- مختارات من الشعر البرتغالي الحديث (1935 – 2010) نصوص الحنان والغنائية الرثائية والبطولية الوطنية
اخترنا من بعض المجلات والدواوين ولا سيما كتاب «انطولوجيا الشعر البرتغالي المعاصر»، حوالي 35 شاعراً يعبرون أو يمثلون المسار الشعري منذ 1935 – 2010. ومن قراءتنا التي نعتبرها «جزئية» لهذا المسار الخصب، اكتشفنا هذه الظواهر الشعرية المتنوعة، التي قد يجمعها عنصر مشترك هو «الحنان» وهذا ما كتبه بيسوا عام 1915 في نص وُجد بعد مماته. الذي أضاف «ما يميز الشعر البرتغالي الغنائية، الرثائية، الحالمة، البطولية، الساخرة، الكئيبة الميتافيزيقية الصوفية».
الشعراء الذين اخترناهم يجمعهم الى حد كبير هذا المسار، لكن، الى ذلك أحدث بعضهم «قطيعة» تاريخية وأدبية مع هذا الارث.
وما يلفت في شعراء هذه المرحلة الراسخين، والمخضرمين، والشباب، ابتعادهم عن تأثيرات الشعر الفرنسي، كما كانت في أوائل القرن الماضي، ليتقربوا أكثر من التجارب الشعرية الانكلو-ساكسونية وخصوصاً الأمريكية.
اديليا لوبيز
No More tears
كم مرة
كم مرة أغلقت على نفسي لكي أبكي
في حمام منزل جدتي
كنت أغسل عيني بالشومبوان
ثم زال الشومبوان
الذي يحرق عيني
قال «جون اند جونسون» No More tears
الامهات هنّ بنات البنات
والبنات هن أمهات الامهات
الأم تغسل شعر الأخرى
ولكل منهنّ شعور الأطفال الشُّقر
لم نعد نستعمل الشومبوان لكي نبكي
وكنت أحب أن أبكي بلا توقف
وكنت أبكي
بلا أي أسف بلا أي ألم بلا أي منديل
بلا أي دمعة
مغلقة على نفسي بالمفتاح في حمام
منزل جدتي
وكنت وحيدة أبعد من نفسي
وأغلقت كل نفسي أيضاً في الخزانة
لكن لا يمكن أن تغلق
الخزانة من الداخل
ولا أحد إطلاقاً رأى ثوباً يبكي.
تينة
تركت صورة تسقط منها
ركض مجهول خلفها
ليعيدها اليها
رفضت أن تأخذ الصورة الفوتوغرافية
لكن المدام تركتها تسقط
لم أستطع أن أتركها تسقط مني
لأنها ليست لي
لا تحب أن يشتبه أحد
وخصوصاً مجهول
بأن هناك علاقة
بينها وبين الصورة
كأنما تركت منديلاً ملطخاً بالدم
يسقط منها
لأنها هي التي كانت في الصورة
ولا شيء يخصنا أكثر من الدم
ولهذا عندما يجرح أحد ما اصبعاً
يضع حالاً اصبعه في
فمه ليمتص الدم
انتبه المجهول لذلك
انها بورتريه المدام
ربما كان بورتري لشخص
يشبهني كثيراً
لكنه ليس أنا
المجهول بدافع المحبة
لم يُصرّ
وبما انه يعرف ان المتسولين
لا يملكون المال ليتصوروا
أعطى الصورة لمتسول
أكلها كتينة.
(1987)
ألبرتو كايرو
Alberto cairo
سيرتي..
إذا أراد أحد، بعد موتي، كتابة سيرتي،
فلن يكون أسهل من ذلك.
ليس هناك سوى تاريخي – مولدي وموتي.
بين الواحد والآخر كل الأيام مُلكي.
من السهل تحديدي.
عشت كملعون.
أحببت الأشياء من دون أي عاطفية.
لم أشعر برغبة أبداً لم أحققها،
لأنني لم أعمَ أبداً.
حتى الاصغاء لم يكن بالنسبة لي مرافقاً للرؤية.
فهمت كل الأمور حقيقية وكل فارق بينها:
فهمتها بعيني، لا بفكري أبداً.
وفهم الأمور بالفكرة يجعلها كلها متساوية.
يوما ما منحني النوم كأي طفل.
فأغمضت عيني. ونمت.
ما عدا ذلك، كنت شاعر الطبيعة الوحيد
(1986)
النافذة
لا يكفي فتح النافذة
لرؤية الحقول والأنهار.
وهذا ليس كافياً لكي لا تكون أعمى
لرؤية الأشجار والأزهار.
فيجب أيضاً ألا يكون هناك أي فلسفة
فلسفة ولم يعد من أشجار،
لم يعد هناك سوى أفكار.
ليس الا أن يكون كل منا مثل باطن الأرض
ليس إلا سوى نافذة مغلقة
والعالم كله خارجا؛
وحلم ما يمكن أن نراه اذا انفتحت النافذة،
والذي هو ليس أبداً ما نراه
عندما تنفتح النافذة
(1986)
الفارو دي كامبوس
Alfaro De Campus
14 تشرين الأول 1930
صليب على مكتب التبغ.!
من مات؟ أهو الفيس؟ بئساً!
الراحة التي كان يوفرها لي.
تغيرت القرية منذ البارحة.
من كان؟ ذلك الذي كنت أراه، هذا كل شيء.
كنت أراه كل يوم. وها أنا اليوم حُرمت من هذه الرتابة.
تغيرت القرية منذ البارحة.
كان مدير مكتب التبغ.
نقطة استدلال لشخص مثلي.
كنت أمر به نهاراً وليلاً.
تغيرت القرية منذ البارحة.
قلبي خلا من الفرح
لأن المكان الذي أنا فيه قد مات.
وبحب مقفل لمكتب التبغ.
تغيرت القرية منذ البارحة.
لكن وهو، كنّا على الأقل نراه،
كان هنا! أنا من يمر
فإذا متّ لن يشتاق إلي أحدٌ؛
ولن يقال:
تغيرت القرية منذ البارحة.
(1988)
فيتورينو نيميزيو
(1901 – 1978)
Vitorino Nemério
رعب
رأيت الحصان الجاري، ولم تغطّه.
جاء بلا فارس، وأنت تركت الميت
في الحُفر.
نعم، كمن يبحث عن بزاقٍ أو عن
خاتم ضائع،
أنا تقبلت رمقه الأخير في
دمعتي الأولى
أنظر كيف أقف من دون ارتجاف قرب الجثث.
كن دقيقاً مع المهر الذي يهرب في عدوه السريع،
ولا تلمسه!
بالنسبة الى العادل، فالسوط مجرد شارة،
ذريعة في يده، وداع النزهات على الجواد.
ابتعد عن الباب، ها هو يصل، لا تضربه،
ها هو يعود!
حصان؟ ميت؟ العتبة عريضة، الريح قارسة.
لكن وحده عُرفُه يُعطر
مربطه العالي المهجور.
ميغيل تورغا
(1907 – 1995)
Miguel Torga
حقل الرز
هناك قرابة مائتي امرأة يغنين ولا
أعرف أي حزن ينحني
ولا يظهر وجهه
يغنين، مزروعات في الماء،
في الشمس وحرارة شهر آب.
يغنينَ الشمال والجنوب معاً.
يغنين بصوت خفيض، ويبدو
انه في جذر أقدامهن الانساني
شيءٌ ما يتعفن.
صوفيا دي ميللو أندرسن
(مواليد 1919 -)
Sophia de Mello Anderson
بحر
-1 –
بين كل أمكنة التألم
أحب الحب الأقوى والأعمق
هذا الشاطئ المنتشي والعادي،
حيث أذوب في البحرية، في الريح،
وفي القمر
– 2 –
أحس الأرض الأشجار الريح
التي ينفخها الربيع بالعطور
لكن فيها لا أرغب ولا أسعى
سوى الى فوح الموج المتوحش
صاعداً نحو النجوم كصرخة نقية.
تعرفت اليك
– 1 –
– تعرفت اليك فور دمارك
من دون أن أقدر على النظر إليك، لأنك
كنت قلب حياتي
انتظرتك في كل الانتظارات.
– 2 –
عرفتك، عشتك في كل إله
وهو وزنك فيَّ ما جعلني حزيناً
دائماً بعدها لم تحققي سوى تدميري
بخطاك الأكثر حقيقية من خطاي
سيرة
كان لي أصدقاء ماتوا، أصدقاء رحلوا
آخرون حطموا
وجوههم على الزمن
وبحثت عن نفسي في الضوء،
في البحر في الريح.
كارلوس دو أوليفيرا
(1921 – 1982)
Carlos De oliveira
ريح
تلمع
الكلمات
في غابة النوم
وجلبتها شبيهة
الظبي المطاردة
الرشيقة الخشنة
كما تتكلم الريح
عن الحب
والعزلة.
من يجرحك أيتها الكلمات
لا يفعلها
عبثاً.
شواطئ
تنام، تطفو على نوع من البركة. تنفّس النهرين تدفع على جدران الغرفة، كأمواج بطيئة، جسمي المختنق، لا أقوى على النوم.
انتظر طيلة الليل
على هذه الشواطئ
من الكلس. المهجورة،
العمودية.
أوجينيو دو اندرادي
(مواليد 1923)
Eugènio de Andrade
المكان الأقرب
الجسد لا يعرف أبداً الحزن!
الجسد هو المكان
الأقرب الذي تغني فيه النار.
ففي النفس وحدها يبني
الموت بيته.
وداعاً
أستدير وها هي بيضاء
الأحصنة.
القمح الجديد،
موسيقى
الأسماء، زمن الزهرة
كل هذا قد عبر.
لكن الأرض تلمع
كمن لا يعرف
الموت أبداً.
أستدير،
ويعود الحمام.
لم تكوني هناك
وأنا وحدي
رأيتها تصل.
ألكسندر أونيل
(1924 – 1986)
Alexandre O’Neill
.. هناك كلمات…
هناك كلمات قبلاتها
تجعلني اظن أنها شفاه،
هي كلمات الحب، أو الأمل
الحب الواسع،
والأمل البلا هدنة.
هذه الكلمات عارية وتعانق
عندما يفقد الليل وجهه
هذه الكلمات
عارية وتمانع
جدران خيبتك.
كلمات فجأة
عالية الألوان
وسط أخرى بلا طعم،
كلمات سيوف غير مؤملة
مثل الشعر أو الحب.
هذا هو الاسم الذي نحب
من حرف الى
حرفٍ مكشوفاً
على طرف رخام لاهٍ
أو على قصاصة
ورق مهملة.
إنها كلمات تحملنا
الى حيث الليل هو الأقوى
حتى صمت العشاق
الذين يتعانقون
في وجه الموت.
انطونيو راموس روزا
(مواليد 1924)
Antonio Ramos Rosa
لا أستطيع إرجاع الحب…
لا أستطيع إرجاع الحب الى قرن آخر
لا أستطيع
حتى ولو اختنقت الصرخة في حلقي
حتى ولو انفجرت الكراهية فرقعت
اشتعلت
تحت جبال رمادية
وجبال رمادية
لا أستطيع تأجيل هذا العناق
الذي هو سلاح بحدين
من الحب والكراهية
لا أستطيع التأجيل
حتى ولو ثقل الليل قروناً على كتفي
حتى ولو تأخر الفجر الغامض
لا أستطيع إرجاع حياتي الى قرن آخر
ولا حبي
ولا صرخة تحرري
لا لا أستطيع تأجيل القلب
عندما يمّحي الضوء
عندما يمحي الضوء
تقريباً بشكل كامل
عندما لا تزال الأضواء تتنفس
عندما تنحني الرايات
عندما يصمت الناس
عندما تتحرك الروح ببطء في الصمت
عندما يمتزج البحر
والسماء في الليل
عبر الظلال التي تتنفس
عندما يمحو الضوء.
آخر شعاع للنهار فيك
وتدخل في صمت الليل
مع الشمس تحت المياه
في صمت الليل.
دافير موراو – فيريرا
(1927 – 1996)
David Mourao – Ferreira
بيت
حاولت الإفلات من البقعة الداكنة
على جسمك، لكنني عزفت عن ذلك
ما رأيت أسوأ مائة مرة من الموت؟
إنه الوجع الرهيب أن نكون بلا قبر.
شربت بين جنبيك الجنون الخارق
بألا أستطيع العيش أبداً بعيداً عنك!
أنت ظل البيت الذي ولدت فيه
أنت الليل الذي يأتي ليقابلني
في الليل
فيك، وفيك وحدك ممرات
وفي غرف منعزلة الرائحة الثمرية
التي تغمر بالنضارة كل الظلمة…
فيك أنت، وفيك أنت
نجد أزهاراً تتفتح
فيك وفيك أنت
يمكن الليل أن
أن يُصغي الى ما يصعد
بلا صوت من
عمق أعماق القلب.
فرناندو غيمارايس
(مواليد 1928)
Fernando Guimaraés
هِبة
حتى الآن الوردة.. أبعد
الصورة المحمولة من النهار
الظل المماثل، المنعطف
حيث كل ما كبر لم يعد هنا.
ارتعاش، اثر مثل الحرير
الذي يولد من الحركات، نسيج حيث
الأيدي (المتحدة أصلاً) هي الطريق
التي تؤدي الى الحدود المستشعرة؛
وردة أخرى، ساكنة
الحصاد لكل ما وُهبت.
الأمواج
تتقارب الأمواج وها نسمع الآن هذه
الجلبة، جلبتنا، أوراق البحر ثقيلة.
Reguieur
الموت تعبٌ ويجد بذلك
في جسدك العري، مكان راحة أخرى.
فرناندو ايشيفاريا
(مواليد 1929)
Fernando Echevarria
جثة الموتى
جثة الموتى ملغزة:
ليس لها ابعد من ذاتها،
ولا من الداخل.
لا نقرأ شيئاً في حجمها، العقد
التحتي الذي يدعم الفكرة
اخلى مكانه للفراغ
الذي لا يُشرف إلا على توقف بلا نهاية.
جثة الموتى ملغزة
لأن اللغز فيها فقد كل وزنه.
العُزلة
العزلة هي ذلك الموت الواسع
حيث لم يكن الموتى عن الحياة.
حيث يقطف الأحياء حزن
الذهاب بعد الموت من دون معرفة إلى أين،
على الرغم من كل قلقهم.
وان حدثت
الولادة البارزة لما نحن أصلاً.
انطونيو اوزوريو
(مواليد 1933)
Antonio Osorio
الفقراء
يكتبون على الشارع:
يجمعون
بتأنٍ
كلمات ويأخذونها
حرفاً حرفاً
يختارون، يجمعون
يكملون
تضربهم
بخفة
ثم تكمل.
دبوس
يحرق
تواقيعهم.
أكثر من الضباب
أكثر من الضباب.
حورية في ضباب
ممتص
حشرة ضارة،
ترى بوضوح.
مجرة
السلوك داخلها
كما نرى
كما نحب
أشجار الدلب العتيقة.
بيدرو تامين
(مواليد 1934)
Pedro Tamen
ضد – مورير
تسكن معي. تخط
اصابعك على اصابعي.
تأكل معي، تنام، تعكس
تُطعم الجوع، والشبع،
ترفع عظامك وتجعل منها علماً،
جد اليف، قريب، مألوف،
نحول الجيب، كوز صنوبر
نامياً على وقع القدر وعينه:
الموت
اتكلم
اتكلم. أقول لك زرقات، خضرات،
تجارب، عظاءات، نسائم دافئة،
اقول لك صرفاً ورغبة، أسكن
أحذر، حيثما أردت الكعك
وأسقط. أسمع اغنية
في صدغي الشتاء،
صفير، المحيط، انها جبهتي.
مانويل اليغر
(مواليد 1936)
Manuel Alegre
الشاعر
عندما يمشي الإنسان
يترك شيئاً منه في الطريق.
فهو كله في الانطلاق ومبعثر لدى الوصول
الباقي يبقى دائماً في الطريق
عندما يمشي الإنسان.
يبقى دائماً في الطريق ذكرى
يبقى دائماً في الطريق شيء أكثر
مما كان في الرحيل أو ما تبقى عند الوصول.
يبقى إنسان لا يعود أبداً كلياً
عندما يمشي الإنسان.
متأخرون…
هناك متى يتأخرون في موتهم.
لا جدوى من دفنهم سيعودون.
يتأخرون أحياناً في ظل
على ذراع كرسي أو على طرف
فنجان مثلوم. أو عندها يختبئون
في علب صغيرة على الطاولات.
هناك أشياء ما زالوا يسكنونها
وهم مثل وجه الغائبين المتجلي
علاماتهم في المنزل وفي العابر.
كذا، قاسٍ جدا سحب الضحى
والغطاء
ترتيب الملابس نزع السرير.
هناك موتى لا يذهبون أبداً
هناك موتى لا يكفون عن اصدار الألم.
فرناندو اسيسي باشيخو
(1937 – 1995)
Frenando Assis Pacheco
حيوانات النار
ذات يوم
وُضع الانسان أمام التجربة، تستجوبه
الرمال التي تتحرك؛
تصدمه العاصفة
التي تريد إغراقه.
حذار حيوانات الشتاء!
انتهى زمن القيثارة.
أصلاً أنا لا أحب أن أغني
العهود المخادعة. ساعي بريد
يتبع شارحاً كيف يبدأ السلام.
دائماً هناك مركب للسفر،
جذع كرمة للعطشى.
السنة الاقل سكناً في حياتي
لا يمكنني ترك الحزن
ان يخضع هذه الاشعار.
لا أريد.
أنا على وشك أن اولد مرة أخرى
بعد بضع خطى متعثرة وحُمى خبيثة،
أجد نفسي على شاطئ قارتي المزهر.
لا أستطيع. لا أريد
ولن أترك نفسي
أتحول إلى شاعر ساخط.
فياما هاسي باييس براندوي
(مواليد 1938)
بيت هولدين الآخر
البيت الاول الذي سمعته يتكلم في الصمت.
بيت الأمس. الذي لم نعد نتكلم عنه.
الفراغ
العطش الذي صنع منه الكتاب. عمق من التفتا الدمقسي من الصور
المنعزلة
عدم التكلم أبداً، في صمت، البيت.
هو منزل الانغام. منزل شعاف،
لكي ترن الكتب. رؤية الريشة
من جديد والمبحرة الغريبتين.
على الخشبة.
في البيت المنفرد.
فليكن بيتي منه جديد. فلادرك نعمة
المكان العبثي. هذه الدائرة،
عبر إعادة قراءته.
=موكب لصديق ميت
في هذه النزهة
أعرف
انك لن تذهب
ليس لأنني رأيتك
ميتاً
بل لأن خطوتك
لا تتبع في الموكب
جثمانك
ليس لأنني رأيتك
بل لأنك
كنت تتبع نفسك
ميتاً
لا اتبعك
كأنما بمصادفة
تلك
لم تكن نزهتك
الأخيرة
وإذا كنت رأيتك
أعرف
أنك كنت ستذهب
ميتاً
أعرف
في أي جثمان.
ارماندو سيلفا كارفالو
(مواليد 1938)
Armando Silva Carvalo
دعوني أدخل…
دعوني أدخل إلى القصيدة.
مصباح من طبيعة ثانية للنظر
إلى الموتى
الموتى الأحياء
الذين افترسهم التراب والخريف المبعثر
بأمطار لاذعة.
دعوني أدخل إلى القصيدة.
رئتاي تجيدان أصلاً تنفس
موسيقى الله في هواء
الطاعون.
اليوم
تموت اليوم الخطب في الرئات
فالهواء ضروري للأفواه الباذخة
في الريح التي هبّت على شعور الليل
وفي دود السوق من البقاء
في تمضية الوقت عند الصيادلة العجائز
إذا اكلت السمكة التي تجلدها قواعد الصرف
لمح الصمت في ممرات الحانات.
يجب الاحساس بالمطرقة الفاشية
في بلدة ريفية. ومن جديد في الجنوب
أنفاس السواح في بخار الضجر.
لويزا نيتو خورخي
(1939 – 1989)
Lwiza Neto Jarge
عاجزة…
عاجزة عن التكلم إلى كل الأرض
سأبوح بسر لأذن واحدة.
النهر..
جفّ النهر.
صعدت بخفة إلى النبع
الميت.
نزلت،
وكان الحبر.
اللسان
اللسان
الذي هو سائل
مقدس
لا يفيض
إصبع
لمست
الكلمة
لا تبلغها.
نحن الذين نعيش
نحن الذين نعيش الموت
لن ندخل بدحرجة غير مهدئة
للعالم. نحن نتغذى
من الكائنات الدونية
نيون حرير تديرها
غيلان، فقاعات صابون
تنفجر بصمت.
ثم في حقول الحصاد، الا بحرق
الرحم قرناً
بعد قرن سفود.
غاستو كروز
(مواليد 1941)
Gastao Gruz
اليد الغامضة
اليد الغامضة تلتصق
بجدار المنزل
الجرح يستنفد
حيل اللغة الواضحة
الكلس يغلي في الكفّ المتقرحة
الزمن
عشت حيث تسودّ النجوم
في الضوء المتقطع
في مسافات متباعدة
خبأوا الزمن عن ناظري
تخلى عنها
الجثة الملتهبة التي لها حق في تلك
ما تبقى
في البحر حيث
كان جسمك
يرتاح كأنما كل موجة تبني
الحفارة الواقية
حقل مقروء ثانية هذا ما يبقى
شبيهاً بالصمت
ممرات
تقودين الى زمن آخر
عابراً
اوقيانوس الأمكنة.
رنين
لن أستطيع انتشالك
من هذه الهاوية
وأجلسك إلى طاولتي
أنا
أنا أيضاً، أعرف ذلك، شبه ميت
منذ أنت منذ
ذلك النهار
الذي في طلوعه جعل
أنين الزمن مسموعاً
في القطن الذي سُّد
به فمك
فاسكو غراسا مورا
(مواليد 1942)
Fasco Graca Moura
مهنة الموت
هكذا أتخيل موت بافيسي:
كانت غرفة في فندق تورينو،
بالتأكيد فندق متواضع من نجمتين
إذا كان له نجوم.
سرير خشب، ذو طلاء مخثر،
يصر لدى لقاءات طارئة،
مريض متلاشٍ ورطب
بتويجوينة في الوسط، وتخصرها
وضع ثلاث وردات بلاستيك في إناء أخضر.
أرى كيف دخل بافيسي، وضع بإهمال
حقيبته، طوى بضع أوراق
ونزع رداءه (كما في الأفلام الايطالية
في ذلك الزمان). ثم ذهب
إلى المرحاض، في العمق، ربما
فكر في ان الحياة ليست سوى بدلة،
هناك نفس عفنه في كل ذلك.
فتح النافذة
وطلب الخط.
كان الليل يهبط بلا كلمات،
وحتى بلا زمامير
فجائية،
سكب كوب ماء، وانتظر.
عندما رنّ الهاتف، لم يكن من كلام كثير للقول
فهو سبق أن قال كل شيء:
سبق أن قال كم يجعلنا الحب معطوبين،
واشقياء، وممحوين.
ويلزمه الذل، لا الكبرياء،
ثم الكف عن الكتابة.
فهذا العوز هو الذي يقتلنا،
انه نوعاً ما، وضعنا الانساني
الكثير إنسانية، الصوت الإنساني،
التعبير الهش عن كل ذلك، صرامة مشدودة:
«وحتى من كل الفتيات اللواتي صنعنه،
فهناك أسماء غامضة، ولا أي ندامة مؤثرة،
لا أحد يتكلم منهن.
ما تخافه هي شجاعة
ما يبدو انه سهل: كل ما لم تصل
تقبل ضربة واحدة من حدود مفاجأة.
هكذا جرت نوعاً ما الأمور. لا أعرف
إذا كان وضع بعد ذلك لافتة
«نرجو عدم الازعاج» أو شيئاً من هذا
القبيل»
ولا إذا كان أخذ الحبوب واحدة
واحدة أو إذا كان عدّها.
لا أعرف إذا كانت تلك التي رآها خادمة،
ولا إذا كانت الشرطة جاءت فوراً،
إذا كان ترك رسالة إلى
صديقه الأفضل، إذا أطفأ الضوء.
إذا وضع قربه محفظته، ساعته اليد، قلمه
لا أعرف إذا كان ولج الموت كانسان عنده
صور لا تحتمل في رأسه،
كلمات موقعة بالرغبة، أو كانسان يقف
ببرودة في الجانب الآخر من النوم،
وانه سيصمت، وهو على حق.
لا أعرف إذا جرت الامور على هذا الشكل، إذا
كانت هناك حقيقة متخيلة أو محرمة. أعرف
انه كان يتمتع بنظرة مصممة، محرضة
واثنان وأربعون عاماً.
أعرف أنه في هذه السن لم يعد أي
وجود للحقائق
ولا أي بُعد بيوغرافي في الموت.
فهذا أصلاً في الكتابات. أفضل
أن أقول انه أغلق بالمفتاح
الباب، وأعرف أنه كان ذكورياً
في شفافيته.
مانويل أنطونيو بينا
(مواليد 1943)
Manuel Antonio Pina
كل شيء على ما يرام
كل شيء على ما يرام، يا أمي
فقط أفرغ من دمي
الدم يذهب، يأتي
نفد مني كثير من الدم
الصبر هو الذي ينقصني
وبعض الوقت
(والمكان)، تركت لي
قليلاً من المكان لمثل هذا الوجود الكثير.
ذكريات أهل
تفيدني
وكذلك النسيان
ودم وماء أقل
جرحي في الجنب
كان يمكن ان يلتئم
وكنت انبعث
من الداخل.
فأنا هنا بالذات مسمر
بلا سلطة
وبلا ألم.
بين يديك
أضع روحي
ولتكن مشيئتك،
وهكذا دواليك.
وجلتك الا
يضطرب
ولا يرتعب،
فأنا بلا طائل أموت.
الموت
الرعب يغني خلفي
(مَن تراه يغني هكذا من أجلي؟)
حيث يحلم حياتي
يعيش عندي، يأكل طعامي.
الأشياء الأكثر سرية
ضاعت بسرعة هائلة!
ذهب الدم لم يسل ابداً
ولم أعد ذاتي ولا مختلفاً.
جواو ميغيل فرنانديز خورخي
(مواليد 1943)
Joao Miquel Fernandez Jorge
المركب الفارغ
مياه النهر
لم تكن تنفصل عن الأخضر
السائل اللطمي. فالضوء
يغطيها بالبياض،
غصن طويل يلوي
على المركب الفارغ،
يضمه حنين أخضر
بالعمق ذاته.
أنا بين الحيطان
أنا بين حيطان الحديقة.
هناك ثلاثة أنواع من الكائنات: الحية،
الميتة والبحارة.
بالكاد يطفو النخيل.
احاذي الحائط الترابي.
لحديقة الأخرى «مباركة
نجمته». متابعة منحى دروب
محاطة بأشجار نخيل كل مرة أكثر صلابة.
أسلك الطريق من حيث تنمو شجرة القصب.
أنطونيو فرنكو ألكسندري
(مواليد 1944)
Antonio Franco Alexandre
تفشل
أنت تفشل في سماع ما تسمع هنا
انه شيء بلا بداية ولا نهاية
فواصل بانصاف الانصاف
أترك، تركت، لا أبدأ
ولا بعدها اللعب ذاتها بالأصابع.
انت ملوي كلك في الأرض. كنت أخفض
من الأخرى، أو وجهك مأخوذ بالخدر
أمام تقدم الشتاء المعصوم
في صدع الكلمات التي نتهجأ.
أنت في سم الرياح المدفون،
لا نعرف اذا كنت تتنفس، نسيت
سبباً ما، التوقيع
التي يستقر أسفل البريد والبورتريهات.
انت تفشل في سماع ما تسمع هنا
هذا كل شيء.
مانويل غوسماو
(مواليد 1949)
Manuel Gusmao
سرعة الضوء
دوران في جسمك
أو في جزء يشير إلى الكلل
خارج محاور العالم.
تستدير انطلاقاً من القامة، تمد ذراعاً.
عضلة تأخذ الضوء، موجة
عمودية حيث ترتفع أنت.
عندها ساق تلوي والقدم الأخرى
على طرفها
منحنٍ على العالم الذي يتجمّد
في هذه اللحظة.
دوران في جسمك.
تمشي في المنزل: أنت جلبة خفيفة
تحت الصمت
جلبة تشعل القيمة الصامتة،
في الصالون، رجل أصم تقريباً أعمى
يسمعك، يظن أنه يعرفك: تأتي.
أنت هنا. انقطاع الوقت قد بدأ.
دوران في جسمك.
أنت هنا. انقطاع الوقت قد بدأ.
دوران في جسمك.
يطردني من العالم
وفي الوقت ذاته موجّه إليّ؛
يدركني
بسرعة الضوء.
وانت الانسان الأصم والأعمى تقريباً
ممسوك بريح النار التي تستنفذني
حتى الجمرة الأخيرة:
سيول صغيرة من الضوء
الحريق المتبقي تحت قشرة الأرض النافدة.
كنت هنا
الزمن يبدأ من جديد.
تظهر وتختفي.
كضوء المنارة المصوب عبر السماء
على منازل
أو مثل اليافطة المضيئة للبناية المقابلة
الذي تكنس بالتعاقب عتمة الغرفة
في الفيلم.
لكن هذه النقطة في الزمن، متى ترجع؟
كأنما كنت تعرف
انها سترجع، نعم، ولا، لا تستطيع الرجوع
حتى، وإذا عادت، فستكون أنا
الذي لن يكون هنا، متى يكون
ذلك، متى؟
(مقاطع)
أل برتو
(1948 – 1997)
Al Berto
فوقس
– 1 –
هنا لا أقيم معك سوى العلاقات البسيطة
لهذه السفن الصامتة في صدى الزمن
واسماؤها التجارة والكسب اللذان ما زالا
يتنقلان اليوم من وحدة إلى وحدة.
– 2 –
كان يريد أن يعمل بحاراً يجوب العالم
تابعاً طريق الطيور الساحلية
بيدين مفتوحتين
الشفاه مسلوخة بمرأى الأسفار
لكان حمل في المتاع
اغنية الرياح
الناعسة
وانتظاراً بلا نهاية لبلاد
أرعبتها المياه
انحنى على الجانب الآخر من المرآة
حيث يصبح الجسم شفاق حتى العظم
في اهمال سر عودة.. ثم
حفظ شغف الايام البعيدة في
حقيبة الكتان
ولت عمق المرآة النوستالجي
بدت فجأة عيون البحر،
موج لمحات تكبر على احفافه ومحارات صغيرة
للمدوسات المضيئة تتحرك على مرمى الأصوات
حيث نسيت الأساطير والتواريخ
هياكل عظمية حشرات ومعادة ثمينة
شبكة حصاد ربطت قبلته مجتاحة
من الفوقس جسمه انفصل من
الظل الالفي
تجمد في نوم الأرض القديم
نزل حتى نسيان كل شيء.. البحر
في صخب المياه المؤكسدة مقلق
بجذر سيوف
ذهب من صارية إلى صارية يرصد الارق
رمى نيراناً حامضياً على وجه البحر
غير الواثق
(مقاطع)
خوسيه أغوستينو باتيستا
(مواليد 1948)
Jose Agostinho Baptista
يوماً بعد يوم
في بطء النهار الم بلا حدود.
في أغصان هذا اليوم عصفور موت.
هذه الورقة تعكس غياب أوراقك هي
بيضاء ووجهك أبيض
وحلم.
ثمرتك ثمرة قاتلة تطهر
دروب النهار.
ستكون مشيئتك في هذه الأرض
وسط السموات
في منتصف النهار
الريح
بلا جدوى الصلاة عندما
في الغسق
نسمع طبول الخوف
الإرهاب يتراءي في
انتباه الأطفال.
بساتين النصب تضطرب،
يذبل القمح.
سنبلة تتضاعف بايقاع نشيد
بعيد
من بعيد جداً يهبط الصمت.
هيلدر مورا بيريرا
(مواليد 1948)
Helder Moura Pereira
أترك هذه الأمكنة..
أترك هذه الأمكنة
وأنا لا أحمل معي شيئاً
حتى هذا الوداع القاسي
الذي يقدم الجوز إلى
فاقد الأسنان. أنا
حزين. لا أحمل هذه البرتغال
في قلبي. أحس أني أعيد
النظر بكل شيء. حزين.
جد حزين إلى درجة لا أريد
فيها سوى أكل الثمار والتدخين
وأفكر ما كانت
تلك المفاجأة
مفاجأة الحب التي
جعلتني حزيناً.
عندما أموت
عندما أموت،
لا تضعوا لي ربطة عنق،
ولا البدلة المخططة، كرهت،
بلا أي ندامة، الوحوش
مطلعة آثار دماء
في ايديم، على مآزر
القصابين،
في باب «انسيتو مويكو
بيغال» دفّانو الموتى
حوله ووجهك،
يا امي، مستند إلى وجهي
وعلى الألم.
لا أحسن نقل الانفعالات
الى مقاطع شعرية هادئة ولا أن
أحمل تجاهك كلمات مفيدة،
فلقد أخذنا
اجازة من آلة اللحم، تابعين
نحن الاثنين، على الطريق
القديمة، بصمت،
النعش المغلق في المقدمة،
لم تكن عندي ذكرى،
لم أكن أرى سوى المرة
الأخيرة التي اراه فيها.
لويس ميغيل نافا
(1957 – 1995)
Luis Miguel Nava
بلا أي هدف
كنّا نرمي حجارة
في الماء لكي يصعد الصمت
إلى السطح.
العالم، الذي تقويه المعاني
يبرز لنا، وهو مدفون
في جسدنا، محاط أحياناً
بشفافيات مفترسة تكهربها
الحجارة من
دون اي هدف
سوى استخراج
مياه الصمت
التي تجمعها.
الجوع
هنا حيث لا تتوصل اليد
الى قاطع الحياة، هنا تلمع
العزلة فقط تتهاوى
على نوافذ الزجاج.
هنا، حيث
بياض منديل
هو بياض الفشل،
هنا لا تلمع
العزلة، خصوصاً
إذا انكسرت
يتكلم بجوع
عبر الجروح.————————————-
ترجمة واختيار بول شاوول