية و محبتها و وفائها تجاه مدينتها الحزينة، تلك المدينة التي ظلمها الزمن و التاريخ و البشر.
تقديم جاد موصللي
تعليق