ميونخ: شفا الحرب Munich: The Edge of War

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ميونخ: شفا الحرب Munich: The Edge of War

    فيلم "ميونخ: شفا الحرب Munich: The Edge of War" إنتاج 2021

    بدأ عرض هذا الفيلم يوم السابع من كانون الثاني/يناير عام 2022 وهو فيلم درامي تاريخي يتطرق إلى حدث مهم سبق نشوب الحرب العالمية الثانية.

    ففي 29-30 أيلول/سبتمبر 1938، عقدت بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا اجتماعا في ميونيخ لمناقشة مطالب ألمانية باستعادة إقليم السوديت.

    وكان مؤتمر الصلح الذي عُقد في باريس بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى قد منح هذا الإقليم الذي تسكنه غالبية من الألمان، إلى تشيكوسلوفاكيا فطالب الفوهرر هتلر باستعادته وهدد باستخدام القوة لتحقيق مطلبه.

    ولتجنب نزاع غير مرغوب به، عمدت هذه الدول إلى التفاوض والحوار وعقدت اجتماعها في ميونيخ دون دعوة الحكومة التشيكوسلوفاكية، صاحبة الشأن، للمشاركة فيه. وانتهى الإجتماع باتفاق المشاركين على الرضوخ لطلبات هتلر ومنحه الإقليم. وفي الحال تحركت قواته للسيطرة على المنطقة بين الأول والعاشر من تشرين أول/أكتوبر رغما عن أنف براغ.

    يقع الإقليم غرب تشيكوسلوفاكيا على الحدود مع ألمانيا ولم يكتف هتلر بضمه في حينها بل عمد إلى فرض سيطرته على كامل تشيكوسلوفاكيا في آذار/مارس عام 1939 وكانت تلك مقدمة ملائمة لنشوب حرب ضروس لن تُبقي ولن تذر.

    وبعد هزيمة ألمانيا وانتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية استعادت تشيكوسلوفاكيا الإقليم دون سكانه الألمان الذين هجّرت الغالبية العظمى منهم وأعادَتْهم إلى وطنهم الأم.

    هذا هو السياق التاريخي لهذا الإجتماع الذي دعا إليه رئيس وزراء بريطانيا نيفيل تشامبرلين (1869-1940) ويؤدي دوره في الفيلم جيريمي آيرونز.

    أما ما حدث بعد هذا الإجتماع فأمر آخر. ففي البداية استقبل البريطانيون اتفاق ميونخ بسعادة وفرح لكونه حدَّ، حسب اعتقادهم، من مطامع هتلر، إذ تضمن موافقة الأخير على التخلي عن أي مطامع توسعية أخرى. ولكن لم يستمر هذا الحال طويلا إذ سرعان ما وجهت اتهامات إلى تشامبرلين بالضعف والرضوخ لمطالب الحاكم الألماني ومجاراته انطلاقا من سياسة التهدئة ورغبة السياسي البريطاني الشديدة في منع نشوب حرب جديدة، وهو ما اعتبره هتلر نوعا من الضعف والخنوع من جانب هذه الدول.

    وكانت النتيجة أن خسر تشامبرلين منصبه كرئيس للوزراء والذي شغله اعتبارا من 1937، فاستقال في مايو/أيار من عام 1940 ثم توفي في تشرين ثاني/نوفمبر من العام نفسه. وحل محله في ذلك الوقت ونستون تشرشل الذي قاد الحرب ضد ألمانيا النازية ثم كسبها.

    الفيلم:

    لم تركز القصة على الإجتماع نفسه بل تناولت محورا جانبيا تمثل في جهود بذلها شخصان جانبيان أحدهما في انكلترا والآخر في ألمانيا وتربط بينهما علاقة زمالة دراسية في سنوات ما قبل الحرب. كل الفيلم عن جهود هذين الشابين اللذين يحاولان إيصال فكرة أساسية لرئيس الوزراء تشامبرلين وهي أن هتلر رجل لا يمكن ائتمانه وأن له مطامع توسعية لا يريد الإعلان عنها في تلك المرحلة.

    ونلاحظ في نهاية الأمر أن تشامبرلين الذي رفض الإصغاء لهذين الشابين وردهما بحدة تقريبا في البداية، انتهى إلى جعل هتلر يوقع على نوع من التعهد بعدم المطالبة بأراض أخرى في المستقبل.

    ويعترف كاتب الرواية التي اعتمد عليها الفيلم روبرت هاريس بأنه أراد بالفعل تبرير موقف تشامبرلين أمام التاريخ باعتباره رجل سلام ولكن هتلر تمكن من خداعه. ونلاحظ في الفيلم مشهدا يعبر فيه تشامبرلين بكل وضوح عن تمسكه بالسلام وسياسات التهدئة لأنه، كما قال، شهد أهوال الحرب العالمية الأولى وفقد أعزاء فيها ولذا كان يسعى إلى تجنب نشوب أي حرب جديدة بكل ما يملك من وسائل.

    على أية حال، يتطرق الفيلم إلى هذا الإتفاق الذي كان حدثا حقيقيا من خلال قصة خيالية بطلها شابان بعيدان عن حلقة اتخاذ القرارات السياسية ولكنهما حاولا التأثير عليها. ويُحسب للفيلم حرصه على إبراز أجواء ذلك الزمان من خلال الألوان والديكور والأمكنة التي تدور فيها الأحداث وحتى الشوارع والمركبات وما شابه أي أنه بدا صادقا في نقلنا إلى تلك الفترة. ولكن هناك بعض المآخذ مثل شكل هتلر الذي بدا مختلفا بعض الشيء عن صوره التي اعتدنا عليها. إضافة إلى نقطة مهمة أخرى وهي أن لقاءات وحوارات وتبادلات بين ألماني وبريطاني يتواجدان ضمن طاقم اجتماع سياسي مهم، تدور وتحدث وتتطور وتستمر على مرأى ومسمع من السلطات الألمانية دون أي تحرك سريع من جانب الأخيرة وهو ما يزرع شكوكا لدى المشاهد.

    يحاول فيلم "ميونخ: شفا الحرب" عرض تشامبرلين باعتباره رجلا صاحب ستراتيجية سياسية هدفها الحفاظ على أمن أوروبا وسلامها. أما التنازل عن إقليم السوديت فما كان غير بيدق يمكن لللاعب التضحية به من أجل كسب اللعبة في النهاية.
    حصل الفيلم على نسبة 84% من موقع روتن توميتوز وعلى 6.9 من موقع IMDB وهو من إخراج الألماني كرستيان تشاتشاو وبطولة جيريمي آيرونز وجورج ماكَي، بطل فيلم 1917 (إنتاج 2019 وحاصل على 3 جوائز أوسكار للمؤثرات الصوتية والصورية والتصوير).

    من هو روبرت هاريس؟

    يصنف البعض هذا الكاتب باعتباره واحدا من أهم كتاب الروايات التاريخية المعاصرين.

    ولد هاريس في عام 1957 في نوتنغهام وبدأ حياته صحفيا ومراسلا تلفزيونيا لهيئة الإذاعة البريطانية وكاتب زوايا ثابتة في لندن صنداي تايمز وديلي تلغراف ثم عمل محررا سياسيا في الأوبزرفر وحصل على لقب أفضل كاتب عمود صحفي ضمن جوائز الصحافة البريطانية في عام 2003.

    أول رواية نشرها كانت "بلد الآباء" أو "الوطن الأم" في عام 1992 تخيل فيها أوروبا تحت حكم النازية التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية.

    ثم توالت رواياته التي تحول عدد منها إلى أفلام ومنها "اللغز Enigma" في عام 1995 (أُنتج الفيلم في عام 2001) وهو عن شخصية حقيقية هي توم جيريكو الذي عمل على فك شفرة سرية يستخدمها الألمان خلال الحرب العالمية الثانية.

    من رواياته المهمة الأخرى "الشبح The Ghost" التي نشرها عام 2007 وتحولت إلى فيلم في عام 2010 تحت عنوان "الكاتب الشبح The Ghost Writer" وتضمنت اتهامات خطيرة وجهها لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير بشأن حرب العراق في عام 2003 وهو من إخراج رومان بولانسكي.

    له أيضا "ضابط وجاسوس An Officer and a Spy" عن قضية ألفريد دريفوس الضابط الفرنسي اليهودي الذي اتهم في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين بتسريب أسرار عسكرية وهو ما أدى إلى سجنه وإلى انقسام الرأي العام في فرنسا في ذلك الوقت. تركز الرواية على جهود ضابط استخبارات هو جورج بيكار الذي خاض صراعا من أجل إثبات براءة دريفوس. أُنتج الفيلم في عام 2019 وهو من إخراج رومان بولانسكي ايضا.

    ولهاريس روايات عديدة أخرى تحول عدد منها إلى مسلسلات تلفزيونية.

    والمعروف عن هذا الكاتب أنه صاحب قلم سياسي بشكل معلن وهو يتناول الحدث التاريخي ولكنه يصنع حبكة حوله فيها تشويق وشد وأحداث جانبية عديدة.
يعمل...
X