جاليو جاليلي: الشخصية المركزية للثورة العلمية
سيرة حياة عالم الفلك جاليلو جاليلي
جاليليو جاليلي هو عالم الفلك والفيلسوف الذي أصبح الشخصية المركزية للثورة العلمية في القرن السابع عشر. كانت حياته مثيرة للجدل لدرجة أنها مازالت محور نقاش حتى الآن. قدم جاليليو جاليلي للعلم بعض الاختراعات التي غيرت العالم. في هذا المقال نحاول إلقاء الضوء على هذه الشخصية العظيمة واختراعاتها المؤثرة.
من هو جاليليو جاليلي؟
وُلد جاليليو جاليلي في بيزا بإيطاليا عام 1565. كان والد جاليليو من عائلة نبيلة، وكان موسيقياً في البلاط وملحناً متواضعاً، بينما كانت والدته جوليا أماناتي منحدرة من عائلة تعمل في تجارة القماش. لم تستمر عائلة جاليليو طويلاً في بيزا، ففي عام 1572 انتقلت العائلة إلى فلورنسا، وهو المكان الذي كان له تأثير كبير في تحديد هوية جاليليو جاليلي.
هناك تلقى الصبي تعليمه الخاص على يد عدد من الرهبان، ثم التحق بجامعة بيزا مرة أخرى لدراسة الطب. لكن لم تكن تستهويه دراسة الطب بقدر ما كانت تستهويه الرياضيات والفيزياء. فدرس الرياضيات بجانب الطب، ظهر هذا الشغف بالرياضيات سريعاً وأدى إلى اكتشافه العديد من النظريات العلمية مثل علاقة حركة البندول بالمسافة التي يقطعها، بينما استطاع أن يدحض الاعتقاد السائد في ذلك الوقت والذي يشير إلى أنه عند سقوط جسمين مختلفين في الحجم من ارتفاع فإن الجسم الأثقل وزناً سيصل للأرض أسرع.
بدأ جاليليو العمل كمدرس للرياضيات في فلورنسا وسيينا، ثم حصل على درجة الأستاذية في جامعة بادوا في البندقية. هناك اخترع أول ترمومتر هندسي كما وضع الكثير من الآليات التي سينشرها لاحقاً في حياته والتي تشكل أيضاً مساهمته الرئيسية في الفيزياء.
مساهمات جاليليو جاليلي
توقفت مشاريعه المتعلقة بالميكانيكا في عام 1609، عندما علم جاليليو جاليلي باختراع أحدث ثورة في التاريخ: المنظار. وبعد مرور بعض الوقت، أتقن ذلك الاختراع وحوّله إلى ما نعرفه جميعاً على أنه تلسكوب. واعتباراً من القرن السابع عشر فصاعداً، اعتبر الكثيرون جاليليو جاليلي الشخصية المركزية المؤثرة في العلم الحديث، ومن بين أكثر معجبيه كان ألبرت أينشتاين. ولا شك في ذلك فهو كان أول من أبلغ عن ملاحظات تلسكوبية لجبال القمر وأقمار كوكب المشتري ومراحل كوكب الزهرة وحلقات زحل.
قدم جاليليو جاليلي العديد من الاختراعات والاكتشافات العلمية التي ساهمت في تقدم العلوم، فهو اخترع الترمومتر وقام بحساب قانون السقوط الحر، وتصور مبدأ القصور الذاتي، وتحديد مسار القطع المكافئ للمقذوفات، ودافع عن نسبية الحركة. كانت هذه الشخصية ثورية، ويعتبر أول عالم تجريبي، فلم تكن أفكاره مجرد نظرية، بل وضعها موضع التنفيذ.
دافع جاليليو جاليلي كثيراً عن أفكار كوبرنيكوس الخاصة بمركزية الشمس، بل ونشرها مما أغضب رجال الكنيسة. إن الدفاع عن الكوبرنيكية جعله شهيداً لقضية العقلانية والحداثة المستنيرة. فما حققه جاليليو في نهاية حياته كان بديلاً مفصلاً بشكل معقول للمجموعة التقليدية من المفاهيم التحليلية المرتبطة بالتقاليد الأرسطية للفلسفة الطبيعية.
علاقة جاليليو جاليلي مع الكنيسة
قصة جاليليو مع الكنيسةلا يمكننا الحديث عن سيرة حياة جاليليو جاليلي دون التطرق إلى علاقته الوثيقة بالكنيسة. ففي نهاية عام 1632، بعد نشر حوار حول نظامي الكون الرئيسيين – مركزية الأرض ومركزية الأرض – وقدم فيه حججه الداعمة لنظرية مركزية الشمس على عكس الاعتقاد السائد تلقى غاليليو إخطاراً من الكنيسة تأُمره فيها بالحضور إلى روما للعرض على مجمع المكتب المقدس – محاكم التفتيش. يحضر جاليلي العجوز جلسة الاستماع، ثم أربع مرات أخرى لدراسة القضية. وفي منتصف عام 1633، نُقل جاليليو إلى كنيسة سانتا ماريا حيث أُدين واتُهم بالهرطقة، وأجبر على قراءة الاتهام الموجه له والذي كان فيه:
«لقد اشتبهت في بدعة، هي أنني اعتقدت أن الشمس في مركز الكون وغير متحركة، وأن الأرض ليست مركزه، وأنها تتحرك. ومع ذلك، أرغب في إزالة هذا الشك الشديد من أذهان سماحتكم وجميع المسيحيين المخلصين، لذا فإنني أتنكر بقلب صادق وإيمان شديد منه، وألعن وأكره الأخطاء والبدع المذكورة، وبشكل عام كل الضلالات والبدع والمذاهب المخالفة للكنيسة الكاثوليكية المقدسة».
يُقال إن جاليليو جاليلي عندما أُجبر على تأكيد هذا الاتهام أمام الجمهور تمتم قائلاً: “ومع ذلك فهي تتحرك”. لكن على الرغم من الحكم عليه بالسجن إلا أنه في اليوم التالي خفف الحكم إلى وضعه قيد الإقامة الجبرية في منزله. وفي هذه الفترة من حياته قام بتأليف كتاباً تحت اسم “علمان جديدان” تناول فيه علم حركة الغازات وصلابة المادة. وكان لا بد من طباعته في هولندا ولم يذكر فيه كوبرنيكوس.
هذه البادرة من المرونة من جانب الكنيسة التي خففت الحكم من سجنه إلى وضعه تحت الإقامة الجبرية يُفترض أنها أعطتها إكراماً لعائلة ميديتشي القوية الداعمة للكنيسة في العصور الوسطى، هذا بالإضافة إلى صداقة البابا أوربان الثامن لجاليليو جاليلي.
اختراعات جاليليو
كان لجاليليو جاليلي العديد من الاختراعات الرائعة التي ساهمت في تطور العلم الحديث. ولعل من أهم اختراعاته ما يلي:
- الترمومتر
لقد أشرنا بالفعل إلى هذا الاختراع. فهذا الجهاز الذي اخترعه جاليليو كان قادراً على قياس التغيرات في درجات الحرارة بالمقاييس لأول مرة. وهو عبارة عن وعاء صغير مليء بكتل من العجين يتحرك حسب درجة الحرارة. - البوصلة
في عام 1597، ابتكر جاليليو البوصلة، وهي أداة تتحرك على مسطرين ونصف دائرة. ومنذ اختراعه لأول مرة كان يستخدم هذا الاختراع للأغراض التجارية. حيث استخدمه البعض لحساب أسعار الصرف النقدي، بينما استخدمه آخرون لحساب الرسوم. - التلسكوب
لا يمكننا الحديث عن جاليليو جاليلي دون أن نذكر أهم اختراعاته على الاطلاق وهو التلسكوب الفلكي. اخترعه جاليليو لأول مرة في عام 1609 وتمكن من خلاله من مراقبة القمر والمشتري والنجوم. لقد كان اختراعاً مبتكراً وقد كان السبب الرئيسي في صراعه مع الكنيسة.
في الختام لابد من الإشارة إلى أهمية جاليليو جاليلي ومساهمته العظيمة في العلوم. وهذا ما جعل ألبرت آينشتاين يشيد به وبعلمه، بل ويطلق عليه “أبو العلم الحديث“.