سعي " وِل سميث " للعودة الى الواجهة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سعي " وِل سميث " للعودة الى الواجهة


    الأردنية شيرين عودة تكسر القيود الأزلية لفينوس في لوحات معاصرة



    جسد نافر منحوت على البياض الخام


    شيرين عودة إحدى التشكيليات الأردنيات اللاتي برزت أسماؤهنّ في العقدين الأخيرين، وهي التي جابت بمعارضها الكثير من المدن والعواصم العربية والعالمية، حيث برعت في التعبير عن قضايا الحرية والإنسان، منشغلة بهموم المرأة وسبل انعتاقها من الأغلال الاجتماعية التي تقيد حركة إبداعها وعطاءها الإنساني في شتى المجالات.


    عمّان – تتبنّى التشكيلية الأردنية شيرين عودة قضية المرأة وتعبّر عنها بوصفها موضوعة أساسية في رسوماتها المنفّذة على القماش باستخدام ألوان الأكريليك، أو في تلك التي نفّذتها في إطار فن الكولاج والمكوّنة من خامات عدة ملصقة كطبقات متراكبة فوق سطح اللوحة، أو في أعمالها المنفّذة بتقنية الفيديو الفني والتصوير الفوتوغرافي.
    وتبدو أعمال عودة شخصية للغاية وهي تصوّر “ذاتها الداخلية” و”فكرها الخاص”، الذي يعكس رؤيتها لواقع المرأة العربية في القرن الحادي والعشرين.
    وتقول الفنانة إنها عندما ترسم فإن مشاعرها هي التي تحرّك ريشتها، فترسم المرأةَ أحيانا بأجنحة؛ لكن حتى تلك الأجنحة تبدو مقيّدة بمسؤوليات الحياة اليومية وما تفرضه المواقف والواجبات الاجتماعية من إكراهات ومعيقات، كل ذلك تسعى عودة للتعبير عنه بشفافية وأسلوبية تلامس أطروحات الحداثة التشكيلية.


    ​☚ لوحة منفذة بالكولاج تستعرض وجوها نسائية من حضارات مختلفة، تتشارك جميعها في التعب والحزن

    وعن رمزية القيود الظاهرة في لوحاتها تقول “أرسم في لوحاتي القيود بمعناها الواسع: مسؤوليات الحياة اليومية؛ ما تفرضه المواقف والواجبات الاجتماعية من محدّدات ترسم لنا الطريق.. كل ذلك تسعى ريشتي للتعبير عنه بعمق، فالفن هو سرّ حياتي، ويمثل لي الحرية، والجمال، والتأمل؛ فهو يغمرني بنوع من الراحة والمتعة.. بمعنى آخر فني هو ارتياحي، هروبي من الواقع إلى عالم من الخيال، فني هو مصدر قوتي ورضائي وثقتي بنفسي، فني هو الجمال النابع من تعابير نفسي الداخلية، والذي أقدّمه للعالم.. ومن خلال الفن أعبّر عن ذاتي الداخلية، من دون أية قوانين أو تدخلات من الخارج.. أعمالي تنصب حول حرية الفكر والعقل، منذ بدأت مشواري الفني عام 1992 وحتى وقتنا الحالي”.
    ولذلك تتحرّك أعمال الفنانة الأردنية بين عالمين؛ الواقع الذي تعاينه من منظور أنثوي، والحلم الذي يصوّر ما ترنو إليه المرأة عموما. وهي في هذين العالمين تحافظ على إظهار الطاقة الشعورية الكامنة لدى المرأة، سواء عبر اللون أو عبر الشكل.
    وتحمل المرأة في بعض اللوحات مشاعر مرهفة وقوية في آن، ففي اللوحات المنفّذة بالكولاج استخدمت الفنانة صورا فوتوغرافية لوجوه نسائية من أزمان وحضارات إنسانية مختلفة، تتشارك في أنها جميعها يعلوها التعب والإرهاق والحزن، ثم أحاطتها بالورود والعصافير وأغصان الشجر الأخضر؛ بهدف إظهار قيمة الحلم في مجابهة الواقع.
    وتكتفي الفنانة في عدد من أعمالها برسم المرأة باستخدام خطوط سوداء مع بعض الألوان من الأحمر والأخضر والأزرق، وهي رسومات غاية في البساطة، غير أنها تحمل طاقة تعبيرية كبيرة، فالرقة في الخطوط والبساطة في التشكيل هما جوهر المرأة التي طالما تمّ تشبيهها بقطعة زجاج شفافة وجميلة غير أنها قابلة للكسر.
    وتتميّز خطوط الفنانة عودة بمرونتها الكبيرة، وحيويتها التي تجعلها أقرب إلى الخطوط الطفولية، وطاقتها التعبيرية الإيحائية المستمدة من التركيب المدروس لخطوط الشكل من جهة، والألوان الخلفية من جهة أخرى.
    وهذا ما يمكن وصفه بـ”السهل الممتنع”؛ فالبساطة التي تجعل شكل المرأة أقرب للإعلان، مع موتيفات ورموز ذات دلالات واضحة، تدفع المُشاهد فورا إلى تأمل الفكرة الكامنة وراء ذلك الشكل في عملية عقلية شديدة التعقيد تتمّ عبر تفاعل المُشاهد مع ما يراه واستدراج خبراته الخاصة ومشاعره الذاتية.
    والرسامة القادمة من ممارسة تجريدية واضحة، تنقل مذاقات التجريد إلى أجساد نسائها المقيدات، نساء عاريات غالبا، ولكن عريهنّ منتهك بخطوط على شكل حبال أو شرائط لاصقة، حيث التركيز على الصدر والعانة، لكنّ عنف اللطخات اللونية، يُطيح المعايير الجمالية التقليدية من ذهن المُشاهد المتطلّع للتغيير شكلا ومعنى، فتصبح نساء عودة الفاقدات للرأس والقدمين أشبه بفينوسات معاصرة، لا تُحيل أشكالهنّ المعنّفة إلى النعومة البديهية المتوافرة في فينوس الأصلية.
    وتعترف الفنانة بعشقها للتجريد، موضّحة “لأن الرسم الواقعي هو مثل الصورة الفوتوغرافية، لا تقدّم للمُشاهد أكثر من الصورة العادية التي نبصرها بالعين المجردة. الرسم التجريدي يمنحني الفرصة لرسم ما هو غير عادي، وما هو مثير للتأمل والدهشة أيضا”.
    وتُضيف “يقولون إن لوحاتي جريئة وبسيطة، الجرأة في الحركة، ضربة الفرشاة السريعة دون تردّد، حتى الخطأ جزء من هويتي الفنية.. أنا لا أصحّح خطئي، في النهاية تأتي لوحاتي متوازنة متزنة”.
    موتيفات ورموز منشغلة بهموم المرأة وسبل انعتاقهاوتعبّر عودة في الفن عن ذاتها الداخلية المتأثرة بأحداث الحياة اليومية الخارجية، وفنها “شخصي للغاية”، لكنه يكشف عن مجموعة من المشاعر والاهتمامات العالمية المتأصلة في الهوية الأنثوية ووجودها وصوتها.
    وتقول في ذلك “المرأة هي محور معظم أعمالي الفنية، وهي قضية وموضوع ومادة فنية، وقيمة إنسانية عليا”. وتضيف “المرأة لم تغب عن أي معرض أقمته منذ انطلاقة مسيرتي الفنية، والمرأة في لوحاتي منفصلة عن أي خصوصية ثقافية، أو عرقية، أو اجتماعية ودينية معينة. لا تعنيني سوى المرأة الإنسان، أبحث في أسئلتها الوجودية، وأدين كل ما يقيّد حريتها”.
    وشيرين عودة وُلدت عام 1970 بعمّان وتخرّجت في معهد الفنون الجميلة بالأردن عام 1992، تابعت دراستها في المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة ورشة الطباعة، والأكاديمية الصيفية لدائرة الفنون، وعزّزت دراستها الأكاديمية بورشات عمل خاصة مع فنانين مثل نديم كوفي وخالد خريس ومحمد عوبيدي ولين ألين.
    كما تأثّرت بمجموعة من الفنانين أمثال خوان ميرو وبابلو بيكاسو وجاكسون بلوك وفرانز كلين وآندي وارهول، لتخطّ بعدها مسارها التشكيلي الخاص الذي تستخدم فيه العديد من الوسائط كالفيديو والفوتوغرافيا، وهي تفضل الأحمر والأسود والأبيض كألوان أساسية ترسم من خلالها لوحاتها الفنية المدافعة في مجملها عن حقوق المرأة وقضايا المساواة.
    وشاركت في مجموعة من المعارض الجماعية في ألمانيا واليابان والبحرين ولبنان والجزائر والمغرب ومصر والأردن، وذلك بالإضافة إلى إقامتها للعديد من المعارض الفردية الخاصة بالأردن وخارجه.










    التعديل الأخير تم بواسطة Samar.mahfud; الساعة 08-25-2022, 08:25 AM.
يعمل...
X