زمن عبدالحليم حافظ
فاروق يوسف
لا مغامرات عاطفية
قبل سنوات صدر في القاهرة كتاب صغير بعنوان “زمن عبد الحليم حافظ” لمؤلفه محمود قاسم.
من عاش ذلك الزمن لا بد أن يتذكر أن الفتيات كن يمزقن ثيابهن من أجل أن ينتبه إليهن العندليب الأسمر حين يمر. كان معبود الجميلات في ستينات القرن الماضي.
لم يكن وسيما مثل عمر الشريف ولا جذابا مثل رشدي أباظة ولا ظريفا مثل أحمد رمزي غير أنه كان رقيقا وعذبا وساحرا مثل الكلمات التي كان يغنيها بصوته المنخفض.
لقد جذب من حوله جوقة جميلات هن الأحلى في تاريخ السينما العربية. فغنى “أسمر يا أسمراني” من أجل برلنتي عبدالحميد وغنى “جانا الهوا” من أجل نادية لطفي وغنى “الهوا هوايا” من أجل ميرفت أمين.
حليم مات مبكرا. لم يصل إلى الخمسين من عمره. اللافت في حياة ذلك الكائن المحبوب أنه لم يُعرف عنه أنه كان مغامرا على المستوى العاطفي. لا مغامرات عاطفية في حياته كما لو أنه كان راهبا.
لم يكن (عوينجي) كما كان يُسمى في العراق الرجل الذي يتلفت بحثا عن الجميلات وكانت صفة سلبية كما لو أن المطلوب من الرجل أن يغض الطرف عن الجمال استجابة لقول جرير “فغض الطرف إنك من نمير/ فلا كعبا بلغت ولا كلابا”.
وجرير هذا شاعر أموي دخل في حرب كلامية كان الفرزدق طرفها الثاني امتدت أربعين سنة حتى شبهها شهود العيان بحرب البسوس أو حرب داحس والغبراء.
وهي حرب عاش حليم ما يشبهها ضد فريد الأطرش والسبب أنهما كانا يقيمان حفلتهما السنوية في الوقت نفسه، يوم شم النسيم.
كان خلافا غالبا ما ينتهي بالصلح. ما يجمع بين الاثنين أنهما لم يكن لديهما علاقات نسائية على الإطلاق.
لقد غنى الأطرش “يا مقبل يوم وليلة” في حضور هند رستم التي رقصت بأنوثة فاخرة في قطار ذاهب إلى الصعيد على أنغام “من يوم ما رأيت الفلاحة/ تخطر في الغيظ الفلاحة/ قلت أنا حبيت الفلاحة” مارلين مونرو بل أكثر كانت هناك. غير أن الأطرش لم يلتفت إليها.
كان حليم قد استحضر الحبيبة الملائمة لكليهما حين غنى “كامل الأوصاف فتني/ والعيون السود خذوني/ من هواهم رحت أغني/ آه يا ليلي آه يا عين “. هناك حكاية عن زواج حليم بسعاد حسني غير أن تلك الحكاية لم تؤثر على مزاج الصبايا المعجبات به.
كان حليم ظاهرة استثنائية في تاريخ الغناء العربي. في اليوم الذي مات فيه حليم أقدمت العشرات من الفتيات على الانتحار. ليس لأنه مات بل لأن زمنه انتهى.
فاروق يوسف
لا مغامرات عاطفية
قبل سنوات صدر في القاهرة كتاب صغير بعنوان “زمن عبد الحليم حافظ” لمؤلفه محمود قاسم.
من عاش ذلك الزمن لا بد أن يتذكر أن الفتيات كن يمزقن ثيابهن من أجل أن ينتبه إليهن العندليب الأسمر حين يمر. كان معبود الجميلات في ستينات القرن الماضي.
لم يكن وسيما مثل عمر الشريف ولا جذابا مثل رشدي أباظة ولا ظريفا مثل أحمد رمزي غير أنه كان رقيقا وعذبا وساحرا مثل الكلمات التي كان يغنيها بصوته المنخفض.
لقد جذب من حوله جوقة جميلات هن الأحلى في تاريخ السينما العربية. فغنى “أسمر يا أسمراني” من أجل برلنتي عبدالحميد وغنى “جانا الهوا” من أجل نادية لطفي وغنى “الهوا هوايا” من أجل ميرفت أمين.
حليم مات مبكرا. لم يصل إلى الخمسين من عمره. اللافت في حياة ذلك الكائن المحبوب أنه لم يُعرف عنه أنه كان مغامرا على المستوى العاطفي. لا مغامرات عاطفية في حياته كما لو أنه كان راهبا.
لم يكن (عوينجي) كما كان يُسمى في العراق الرجل الذي يتلفت بحثا عن الجميلات وكانت صفة سلبية كما لو أن المطلوب من الرجل أن يغض الطرف عن الجمال استجابة لقول جرير “فغض الطرف إنك من نمير/ فلا كعبا بلغت ولا كلابا”.
وجرير هذا شاعر أموي دخل في حرب كلامية كان الفرزدق طرفها الثاني امتدت أربعين سنة حتى شبهها شهود العيان بحرب البسوس أو حرب داحس والغبراء.
وهي حرب عاش حليم ما يشبهها ضد فريد الأطرش والسبب أنهما كانا يقيمان حفلتهما السنوية في الوقت نفسه، يوم شم النسيم.
كان خلافا غالبا ما ينتهي بالصلح. ما يجمع بين الاثنين أنهما لم يكن لديهما علاقات نسائية على الإطلاق.
لقد غنى الأطرش “يا مقبل يوم وليلة” في حضور هند رستم التي رقصت بأنوثة فاخرة في قطار ذاهب إلى الصعيد على أنغام “من يوم ما رأيت الفلاحة/ تخطر في الغيظ الفلاحة/ قلت أنا حبيت الفلاحة” مارلين مونرو بل أكثر كانت هناك. غير أن الأطرش لم يلتفت إليها.
كان حليم قد استحضر الحبيبة الملائمة لكليهما حين غنى “كامل الأوصاف فتني/ والعيون السود خذوني/ من هواهم رحت أغني/ آه يا ليلي آه يا عين “. هناك حكاية عن زواج حليم بسعاد حسني غير أن تلك الحكاية لم تؤثر على مزاج الصبايا المعجبات به.
كان حليم ظاهرة استثنائية في تاريخ الغناء العربي. في اليوم الذي مات فيه حليم أقدمت العشرات من الفتيات على الانتحار. ليس لأنه مات بل لأن زمنه انتهى.