السينما والمُشاهد، قصة حب وخيانة
أغلب ما يردده عشاق السينما هذه الأيام هو أن الأفلام الجيدة أصبحت نادرة للغاية حتى أن كثيرين فقدوا رغبتهم في إضاعة وقت على فيلم لا يضمن لهم احترام عقولهم ومشاعرهم ولا يقدم لهم أي جديد.
ومع ذلك ليس من السهل معرفة جودة الفيلم قبل المشاهدة في غالبية الأحيان حتى لو كان يتضمن أسماء كبيرة.
من الملاحظ بشكل عام أن الأفلام التي تُنتج اليوم لا تهدف إلى أن تكون أفلاما عظيمة تترك أثرا عميقا في نفوس المشاهدين أو لأن هناك قصة مهمة وراءها. كل ما في الأمر أن أحدهم يملك فائضا ماليا ويختار أن يستثمر في الأفلام على أمل الحصول على مال أكثر فيكلف أشخاصا يعملون في هذه المهنة بتوفير العناصر الضرورية مثل اختيار ممثلين وكوادر فنية وكاتب وما إلى ذلك.
وبالطبع يؤدي ذلك إلى فشل الفيلم فنيا حتى لو نجح ماديا. وعلى أية حال، لوحظ أن أغلب الأفلام تحقق في النهاية مردوا ماديا مرضيا للمستثمرين، يكفي لإقناعهم بإعادة التجربة مرة أخرى. وهكذا دواليك.
وتكون النتيجة، امتلاء الساحة بأفلام لا حصر لعددها ولا تتضمن أي قيمة فنية أو فكرية.
وسائلهم
من وراء هذا النوع من الأفلام عادة ما يستخدمون وسائل عديدة لإنجاحها ومنها اختيار أسماء كبيرة.
كم من فيلم يهتم الجمهور بمشاهدته لمجرد احتوائه أسماء مهمة مثل بروس ويليس وكثيرين غيره ثم ينتهي الأمر إلى إحساس المشاهد بخيبة طاغية.
فالممثل الكبير قد يظهر أحيانا في أدوار مخالفة تماما لا ترضي توقعات الجمهور كما حدث مع ويليس نفسه (على سبيل المثال لا الحصر) الذي اشتهر بسلسلة داي هارد في الثمانينات والتسعينات وأدى أدوارا أخرى أغلبها ضمن فئة الآكشن، ثم ظهر في دور صحفي مخمور غريب الأطوار في فيلم ذا بون فاير اوف ذا فانيتي The Bonfire of The Vanity فصدم جمهوره ومحبيه.
من الوسائل الأخرى التي يستخدمها صانعو الأفلام اختيار قصة فيلم قديمة ناجحة وإعادة إنتاجها لعلها تجلب مالاً. وقد أثبتت التجارب حتى اليوم بأن هذه الطريقة فاشلة إذ لا تمنح هذه الأفلام محبي الفيلم القديم ما يريدون كما لا تجذب الأجيال الجديدة التي لا تعرفه.
وللترويج لأفلام الاستثمار (وربما يكون هذا أفضل تعبير لوصفها)، يستخدم قسم التسويق الصحافة واليوتيوب وكل الوسائل المتوفرة التي يمكن أن تصل إلى عقول المشاهدين. فنقرأ في الصحف والمواقع وكل منافذ الإعلان والأخبار مقالات وتحليلات تتضمن في أغلب الأحيان ثناءً ومديحاً متماديين لجذب المشاهدين وتشويقهم لرؤية الفيلم الجديد. وبعد طول انتظار يهرع هؤلاء لمشاهدة الفيلم ليصابوا بإحباط شديد مرة أخرى لأن الفيلم لا يحمل الصفات التي سمعوا بها خلال عملية التسويق.
وبالطبع تكون النتيجة غضب وإحساس لدى المشاهدين بأنهم خدعوا.
يحدث هذا ويتكرر دائما للأسف. ولنضف إلى ذلك أن بعض الأفلام تُعرض على أنها كوميديا ليكتشف المشاهدون لاحقا بأنها تتضمن مجرد نكات سمجة لا تثير أي اهتمام. أو أن يكون الفيلم عن المافيا ومغامراتها كما هو مطروح في الدعاية ليتبين في النهاية أنه عن قصة جريمة معادة ومكررة بأداء بائس وإخراج أكثر بؤسا.
التقنيات تفترس التمثيل
على أية حال، هناك نقطة مهمة يجب التطرق إليها أيضا وهي أن صناعة فيلم أمر مكلف جدا ولذا يحاول المنتجون إيجاد وسائل لتقليل التكاليف ومنها استخدام مخرجين جدد ووجوه جديدة على الدوام. فكثير من هذه الوجوه ترغب في الظهور في فيلم لغرض الشهرة والكسب المادي بالطبع ويمكن أن ترضى بأجور أقل من المعتاد. وما يحدث هو أن الفيلم إذا نجح، ويطالب وجه جديد بزيادة أجره، يتم استبعاده وجلب وجوه أخرى ترضى بالقليل.
هذا سبب مهم وراء ظهور ممثلين لا يُقنعون المشاهد بأي شكل من الأشكال.
ولا يمكن في النهاية تقبلهم على أنهم روبرت دي نيرو وميريل ستريب على سبيل المثال !
أما النقطة الأخيرة التي أود التطرق إليها هنا وتتعلق بالممثلين أيضا فهي أن التكنولوجيا الحديثة والإفراط في استخدامها في الأفلام قلصت دور الممثل حتى لو كان عظيما. فهو لا يمثل في النهاية ولا يبذل أي جهد حقيقي في التعبير وتقمص الشخصية بل يظهر باعتباره مجرد عنصر في صور ومشاهد يختلقها الكومبيوتر الذي يعطيه مساحةً محددة في زاوية ما في الشاشة .. ولا شيء أكثر من ذلك.
في النهاية، يشعر الجمهور أنه يتعرض إلى خيانة لأن السينما نوع من العشق بالنسبة للكثيرين فيما تهدم هذه الممارسات الجديدة أساسات وضعها فنانون حقيقيون في السابق وكتبوا تاريخ السينما بأفلامهم. ومن يدري فقد يتبدل المسار في أي وقت لأن السينما فن ولا يمكن للفن أن يكذب.
أغلب ما يردده عشاق السينما هذه الأيام هو أن الأفلام الجيدة أصبحت نادرة للغاية حتى أن كثيرين فقدوا رغبتهم في إضاعة وقت على فيلم لا يضمن لهم احترام عقولهم ومشاعرهم ولا يقدم لهم أي جديد.
ومع ذلك ليس من السهل معرفة جودة الفيلم قبل المشاهدة في غالبية الأحيان حتى لو كان يتضمن أسماء كبيرة.
من الملاحظ بشكل عام أن الأفلام التي تُنتج اليوم لا تهدف إلى أن تكون أفلاما عظيمة تترك أثرا عميقا في نفوس المشاهدين أو لأن هناك قصة مهمة وراءها. كل ما في الأمر أن أحدهم يملك فائضا ماليا ويختار أن يستثمر في الأفلام على أمل الحصول على مال أكثر فيكلف أشخاصا يعملون في هذه المهنة بتوفير العناصر الضرورية مثل اختيار ممثلين وكوادر فنية وكاتب وما إلى ذلك.
وبالطبع يؤدي ذلك إلى فشل الفيلم فنيا حتى لو نجح ماديا. وعلى أية حال، لوحظ أن أغلب الأفلام تحقق في النهاية مردوا ماديا مرضيا للمستثمرين، يكفي لإقناعهم بإعادة التجربة مرة أخرى. وهكذا دواليك.
وتكون النتيجة، امتلاء الساحة بأفلام لا حصر لعددها ولا تتضمن أي قيمة فنية أو فكرية.
وسائلهم
من وراء هذا النوع من الأفلام عادة ما يستخدمون وسائل عديدة لإنجاحها ومنها اختيار أسماء كبيرة.
كم من فيلم يهتم الجمهور بمشاهدته لمجرد احتوائه أسماء مهمة مثل بروس ويليس وكثيرين غيره ثم ينتهي الأمر إلى إحساس المشاهد بخيبة طاغية.
فالممثل الكبير قد يظهر أحيانا في أدوار مخالفة تماما لا ترضي توقعات الجمهور كما حدث مع ويليس نفسه (على سبيل المثال لا الحصر) الذي اشتهر بسلسلة داي هارد في الثمانينات والتسعينات وأدى أدوارا أخرى أغلبها ضمن فئة الآكشن، ثم ظهر في دور صحفي مخمور غريب الأطوار في فيلم ذا بون فاير اوف ذا فانيتي The Bonfire of The Vanity فصدم جمهوره ومحبيه.
من الوسائل الأخرى التي يستخدمها صانعو الأفلام اختيار قصة فيلم قديمة ناجحة وإعادة إنتاجها لعلها تجلب مالاً. وقد أثبتت التجارب حتى اليوم بأن هذه الطريقة فاشلة إذ لا تمنح هذه الأفلام محبي الفيلم القديم ما يريدون كما لا تجذب الأجيال الجديدة التي لا تعرفه.
وللترويج لأفلام الاستثمار (وربما يكون هذا أفضل تعبير لوصفها)، يستخدم قسم التسويق الصحافة واليوتيوب وكل الوسائل المتوفرة التي يمكن أن تصل إلى عقول المشاهدين. فنقرأ في الصحف والمواقع وكل منافذ الإعلان والأخبار مقالات وتحليلات تتضمن في أغلب الأحيان ثناءً ومديحاً متماديين لجذب المشاهدين وتشويقهم لرؤية الفيلم الجديد. وبعد طول انتظار يهرع هؤلاء لمشاهدة الفيلم ليصابوا بإحباط شديد مرة أخرى لأن الفيلم لا يحمل الصفات التي سمعوا بها خلال عملية التسويق.
وبالطبع تكون النتيجة غضب وإحساس لدى المشاهدين بأنهم خدعوا.
يحدث هذا ويتكرر دائما للأسف. ولنضف إلى ذلك أن بعض الأفلام تُعرض على أنها كوميديا ليكتشف المشاهدون لاحقا بأنها تتضمن مجرد نكات سمجة لا تثير أي اهتمام. أو أن يكون الفيلم عن المافيا ومغامراتها كما هو مطروح في الدعاية ليتبين في النهاية أنه عن قصة جريمة معادة ومكررة بأداء بائس وإخراج أكثر بؤسا.
التقنيات تفترس التمثيل
على أية حال، هناك نقطة مهمة يجب التطرق إليها أيضا وهي أن صناعة فيلم أمر مكلف جدا ولذا يحاول المنتجون إيجاد وسائل لتقليل التكاليف ومنها استخدام مخرجين جدد ووجوه جديدة على الدوام. فكثير من هذه الوجوه ترغب في الظهور في فيلم لغرض الشهرة والكسب المادي بالطبع ويمكن أن ترضى بأجور أقل من المعتاد. وما يحدث هو أن الفيلم إذا نجح، ويطالب وجه جديد بزيادة أجره، يتم استبعاده وجلب وجوه أخرى ترضى بالقليل.
هذا سبب مهم وراء ظهور ممثلين لا يُقنعون المشاهد بأي شكل من الأشكال.
ولا يمكن في النهاية تقبلهم على أنهم روبرت دي نيرو وميريل ستريب على سبيل المثال !
أما النقطة الأخيرة التي أود التطرق إليها هنا وتتعلق بالممثلين أيضا فهي أن التكنولوجيا الحديثة والإفراط في استخدامها في الأفلام قلصت دور الممثل حتى لو كان عظيما. فهو لا يمثل في النهاية ولا يبذل أي جهد حقيقي في التعبير وتقمص الشخصية بل يظهر باعتباره مجرد عنصر في صور ومشاهد يختلقها الكومبيوتر الذي يعطيه مساحةً محددة في زاوية ما في الشاشة .. ولا شيء أكثر من ذلك.
في النهاية، يشعر الجمهور أنه يتعرض إلى خيانة لأن السينما نوع من العشق بالنسبة للكثيرين فيما تهدم هذه الممارسات الجديدة أساسات وضعها فنانون حقيقيون في السابق وكتبوا تاريخ السينما بأفلامهم. ومن يدري فقد يتبدل المسار في أي وقت لأن السينما فن ولا يمكن للفن أن يكذب.