كيف حوّلت صحافية البسطاء بالشوارع لنجوم من خلال قصصها الإنسانية؟
بواسطة مصطفى فتحي
Dec 5, 2018
نجحت الصحافية المصرية رحاب لؤي في صناعة الكثير من القصص الصحافية الإنسانية المؤثرة، مما جعلها تحصل على جوائز عدة من ضمنها جائزة التفوق الصحفي، من نقابة الصحفيين المصريين، لعام 2014، كما حصلت هذا العام على جائزتين، أحدهما من معهد جوتة وهيئة التبادل العلمي الألماني، والثانية جائزة مصطفى وعلي أمين في فرع القصة الإنسانية.
تقول لؤي لشبكة الصحفيين الدوليين "منذ طفولتي وأنا شغوفة بالصحافة، وكانت أمنيتي دائماً هي الأغرب بين زملائي في أن أصبح صحافية، لذلك التحقت بكلية الإعلام جامعة القاهرة، واخترت قسم "الصحافة" بكل حب، كما بدأت عملي في المجال الصحفي قبل 11 عاماً، منذ عامي الأول بالجامعة، التي تخرجت فيها عام 2010".
عملت لؤي في الكثير من وسائل الإعلام مثل صحيفة روز اليوسف المصرية، والراي الكويتية، وحالياً تعمل لحساب صحيفة الوطن المصرية اليومية. ومنذ البداية وكتابة قصص صحافية إنسانية هو اهتمامها الأول والأساسي.
تقول الصحافية إنها ترى في الناس البسيطة في الشارع أعمق الحكايات وأصدقها، كما ترى فيهم التاريخ غير المكتوب الذي يجب أن يٌروى على لسانهم، بطريقتهم و لهجتهم، وحتى بالألفاظ التي يستخدمونها في التعبير عن أنفسهم، معتبرة أن القصص الإنسانية ليست دائماً مؤثرة ومبكية، حيث أحياناً تكون ملهمة للغاية، وأحياناً تنبئ بدرر مدفونة وتنتظر قصة صحفية صادقة تبرز جمال حكاياتهم وروعتها.
تضيف لؤي أنها لم تختر الصحافة الإنسانية، "لم أتخذ القرار، بل فرضت علي القصص الإنسانية نفسها بنفسها، الصحافي الذي ينزل إلى الشارع ويحتك بأهله لا يمكن إلا أن يتوقف عند القصص الجميلة ولا يملك سوى نقلها بطريقة تليق بها وبأصحابها".
وكتبت لؤي العديد من القصص الناجحة، لكنها تعتبر أن أهم قصة كتبتها في السنوات الأخيرة كانت تلك التي نشرتها في صحيفة الوطن عن رجل أحدب يحمل ابنه الذي يفوقه في الوزن والطول على كتفيه، من مدينة البدرشين الواقعة على أطراف محافظة الجيزة المصرية إلى منطقة الدقي القريبة من وسط القاهرة، وهي مسافة كبيرة، تقول لؤي عن هذه القصة "هي مهمة بالنسبة لي لأنني أجريتها وأنا أحمل ابني على ذراعي أيضاً، كان الرجل يحمل ولده وكنت أحمل ولدي وأجرينا حديثاً كنت أعلم خلاله جيداً معنى أن يمرض ابنك فتجوب الدنيا وأن تحمله على كتفيك بحثاً عن العلاج".
نجاح القصة وصل إلى حد أن الرئيس المصري تجاوب معها في اليوم التالي من نشرها مباشرة حيث تم تنفيذ مطالب الرجل البسيطة، وكتبت رحاب عن هذه التجربة أيضاً.
ومن قبل، كتبت لؤي أيضاً قصة عن مجموعة من قرى الجيزة عن ظاهرة الزواج المبكر، تحديداً داخل مدرسة خاصة بالأطفال الصغار في عمر الابتدائي، وكيف تختفي فجأة الكثير من الصغيرات ليفاجئ زملاؤهن بأنهم تزوجن في عمر 10 و12 سنة، "هكذا قمت بعمل معايشة من داخل أحد الفصول وجمعت حكايات الصغار عن صغيرات لم يعدن أبداً".
نصائح لكتابة قصة إنسانية ناجحة
لكتابة قصة ناجحة تقول لكم رحاب لؤي "أنتم البوصلة، حين يلفت نظركم شخص ما وتجدون في أنفسكم الرغبة في الذهاب إلى التحدث إليه لا تدعوا التفاصيل العديدة التي يقصها عليكم تأخذكم عن المسار الرئيس الذي ترغبون لقصتكم أن تسير عليه". وتضيف: "أنت الكاتب، وأنت الأقدر على التقاط الخيوط التي تبرز جمال القصة أكثر والتي ستجذب قارئك إلى "الحدوتة"، الناس لديهم الكثير من التفاصيل ويعشقون الحديث عن أنفسهم، لكنك أنت وحدك القادر على أن توجه الحديث إلى النقاط الأهم والأعمق التي ترغب في توصيلها عن بطل قصتك".
ولعمل علاقة صداقة مع شخص بسيط وجعله يثق فيكم ويفتح لكم قلبه تنصحكم لؤي بألا تدعوه يشعر أبداً أنكم صحافيين، ولا تتعاملوا باعتباركم "أعلى" منه، أو تتفضلون عليه بنقل قصته، فأنت بشر قبل أن تكونوا صحافيين، مهما كانت هيئة الشخص ومهما كانت البيئة حوله منفرة، يجب أن تحتملوا ولا تظهروا تبرمكم أو ضيقكم من الأمر.
تتذكر الصحافية المصرية "حين ذهبت إلى أحد الأسواق الشعبية الشهيرة في مصر وهو "سوق الجمعة" في منطقة إمبابة الشعبية، وعثرت على سيدة تبيع فضلات أطعمة الفنادق على الأرض، ذهبت وجلست إلى جوارها فترة لأتجاذب معها أطراف الحديث قبل أن أكشف عن هويتي كصحافية، كانت الرائحة منفرة للغاية، كنت مصابة بالغثيان، لكن لم يكن من الممكن أن أظهر أي شيء حتى تعطيني السيدة ما لديها، وحتى أتمكن من نقل الصورة بشكل قريب ليس فوقياً متعالياً ولا سريعاً مبتوراً".
وحتى يكون لكم أسلوب كتابة مميز تنصحكم رحاب بالابتعاد عن التكلف، وأن تكتبوا ببساطة وباختصار، وأن تعكسوا مشاعركم تجاه القصة الإنسانية التي تقومون بنقلها في كلمات بسيطة ومعبرة، مضيفة أنه يمكنكم تقديم قصة صحافية عظيمة يتراوح عدد كلماتها بين 200 لـ 250 كلمة، مع ذلك تحمل كافة التفاصيل والمشاعر والمشاهدات التي تقدم صورة متكاملة عن قصتك.
وتذكركم لؤي بأنه ليس مهماً عدد كلمات القصة، حيث ليس هناك عدد كلمات محدد، ولا قاموس كلمات بعينه، "إحساسكم بالقصة وتفاعلكم بها، وإخلاصكم للتعبير عنها هو ما يصنع أسلوب خاص بكم يميزه قارئكم من الكلمات الأولى، فمعيار جودة موضوعكم أن تعجزوا أنتم عن حذف ولو كلمة واحدة من الموضوع، وقتها ستعلمون أن كلماتكم موزونة ومختارة بعناية، وغياب أحدها سيخل بالمعنى وبالقصة كاملة".
الصورة الرئيسية من تصميم شبكة الصحفيين الدوليين
إقرأوا المزيد من المقالات لـ
مصطفى فتحي
مصطفى فتحي، صحفي مصري حاصل على ماجستير في الصحافة الإلكترونية من كلية الإعلام جامعة القاهرة، كتب للسفير اللبنانية وموقع رصيف٢٢ ونشرت له مجموعة كتب أحدثها "سواق توكتوك" الذي يوثق لحياة سائقي التوكتوك في مصر.