كتب:جبو بهنام بابا..تراجيديا الحدث الظلامي (في مرًالظلام من هنا) للشاعربهنام عطا الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كتب:جبو بهنام بابا..تراجيديا الحدث الظلامي (في مرًالظلام من هنا) للشاعربهنام عطا الله


    Bihnam Atalah

    أمس الساعة ‏١٢:٠٣ ص‏ ·
    تراجيديا الحدث الظلامي (في مرً
    الظلام من هنا) للشاعر بهنام عطاالله
    قراءة:جبو بهنام بابا
    نشرت في جريدة الدستور العراقية العدد (٥٣٤٣) الصادرة في يوم السبت ١٣ آب ٢٠٢٢.
    شكرا لصديقي الوفي الشاعر والناقد المبدع جبو بهنام بابا مع فيض محبتي واحترامي ومودتي.
    تراجيديا الحدث الظلامي في
    مجموعة(مرَّ الظلام من هنا)
    للشاعر بهنام عطالله
    قراءة : جبو بهنام
    مجموعة شعرية جديدة للشاعر بهنام عطاالله، بعنوان (مر الظلام من هنا) صدرت بعد مجموعاته الخمس: فصول المكائد، إشارات لتفكيك قلق الأمكنه، مظلات تنحني لقاماتنا، هوة في قمة الكلام، وهكذا أنت وأنا وربما نحن، عن المديرية العامة للثقافة والفنون السريانية في اربيل تسلسل (44) وطبعت في مطبعة هاوار بدهوك . 2018، وهي من (أدب النزوح والتهجير القسري)، كما صدرت مترجمة عن اللغة السريانية من قبل دار المشرق الثقافية ترجمها عن العربية المترجم اكرم بهجت. وكتب مقدمتها التي جاءت بعنوان (سلطة النص في مواجهة سلطة الظلام)، الدكتور فيصل القصيري قال فيها:
    (بهنام عطاالله شاعر ضد الظلام، فهو شاعر النور والحياة والجمال، وبكل بساطه ووضوح وبلا تكلف وتصنع أو غموض غير مجد، يكتب القصيده لا بوصفها محض نسيج لغوي معقد يتعالى على القاريء ببنيته المغلقه بالطلاسم والرموز المبهمه والصور الملتبسه، وإنما بوصفها نصا إبداعيا منفتحا على القاريء متفاعلا معه، إذ أن النص عنده هو محج القراءه وميدان التحليل ومنطقة التاويل.
    يفتتح الشاعر عطاالله مجموعته بقصيدة (بقايا الظلام)، والتي يقول فيها:
    (حينما أغراهم الظلام/بيافطات خربه
    ورايات سوداء/دسوا أصابعهم بفم الكون/كي يوقفوا دوران الأرض/قلعوا عشبة الحياة ومضوا/ في تلك الليله/ ومن خلف النافذه/كنت اعلك مراة النزوح والتشرد/أرصد جموع البشر وهي تتجه نحو الهجير/أحنط فصولي في علبة الوقت).ص 19
    تحمل هذه النصوص الكثيرمن المعاناة نتيجة النزوح والتهجير القسري والغياب عن مدينتة الحبيبة، فللغياب طعم التيه والتشرد إنه شبه مطلق في كل العوالم والغربة، تيه وضياع، لكن الشاعر ترك مجالا للقاء من خلال فكرة الأمل والتفاؤل والتجديد. وهكذا أدرك الشاعر أن الصوره الشعرية لم تعد تعرّفا على الشيء ولا هي تقريباً ذهنياً، وإنما خلق رؤيا خاصة تحدد دواعي الشاعر وإمكاناته على مكننة وتصوير مواقف زمن كتابة القصيدة، فالصورة الشعرية تتغذى من ذات الشاعر وحالاته الإنفعالية بهدف تحريك وإيقاظ الكوامن الشعورية الداخلة في الإنسان، والإيحاء بدلالاتها المستمدة من دواخل واقع الطبيعة لإخراجها على شكل صورة تجريدية يتداخل فيها المادي والمعنوي.يقول في قصيدة (الباب):
    (منذ عام النزوح القسري/ النزوح الأول فالثاني/ دخلوك وخرجوا/ دخلوك بوجوه راعفة/ خرجوا منك بلا وجوه/ لأنهم ربما تركوها هناك/ فالداخل ليس كالخارج/ لأنه سيكون محملا بالغنائم/ هي حلال لهم/وحرام على الآخرين). ص 28
    إن بنية النص عند الشاعر تتشكل عبر مسارات ذهنية وواقعية في البناء والأداء، وهو عمل متكامل يستجمع فيها الشاعر كل قواه الذاكراتية، فهو شاعر أبدع على مدى تجربته الشعرية الطويلة، والتي تجعل ذات الشاعر صادقة بفكره ونضاله الوطني والحياتي، إنه يتشبث بالصبر ليسمو بنصوصه بطريقة حكائية مع الذات. حيث أن القصيدة عنده تظهر وكأنها موضوعة داخل نص قديم موزعا بين أعضاء الكومبارس، بعبارة واضحة ومتطورة ومتقدمة وبتداخل الأصوات والإبتعاد عن تمازج الأشخاص، بحيث أن القصيدة نمت على أرضية حوارية وهذه ملحقات الطبيعة، رأس الصورة الكلية، وما هذا إلاّ تصوراً كبيرا يسود البشرية، فالنص بشكله الفني وإيقاعه الداخلي نهاية منطقية لجميع التراكيب والعبارات الداخلة فيها، في بنية فنية واضحة وجميلة يقول في قصيدة، (ظلام أسود قلوب بيضاء):
    (يلهمني ذلك الصباح/ يلملم أهدابه /وينام في حقائب الطفوله توشحني/تلك التراتيل بتعابيرها الخجلى/ياوطنا لفه الضباب/واغلق اخر الأبواب/هرب منه القمر ورائحة النرجس والحندقوق
    تاهت الطرق من تحت أقدامنا/الى مسالك الغفوة والرحيل)ص 33
    كيف تستطيع أن تتخطى شعراء مثل أمرئ القيس أو المتنبي أو البحتري أو الجواهري وغيرهم، ممن يكاد صوتهما يغطي مساحة شعرية هائلة، وتبدو مقارعتهما ضرباً من العبث، حيث يقول الدكتور حاتم الشيباني: (إذن نحن بحاجة الى أصوات شعرية جديدة تبعث فينا روح الأمل والتفاؤل، فقدم الشكل الشعري لايقف حائلاً في وجه التجديد، والتجارب الشعرية الكبيرة التي لم يجدها شكل معين، وإنما أعطت فيضاً من النتاجات التي تجعلنا نقف منبهرين أمام تلك الالتماعات الفذة.
    إن تجربة الشاعر على ما يبدو، تجربة تعمل في إطارها الفني، فهي محصنه بأسئلة (ابستمولوجية) مشدودة الى مرجعية (انجلوسكسونية)، ومفتوحة بمكاسب السرديات إنطلاقاً من تضيق مختلف المقولات الحكائية، إنها ثلاثية مستلهمة من السرد ضمن مواصفات خاصة. ورغم هذا فقد إستطاع الشاعر أن يوظف بعض التعدديات المنهجية لمعالجة زوايا النص، وكذلك جاهزيتها وطرحها على سرير (بروكست) رغم أنها التزمت بالشروط المادية للإنتاج والتلقي. فهي تعزف على قيثارة الحزن والنزوح والتشرد. ولعله أدرك الرحلة الطويلة للشعر العربي وعرف الإنتاج الزاخر لشعرائنا على مرالتاريخ، وقد قال الشاعر نزار قباني: (إن ما أنتجته القرائح العربية من الشعر يكفي أن يكون ثياباً لكل سكان الصين)، بهذا يعيش الشاعر محنة حقيقية محنة الغياب والهجره والتشتت بين قارات العالم.يقول في قصيدة (على أعتاب الظلام):
    (مهجرون/نازحون/مشردون/ينتظرون الموت والهاويه/عند الحدود القصيه/في المراكب والسفن/ عند الحدود الأجنبيه/حروبنا تسير على/قدم وساق/سجوننا خالية من الضمير
    زعماؤنا نائمون في المؤتمرات والقمم/أحلامهم سعيدة /أحلامنا كئيبة/فالباء بائي/والعين عراقي/وهم ما بين الباء والعين/يهرعون أسرابا/باتجاه الحدود بلا أقدام). ص 50
    فالشاعر يفوح الماً وبكاءً، إنه متعددة الإشارات، ترميزاً واسطورة بما تفضي إلى معاني ودلالات كليه تدخل ضمن قيم القصيدة، ومايتفرع من معان ورموز، ثم مايلبث أن يردف بهامش نثري يسعف على إنتظام المفارقة أو تعميق الإصالة أو ضبط التناص تطويقاً لحاجة المعادل الموضوعي، رغم هذه الدعوة المتمردة على الخوف وأسطورة الموت، والشهادة تعطي للكلمة القوة والعنفوان في مواجهة الطغيان والتعسف والقتل والحرق والإختطاف، الذي ينتاب وطنه العراق، بحيث تعطي عدة دلالات للحزن. فالحزن هو المعادل الموضوعي لكل حالات الإنسان وحياته الخاصة. يقول في قصيدة، (مار بهنام أيقونة التاريخ والمزامير):
    (كيف تقرأ عطر الروح من جبك ؟/كيف تترك لذاتنا المشتهاة بالمزامير
    في ذلك الربيع الجميل؟/عن ماذا يتحدث صمتك المقام بيننا؟/وهل تستطيع أن نجمع أصلبع التاريخ/في لوحة سريانية خطها نازح من تكريت
    منذ مئات السنين...)
    الى أن يقول:
    (عامان ونيف مرا بلون السخام/وطعم الحقد والعفونه/تعثر التاريخ عند أول الكلام/إرتعشت فضاءات الدير/هرعت تلك الأشجار والزهور/خائفة من أصابع TNT/التي انتشرت في جبك البهيج
    وانت تغط في ضريحك المقدس/مع رفاقك الشهداء/الذي حوله الظلام
    الى ركام /ودنست قامته/وإنتشر حوله الدمار). ص 63
    الشاعر ينساب من قلبه بحزن عميق مثل إنسياب الشلال من منطقه جبلية عالية، فيسمع صدى هديره من بعيد.
    يقول الشكلانيون أن الأدب هو إستعمال خاص للغة، وهو إستعمال يعني الخروج به عن المعيارية إلى شيء من الغرابة أو الطرافة، فهو لغة تخيلية أو نوع من الكتابة التي تمثل عنفا منظما، يرتكب بحق الكلام الإعتيادي حسب تعبير جاكبسون.على الشاعر حين يقرأ أو يستمع الى قصيدة شعر يحس وكأنه يتأمل لوحة فنية، ويتراءى على مسامعه أنغاماً موسيقية، إنها الخامة الفنية التي تضم كل شاعر يفترض في العمل الأدبي، الذي يطرح رؤية أيديولوجية أن يظل متسقاً مع رؤيته. هي لدى الشاعر بطاقة صوفية ينطلق الشاعر من إستخدام اللغة ذات الطابع التجريدي، ليرسم فيها مدخلا فنيا للقصيدة، التي تم بناؤها في أكثر من قصيده وهذا البناء هو تشكيل مفرداتي وإستخدام هاجس للشكل الفني، وهذا دليل على قوة المديات الواسعة لحرية النص، وهو تعبير عن إحساس جمالي واع من موضوعاته، التي لاتنفصل عن الهم الحياتي المتجذر معبرا بذلك تعبيرا متعدد الدلالات، والذي يظهر جليا في أداء الجُمل المعتمدة على اسلوب تكرار مفردة لاتحتاج الى تعريفات مباشرة، بل إلى إقتناص مركّز لطبيعة البيئة التي تعيش فيها، والحاله التي المّت بالشاعر. يقول في قصيدة، (مشاهدات ما بين الأرض والغيوم) :
    (طيور ملونة تصدح مندفعة/توقظ قلقي المستباح من زمان/تهاجر بين القارات /من مطار الى مطار /تلتف على خاصرة القلب/أمام مناضد العتمة/بوصلتي التي سرقها الظلام/حوّل اتجاهها نحو المنافي). ص89
    لقد مزج الشاعر في القصيده الواقع والمحتمل، وهذا يعني دلالة الرؤى وأزلية الوجود. فالقصيدة وليدة الموقف وليس اللحظة. والوصف الإخباري يبقى متكأً وربما تكون المرحلة الزمانية المتناولة وطبيعة الحدث، الذي يصفه الشاعر في عملية المسار السردي ويحدد الشاعر موقفه من هموم قد تكون أحياناً في قلبه، وحيناً آخر في روحه وفي مهجته، يخاطب فؤاده الذي كونته الهموم، أي هموم هذه تغلي في مراجل قلبه، وما زالت تهمس في فؤاده مثل طوفان يتكور في رؤاه الفكرية عبرهذه الظاهرة بشكل جلي. إنه العرض العلمي بل السيكلولوجي، فهو الظاهرة النفسية التي تدخل في عالم الرؤى، بشعور زمني يطمع إليه الشاعر لمتابعة عمله التقني. لقد عبّر إبن رشد مستعملا تعبير التغيير في لغة الشعر فقال :إذا غُير القول الحقيقي سمي شعرا أو قولا شعريا ووجد له فعل الشعر، مثل هذا القول يظهر عند الشاعر في قصيدة، (أيقونة السهل الأخر):
    (بخديدا هي الأجمل/بخديدا أيقونة السهل الأخضر/بخديدا ستبقى/ونحن لن نرحل /عيوننا ترنوا أبدا /نحو الأفضل). ص 113
    لقد عبّر الشاعر بهنام عطالله عن حبه لمدينته التي تحتضنها نينوى التاريخ والأصالة، (بخديدا)، وتألم لمغادرتها ونزوحه عنها هائما بين المدن والمطارات والموانئء القصية، إنها مناجاة لأمر ما، قد يكون مفقودا وقد لايأتي الى راحة اليد، عبّر اسلوب تراجيدي ينتابه الألم والمعاناة، الشاعر هنا يبحث عن مواساة بعدما ضاق به الحنين الى ظل فارقه وابتعد كثيرا عنه، ربما لايصل إليه يتلمسه خيال وسراب، وكل هذا مع مكابدات تظل شراعا في سفينة مهجوره تركها قبطانها ورحل.
    وأخيرا إن قصائد المجموعة الشعرية (مر الظلام من هنا)، مصاغه بلغة سلسه تنم عن مقدره أدبيه مؤثثة بخيال مفعم، وإرهاصات إنسان متعب يلملم آهاته، عسى أن يلقى بئرا ليدفنها بعيدا عن الماره.
    هامش
    * مر الظلام من هنا، مجموعة شعرية من أدب النزوح، بهنام عطاالله، إصدار المديرية العامة للثقافة والفنون السريانية، أربيل، العراق، 2018.



    **************************

    Bihnam Atalah - سالم الحمداني
    • قراءة ثرية لمنجز رائع
      تهانينا وألف مبارك

      بواسطة Bihnam Atalah

يعمل...
X