انتهى العيد و«العجوز» قلقة.. هل تعيد جيورجيا ميلوني كتابة التاريخ الإيطالي؟
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
المصدر:
- دبي-مروان برجاس
التاريخ:
26 سبتمبر 2022ت +ت -الحجم الطبيعي
هل يعيد التاريخ موسوليني؟.. سؤال استحضرته إلى الأذهان جيورجيا ميلوني زعيمة حزب فراتيلي دي إيطاليا (إخوة إيطاليا) القومي، بعد أن انتزعت فوزاً تاريخياً من منافسيها في الانتخابات العامّة الاستثنائية بإيطاليا، لتصبح صاحبة الحظ الأوفر في تولي منصب رئاسة الوزراء.
وتجسد ميلوني البالغة من العمر 45 عاماً حركة تندرج في سياق الفاشية الجديدة التي تمكنت من تحسين صورتها للوصول إلى السلطة، كما أن ميلوني وأثناء حملتها الانتخابية «المدججة» بأفكار الفاشية الجديدة، لم تخف إعجابها الكبير بالزعيم الإيطالي الفاشي بينيتو موسوليني حليف الزعيم النازي أدولف هتلر، لكنها في الوقت نفسهن تخرج بين الفينة والأخرى، للتقليل من شأن جذور حزبها التي تعود لما بعد الفاشية، وتحاول تقديمه على أنه تيار رئيسي مثل حزب المحافظين في بريطانيا.
ولمن لا تسعفه الذاكرة، فقد تأسست الفاشية في إيطاليا عام 1922، بعد مسيرة أعضاء الحركة إلى روما، ووصول بينيتو موسوليني منتصرا إلى عاصمة البلاد ميلانو في ذلك الوقت، وخاض أول محاولة لتأسيس دكتاتورية شمولية في أوروبا الغربية.
وعقائدياً، ينتمي حزب "فراتيلي ديتاليا" الذي تتزعمه ميلوني إلى توجهات "الفاشيين الجدد"، بل وتعد راشيل موسوليني، حفيدة الزعيم الفاشي الإيطالي بينيتو موسوليني، من قادته، وكانت قد فازت وهي ممثلة عنه في عام 2021، بأكبر عدد من الأصوات في انتخابات مجلس بلدية مدينة روما.
وتعتبر ميلوني وحزبها ورثة الحركة الاجتماعية الإيطالية وهو حزب فاشي جديد أسس بعد الحرب العالمية الثانية.
وتقر موليني بأن بينيتو موسوليني أنجز الكثير، كما أكدت وهي في سن التاسعة عشرة في تصريح لمحطة "فرانس 3" التلفزيونية الفرنسية أن موسوليني كان "سياسيا جيدا"، إلا أنه وفق رأيها، ارتكب "أخطاء" منها دخول الحرب العالمية الثانية.
واليوم، بعد مسيرة حاشدة من الانتخابات التي تكللت بالنجاح، أصبحت موليني تستدرك «سياسياً»، بأن عليها مراعاة قاعدتها التي تؤكد انتماءها إلى هذا الماضي، كما عليها في الوقت نفسه طمأنة المعتدلين حتى نالت الفوز. وقالت في مقابلة مع مجلة "ذي سبكتيتور" البريطانية قبل فترة قصيرة "لو كنت فاشية لقلت ذلك".
ولكي تخرج من حالة الغموض التي تكتنف توجهاتها العقائدية، حسمت موليني أمرها بالقول:"لا مكان للأشخاص الذين يحنون إلى الفاشية والعنصرية ومعاداة السامية" في صفوف حزبها.
وتوصف موليني بالمتحدثة الموهوبة التي تعرف كيف تدق على وتر الإيطاليين الحساس تعتمد لهجة شعبية خاصة بالعاصمة الإيطالية، لكنها قد تكون أيضا قاطعة لا بل عدائية أحيانا. وقد تقع أيضا، بحسب مراقبين، في الابتذال.استثمار سياسي
واستطاعت جورجيا ميلوني، أن تستثمر بـ«حنكة» سياسية اللعبة الانتخابية لمصلحة حزبها، حيث نجحت في محاكاة مشاعر الإيطاليين القلِقين من مصاعب ارتفاع كلف المعيشة، وقد ظهر ذلك عبر تقديم نفسها في حشد انتخابي كبير، برفقة ماتيو سالفيني، زعيم «حزب الرابطة»، وسيلفيو بيرلسكوني، زعيم «حركة فورزا إيطاليا»، كجبهة يمينيّة موحدة، ظهرت، بحسب استطلاعات الرأي - المرشّح الأول لتولّي إدارة البلاد.
وظهرت موليني في لقطة فيديو نشرت أمس الأحد عبر تطبيق تيك توك مع حبتي شمام في إشارة إلى اسم عائلتها الذي يرمز إلى هذه الفاكهة.
أول امرأة
ميلوني التي نيتها تشكيل الحكومة الإيطالية المقبلة بنتيجة الانتخابات التشريعية، ستصبح أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في إيطاليا، لتقود أكثر الحكومات يمينية منذ الحرب العالمية الثانية بعد أن تزعمت تحالفا محافظا للفوز في الانتخابات العامة التي جرت أمس الأحد، وهي لم تخف سعادتها بهذا الفوز حيث قالت: "إن إيطاليا اختارت حزبها، ولن يخذلها".
وتتذكر ميلوني البالغة من العمر 45 عاما مع أنصار حزبها القومي "إخوة إيطاليا"، أنها لم نصل إلى نقطة النهاية، فهم في نقطة البداية، كما تقول:" اعتبارا من الغد يجب أن نثبت جدارتنا".
ومن المرجح أن يتم تنصيب حكومة ميلوني الائتلافية، رقم 68 في إيطاليا منذ عام 1946، مع نهاية أكتوبر، ولا يزال رئيس الوزراء ماريو دراجي على رأس الإدارة المؤقتة في الوقت الحالي.
وتواجه ميلوني وحلفاؤها قائمة من التحديات الصعبة من بينها ارتفاع أسعار الطاقة والحرب في أوكرانيا وتجدد التباطؤ في ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.
تعهدات ميلوني
وفي ظل هذه المرحلة الحرجة من تاريخ أوروبا والعالم، ومع تصاعد المواجهة السياسية والنووية بين الولايات المتحدة وروسيا بسبب الحرب الأوكرانية، تعهدت ميلوني بدعم السياسات الغربية بشأن أوكرانيا، وبعدم الإقدام على أي مخاطرة قد تلحق الضرر بأوضاع المالية العامة الهشة لإيطاليا.
وتحدثت ميلوني بلهجة تصالحية خلال الكلمة التي ألقت عند فوزها. وقالت "إذا طلب منا حكم هذا الشعب فسوف نفعل ذلك من أجل جميع الإيطاليين بهدف توحيد الشعب والتركيز على ما يوحدنا وليس ما يفرقنا. هذا وقت تحمل المسؤولية"".
الله الوطن العائلة
وتحمل ميلوني شعار "الله الوطن العائلة" وتشمل اولوياتها اغلاق الحدود الإيطالية لحماية البلاد من "الهاجرين" وإعادة التفاوض بشأن المعاهدات الأوروبية لكي تستعيد روما السيطرة على مصيرها، ومحاربة "مجموعة الضغط لمجتمع الميم" و "الخريف الديموغرافي" للبلاد التي تسجل أعلى متوسط أعمار بين الدول الصناعية بعد اليابان مباشرة.
في العام 2016 نددت ب"التبديل الاتني الحاصل في إيطاليا" على غرار الأحزاب والحركات اليمينية المتطرفة الأخرى في أوروبا. وترى صوفيا فينتورا استاذة العلوم السياسية في جامعة بولونيا أن "ميلوني تمثل مرجعا في الاحتجاج والسخط".
تحديات
وتواجه الحكومة التي ستتولى مهماتها في نهاية أكتوبر، عقبات كثيرة؛ حيث سيتحتم عليها معالجة الأزمة الناجمة من الارتفاع الحاد في الأسعار في وقت تواجه إيطاليا دينا يمثل 150% من إجمالي ناتجها المحلي، أعلى نسبة في منطقة اليورو بعد اليونان. وفي هذا السياق، إيطاليا بحاجة ماسة لاستمرار المساعدات التي يوزعها الاتحاد الأوروبي في إطار خطته للإنعاش الاقتصادي بعد كوفيد-19 والتي يمثل هذا البلد أول المستفيدين منها وبفارق كبير عن الدول الأخرى.
وأوضح المؤرخ مارك لازار لوكالة فرانس برس "لا يمكن لإيطاليا أن تسمح لنفسها بالاستغناء عن هذه المبالغ المالية"، معتبرا أن "هامش التحرك أمام ميلوني محدود جدا" على الصعيد الاقتصادي. في المقابل، بإمكانها الوقوف في صف وارسو وبودابست في معركتهما مع بروكسل "حول مسائل الدفاع عن المصلحة الوطنية بوجه المصالح الأوروبية".
قلق أوروبي
بفوز جورجيا ميلوني في الانتخابات التشريعية في إيطاليا، حقق اليمين المتطرف انفراجة جديدة له في أوروبا، بعد السويد، وفق خبراء، حيث ستُتاح لحزب تعود جذوره إلى الفاشية الجديدة فرصة حكم البلاد للمرة الأولى منذ عام 1945.
ويخشى كثيرون من أن تلتحق روما، نتيجة لتلك الانتخابات، بكتلة دُول وسط أوروبا، والتي باتت تسيطر عليها تيّارات يمينية متطرّفة تثير المتاعب للبيروقراطيين الليبراليين داخل الاتحاد الأوروبي، في وقت تبدو فيه روما وبروكسل بحاجة إحداهما إلى الأخرى أكثر من أي وقت مضى.
وكتبت ميلوني أمس الأحد على تويتر متوجهة الى انصارها "اليوم، يمكنكم المساهمة في كتابة التاريخ".
وقالت "في أوروبا، إنهم قلقون جميعا لرؤية ميلوني في الحكومة (...) انتهى العيد. ستبدأ إيطاليا بالدفاع عن مصالحها القومية".
وفي هذا السياق أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين إلى أن لدى الاتحاد الأوروبي "أدوات" لمعاقبة الدول الأعضاء التي تنتهك سيادة القانون وقيمه المشتركة.
أما رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن فلم تعلق على الخيارات الديمقراطية للشعب الإيطالي، إلا انه قالت لإذاعة (آر.إم.سي)، لكنها ترغب في التأكيد على أن الاتحاد الأوروبي لديه قيم محددة يتمسك بها مثل حقوق الإنسان.
فرحة التيار اليميني
في المقابل، أثلج فوز ميلوني، صدور سياسيين أوروبيين من التيار اليميني من حزب البديل الألماني والتجمع الوطني الفرنسي وحزب العدالة والقانون البولندي، جورجيا ميلوني بفوزها في الانتخابات الإيطالية.
وكتبت بياتريكس فون شتورش عضوة البرلمان الألماني عن حزب البديل من أجل ألمانيا عبر تويتر في وقت متأخر من أمس الأحد "نحتفل مع إيطاليا!".كما أضافت أيضا في تغريدتها "السويد في الشمال وإيطاليا في الجنوب .. الحكومات اليسارية أصبحت من أخبار الماضي".
وغرد رئيس الوزراء البولندي، ماتيوس مورافيسكي بكلمات بسيطة "تهانينا لجورجيا ميلوني ". وكتب عضو البرلمان الأوروبي الفرنسي جوردان بارديلا ، من حزب الجبهة الوطنية القومي اليميني بزعامة مارين لوبان، أن الإيطاليين أعطوا رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين"درسا في التواضع".
وكانت فون دير لاين قد قالت الأسبوع الماضي إن المفوضية لديها أدوات يمكنها استخدامها إذا فشلت إيطاليا، وهي تحت حكومة يمينية، في اتباع قواعد الاتحاد الأوروبي.
وكتب رئيس حزب الجبهة الوطنية بارديلا: "لا يمكن لأي تهديد من أي نوع أن يوقف الديمقراطية ، شعوب أوروبا ترفع رؤوسها وتعيد مصيرها إلى أيديها".
أسواق
وتتابع العواصم والأسواق المالية الأوروبية بعناية تحركاتها المبكرة نظرا لماضيها المتشكك في الاتحاد الأوروبي والموقف المتضارب لحلفائها بشأن روسيا.
ولم تحدث ردود فعل واضحة في السوق اليوم الاثنين، إذ كانت النتيجة متوقعة إلى حد كبير في استطلاعات الرأي.
وقال جيوفاني دونزيللي، وهو شخصية بارزة في حزب إخوة إيطاليا، لمحطة سكاي تي.جي 24 "الشيء الذي تحتاج إليه إيطاليا هو حكومة مستقرة... يبدو أن النتائج تعطينا هذه الفرصة ولن نتخلى عنها".
ميلوني في سطور
ولدت جورجيا ميلوني في روما في 15 يناير 1977 وأصبحت ناشطة في صفوف جمعيات طلابية مصنفة يمينية جدا فيما كانت تعمل حاضنة أطفال ونادلة.
في العام 1996 ترأست جمعية في المدارس الثانوية اتخذت الصليب السلتي شعارا.
وأصبحت في 2006 نائبة ونائبة لرئيس المجلس. وبعد سنتين على ذلك، عينت وزيرة للشباب في حكومة سيلفيو برلوسكوني. وكانت هذه تجربتها الوزارية الوحيدة.
وكانت تحل ضيفة على الكثير من البرامج التلفزيونية. فشبابها وحماستها والصيغ التي اعتمدتها تستقطب وسائل الاعلام. وقد أدركت أيضا ان شخصية امرأة شقراء وشابة مهمة بقدر الأفكار التي تطرحها في المجتمع الذكوري النزعة في إيطاليا.
وقالت لأنصارها في 2019 في روما خلال كلمة حماسية باتت شهيرة "أنا جورجيا أنا امرأة أنا أم وأنا إيطالية". ولجورجيا ميلوني ابنة ولدت في 2006.