تحويل الأرقام إلى قصص.. دليلكم للنجاح في مجال الصحافة الاقتصادية
بواسطة مصطفى فتحي
Oct 30, 2018
يظنّ بعض الصحفيين أن الصحافة الاقتصادية مجال جامد، جمهورها قليل ومتخصص، وتعتمد فقط على أرقام وإحصاءات معقدة، لذلك يفضل عدد غير قليل منهم الابتعاد عنها، واختيار مجال أسهل في تنفيذه، ونسبة جمهوره أكبر، مثل الصحافة السياسية أو الفنية، وغيرهما من المجالات التي تتميز بنسبة كبيرة من التشويق والإثارة في صناعتها.
لكن في الحقيقة هي أنّ هذه الفكرة عن الصحافة الاقتصادية غير سليمة، وتظلم مجالاً مهمًا ومفيدًا، يمكن أن يكون طريقكم للنجاح في مجال الصحافة.
والتحدي الحقيقي في مجال الصحافة الاقتصادية يتمثل في تقديم محتوى اقتصادي واضح، وغير معقد، يمكن للقارئ العادي فهمه والتعلق به بهدف متابعته بعد ذلك.
ولو أردنا وضع تعريف حديث وعصري للصحافة الاقتصادية، فسنجد أنها ذلك الفرع من الصحافة الذي يعتمد بدرجة كبيرة على تقديم محتوى اقتصادي، مكتوب بطريقة بسيطة وسليمة وواضحة، يمكن للجميع فهمها سواء كانوا من المتخصصين، أو غير المتخصصين، على أن يحلل هذا المحتوى ويفسر التغيرات الاقتصادية التي تحدث في بلد أو مجتمع.
والهدف النهائي من الصحافة الاقتصادية هو رصد أثر أي قرارات أو أحداث اقتصادية على اقتصاد الدولة والمواطنين على حد سواء، والتميز الحقيقي هنا هو تقديم هذا المحتوى للجمهور مع رسوم بيانية شيقة، أو مقاطع فيديو تحوي تلك الأرقام بطريقة مبسطة.
ويمكن اعتبار العام 1889 هو البداية الحقيقية للصحافة الاقتصادية، رغم أنها انطلقت قبل هذا التاريخ ببضعة سنوات، ففي هذا العام أطلقت صحيفة وول ستريت جورنال، أول خدماتها المتعلقة بالصحافة الاقتصادية للشركات والمستثمرين، وكان ذلك في حينها أقرب لثورة وضعت أسسًا علمية واضحة للصحافة الاقتصادية.
نصائح للنجاح في مجال الصحافة الاقتصادية
في دراسته التي حملت عنوان "فن وأساليب الصحافة المالية والاقتصادية"، ينصحكم الصحفي المصري عصام رفعت رئيس التحرير الأسبق لمجلة الأهرام الاقتصادي، بتجنب المصطلحات الاقتصادية المتخصصة الصعبة.
يعرض رفعت مثالاً عملياً حيث يقول إنّ هناك من يكتب الخبر التالي "دعا المسؤول المنتجين الأصليين للمنتجات الصناعية والاستهلاكية وغيرها إلى الانهماك في إيجاد مصادر محلية للمواد المكونة"، مضيفاً أن هذا الأسلوب مألوف جداً، ولكن ماذا تعني هذه الجملة بعبارة بسيطة واضحة؟ ببساطة يحث هذا المسؤول المصانع المحلية على استخدام المواد الخام المحلية، فلماذا إذًا، لا يقول الصحفي ذلك مباشرة؟
ينصحكم رفعت بعدم الوقوع في فخ استخدام المصطلحات المتخصصة الغامضة التي يستعملها خبراء الاقتصاد وأصحاب البنوك والعاملون فيها والبيروقراطيون الحكوميون، وأن تستخدموا بدلاً منها اللغة الواضحة السهلة التي يستعملها الناس في المحادثة العادية، مضيفاً أنه يجب على الصحافي أن يكتسب عادة سؤال نفسه باستمرار: هل يمكن أن يقال هذا بقدر أكبر من الوضوح؟
ولكن في بعض الأحيان ستضطرون لاستخدام مصطلحات اقتصادية في مقالكم، لأن عدم استخدامها قد يسبب بلبلة، فماذا تفعلون في هذه الحالة؟ في نفس الدراسة يجيب رفعت على السؤال قائلاً إنه حين تضطرون لاستخدام مصطلحات متخصصة، فعليكم بتعريفها، فرغم أهميتها تمثل هذه المصطلحات شيفرة غامضة بالنسبة لمعظم الناس، ولذلك يجب على الصحفي أن يفك رموز هذه الشيفرة.
يكمل رفعت أنه يجب عليكم تحويل الإحصائيات إلى موضوعات صحفية، قائلاً إنه عندما يواجه الصحفي إحصائيات خاماً، فعليه أن يسأل نفسه: ماذا تعني هذه الإحصائيات، والإجابة عن هذا السؤال أهم للقارئ من سيل من الأرقام، فالإجابة تجعل الأرقام مفهومة ومثيرة للاهتمام.
كما ينصحكم رفعت بإضافة الطابع الإنساني على أخبار النشاط الاقتصادي والمالي حتى تصبح شيقة أكثر ومناسبة للجمهور.
تابعوا كل التفاصيل الاقتصادية
أما الصحفي المصري الحسيني حسن، فيؤمن بأنّ النجاح في مجال الصحافة الاقتصادية ليس سهلاً لكنه أيضاً ليس مستحيلاً، مضيفاً أن الخطوة الأولى دائماً هي الدراسة، "ببساطة يمكنكم الحصول على تدريبات تجعلكم تفهمون مبادئ الاقتصاد جيداً، سواء كان ذلك عن طريق حضور ورش عمل أو قراءة كتب متخصصة، ولا تنسوا أبداً أن الانترنت زاخر بمئات المواقع المتخصصة التي ستفيدكم في فهم الاقتصاد".
يكمل حسن لشبكة الصحفيين الدوليين: "لو قررتم العمل في مجال الصحافة الاقتصادية فمطلوب منكم المتابعة الجيدة لكل التفاصيل الاقتصادية التي تحدث حولكم، سواء تلك المتعلقة بالنفط والذهب وأسعار العملات، أو أسعار الفائدة وقرارات البنوك، ومن المهم أيضاً فهم الدور الحقيقي للبنوك المركزية وصندوق النقد الدولي"، لافتاً إلى أنه بعد تعمقكم في المجال، ستجدون أن هناك تفاصيل إنسانية عديدة يمكن أن تخرج من مجال الصحافة الاقتصادية، على سبيل المثال ستكتشفون أن كل القرارات السياسية مهما كانت بسيطة، تؤثر في الاقتصاد، وبالتالي تؤثر في أحوال الناس، لذلك فتحويل هذا التأثير إلى قصص صحفية إنسانية هو النجاح الحقيقي.
ويؤكد حسن أن الأحداث الكبرى التي تحدث في الشرق الأوسط حالياً، مثل الحروب، الثورات، والنزاعات، لا تغير العالم من ناحية سياسية فقط، بل تغيره أيضاً من ناحية اقتصادية، وبالطبع هذا يغير أحوال الناس بدوره، والربط بين التغيرات الاقتصادية وأحوال الناس هو ما يمكنه أن يجعل الصحافة الاقتصادية إنسانية أكثر، وبالتالي يزيد من جمهورها.
ويشير حسن إلى أن لدى الصحافة الاقتصادية فرعاً، يمكن العمل فيه كبداية بسبب بساطته، وهو الاقتصاد الجزئي والذي يختص بالشركات والمصانع والأعمال التجارية وسلوك المستهلك في السوق المحلي، ويعتمد على أسئلة كلاسيكية مثل حجم النشاط والمبيعات والنمو والاستهدافات مع بداية كل عام مالي جديد.
وللنجاح في مجال الصحافة الاقتصادية ينصحكم حسن بالمتابعة الجيدة للأخبار الاقتصادية العالمية والإقليمية والتقارير الصادرة من مؤسسات البحوث العالمية، والنظر بعمق فى بيانات الاقتصاد الكلي وتحليلها وتبسيطها بجانب متابعة أسواق المال المحلية والإقليمية وحتى بورصات عالمية مثل لندن ونيويورك.
الصورة من موقع Financial Tribune
إقرأوا المزيد من المقالات لـ
مصطفى فتحي
مصطفى فتحي، صحفي مصري حاصل على ماجستير في الصحافة الإلكترونية من كلية الإعلام جامعة القاهرة، كتب للسفير اللبنانية وموقع رصيف٢٢ ونشرت له مجموعة كتب أحدثها "سواق توكتوك" الذي يوثق لحياة سائقي التوكتوك في مصر.