صلاح أبوسيف.. قناص الروايات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • صلاح أبوسيف.. قناص الروايات

    صلاح أبوسيف.. قناص الروايات





    ناصر عراق
    :
    من أهم الحقائق عن السينما المصرية أنها نشأت على أكتاف المسرح، وظلت مرتبطة به فترة طويلة حتى استطاعت أن تتحرر من جبروته وتشق لها طريقا خاصة. هذه النشأة جعلتها في البداية تتكئ على فنون المسرح في الأداء والحركة، بعد أن استعارت من دنياه القصص الفاجعة التي كان يوسف وهبي يقتبسها ويعرضها على مسرح رمسيس، أو تتحايل على حكاية من القصص الفكاهية التي كان يقدمها نجيب الريحاني وعلي الكسار على مسارح عماد الدين وروض الفرج.زينب وماجدولين وغادة الكاميليالم تعرف السينما طريقها إلى فنون الرواية إلا عام 1930 عندما تصدى المخرج الرائد محمد كريم «1896/ 1972» لإخراج فيلم مأخوذ عن أول رواية مصرية وهي «زينب» الصادرة عام 1914 لمحمد حسين هيكل باشا، وقد عرض الفيلم عام 1930 قبل أن ينطق الفيلم المصري إذ ظل طوال عقد تقريبا يدور في فلك الصمت الكثيف!بعد ذلك استعار المخرج نفسه رواية «ماجدولين أو تحت ظلال الزيزفون» للكاتب الفرنسي ألفونس كارل، وقد تولى مصطفى لطفي المنفلوطي تعريبها، ليقدمها محمد كريم للسينما بعنوان «دموع الحب» عام 1935، وهو ثالث أفلام محمد عبد الوهاب. وفي سنة 1942 يقتبس المخرج المصري اليهودي توجو مزراحي الرواية موفورة الصيت «غادة الكاميليا» للأديب الفرنسي إلكسندر ديماس الابن، ويقدمها في فيلم يحمل اسم «ليلى» لحسين صدقي وليلى مراد.أما رواية «البؤساء» لفيكتور هوجو فقد حققها المخرج كمال سليم للسينما في عام 1943، وهي رواية مهمة تفضح الظلم الاجتماعي، وتنحاز إلى فقراء الناس، وكمال سليم كما تعرف هو من حقق فيلم «العزيمة/ 1939» الذي عمل فيه صلاح أبوسيف مونتيرا مع المخرج، الأمر الذي أفاده كثيرا في مسألة ضبط إيقاع الفيلم، فلا يمكن أن تشاهد فيلمًا للرجل وقد اضطرب منه الإيقاع أو تباطأ أو تجاوز الحدود المنطقية.​الطريق المسدوددائما في قلبياقتحم صلاح أبوسيف عالم الإخراج للمرة الأولى بفيلم «دايما في قلبي» الذي عرض في 26 ديسمبر 1946، والفيلم مقتبس من الفيلم الأمريكي الشهير «جسر ووترلو/ 1940»، والفيلم بعد – تمصيره – مزوّد بالفواجع التي اعتادت عليها السينما المصرية منذ نشأتها، لكنه ينطوي على أمر مهم جدا ظل ملازما لكل الأفلام التي حققها أبوسيف، وهو الاهتمام بالغناء بشكل عام، والإيقاعات الشعبية الموسيقية بشكل خاص، إذ استعان أبوسيف بموسيقى «آه يا زين العابدين» في هذا الفيلم.بلغ عمر صلاح أبوسيف آنذاك 31 عاما – هو من مواليد 1915 – وكانت مصر في مرحلة الأربعينيات تفور بآراء وأفكار ثورية ترفعها أحزاب وقوى سياسية متباينة، وكان الحديث ينهمر عن مقاومة الاحتلال الإنجليزي، وعن ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية، ولا شك عندي أن صلاح أبوسيف تأثر بالمناخ الفكري السياسي الذي كان سائدا في ذلك الزمن، ولعل النقطة الفاصلة في حياته هي لقاؤه بنجيب محفوظ، هذا الروائي الفذ المؤمن بالحرية والعدل، والذي تتكئ جميع رواياته حول هذين المطلبين.لا نعرف كيف تم اللقاء الذي أفاد السينما إفادة عظمى، لكن المؤكد أن كلا منهما تعلم من الآخر، ولعل كثيرين لا يعرفون أن ثاني أفلام صلاح أبوسيف وهو «المنتقم/ 11 أغسطس 1947» قد اشترك نجيب محفوظ في كتابة السيناريو مع صلاح، الأمر الذي يفسر لنا النقلات النوعية التي قفزها صلاح في أفلامه بعد ذلك.عنتر وعبلة وريا وسكينة​مغامرات عنتر وعبلهفي عام 1948 اقترب أبوسيف كثيرا من نجيب محفوظ الذي كتب قصة فيلم «مغامرات عنتر وعبلة»، وهو يستوحي نضال العرب ضد الرومان في إشارة إلى كفاحهم ضد إسرائيل كما لاحظ بحق الناقد السينمائي الكبير محمود قاسم في موسوعته المهمة «دليل الأفلام في القرن العشرين». وفي عام 1951 اجتمع الروائي والمخرج لتحقيق فيلم «لك يوم يا ظالم»، فنجيب كتب السيناريو، وقد أسهمت هذه العلاقة المتينة في انحياز صلاح إلى عالم الفقراء المظلومين، وها هو يقدم «الأسطى حسن» قبل اندلاع ثورة يوليو 1952 بشهر واحد فقط!عندما حل عام 1953 عاد التعاون بين نجيب وصلاح، فكتب الأول قصة وسيناريو فيلم «ريا وسكينة» مستلهما قصتهما من تحقيق صحفي عن الحكاية الشهيرة، وبعد ذلك بعام قدما معا فيلم «الوحش/ 1954»، وقد كتب محفوظ قصة الفيلم وشارك في السيناريو.غراب وإحسان​بداية ونهايةلم تكن مفاجأة أن يبحر أبوسيف في نهر الرواية كي ينهل منه ما يشاء ليحقق أفلامه، فقد «تربى» على يد سيد الروائيين محفوظ العظيم، لكن المفاجأة أن أول رواية قدمها للسينما لم تكن لصديقه الحميم، وإنما كانت لأمين يوسف غراب، وهي رواية «شباب امرأة» التي حولها إلى فيلم عرض للمرة الأولى في 6 يناير 1956، وفي العام التالي لم يلتفت إلى أي من روايات نجيب محفوظ، وإنما استعان برواية إحسان عبد القدوس «الوسادة الخالية/ 1957» ليقدمها ،،في إشارة إلى كفاحهم ضد إسرائيل كما لاحظ بحق الناقد السينمائي الكبير محمود قاسم في موسوعته المهمة «دليل الأفلام في القرن العشرين». وفي عام 1951 اجتمع الروائي والمخرج لتحقيق فيلم «لك يوم يا ظالم»، فنجيب كتب السيناريو، وقد أسهمت هذه العلاقة المتينة في انحياز صلاح إلى عالم الفقراء المظلومين، وها هو يقدم «الأسطى حسن» قبل اندلاع ثورة يوليو 1952 بشهر واحد فقط!

    عندما حل عام 1953 عاد التعاون بين نجيب وصلاح، فكتب الأول قصة وسيناريو فيلم «ريا وسكينة» مستلهما قصتهما من تحقيق صحفي عن الحكاية الشهيرة، وبعد ذلك بعام قدما معا فيلم «الوحش/ 1954»، وقد كتب محفوظ قصة الفيلم وشارك في السيناريو..
يعمل...
X