فيسبوك يتحول إلى وسيلة للتضييق على حرية التعبير في باكستان
إسلام آباد – تحاول السلطات الباكستانية فرض سيطرتها على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وغيرها من خلال مراقبة مستخدميها بشكل دقيق، وتتبع كل ما يصدر عنهم من نقاشات أو منشورات، واتجهت الدولة مؤخرا بالعديد من المطالب التي تصب في هذا الاتجاه إلى إدارة فيسبوك لكن الأخيرة لم تتجاوب مع جل مطالب الدولة الباكستانية.
وكانت محكمة مكافحة الإرهاب في باكستان قد حكمت بالإعدام على تيمور رازا، وهو مسلم شيعي يبلغ من العمر 30 عاما، بسبب ارتكابه جريمة إهانة النبي محمد (ص) على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
ويعد هذا الحكم بالإعدام الأول من نوعه في جريمة إهانة الدين على مواقع التواصل الاجتماعي، كما يعتبره كثيرون مثالا صارخا لمحاولات الحكومة الباكستانية الواضحة لتطبيق قوانين التجديف التي تُجرّم إهانة الدين الإسلامي.
وينتقد رجال الدين والمصلحون العلمانيون هذه القوانين التي تم فرضها في ظل الحكم الاستعماري البريطاني، باعتبارها وسيلة لاضطهاد الأقليات، وتحقيق مساعٍ شخصية ووأدا لسبل الحوار.
ومارس وزير الداخلية الباكستاني شودري نزار علي خان، في الأشهر الأخيرة، العديد من الضغوط على إدارة فيسبوك مطالبا بتمكين السلطات من تحديد هوية كل من ينشر محتويات مسيئة إلى الدين الإسلامي.
وبعد التفاوض أعلن موقع فيسبوك رفضه لطلب الحكومة الباكستانية بربط فتح حسابات جديدة بأرقام الهواتف المحمولة الخاصة بالمستخدمين، التي رأت الحكومة أنها ستُسهّل عملية الوصول إلى أصحاب الحسابات الوهمية.
ويتم حاليا ربط فتح حساب جديد على فيسبوك في باكستان بعنوان البريد الإلكتروني فقط، في حين أن مستخدمي الهواتف الذكية يجب عليهم استخدام بصمات اليد التي يتم تسجيلها ضمن قاعدة بيانات وطنية. الأمر الذي يسهل على الحكومة والشرطة الباكستانية الوصول إلى صاحب أي حساب وتحديد هويته إذا ما وجهت إليه تهم تتعلق بالإرهاب أو الإساءة إلى الدين الإسلامي.
وتتيح هذه الإجراءات للحكومة الباكستانية فرصة تحويل وسائل التواصل الاجتماعي إلى وسيلة لفرض سيطرتها على حرية التعبير، وهو ما من شأنه أن يهدد العديد من المنصات التي تهدف إلى الانفتاح وحرية الفكر والمعتقد. فقد صاحب تواجد منصات التواصل الاجتماعي في باكستان ظهور النقاش حول المسائل الدينية.
رجال الدين والعلمانيون ينتقدون قوانين إهانة الدين باعتبارها وسيلة لاضطهاد الأقليات، ووأدا لسبل الحوار
ومكّنت بعض المنصات مثل فيسبوك وواتساب وفايبر بعض الأفراد الذين نشأوا في بيئات محافظة والمنتمين إلى المناطق الريفية من المشاركة في المناقشات التي كانت حكرا على الأفراد المثقفين الذين يعيشون في المناطق الحضرية، غير مقيدين بالمعايير المحافظة لمجتمعاتهم.
وقال برفيز هودبهوي، أكاديمي وناشط بارز “حتى وقت قريب، وفرت وسائل التواصل الاجتماعي قدرا من الخصوصية، التي تسمح للجميع مناقشة رياء بعض الأشخاص من ذوي السلوك المنحرف والذين يرتدون ثوب التقوى والعفة. والآن تقول لنا الدولة إنها ستتبعنا أينما كنا ومهما حاولنا الاختباء. أرى أن باكستان تتحول الآن إلى دولة دينية فاشية”.
وتكمن المشكلة في التورط بنشر المحتويات غير القانونية على وسائل التواصل الاجتماعي في أن النشر على الإنترنت يترك خلفه أدلة واضحة.
وفي عام 2013، طلبت الحكومة الباكستانية من فيسبوك الكشف عن بيانات 210 من مستخدمي الموقع. ولكن بحلول عام 2016، ارتفعت طلبات الحكومة الباكستانية للكشف عن بيانات 2460 حسابا، مما دفع فيسبوك إلى الكشف عن معلومات ثلثي هذا العدد فقط. ورفضت إدارة فيسبوك التعليق على السؤال عن عدد طلبات الحكومة التي هدفت إلى تحديد المستخدمين المسيئين إلى الدين الإسلامي، لكنها صرحت بأنها لم ولن تكشف عن بيانات أي مستخدم متهم من قبل الحكومة بازدراء الدين.
وأشار هودبهوي إلى أن الآباء يوصون أبناءهم الآن بالمراقبة الذاتية على فيسبوك، وخاصة في ضوء إعدام مشعل خان في أبريل الماضي، وهو طالب جامعي اتهم بالإساءة إلى الإسلام.
وقال أحمد وقاص غورايا، ناشط ومدون، إن الحكومة عملت على خفض سقف المعايير التي تحدد على أساسها “المجدفين” واستخدمت قوانين مكافحة التجديف كوسيلة للقضاء على المعارضة.
وأضاف غورايا “ما يطلق عليه الآن اسم التجديف كان منتشرا في وقت سابق. هم يستخدمون الدين كأداة سياسية. كما أن جميع المعتقلين الآن تجدهم ممن ينتقدون الدولة والجيش”.
يشار إلى أن قضية التجديف في باكستان مسألة خلافية ذات حساسية كبيرة. ويقول منتقدو قضايا التجديف، التي قد تصدر فيها أحكام بالإعدام، إن الغرض من تلك القوانين هو قمع الأقليات.
وكان غورايا واحدا من بين خمسة مدونين تم اختطافهم لمدة أربعة أسابيع في يناير الماضي بسبب انتقادهم للمؤسسة العسكرية. وأوضح غورايا “هذه هي مشكلة السلطات مع وسائل التواصل الاجتماعي، لا يمكنها التوقف عن جمع المعلومات” مضيفا أن الحوار الديني “تم حجبه الآن على فيسبوك”.
وفي عام 2015، نشر زوكربيرغ في حسابه على فيسبوك “يقول بعض الناس إنه يجب علينا تجاهل أوامر الحكومات بتقييد حرية الأفراد، حتى لو كان ذلك يعني أنه سيتم حظر الموقع بالكامل في هذه الدول. ولكنني لا أعتقد أن هذا الأمر صحيح، حيث إننا إذا تجاهلنا طلبات الحكومات الشرعية ثم تم حظر الموقع بالكامل بعد ذلك، سنكون بذلك قد أضعنا حريات هؤلاء الأفراد، ومهما كان المحتوى الذي تعتقد الحكومة أنه غير قانوني فسيتم حظره على أي حال”.
وبحلول العام المقبل، لن يهم ما إذا كانت فيسبوك ستتعاون مع الحكومة أم لا، حيث تعمل باكستان الآن على مشروع تحويل مسار حركة الإنترنت ليعبر من خلال الصين. ويخشى البعض من أن المشروع سيؤدي إلى حظر موقع فيسبوك بالكامل في باكستان، كما حدث في الصين.
إسلام آباد – تحاول السلطات الباكستانية فرض سيطرتها على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وغيرها من خلال مراقبة مستخدميها بشكل دقيق، وتتبع كل ما يصدر عنهم من نقاشات أو منشورات، واتجهت الدولة مؤخرا بالعديد من المطالب التي تصب في هذا الاتجاه إلى إدارة فيسبوك لكن الأخيرة لم تتجاوب مع جل مطالب الدولة الباكستانية.
وكانت محكمة مكافحة الإرهاب في باكستان قد حكمت بالإعدام على تيمور رازا، وهو مسلم شيعي يبلغ من العمر 30 عاما، بسبب ارتكابه جريمة إهانة النبي محمد (ص) على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
ويعد هذا الحكم بالإعدام الأول من نوعه في جريمة إهانة الدين على مواقع التواصل الاجتماعي، كما يعتبره كثيرون مثالا صارخا لمحاولات الحكومة الباكستانية الواضحة لتطبيق قوانين التجديف التي تُجرّم إهانة الدين الإسلامي.
وينتقد رجال الدين والمصلحون العلمانيون هذه القوانين التي تم فرضها في ظل الحكم الاستعماري البريطاني، باعتبارها وسيلة لاضطهاد الأقليات، وتحقيق مساعٍ شخصية ووأدا لسبل الحوار.
ومارس وزير الداخلية الباكستاني شودري نزار علي خان، في الأشهر الأخيرة، العديد من الضغوط على إدارة فيسبوك مطالبا بتمكين السلطات من تحديد هوية كل من ينشر محتويات مسيئة إلى الدين الإسلامي.
وبعد التفاوض أعلن موقع فيسبوك رفضه لطلب الحكومة الباكستانية بربط فتح حسابات جديدة بأرقام الهواتف المحمولة الخاصة بالمستخدمين، التي رأت الحكومة أنها ستُسهّل عملية الوصول إلى أصحاب الحسابات الوهمية.
ويتم حاليا ربط فتح حساب جديد على فيسبوك في باكستان بعنوان البريد الإلكتروني فقط، في حين أن مستخدمي الهواتف الذكية يجب عليهم استخدام بصمات اليد التي يتم تسجيلها ضمن قاعدة بيانات وطنية. الأمر الذي يسهل على الحكومة والشرطة الباكستانية الوصول إلى صاحب أي حساب وتحديد هويته إذا ما وجهت إليه تهم تتعلق بالإرهاب أو الإساءة إلى الدين الإسلامي.
وتتيح هذه الإجراءات للحكومة الباكستانية فرصة تحويل وسائل التواصل الاجتماعي إلى وسيلة لفرض سيطرتها على حرية التعبير، وهو ما من شأنه أن يهدد العديد من المنصات التي تهدف إلى الانفتاح وحرية الفكر والمعتقد. فقد صاحب تواجد منصات التواصل الاجتماعي في باكستان ظهور النقاش حول المسائل الدينية.
رجال الدين والعلمانيون ينتقدون قوانين إهانة الدين باعتبارها وسيلة لاضطهاد الأقليات، ووأدا لسبل الحوار
ومكّنت بعض المنصات مثل فيسبوك وواتساب وفايبر بعض الأفراد الذين نشأوا في بيئات محافظة والمنتمين إلى المناطق الريفية من المشاركة في المناقشات التي كانت حكرا على الأفراد المثقفين الذين يعيشون في المناطق الحضرية، غير مقيدين بالمعايير المحافظة لمجتمعاتهم.
وقال برفيز هودبهوي، أكاديمي وناشط بارز “حتى وقت قريب، وفرت وسائل التواصل الاجتماعي قدرا من الخصوصية، التي تسمح للجميع مناقشة رياء بعض الأشخاص من ذوي السلوك المنحرف والذين يرتدون ثوب التقوى والعفة. والآن تقول لنا الدولة إنها ستتبعنا أينما كنا ومهما حاولنا الاختباء. أرى أن باكستان تتحول الآن إلى دولة دينية فاشية”.
وتكمن المشكلة في التورط بنشر المحتويات غير القانونية على وسائل التواصل الاجتماعي في أن النشر على الإنترنت يترك خلفه أدلة واضحة.
وفي عام 2013، طلبت الحكومة الباكستانية من فيسبوك الكشف عن بيانات 210 من مستخدمي الموقع. ولكن بحلول عام 2016، ارتفعت طلبات الحكومة الباكستانية للكشف عن بيانات 2460 حسابا، مما دفع فيسبوك إلى الكشف عن معلومات ثلثي هذا العدد فقط. ورفضت إدارة فيسبوك التعليق على السؤال عن عدد طلبات الحكومة التي هدفت إلى تحديد المستخدمين المسيئين إلى الدين الإسلامي، لكنها صرحت بأنها لم ولن تكشف عن بيانات أي مستخدم متهم من قبل الحكومة بازدراء الدين.
وأشار هودبهوي إلى أن الآباء يوصون أبناءهم الآن بالمراقبة الذاتية على فيسبوك، وخاصة في ضوء إعدام مشعل خان في أبريل الماضي، وهو طالب جامعي اتهم بالإساءة إلى الإسلام.
وقال أحمد وقاص غورايا، ناشط ومدون، إن الحكومة عملت على خفض سقف المعايير التي تحدد على أساسها “المجدفين” واستخدمت قوانين مكافحة التجديف كوسيلة للقضاء على المعارضة.
وأضاف غورايا “ما يطلق عليه الآن اسم التجديف كان منتشرا في وقت سابق. هم يستخدمون الدين كأداة سياسية. كما أن جميع المعتقلين الآن تجدهم ممن ينتقدون الدولة والجيش”.
يشار إلى أن قضية التجديف في باكستان مسألة خلافية ذات حساسية كبيرة. ويقول منتقدو قضايا التجديف، التي قد تصدر فيها أحكام بالإعدام، إن الغرض من تلك القوانين هو قمع الأقليات.
وكان غورايا واحدا من بين خمسة مدونين تم اختطافهم لمدة أربعة أسابيع في يناير الماضي بسبب انتقادهم للمؤسسة العسكرية. وأوضح غورايا “هذه هي مشكلة السلطات مع وسائل التواصل الاجتماعي، لا يمكنها التوقف عن جمع المعلومات” مضيفا أن الحوار الديني “تم حجبه الآن على فيسبوك”.
وفي عام 2015، نشر زوكربيرغ في حسابه على فيسبوك “يقول بعض الناس إنه يجب علينا تجاهل أوامر الحكومات بتقييد حرية الأفراد، حتى لو كان ذلك يعني أنه سيتم حظر الموقع بالكامل في هذه الدول. ولكنني لا أعتقد أن هذا الأمر صحيح، حيث إننا إذا تجاهلنا طلبات الحكومات الشرعية ثم تم حظر الموقع بالكامل بعد ذلك، سنكون بذلك قد أضعنا حريات هؤلاء الأفراد، ومهما كان المحتوى الذي تعتقد الحكومة أنه غير قانوني فسيتم حظره على أي حال”.
وبحلول العام المقبل، لن يهم ما إذا كانت فيسبوك ستتعاون مع الحكومة أم لا، حيث تعمل باكستان الآن على مشروع تحويل مسار حركة الإنترنت ليعبر من خلال الصين. ويخشى البعض من أن المشروع سيؤدي إلى حظر موقع فيسبوك بالكامل في باكستان، كما حدث في الصين.