طائرات خضراء! كيف ومتى؟
في الطريق إلينا.. طائرات صغيرة تعمل بالبطاريات. لكن إنشاء طائرات كبيرة لا تُطلق انبعاثات، يطرح تحديًا عسيرا.
قلم: سام هوو فيرهوفك
عدسة: دافيدي مونتليونـي
1 أكتوبر 2021 - تابع لعدد أكتوبر 2021
النقل الجوي
مشكـلة الجاذبية
ثمة حقيقة ورقم لا يغيبان عن بالي كلما تجاذبت أطراف الحديث مع خبراء طيران بشأن إمكان إطلاق رحلات تجارية رفيقة بالبيئة. إليكم الحقيقة: إن كل ما يمكن أن يخطر على بالكم بشأن إحداث ثورة خضراء على الأرض، لن يكون ذا جدوى في السماء عمّا قريب. إن الألواح الشمسية، والتوربينات الريحية، والمحركات الكهربائية، وبطاريات التخزين العالي، وخلايا الوقود الهيدروجيني، والرفع المغناطيسي.. كلها -بصراحة- معدومة النفع في الوقت الراهن حين يتعلق الأمر بالتحدي التقني المتمثل في إرسال بضع مئات من الناس إلى طبقة "الستراتوسفير" وحملهم على امتداد آلاف الكيلومترات. والآن إليكم الرقم: إن أزيد من 80 بالمئة من البشر لم يسبق لهم السفر جوًّا على الإطلاق. فكيف ترتبط الحقيقة بالرقم في جوهر المشكلة التي تواجه شركات الطيران وصُنَّاع الطائرات وهم يتولون المهمة الجسيمة الكامنة في جعل الرحلات الجوية خالية من الكربون؟ قد يصير الطيران رفيقًا بالبيئة، لكن ذلك لن يكون عمّا قريب، ولا على نحو شامل كما هو شأن النقل البري. فالجاذبية شيء عنيد للغاية؛ ومع ذلك فإن السرعة التي يسير بها تقدم السفر الجوي قد تؤثر في عناد الجاذبيالرة.. وفي المحصلة النهائية. وإذ يُحذر أنصار البيئة من مساهمة الطيران الهائلة في التغيرات المناخية، فإن وتيرة التقدم في "تخضير" السماء (أي جعل السفر جوًّا رفيقًا بالبيئة) قد تفضي بالمسافرين إلى التساؤل عمّا إذا كان الطيران بالأساس مسألة أخلاقية.
تقول "جينيفر هولمغرين"، المديرة التنفيذية لشركة "لانزا تِك"، الرائدة في تطوير وقود طائرات من مصادر غير تقليدية مثل النفايات لتحل محل وقود الطائرات العادي: "علينا ببساطة فعل شيء حيال الأمر. إذ يتفق الجميع على أن الطائرات لا يمكنها الاستمرار في التحليق باستخدام الكيروسين الأحفوري. والحال أنه ليس ثمة من حل سحري للمشكلة". ومن باب الوضوح، وجبت الإشارة إلى أن محركات كهربائية تعمل ببطاريات معدومة الانبعاثات تبشر بتطورات واعدة في أحد قطاعات الطيران، ومنها رحلات ذات زمن ومسافة محدودين. وشركات الطيران المتخصصة في الرحلات القصيرة بطائرات صغيرة ستقود المسيرة نحو الطيران الكهربائي.
لكن لم تُختَرع حتى اليوم بطارية قادرة على تزويد طائرة "بوينغ 747" في رحلة بين نيويورك ولندن، مثلا. ووفقًا لحسابات الخبير "ديفيد ألكسندر"، مدير معايير الطيران في "إس. إيه. إنترناشونال"، وهي جمعية لهندسة النقل،
فإن ميزة التحليق وحدها قد تتطلب طاقة بطاريات 4.4 ملايين حاسوب نقال. لكن طائرة عملاقة لن تتمكن من مغادرة الأرض؛ فوزن البطاريات سيكون سبعة أضعاف وزن الطائرة نفسها. وعلى سبيل المقارنة، يحوي الوقود السائل طاقة أكبر من أكثر البطاريات تطورا المستخدمة اليوم.
يُحسَبُ لصناعة النقل الجوي أن الرحلات التجارية -في المتوسط- ستصير أكثر "خضرة" كل عام، كدأبها منذ فجر عصر الطائرات. لطالما سمعت عبارة "التطور بالتدرج، وليس الثورة"؛ فالتحسينات الصغيرة المستمرة تتراكم وتزداد زخمًا