فك شيفرة بكاء الاطفال
قانون الأطفال
هل يبكي طفلك لأنه جائع أم لأنه يريد أن ينام أم لأنه يشعر بالألم؟ ثمة تطبيق على الهواتف المحمولة يزعم أنه يعرف الإجابة؛ إذ يمكن للبرنامج أن يقول للمستخدمين لماذا يبكي الرضيع الذي لم يصل عمره إلى ستة أشهر بعد، وذلك وفق مطوري البرنامج من فرع مستشفى جامعة تايوان الوطنية في مقاطعة يونلين. وللقيام بهذه المهمة، يقوم برنامج "مترجم بكاء الأطفال" Baby Cries Translator بتحليل الترددات في بكاء الطفل، بحثًا عن تذبذبات سمعية بسيطة، ثم يقارن النمط المسجل بقاعدة بيانات لتحديد السبب المحتمل لانخراط الرضيع في البكاء. كما يطلب البرنامج تقييم الوالدين، ومن ثم يتعلم تخمين ما يريده الطفل على نحو أفضل ويقيس مدى كفاءة أدائه، ويزعم التطبيق أنه يعمل على تحديد سبب بكاء الأطفال حديثي الولادة بدقة بنسبة 92%، وهي نسبة نجاح مرتفعة تبدأ في الانخفاض مع نمو الطفل. وثمة شركة إسبانية تقدم منتجًا مشابهًا يحمل اسم "مترجم البكاء" Cry Translator يعمل على الهواتف الذكية (كما أن هناك جهازًا لمراقبة الأطفال) ولا يستغرق سوى ثوانٍ قليلة لتقديم اقتراح حول ما قد يكون يزعج الطفل، وفي الوقت نفسه، فإنه يقدم نصائح لمستخدميه حول كيفية تهدئة الصغار.
بالطبع، لن تكون هناك خوارزمية قادرة على أن تحل محل غريزة الوالدين الصادقة. غير أن تحليل البكاء بإمكانه أن يساعد القائمين على رعاية الطفل الصغير، أو ربما الطبيب القائم على معالجته؛ ففي العقود الماضية توصل الباحثون إلى أن صراخ الأطفال يحوي كنزًا دفينًا من المعلومات. وبدلًا من التركيز على احتياجات الطفل، كما يفعل مطورو ذلك التطبيق، فقد ظل العلماء يحاولون استخراج المعلومات حول مشكلات صحية محتملة من بكاء الأطفال. بحث العلماء في أصوات صراخ الأطفال الرضع على علامات توحي بوجود أضرار عصبية وعيوب جينية. وقد كان لذلك النهج التشخيصي ميزة واضحة؛ إذ إنه من الممكن أن يساعد الطفل الصغير على تجنُّب المزيد من عمليات الفحص غير المريحة أو حتى الخطيرة.
وقد كانت الريادة في هذا المضمار البحثي لطبيب الأطفال الفرنسي جيروم لوجون في ستينيات القرن العشرين. فقد اكتشف أن بعض صراخ الأطفال الحاد وعالي النبرة، الذي يشبه إلى حد كبير صوت القطة، يشير إلى أن هذه الأطفال تعاني خللًا جينيًّا يشبه متلازمة داون. وقد أطلق لوجون على هذا المرض اسمًا مناسبًا وهو "cri du chat" أو "بكاء القطة"؛ إذ إن تلك الصرخات الحادة العالية ناجمة عن تشوُّه حنجرة الرضيع. كما تظهر على الأطفال المصابين العديد من الأعراض المختلفة، والتي تشمل خللًا في النمو والحثل العضلي ورأس صغير ومطول مع وجه دائري. ولتشخيص المرض، يتأكد الأطباء دائمًا من صحة شكوكهم من خلال اختبار جيني، غير أن صوت البكاء المميز يُعَدُّ مؤشرًا أوليًّا واضحًا على هذه الحالة.
وتؤدي الحنجرة دورًا رئيسيًّا في إنتاج جميع الأصوات البشرية تقريبًا. وتفصل الحنجرة -التي تُعَدُّ جزءًا من الجهاز التنفسي- الحلق عن القصبة الهوائية، كما أنها -بالتعاون مع الأحبال الصوتية- تنتج الأصوات والكلمات. وأي محاولة للنطق تبدأ في الحنجرة، بشد العضلات حول الأحبال الصوتية، وعندما يخرج الهواء من الرئتين، تبدأ الأحبال الصوتية المشدودة في الاهتزاز، وهو ما يؤدي إلى خروج الصوت. ووفق قوة شد الأحبال الصوتية ترتفع طبقة الصوت؛ فبكاء الطفل حديث الولادة في حالة صحية جيدة ينتج 250 إلى 450 ذبذبة في الثانية.
وصراخ الأطفال مميز من حيث عدة جوانب؛ إذ تتحدد طبقة الصوت الأساسية من خلال تفاعُل الأحبال الصوتية مع الحنجرة، فيقومان معًا بإنتاج "تردد سائد" يكون أساس الأصوات التي ينتجها الفرد. غير أن الصوت ليس ثابتًا، بل يمكن تغييره وضبطه إلى حد ما، كما أن خصائص مثل مستوى الصوت والإيقاع والنغمات المتراكبة تؤدي إلى حدوث اختلاف في الطيف الصوتي. وهذه الخصائص تشارك في تكوينها بصورة أساسية مناطق أسفل الحنجرة، والتي تشمل الحجاب الحاجز والرئتين والصدر. ثم يتولى المجرى الصوتي العلوي وضع اللمسات الأخيرة؛ حيث يقوم بتكبير بعض الترددات ويترك البعض الآخر دون تغيير أو يكبحه، وهذا التفاعل المعقد يخلق الطيف الكامل للأصوات البشرية.
تنشأ الرغبة في البكاء في الدماغ في الجهاز الحوفي ومنطقة الوطاء، ومن هناك تنتشر الإشارات العصبونية إلى المناطق الدماغية الأخرى مثل جذع الدماغ والمخيخ الذي ينسق تكوين الأصوات. ثم تُرسل الإشارات إلى عضلات الأحبال الصوتية والحنجرة والصدر والمعدة من خلال طريق سريع من الأعصاب التي تجري على طول الحبل الشوكي. وتعمل تلك الأعضاء المختلفة في تناسُق وتناغُم وكأنها فرقة أوركسترا، إذ تُسهِم جميع الأعضاء في التكوين النهائي للصوت. وإذا ما أخفق أحد الأعضاء المشاركة في هذه المهمة أو أكثر في أداء الدور المنوط به فإن النغم يتوقف. وثمة أنواع محددة من الأضرار الدماغية التي تتدخل في هذا التفاعل المعقد، وبهذه الطريقة فإنها قد تتسبب في تغيُّر صوت بكاء الأطفال.
وغالبًا ما يتطلب تحديد الأعضاء التي خرجت عن هذا التناغم إلى أكثر من مستمعٍ واعٍ ومنتبه، فيستخدم العلماء أدوات تقنية تعمل على تقسيم الصوت إلى مكوناته الأساسية بحيث يتمكنون من التقاط أصغر الإشارات الشاذة (غير المنتظمة). في عام 2013، أعلن الأطباء والمهندسون بجامعة براون أنهم طوروا جهازًا لتحليل الترددات بإمكانه فحص تسجيلات صوت طفل رضيع للتوصل إلى 80 خاصية صوتية مختلفة، ووفق أولئك الباحثين، فإن كلًّا منها ربما يشير إلى مشكلات صحية محتملة.
قانون الأطفال
- قبل أن يتعلم الأطفال الكلام، يرسلون إشارات برغباتهم واحتياجاتهم من خلال البكاء.
- تساعد العديد من المناطق الدماغية على تنسيق الأصوات من خلال إرسال إشارات إلى الحنجرة والأحبال الصوتية والصدر.
- توصل العلماء إلى وجود إشارات حول الإصابة بأمراض عصبية في الطيف الترددي لصراخ الأطفال الرضع.
هل يبكي طفلك لأنه جائع أم لأنه يريد أن ينام أم لأنه يشعر بالألم؟ ثمة تطبيق على الهواتف المحمولة يزعم أنه يعرف الإجابة؛ إذ يمكن للبرنامج أن يقول للمستخدمين لماذا يبكي الرضيع الذي لم يصل عمره إلى ستة أشهر بعد، وذلك وفق مطوري البرنامج من فرع مستشفى جامعة تايوان الوطنية في مقاطعة يونلين. وللقيام بهذه المهمة، يقوم برنامج "مترجم بكاء الأطفال" Baby Cries Translator بتحليل الترددات في بكاء الطفل، بحثًا عن تذبذبات سمعية بسيطة، ثم يقارن النمط المسجل بقاعدة بيانات لتحديد السبب المحتمل لانخراط الرضيع في البكاء. كما يطلب البرنامج تقييم الوالدين، ومن ثم يتعلم تخمين ما يريده الطفل على نحو أفضل ويقيس مدى كفاءة أدائه، ويزعم التطبيق أنه يعمل على تحديد سبب بكاء الأطفال حديثي الولادة بدقة بنسبة 92%، وهي نسبة نجاح مرتفعة تبدأ في الانخفاض مع نمو الطفل. وثمة شركة إسبانية تقدم منتجًا مشابهًا يحمل اسم "مترجم البكاء" Cry Translator يعمل على الهواتف الذكية (كما أن هناك جهازًا لمراقبة الأطفال) ولا يستغرق سوى ثوانٍ قليلة لتقديم اقتراح حول ما قد يكون يزعج الطفل، وفي الوقت نفسه، فإنه يقدم نصائح لمستخدميه حول كيفية تهدئة الصغار.
بالطبع، لن تكون هناك خوارزمية قادرة على أن تحل محل غريزة الوالدين الصادقة. غير أن تحليل البكاء بإمكانه أن يساعد القائمين على رعاية الطفل الصغير، أو ربما الطبيب القائم على معالجته؛ ففي العقود الماضية توصل الباحثون إلى أن صراخ الأطفال يحوي كنزًا دفينًا من المعلومات. وبدلًا من التركيز على احتياجات الطفل، كما يفعل مطورو ذلك التطبيق، فقد ظل العلماء يحاولون استخراج المعلومات حول مشكلات صحية محتملة من بكاء الأطفال. بحث العلماء في أصوات صراخ الأطفال الرضع على علامات توحي بوجود أضرار عصبية وعيوب جينية. وقد كان لذلك النهج التشخيصي ميزة واضحة؛ إذ إنه من الممكن أن يساعد الطفل الصغير على تجنُّب المزيد من عمليات الفحص غير المريحة أو حتى الخطيرة.
وقد كانت الريادة في هذا المضمار البحثي لطبيب الأطفال الفرنسي جيروم لوجون في ستينيات القرن العشرين. فقد اكتشف أن بعض صراخ الأطفال الحاد وعالي النبرة، الذي يشبه إلى حد كبير صوت القطة، يشير إلى أن هذه الأطفال تعاني خللًا جينيًّا يشبه متلازمة داون. وقد أطلق لوجون على هذا المرض اسمًا مناسبًا وهو "cri du chat" أو "بكاء القطة"؛ إذ إن تلك الصرخات الحادة العالية ناجمة عن تشوُّه حنجرة الرضيع. كما تظهر على الأطفال المصابين العديد من الأعراض المختلفة، والتي تشمل خللًا في النمو والحثل العضلي ورأس صغير ومطول مع وجه دائري. ولتشخيص المرض، يتأكد الأطباء دائمًا من صحة شكوكهم من خلال اختبار جيني، غير أن صوت البكاء المميز يُعَدُّ مؤشرًا أوليًّا واضحًا على هذه الحالة.
وتؤدي الحنجرة دورًا رئيسيًّا في إنتاج جميع الأصوات البشرية تقريبًا. وتفصل الحنجرة -التي تُعَدُّ جزءًا من الجهاز التنفسي- الحلق عن القصبة الهوائية، كما أنها -بالتعاون مع الأحبال الصوتية- تنتج الأصوات والكلمات. وأي محاولة للنطق تبدأ في الحنجرة، بشد العضلات حول الأحبال الصوتية، وعندما يخرج الهواء من الرئتين، تبدأ الأحبال الصوتية المشدودة في الاهتزاز، وهو ما يؤدي إلى خروج الصوت. ووفق قوة شد الأحبال الصوتية ترتفع طبقة الصوت؛ فبكاء الطفل حديث الولادة في حالة صحية جيدة ينتج 250 إلى 450 ذبذبة في الثانية.
وصراخ الأطفال مميز من حيث عدة جوانب؛ إذ تتحدد طبقة الصوت الأساسية من خلال تفاعُل الأحبال الصوتية مع الحنجرة، فيقومان معًا بإنتاج "تردد سائد" يكون أساس الأصوات التي ينتجها الفرد. غير أن الصوت ليس ثابتًا، بل يمكن تغييره وضبطه إلى حد ما، كما أن خصائص مثل مستوى الصوت والإيقاع والنغمات المتراكبة تؤدي إلى حدوث اختلاف في الطيف الصوتي. وهذه الخصائص تشارك في تكوينها بصورة أساسية مناطق أسفل الحنجرة، والتي تشمل الحجاب الحاجز والرئتين والصدر. ثم يتولى المجرى الصوتي العلوي وضع اللمسات الأخيرة؛ حيث يقوم بتكبير بعض الترددات ويترك البعض الآخر دون تغيير أو يكبحه، وهذا التفاعل المعقد يخلق الطيف الكامل للأصوات البشرية.
تنشأ الرغبة في البكاء في الدماغ في الجهاز الحوفي ومنطقة الوطاء، ومن هناك تنتشر الإشارات العصبونية إلى المناطق الدماغية الأخرى مثل جذع الدماغ والمخيخ الذي ينسق تكوين الأصوات. ثم تُرسل الإشارات إلى عضلات الأحبال الصوتية والحنجرة والصدر والمعدة من خلال طريق سريع من الأعصاب التي تجري على طول الحبل الشوكي. وتعمل تلك الأعضاء المختلفة في تناسُق وتناغُم وكأنها فرقة أوركسترا، إذ تُسهِم جميع الأعضاء في التكوين النهائي للصوت. وإذا ما أخفق أحد الأعضاء المشاركة في هذه المهمة أو أكثر في أداء الدور المنوط به فإن النغم يتوقف. وثمة أنواع محددة من الأضرار الدماغية التي تتدخل في هذا التفاعل المعقد، وبهذه الطريقة فإنها قد تتسبب في تغيُّر صوت بكاء الأطفال.
وغالبًا ما يتطلب تحديد الأعضاء التي خرجت عن هذا التناغم إلى أكثر من مستمعٍ واعٍ ومنتبه، فيستخدم العلماء أدوات تقنية تعمل على تقسيم الصوت إلى مكوناته الأساسية بحيث يتمكنون من التقاط أصغر الإشارات الشاذة (غير المنتظمة). في عام 2013، أعلن الأطباء والمهندسون بجامعة براون أنهم طوروا جهازًا لتحليل الترددات بإمكانه فحص تسجيلات صوت طفل رضيع للتوصل إلى 80 خاصية صوتية مختلفة، ووفق أولئك الباحثين، فإن كلًّا منها ربما يشير إلى مشكلات صحية محتملة.
تعليق