طفولة في كفة المساومة : من الاتجار بالأطفال إلى السمسرة بالرضع

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • طفولة في كفة المساومة : من الاتجار بالأطفال إلى السمسرة بالرضع

    طفولة في كفة المساومة : من الاتجار بالأطفال إلى السمسرة بالرضع









    طهران - اعترف مسؤول بهيئة الرعاية الاجتماعية في إيران بتصاعد عمليات بيع الأطفال في البلاد تحت وطأة الفقر وبأسعار متدنية من قبل أمهات أصابهن اليأس والإحباط من الأحوال المعيشية، وسط تجاهل حكومي واضح، إضافة إلى تصاعد كبير لظاهرة عمالة الأطفال.
    وكشف المدير العام لإدارة الشؤون الاجتماعية والثقافية في طهران سياوش شهريور، أن بيع المواليد يتم بشكل منظم، موجها انتقاده إلى بعض المسؤولين الإيرانيين الذين ينفون تلك الظاهرة، معمقين أزمة تجارة الإنسان، على حد وصفه.
    ونشرت الخارجية الأميركية تقريرا يفيد بأن من أبرز الانتهاكات المنتشرة في إيران الاتجار بالبشر، حيث تشهد شوارع طهران تناميا كبيرا في بيع الأطفال وبأسعار متدنية.
    من جهتها، تقف الحكومة الإيرانية عاجزة أمام هذه الظاهرة، حيث تم تسجيل أكثر من 600 حالة لبيع الأطفال في العاصمة وحدها، وفق ما جاء على لسان مساعدة شؤون الرعاية الاجتماعية في طهران. وفي بعض الحالات يتم الاتفاق على بيع الطفل قبل ولادته.
    وتواصل السلطات الإيرانية فرض طوق رقابي على العديد من الظواهر الاجتماعية المفضوحة من بينها تجارة الأطفال في اعتقاد منها أنه باتباع نهج تجويع المجتمع وتفقيره ستنجح في بناء مجتمع متماسك وعناصره متكاملة.
    ورغم العديد من الممارسات القمعية التي يفرضها نظام روحاني ضد الإيرانيين، فإن العديد من الخبراء والمهتمين يؤكدون أنه لن ينجح في كسر الهوّة بين ما هو سياسي وبين ما هو اجتماعي ضروري تفتقده شرائح واسعة من المجتمع.“ألسنا بشرا؟ هل نحن غرباء؟ ألسنا إيرانيين؟” هكذا صرخ أحد المشرّدين في العاصمة الإيرانية طهران، مخاطبا حكومة روحاني بعدما تم طرده من المقبرة التي كان يتخذ من أحد قبورها ملجأ له.


    مطالب بحقن النساء والرجال من الفقراء والمشردين بإبر العقم كحل لأزمة أطفال الشوارع ومعضلة الاتجار بالبشر

    وفيما يعيش أبناء المسؤولين والأسر الباذخة والميسورة في نظام ولاية الفقيه حياة الترف بعيدا تماما عن تلك الصورة التقليدية التي يحملها العالم عن إيران، فإن شرائح واسعة تعاني ويلات الفقر والإهمال والتهميش المتعمّد.
    وترتفع نسبة البطالة ومعدل الفقر والفساد في إيران بشكل كبير، وسط تباين واضح للفوارق الاجتماعية وغياب العدالة بين طبقات المجتمع، الأمر الذي يزيد من قلق وغضب تلك الطبقة الفقيرة من الواقع الذي فرض عليها غصبا.
    استمرار الأزمة الاقتصادية التي تعيش على وقعها البلاد نتيجة السياسات الخاطئة التي يتخذها النظام في الداخل من قمع وتهميش، ترتّبت عليه أضرار اجتماعية عديدة، منها انتشار ظاهرة بيع الأطفال والرضع في مختلف المدن الإيرانية بسبب الفقر الذي تعيشه فئات واسعة وقد ازداد منسوبه بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
    وأعلن نواب إيرانيون عن انتشار غير مسبوق لظاهرة الاتجار بالأطفال والرضع في إيران، وأنها أصبحت تجارة رائجة في البلاد، مطالبين بوضع حد للفئة التي تستغل الفقراء وتسليط عقوبات رادعة عليها، لكن يبدو أنّ نظام الملالي وبعض السياسيين الإيرانيين لا يريدون حل هذه الظاهرة المتفشية لأنهم مشاركون في تلك التجارة المربحة.
    ‏‏ويؤكد عضو اللجنة القضائية القانونية في البرلمان، بهمن طاهري، أنّ حالات بيع الأطفال في إيران أصبحت ظاهرة خطيرة، وهي تجارة مربحة لا يعاقب عليها القانون الإيراني. وهذا يدل على أن أيادي في السلطة الحاكمة وراء هذه التجارة التي وصفها طاهري بالمربحة.
    وبحسب تقارير إيرانية، فإن سعر الطفل يتراوح بين 30 و60 دولارا، لكنّ تقريرا آخر يؤكد “أن هناك أطفالا في إيران يصل سعرهم إلى 150 دولارا تنفق عصابات المتسولين أو تجار المخدرات والأعضاء البشرية أموالا طائلة للظفر بهم”.
    ووسط مجهودات حكومية شبه معدومة من السلطات الإيرانية لمواجهة الظاهرة، قال حبيب الله مسعودي فريد مساعد لشؤون الرعاية الاجتماعية للنظام «إنه تم تقديم 1200 طفل إلى هيئة الرعاية الاجتماعية في العام الماضي وكان من بينهم 600 مولود»، معترفا ببيع الأطفال خلال مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء «ايلنا».


    نسبة البطالة ومعدل الفقر والفساد ترتفع في إيران بشكل كبير، وسط تباين واضح للفوارق الاجتماعية وغياب العدالة بين طبقات المجتمع

    وأضاف أنه ليس من المؤسف أن يكون للإنسان سعر متدنّ ولا يحزننا أن يكون سعره مرتفعا ويقدر بالألماس، إلا أن الحزن وكل الحزن ينتابنا عندما يكون للإنسان سعر من الأساس، تلك الكلمات لا تنطبق أبدا على الواقع الذي ينتظر الأطفال في إيران فسعر الطفل يتراوح ما بين 30 و60 دولارا، وتشتريه عصابات المتسولين وتجار المخدرات.
    وقالت مساعدة روحاني شهيندخت مولاوردي في لقاء مع وكالة “ايلنا” الإيرانية السنة الماضية، “نشاهد اليوم أن تجارة بيع الأطفال أخذت أشكالا مختلفة في إيران ومن ضمنها بيع الأطفال في الرحم قبل الولادة”.
    ويرى رئيس محاكم محافظة أصفهان الإيراني غلام رضا أنصاري، أن بيع الأطفال يتم من قبل مجموعات لديها عاملون في “المنظمة الوطنية للتسجيل المدني”، ومن خلالها يتم إصدار شهادات الميلاد، وأيضا لديها عاملون في المستشفيات يقومون باختيار الأطفال وتزوير شهادات المستشفى.
    وأيّد هذا الطرح رضا جعفري، نائب المدعي العام في محاكم طهران، قائلا “للأسف الشديد لا يوجد قانون لتجريم بيع الأطفال من قبل العائلات ضمن مجموعة القوانين الجنائية للبلاد، وينبغي أن تتم دراسة ظاهرة بيع الأطفال من قبل الخبراء ووضع القوانين اللازمة للحد من هذه الظاهرة الخطيرة”.
    ورغم انتشار هذه الظاهرة والمخاطر الاجتماعية المترتبة عليها، فإن شهريور يطالب بحقن النساء والرجال من الفقراء والمشردين بإبر العقم كحل لأزمة أطفال الشوارع ومعضلة بيع الأطفال، وقال إن “هؤلاء النساء ينجبن الأطفال كماكينة تفريخ فضلا عن الإدمان والدعارة والسكن في المقابر”. وبالإضافة إلى انتشار الفقر والحرمان والتهميش الممنهج، فإن هناك شريحة واسعة من الشعوب غير الفارسية والأقليات في إيران تعاني من انتشار مختلف الأمراض التي تفتك بها، بسبب وضعها المادي والمستوى المعيشي المتدني، إضافة إلى عدم قدرتها على تحمل تكاليف العلاج.
    ويموت الكثير من الإيرانيين بسبب تفشي العديد من الأمراض ولعدم قدرتهم على تحمل نفقات العلاج، ليكون موتهم وصمة عار على جبين السلطة المركزية بطهران.
    وتعرّف منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسف مصطلح الاتجار بالأطفال على أنه “تجنيد الأطفال أو نقلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بغرض استغلالهم. وهو ما يعد انتهاكا لحقوقهم ويحرمهم من فرص تحقيق إمكاناتهم الكاملة”.


يعمل...
X