هل تجارب الاقتراب من الموت مجرد لعبة أخيرة لدماغ يحتضر؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل تجارب الاقتراب من الموت مجرد لعبة أخيرة لدماغ يحتضر؟

    هل تجارب الاقتراب من الموت مجرد لعبة أخيرة لدماغ يحتضر؟


    تجربة الاقتراب من الموت ترتبط بشكل عام بالحوادث التي تهدد الحياة مثل الحوادث المروعة أو النوبات القلبية أو الصدمات الحادة أو الاختناق وما إلى ذلك. هذه الظاهرة الغريبة التي عاشها الكثير في جميع أنحاء العالم تضع العلم الحديث في ورطة حقيقية. نظراً لإيمان العلم بأن الوعي البشري لا يمكن أن يكون منفصلاً عن الجسد. لكن ماذا رأى العائدون من الموت؟ وكيف تتشابه التجارب على اختلاف الثقافات والجغرافية المكانية لكل من عاش تلك التجارب؟ وماذا يقول العلم عن هذه الظاهرة الغريبة؟ هذا ما سنعرفه في المقال التالي.ما هي تجربة الاقتراب من الموت؟

    تعد تجربة الاقتراب من الموت أحد الظواهر الغريبة التي عاشها أكثر من 10% من مرضى السكتة القلبية في جميع أنحاء العالم. لكن على الرغم من عدم دقة هذه الاحصائية نظراً لأن العديد من المرضى الذين تعرضون لهذه التجربة كانوا يخشون التحدث بشأنها حتى لا يتعرضوا للسخرية من البعض.ومع ذلك فإن معظم تجارب الاقتراب من الموت هي تجارب إيجابية للغاية. لكن بعض الأشخاص أبلغوا عن تجارب سلبية في بعض الأحيان. تقوم هذه التجربة على مغادرة العقل أو الوعي البشري أو الروح – على اختلاف المسميات – للجسد الميت. إلا أن هذه التجربة لا تستغرق سوى دقائق معدودة حتى يتم إنعاش القلب فيعود المريض إلى الحياة مجدداً. ويعتقد بعض الناس أن تجارب الاقتراب من الموت تثبت وجود الروح والحياة بعد الموت. لكن ماذا رأى العائدون من الموت ليؤمنوا بذلك؟ماذا رأى العائدون من الموت؟

    صورة للنفق الذي ينتهي بالضوءتتبع معظم تجارب الاقتراب من الموت نفس النمط العام تقريباً. حيث يشير الكثير ممن تعرضوا لهذه التجربة أنها ليست شبيهة بالحلم بأي حال من الأحوال. بل شعروا بأنها واقعية بصورة لا يمكن تخيلها. كما أفادوا أنهم تركوا أجسادهم التي دمرها الألم ودخلوا إلى عالم خالٍ من الألم والمعاناة. كما شعروا بحرية كبيرة تناسب من حولهم بعد أن تخطوا حواجز الزمان والمكان. لكن ماذا رأى العائدون من الموت فعلياً

    يذكر الكثير ممن تعرضوا لتجربة الاقتراب من الموت أنهم رأوا ضوءً ساطعاً في نهاية نفق مظلم. أما البعض الآخر فشاهدوا أرواحهم وكأنها تطفو في الهواء في حين ينظرون إلى أجسادهم الملقاة بلا حول ولا قوة على السرير والأطباء من حولهم يقومون بعملهم لإنعاش القلب.بعض الحالات الأخرى كانت مقابلة الأحباء سواء الأحياء منهم أو الموتى. وهناك مَن ذكر أنه شاهد كائنات أخرى مثل الملائكة أو شخصيات دينية مقدسة كالأنبياء من أمثال النبي عيسى وموسى. وفي ذلك الوقت شعروا بأنهم يبحرون في هدوء وسكينة وحرية لم يشعروا بها من قبل.




    هناك تجربة أخرى مثيرة للاهتمام وهي حالة الأمريكية ماريا التي أصيبت بسكتة قلبية وعاشت تجربة الاقتراب من الموت في إحدى مستشفيات سياتل عام 1977. ففي اليوم التالي بعد نجاتها أخبرت الطبيب المعالج أنها تركت جسدها أثناء الإنعاش، وطفت لأعلى وخرجت عبر النافذة ثم نظرت حولها في الخارج قبل أن تعود إلى جسدها مرة أخرى. وبينما كانت خارج المبنى شاهدت حذاء تنس موضوعاً على حافة نافذة بالطابق الثالث. وللتأكد من صحة حديثها قام العامل بتحديد مكان النافذة التي ذكرتها ماريا. وبالفعل كان هناك حذاء التنس، وجاء وصفه كما ذكرت ماريا بالضبط. أصابت العامل الدهشة حيث أخبر الطبيب أنه من المستحيل رؤية حذاء التنس من غرفة العمليات.تجارب لدراسة حالات الاقتراب من الموت

    صورة رمزية لسفر الوعي بعيداً عن الجسدفي كتابه “الجانب المظلم من الروح” قام عالم الأعراق البشرية هانز بيتر دوير بتوثيق تجارب الاقتراب من الموت من مختلف الثقافات والعصور. ووجد أن جميع الأنماط متشابهة. ومع ذلك، لا يؤمن دوير بمحاولات التفسيرات الروحية لهذه الظاهرة.من ناحية أخرى، تشكل تجارب الاقتراب من الموت مهمة صعبة للعلم. فكيف يمكن للباحثين التحقيق من التقارير الذاتية للغاية؟ لكن مع ذلك هناك ميزة حاسمة في هذا الموضوع. فأغلب حالات تجربة الاقتراب من الموت تحدث في المستشفى. حيث يكون المريض محاطاً بالعديد من الآلات التي تستخدم لقياس كل شيء تقريباً، فلماذا لا نستخدم هذا الأمر لتوثيق ما يحدث أثناء تجارب الخروج من الجسد؟

    لقد صمم سام بارنيا، الطبيب من جامعة ستوني بروك وزملاؤه هذه التجربة لدراسة تجارب الاقتراب من الموت وما يمكن أن يفعله الوعي البشري. تقوم هذه التجربة داخل حوالي 1000 غرفة في أقسام أمراض القلب والعناية المركزة في مستشفيات ولاية نيويورك. حيث تم وضع صور ورسائل على الرفوف بحيث لا يمكن رؤيتها أثناء الوقوف على الأرض. لذا إذا كنت ترغب في رؤيتها فعليك أن تتسلق سلماً لتراها، أو تطفو في الهواء.يوضح بارنيا فكرته قائلاً: “إذا ذكر العديد من المرضى هذه الصور والرسائل عند وصف تجاربهم القريبة من الموت. فإن العلم سيواجه مشكلة حقيقية”.




    استمرت دراسة بارنيا لمدة خمس سنوات. وكشفت النتائج عن مشكلة مركزية: وهي أن من الصعب للغاية الحصول على بيانات كافية. فمن بين 2060 مريضاً بالسكتة القلبية، نجا 330 فقط. وكان 140 من الناجين لائقاً بما يكفي لإجراء مقابلة أولى، ويمكن استجواب 101 بمزيد من التفصيل. تسعة منهم كانت لديهم ذكريات عن وفاتهم. لكن اثنتين فقط من التجارب ذكرت تجربتهم خارج الجسم. أصيب أحدهم بالمرض لدرجة لا تسمح له بإجراء مقابلة أخرى.بقي مريض واحد فقط، وهو رجل يبلغ من العمر 57 عاماً يزعم أنه كان يحوم في زاوية من غرفة العلاج ويراقب الموظفين أثناء الإنعاش. لقد كان قادراً على وصف محاولات الممرضات والأطباء بالتفصيل أثناء إنعاش قلبه – حتى ثلاث دقائق بعد توقف قلبه عن النبض. لكن بكل أسف لقد تم إنعاش هذا المريض في غرفة بدون صور على الرفوف. إنه حظ سيء للباحثين.محاولات العلم للتأكد من هذه الظاهرة

    هل يمكن أن يوجد الوعي البشري منفصلاً عن الجسديقول العلماء أن تجارب الاقتراب من الموت تعكس ببساطة نشاط الدماغ المحتضر مع انخفاض مستويات الأكسجين وارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون. على سبيل المثال، يمكن لتقارير تجربة الاقتراب من الموت عن وجود ضوء في نهاية نفق مظلم أن تعكس ببساطة مستويات الأكسجين المتساقطة في شبكية العين، بدءًا من المحيط وتتحرك إلى الداخل نحو المركز، مما ينتج عنه رؤية نفقية

    العديد من التجارب الأخرى التي تم الإبلاغ عنها في تجارب الاقتراب من الموت. على سبيل المثال، تجارب الخروج من الجسم، يمكن محاكاتها، عن طريق تحفيز أجزاء معينة من الدماغ. لقد قام عالم الأعصاب جيمو بورجيجين من جامعة ميشيغان بقياس موجات دماغ الفئران بعد فترة وجيزة من السكتة القلبية – ولاحظ زيادة مفاجئة في نشاط الدماغ. هل لدى الفئران أي شيء مثل تجارب الاقتراب من الموت؟ هل تجارب الاقتراب من الموت مجرد لعبة أخيرة لدماغ يحتضر؟تمت مناقشة النتائج بالتفصيل. تجربة الفئران هي واحدة من العديد من النهايات السائبة التي يحاول الباحثون جمعها معاً. تبدو العديد من التفسيرات لتجارب الاقتراب من الموت معقولة. لكنها هذه التفسيرات لم تجعلها حقيقة حتى الآن. حتى بافتراض أن العلماء يمكنهم فعلاً تتبع كيف تخلق أدمغتنا تجارب الاقتراب من الموت (ويعتقد الكثيرون أنها مجرد مسألة وقت)، كيف يمكننا أن نفسر التأثير الهائل لهذه التجارب على المرضى؟تُظهر أبحاث الاقتراب من الموت مدى قدرة العقل البشري أو الوعي البشري على إعطاء معنى حتى للعمليات الفوضوية. ومن الواضح أننا بحاجة إلى هذا المعنى لتحديد شخصيتنا. لسبب واحد، يمكن للعلم أن يعتقد أن ما يحدث لنا بعد الموت هو مجرد خرافات. لكن هناك شيئاً آخر أكثر أهمية: يمكن أن يخبرنا شيئاً عن هذا اللغز العظيم للوعي البشري. لن تكون هذه المعرفة ذات فائدة للفلاسفة فحسب، بل يمكن أيضاً استخدامها ألف مرة في اليوم، للتخدير على سبيل المثال.

    في النهاية، فإن أبحاث الاقتراب من الموت، ودراسة تجارب العائدون من الموت أيضاً جديرة بالاهتمام. لأنها لا تتعلق فقط بالموت، بل بالحياة. وربما أفضل شيء في هذه تجربة الخروج من الجسد هو أن الموت لم يعد مخيفاً لهؤلاء الذين تعرضوا لمثل هذه التجارب
يعمل...
X