«ملتقى الشارقة للراوي» يودع جمهوره بحكايات بحرية
المصدر:
- الشارقة - البيان
التاريخ:
25 سبتمبر 2022ت +ت -الحجم الطبيعي
مثلما استقبلهم في بداية افتتاح ملتقى الشارقة الدولي للراوي بدورته الـ22 الذي نظمه معهد الشارقة للتراث، ودع النواخذة الجمهور بحفاوة أكبر وهم ينشدون لهم أجمل النهمات الشعبية المحلية التي كانت يوماً ما أشهر ما يتداوله الناس حتى صارت إرثاً شعبياً كبيراً يدعو إلى الفخر والاعتزاز، وعاملاً مهماً من عوامل الهوية الوطنية، وتحول صدى الأصوات الشجية، والإيقاعات، والتصفيق المتناغم، إلى أجمل ما تحفل به ذاكرة الجمهور عن هذا المحفل التراثي الثقافي المهم.
جلسات أكاديمية مهمة
جلسات أكاديمية مهمة، تحدث فيها أكاديميون ومتخصصون ومهتمون وعشاق للفن الشعبي، توزعت على ثلاث جلسات و18 ضيفاً مشاركاً، أبحرت الأولى في سحر البحر في إيطاليا وما يكتنزه التراث الشعبي هناك من أسرار وحكايات، ومنه انتقل باحث آخر إلى بحر حيرت أسراره أفواج البحارة الذي مروا منه، أو سمعوا عنه، وهو (بحر الظلمات)، الذي كان يدعو إلى الخوف من جهة، والمواجهة التي عرف بها البحار من جهة أخرى، وكان هناك حديث عن المداحة أو الدرويشة التي تزين المجالس بأنواع الحكايات والأشعار، وتلهب الأجواء بحسن الأداء والاختيار، وانتهت الجلسة بالحديث عن أرشفة الفن الشعبي.
الجلسة الثانية، أخذت الجمهور لا إلى عمق البحر، وإنما إلى أعماق النفس البشرية التي جاورته، أو أبحرت فوقه، ومنها ظهرت أسماء ومسميات وحكايات، مثل الحادي، والحيدي المنصور، وأبرز ما قص في الحكاية الشعبية البحرية، وأخطر حكايات البحر في الخليج العربي طيلة قرن من الزمان، وإشكاليات التوافق بين المروي والمدون من حكايات البحر، ثم الانتقال إلى حكايات شعبية مصرية، سلطت الضوء على حضور البحر في الخيال الشعبي المحلي.
آخر الجلسات جمعت بين الحكايات الشعبية، ومفهوم البحر في الوجدان الشعبي، وأسرار المهنة البحرية للنهامة والرواة والنوخذة، وأدب البحر وأمثاله الشعبية، وطبيعة سكان البحر، قدم فيها الباحثون المشاركون صورة فنية جمالية شعبية بحرية لسكان الإمارات، والعراق، ومصر، والسودان، وأعطت انطباعاً جميلاً على تقارب وجهات النظر بين جيران البحار في هذه الدول، والتقارب الكبير في تعاطيهم مع مدلولاته، وآثاره، فشكلت الجلسة صورة حية، وجرعة معرفية، وإضافة نوعية.
فعاليات شغوفة
فضاءات الملتقى شهدت فعاليات شغوفة أخرى، فهناك ركن الفنان التشكيلي السعودي عبد العظيم الضامن، الذي اختاره ليكون معرضاً للوحاته التي عنونها «حكايات بحار»، وبعد تهنئته بالعيد الوطني للمملكة العربية السعودية الشقيقة، بيّن أن موضوع اللوحات هو عن بحار هجر سفينته، لكنها أبت أن تهجر الشواطئ، فبقيت صامدة حتى تهاوت، وتحولت إلى قصة ملهمة، يرى الجمهور من خلال فتحات السفينة إطلالة أخرى نحو العالم بروح جديدة مستمدة من روح البحار، كما جعل الضامن معرضه متحركاً شارك فيه الجمهور برسم جزء من تفاصيل لوحة كبيرة أخرى بألوان اسماها (ألوان السعادة)، لعله يخرج بها من هذا الملتقى بذكريات جميلة.