علي السنيدار: أوثّق تفاصيل ويوميات حياة البسطاء في مدينة صنعاء القديمة
صالح البيضاني
الاثنين 2022/08/15
صورة حظيت بشهرة واسعة
أحب الشاب اليمني علي السنيدار التصوير الفوتوغرافي، فطوع عدسة كاميرته لرصد ملامح الحياة في مدينة صنعاء القديمة، ولم تثنه الحرب اليمنية المشتعلة عن متابعة شغفه، بل كانت فرصة لشهرته الواسعة ونيله جوائز مهمة عربيا ودوليا سلطت الضوء على موهبته وعلى تفاصيل الحياة اليومية في بلاده.
عدن - أسهمت الحرب اليمنية المستمرة منذ سبع سنوات في شلل أغلب القطاعات حتى الفنية منها، وأجبرت العديد من الفنانين على مغادرة البلاد، لكنها كانت فرصة أيضا للمصورين الفوتوغرافيين، يستخرجون منها صورا لا تنسى عن الحياة اليومية لليمنيين، ولوقع الحرب وآثارها في المجتمع، ومن هؤلاء المصور اليمني الشاب علي السنيدار الذي جعلته صوره المتتبعة للحياة في اليمن واحدا من أشهر المصورين العرب والعالميين.
وفاز المصور اليمني علي السنيدار بجائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي في دورتها الحادية عشرة عن إحدى صوره التي تجسد بعض الآثار المدمرة التي خلفتها الحرب اليمنية.
وعن الصورة الفائزة في المحور العام للجائزة، قال السنيدار لـ”العرب” إن الصورة لها وقع خاص في نفسه حيث التقطها عام 2017 في ذروة الحرب في اليمن، وتعكس الصورة جزءا من الواقع الأليم في اليمن المتمثل في تسرب الطلاب من المدارس والتحاقهم بالتجنيد الحربي.
السنيدار أحد المصورين الشباب الذين سخّروا عدسة الكاميرا لرصد المواقف الإنسانية، وتوثيق الحياة اليومية
وتابع “إنها رسالة واضحة عما يعانيه الشعب اليمني في زمن الحرب”، مشيرا إلى أن هذه الصورة رشحت من قبل وكالة فرانس برس من بين أفضل ثلاثين صورة أثرت في العالم، قبل أن يشارك بها قبل ثلاثة أشهر في المسابقة الإماراتية العالمية.
وتنقل الصورة مشهد طفلين، أحدهما بالزي المدرسي عائد من المدرسة، والآخر يبدو إلى جوار مسلح، وكان للصورة العديد من الدلالات المتعلقة بالتعليم ووضع الطفل في اليمن.
ويعد السنيدار (29 عاما) أحد المصورين الشباب الذين سخروا عدسة الكاميرا لرصد الحالات والمواقف الإنسانية، وتوثيق الحياة اليومية للناس والأماكن، والتركيز على الحرف اليدوية والتقليدية والمناظر التي تعكس جمال المدن، خصوصًا مدينة صنعاء التي ولد وترعرع في أزقتها.
وحول تجربته الإبداعية في مجال التصوير الفوتوغرافي وارتباطها إلى حد كبير بالشارع اليمني وإيقاعاته اليومية وخصوصا صنعاء القديمة، يفسر السنيدار هيمنة التراث اليمني على عدسته قائلا “الشغف بالتصوير نما بداخلي منذ فترة مبكرة من حياتي. وكوني من مواليد صنعاء القديمة وأعيش فيها، أحاول دائماً أن ألتقط تفاصيل ويوميات الحياة في الشارع ببساطتها في مدينة صنعاء وتوثيق لحظاتها، وأعتبرها تجربة فريدة وفرصة رائعة جداً أن توثق وتنقل التفاصيل الجميلة في حياة الشارع اليمني البسيط والذي يتميّز بسهولة الحياة فيه”.
وعن بداياته مع فن التصوير وقصة الصورة الأولى يقول السنيدار لـ”العرب”، “بدايتي مع التصوير كانت في العام 2017، لكن الشغف كان لدي قبل ذلك، وحتى قبل الحرب، حيث كنتُ أستمتع بمراقبة الأجانب والوافدين عند التقاطهم صورا لصنعاء القديمة، كما كنت أتابع كل الصور عن المدينة من باب الفضول الشخصي، ثم فكرت في شراء كاميرا وكانت أول صورة لي في سمسرة ‘سمينة’ لرجلين طاعنين في السن وهما يتمازحان، وحظيت هذه الصورة باهتمام وقبول واسع على مواقع التواصل الاجتماعي حينها”.
وعن رأيه في أوجه التشابه والفروق بين المصور الفوتوغرافي والفنان التشكيلي اللذين يستمدان إبداعهما من الواقع الاجتماعي وعناصر الجمال المحيطة بهما، قال “الفرق بين الفن التشكيلي والتصوير من وجهة نظري يكمن في أن الفن التشكيلي يستمد الإلهام من الخيال الواسع ليوصل رسالة، بينما التصوير فن يتلمس واقع المجتمع ويتعامل مع الناس وينقل رسالة معبرة عنهم، على اعتبار أن المصور الفوتوغرافي له منظور خاص في رؤيته للواقع ويلتقط من خلال تلك الرؤية لحظات لا تتكرر عادة”.
تفاصيل ملهمة من الحياة في اليمنوحول رؤيته للفرق بين التصوير الصحافي والتصوير الإبداعي يؤكد السنيدار أن “التصوير الصحافي توثيق ونقل أحداث تحصل في العالم مثل المؤتمرات والثورات والزلازل وغيرها، أما التصوير الإبداعي فله خيال وحس فني حيث يهتم بالتقاط البورتريه وحياة الشارع والمايكرو… إلخ”.
ويصف السنيدار واقع التصوير الفوتوغرافي في اليمن في زمن الحرب بأنه صعب للغاية، لافتا إلى أنه يجب أن يكون لدى المصور تصريح من الدولة أو موافقات سابقة، فمن يحمل الكاميرا في ظل هذه الظروف يواجه مضايقات كثيرة سواء من الناس أو من الجهات الرسمية، واستدرك “لكني متفائل بأن الأمور في المستقبل ستكون أفضل بعد انتهاء الحرب”.
ويشير الفنان اليمني إلى أن هناك الكثير من رواد التصوير الفوتوغرافي في اليمن والعالم ممن ألهمته تجاربهم، مثل: عبدالرحمن الغابري موثق اليمن الأول وأميرة الشريف ووجدي المقطري وثناء فاروق وستيف ماكوري.
وعن مشاريعه القادمة قال المصور علي السنيدار لـ”العرب” إنه يعتزم تطوير مهاراته وخبراته في هذا المجال، إلى جانب إقامة معارض في أوروبا وبعض الدول العربية استمرارا لمسيرة بدأها من خلال تنظيم معرض بعنوان “جدران حميمة” في السفارة البريطانية بالرياض ومعرض “روح المكان” الذي أقيم في دار الأوبرا في القاهرة.
وكانت صورة “خناق بعد عناق” للسنيدار قد حصلت على المركز الأول في مسابقة معهد الشرق الأوسط في واشنطن عام 2019، كما فازت صورته “أمي الملكة” بمسابقة الأمم المتحدة للسكان.
صالح البيضاني
الاثنين 2022/08/15
صورة حظيت بشهرة واسعة
أحب الشاب اليمني علي السنيدار التصوير الفوتوغرافي، فطوع عدسة كاميرته لرصد ملامح الحياة في مدينة صنعاء القديمة، ولم تثنه الحرب اليمنية المشتعلة عن متابعة شغفه، بل كانت فرصة لشهرته الواسعة ونيله جوائز مهمة عربيا ودوليا سلطت الضوء على موهبته وعلى تفاصيل الحياة اليومية في بلاده.
عدن - أسهمت الحرب اليمنية المستمرة منذ سبع سنوات في شلل أغلب القطاعات حتى الفنية منها، وأجبرت العديد من الفنانين على مغادرة البلاد، لكنها كانت فرصة أيضا للمصورين الفوتوغرافيين، يستخرجون منها صورا لا تنسى عن الحياة اليومية لليمنيين، ولوقع الحرب وآثارها في المجتمع، ومن هؤلاء المصور اليمني الشاب علي السنيدار الذي جعلته صوره المتتبعة للحياة في اليمن واحدا من أشهر المصورين العرب والعالميين.
وفاز المصور اليمني علي السنيدار بجائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي في دورتها الحادية عشرة عن إحدى صوره التي تجسد بعض الآثار المدمرة التي خلفتها الحرب اليمنية.
وعن الصورة الفائزة في المحور العام للجائزة، قال السنيدار لـ”العرب” إن الصورة لها وقع خاص في نفسه حيث التقطها عام 2017 في ذروة الحرب في اليمن، وتعكس الصورة جزءا من الواقع الأليم في اليمن المتمثل في تسرب الطلاب من المدارس والتحاقهم بالتجنيد الحربي.
السنيدار أحد المصورين الشباب الذين سخّروا عدسة الكاميرا لرصد المواقف الإنسانية، وتوثيق الحياة اليومية
وتابع “إنها رسالة واضحة عما يعانيه الشعب اليمني في زمن الحرب”، مشيرا إلى أن هذه الصورة رشحت من قبل وكالة فرانس برس من بين أفضل ثلاثين صورة أثرت في العالم، قبل أن يشارك بها قبل ثلاثة أشهر في المسابقة الإماراتية العالمية.
وتنقل الصورة مشهد طفلين، أحدهما بالزي المدرسي عائد من المدرسة، والآخر يبدو إلى جوار مسلح، وكان للصورة العديد من الدلالات المتعلقة بالتعليم ووضع الطفل في اليمن.
ويعد السنيدار (29 عاما) أحد المصورين الشباب الذين سخروا عدسة الكاميرا لرصد الحالات والمواقف الإنسانية، وتوثيق الحياة اليومية للناس والأماكن، والتركيز على الحرف اليدوية والتقليدية والمناظر التي تعكس جمال المدن، خصوصًا مدينة صنعاء التي ولد وترعرع في أزقتها.
وحول تجربته الإبداعية في مجال التصوير الفوتوغرافي وارتباطها إلى حد كبير بالشارع اليمني وإيقاعاته اليومية وخصوصا صنعاء القديمة، يفسر السنيدار هيمنة التراث اليمني على عدسته قائلا “الشغف بالتصوير نما بداخلي منذ فترة مبكرة من حياتي. وكوني من مواليد صنعاء القديمة وأعيش فيها، أحاول دائماً أن ألتقط تفاصيل ويوميات الحياة في الشارع ببساطتها في مدينة صنعاء وتوثيق لحظاتها، وأعتبرها تجربة فريدة وفرصة رائعة جداً أن توثق وتنقل التفاصيل الجميلة في حياة الشارع اليمني البسيط والذي يتميّز بسهولة الحياة فيه”.
وعن بداياته مع فن التصوير وقصة الصورة الأولى يقول السنيدار لـ”العرب”، “بدايتي مع التصوير كانت في العام 2017، لكن الشغف كان لدي قبل ذلك، وحتى قبل الحرب، حيث كنتُ أستمتع بمراقبة الأجانب والوافدين عند التقاطهم صورا لصنعاء القديمة، كما كنت أتابع كل الصور عن المدينة من باب الفضول الشخصي، ثم فكرت في شراء كاميرا وكانت أول صورة لي في سمسرة ‘سمينة’ لرجلين طاعنين في السن وهما يتمازحان، وحظيت هذه الصورة باهتمام وقبول واسع على مواقع التواصل الاجتماعي حينها”.
وعن رأيه في أوجه التشابه والفروق بين المصور الفوتوغرافي والفنان التشكيلي اللذين يستمدان إبداعهما من الواقع الاجتماعي وعناصر الجمال المحيطة بهما، قال “الفرق بين الفن التشكيلي والتصوير من وجهة نظري يكمن في أن الفن التشكيلي يستمد الإلهام من الخيال الواسع ليوصل رسالة، بينما التصوير فن يتلمس واقع المجتمع ويتعامل مع الناس وينقل رسالة معبرة عنهم، على اعتبار أن المصور الفوتوغرافي له منظور خاص في رؤيته للواقع ويلتقط من خلال تلك الرؤية لحظات لا تتكرر عادة”.
تفاصيل ملهمة من الحياة في اليمنوحول رؤيته للفرق بين التصوير الصحافي والتصوير الإبداعي يؤكد السنيدار أن “التصوير الصحافي توثيق ونقل أحداث تحصل في العالم مثل المؤتمرات والثورات والزلازل وغيرها، أما التصوير الإبداعي فله خيال وحس فني حيث يهتم بالتقاط البورتريه وحياة الشارع والمايكرو… إلخ”.
ويصف السنيدار واقع التصوير الفوتوغرافي في اليمن في زمن الحرب بأنه صعب للغاية، لافتا إلى أنه يجب أن يكون لدى المصور تصريح من الدولة أو موافقات سابقة، فمن يحمل الكاميرا في ظل هذه الظروف يواجه مضايقات كثيرة سواء من الناس أو من الجهات الرسمية، واستدرك “لكني متفائل بأن الأمور في المستقبل ستكون أفضل بعد انتهاء الحرب”.
ويشير الفنان اليمني إلى أن هناك الكثير من رواد التصوير الفوتوغرافي في اليمن والعالم ممن ألهمته تجاربهم، مثل: عبدالرحمن الغابري موثق اليمن الأول وأميرة الشريف ووجدي المقطري وثناء فاروق وستيف ماكوري.
وعن مشاريعه القادمة قال المصور علي السنيدار لـ”العرب” إنه يعتزم تطوير مهاراته وخبراته في هذا المجال، إلى جانب إقامة معارض في أوروبا وبعض الدول العربية استمرارا لمسيرة بدأها من خلال تنظيم معرض بعنوان “جدران حميمة” في السفارة البريطانية بالرياض ومعرض “روح المكان” الذي أقيم في دار الأوبرا في القاهرة.
وكانت صورة “خناق بعد عناق” للسنيدار قد حصلت على المركز الأول في مسابقة معهد الشرق الأوسط في واشنطن عام 2019، كما فازت صورته “أمي الملكة” بمسابقة الأمم المتحدة للسكان.