لم تعد كما كانت
بقلم دعاء البطراوي
صـفـيــة التـي لم تـكن تـفـاصل أبـدا في أي سـعــر تـسـمعـه مهمـا كـان بـاهظـا، أصـبـحـت تـسـاوم البـائـعيـن لتـحصـل علـى ثـمـن مخـفـض! حـدجـها مـحـمـود صـاحـب محل الإيـشـاربات مـشدوهـا أمـام إصـرارهـا علـى خـصـم خـمـسـيـن جـنـيـهـا دفـعـة واحـدة من سـعر وشـاح حـريـري أعـجبـهـا، قـال لـهـا مـسـتـعـطـفـا:
ــ لا يـجـوز يا سـت صـفـيــة فـثـمـنـة مـائـة و خـمـسـون.
قـابـلـتـة بـوجـه صـارم و نـبـرة حـازمـة :
ــ مـائـة لا غـيـر .. وأنـت الكـسـبـان.
صـفـيــة عـنـدمـا نـاداهـا عـم فـتـحـي الجـزار كـي يـعـطـيـهـا قـطـعـة اللـحـم التـي تـفـضـلـهـا، صـرخـت بـوجـهـه قـائـلـة:
ــ لـن أدخـل مـحـلـك مـرة ثـانـيـة.. أنـت تـبـيـع اللـحـم المـسـتـورد عـاـى أنـه بـلـدي و تـعـطـيـنـي كـيـلـو اللـحـم نـاقـصـا..
صـفـيــة اسـتـبـد بـهـا الغـضـب حـيـن رأت الـشـحـاذة التـي تـجـلـس في إعـيـاء عـلـى الـرصـيـف مـمـسـكـة بـأوراق تـحـالـيـل تـكـشـف إصـابـتـهـا بـالـمـرض الـخـبـيـث، نـهـرتـهـا مـحـتـدة وصـاحـت:
ــ ابـتـعـدي عـنـي أيـتـهـا الـنـصـابـة الـكـاذبـة.. أنتِ لـسـت مـريـضـة.
صـفـيــة حـيـن اسـتـقـلت مـيـكـروبـاصا طـالـبـت بـحـقـهـا في الـربـع جـنـيـه الـمـتـبـقـي من الأجـرة والـذي لـم تـهـتـم أن تـأخـذه يـومـا، أخـبـرهـا الـسـائـق مـسـتـخـفـا أنـه لا يـوجـد فـكـة، فـلـم يـسـلـم مـن مـحـاضـرة ديـنـيـة مـن الـعـيـار الـثـقـيـل عـن الـمـال الـحـرام،
صـفـق عـلـى إثـرهـا كـل الـراكـبـيـن.
صـفـيــة لـم تـعد تـقـص عـلـى ابـنـتـهـا حـكـايـات الـحـوريـات الـطـيـبـات بـل اتـخـذت حـواديـتـهـا مـسـارا آخـر، فـتـارة تـحـكـي عـن الـسـاحـرة الـشـريـرة الـتـي تـخـطـف الأمـيـر، وتـارة تـحـكـي عـن الأمـيـرة الـتـي تـصـارع الـوحـوش الـضـاريـة، وتـبـتـسـم فـي اطـمـئـنـان حـيـن تـجـد ابـنـتـهـا تـمـسـك سـلاحـا وهـمـيـا وتـلـوح بـه فـي الـهـواء كـأنـهـا تـصـارع عـمـلاقـا غـيـر مـرئـي!
صـفـيــة... لـم تـأل جـهـدا إلا وفـعـلـتـه كـي تـحـتـفـظ بـزوجـهـا، طـلـب ذهـبـهـا حـيـن اشـتـدت أزمـتـه الـمـالـيـة فـوهـبـتـه لـه عـن طـيـب خـاطـر، سـحـب رصـيـدهـا بتـوكـيـل مـنـهـا كـي يـبـنـي بـيـتـا عـلـى أرض ورثـهـا عـن أبـيـه، فـلـم يـشـوبـهـا أي ضـجـر، حـتـى عـنـدمـا تـذمـر مـن زيـادة وزنـهـا، لـم تـتـأخر أن تـرقـص الـزومـبـا وتـتـبـع حـمـيـة قـاسـيـة خـسـرت بـسـبـبـهـا الـكـثـيـر مـن الـوزن.
لـكـنـه مـع ذلـك طـلـقـهـا وتـزوج بـدلال الأقـل مـنـهـا جـمـالا والأكـثـر مـنـهـا وزنـا! وأسـكـنـهـا فـي الـبـيـت فـور الانـتـهـاء مـن بـنـائـه.
صـفـيــة الـتـي صـمـدت أمـام طـامـتـهـا الـكـبـرى.. لـم يـرحـمـهـا أحـد!
وخـزتـهـا صـديـقـتـهـا أنـهـا الـسـبـب بـخـنـوعـهـا الـزائـد، نـعتـتـهـا أخـتـهـا بالـمـجـنـونـة بـعـد أن عـلـمـت مـا نـهـبـه الـزوج مـن ذهـب ومـال، لـم تـعـد جـارتـهـا تـزورهـا أو حـتـى تـتـصـل بـهـا خـشـيـة عـلـى زوجـهـا الـذي يـهـوى المطلقات و الأرامـل، والأدهـى مـن ذلـك أنـهـا أطـلـقـت الـشـائـعـات الـمـغـرضـة عـلى صـفـيــة وادعـت إصابـتـهـا بـمـرض جـلـدي نـادر كـان الـسـبـب فـي طـلاقـهـا.
صـفـيــة أصـبـحـت صـعـبـة الـعـريـكـة يـهـابـهـا الـجـمـيـع، ويـعـمـل لـهـا ألـف حـسـاب، لا يـدخـلـون مـعـهـا فـي جـدال أبـدا قـد يـنـتـهـي بـمـحـضـر فـي الـقـسـم! حـتـى إنـهـا حـيـن وجـدت أكـوامـا مـن الـقـمـامـة أمـام إحـدى الـمـدارس.. تـوعـدت رئـيـس الـبـلـديـة أن تـفـضـحـة بـمـنـشـور نـاري عـلـى الـفـيـس بـوك، وأنـهـا سـتـتـصـل بالـمـذيـع الـفـلانـي شـخـصـيـا كـي تـشـتـعـل الـكـارثـة، فـتـحـرك رئـيـس الـبـلـديـة فـورا مـتـعلـلا بـحـبـه الـكـبـيـر لـلـوطـن ولـيـس خـوفـه مـن أن يـفـقـد مـنـصـبـه.
صـفـيــة _عكس مـا يـعـتـقـد الجميع_ لا تـزال تـخـشـى الـظـلام والـحـشـرات والـكـلاب الـضـالـة الـتـي تـلـهـث حـيـن تـراهـا، وتـبـكـي حـيـن تـنـفـرد بـنـفـسـهـا كــل لـيـلـة مـتـطـلـعـة لـصـورة قـديـمـة لامرأةٍ..
كـانـت تـشـبـهـهـا!
#دعاء_البطراوي
بقلم دعاء البطراوي
صـفـيــة التـي لم تـكن تـفـاصل أبـدا في أي سـعــر تـسـمعـه مهمـا كـان بـاهظـا، أصـبـحـت تـسـاوم البـائـعيـن لتـحصـل علـى ثـمـن مخـفـض! حـدجـها مـحـمـود صـاحـب محل الإيـشـاربات مـشدوهـا أمـام إصـرارهـا علـى خـصـم خـمـسـيـن جـنـيـهـا دفـعـة واحـدة من سـعر وشـاح حـريـري أعـجبـهـا، قـال لـهـا مـسـتـعـطـفـا:
ــ لا يـجـوز يا سـت صـفـيــة فـثـمـنـة مـائـة و خـمـسـون.
قـابـلـتـة بـوجـه صـارم و نـبـرة حـازمـة :
ــ مـائـة لا غـيـر .. وأنـت الكـسـبـان.
صـفـيــة عـنـدمـا نـاداهـا عـم فـتـحـي الجـزار كـي يـعـطـيـهـا قـطـعـة اللـحـم التـي تـفـضـلـهـا، صـرخـت بـوجـهـه قـائـلـة:
ــ لـن أدخـل مـحـلـك مـرة ثـانـيـة.. أنـت تـبـيـع اللـحـم المـسـتـورد عـاـى أنـه بـلـدي و تـعـطـيـنـي كـيـلـو اللـحـم نـاقـصـا..
صـفـيــة اسـتـبـد بـهـا الغـضـب حـيـن رأت الـشـحـاذة التـي تـجـلـس في إعـيـاء عـلـى الـرصـيـف مـمـسـكـة بـأوراق تـحـالـيـل تـكـشـف إصـابـتـهـا بـالـمـرض الـخـبـيـث، نـهـرتـهـا مـحـتـدة وصـاحـت:
ــ ابـتـعـدي عـنـي أيـتـهـا الـنـصـابـة الـكـاذبـة.. أنتِ لـسـت مـريـضـة.
صـفـيــة حـيـن اسـتـقـلت مـيـكـروبـاصا طـالـبـت بـحـقـهـا في الـربـع جـنـيـه الـمـتـبـقـي من الأجـرة والـذي لـم تـهـتـم أن تـأخـذه يـومـا، أخـبـرهـا الـسـائـق مـسـتـخـفـا أنـه لا يـوجـد فـكـة، فـلـم يـسـلـم مـن مـحـاضـرة ديـنـيـة مـن الـعـيـار الـثـقـيـل عـن الـمـال الـحـرام،
صـفـق عـلـى إثـرهـا كـل الـراكـبـيـن.
صـفـيــة لـم تـعد تـقـص عـلـى ابـنـتـهـا حـكـايـات الـحـوريـات الـطـيـبـات بـل اتـخـذت حـواديـتـهـا مـسـارا آخـر، فـتـارة تـحـكـي عـن الـسـاحـرة الـشـريـرة الـتـي تـخـطـف الأمـيـر، وتـارة تـحـكـي عـن الأمـيـرة الـتـي تـصـارع الـوحـوش الـضـاريـة، وتـبـتـسـم فـي اطـمـئـنـان حـيـن تـجـد ابـنـتـهـا تـمـسـك سـلاحـا وهـمـيـا وتـلـوح بـه فـي الـهـواء كـأنـهـا تـصـارع عـمـلاقـا غـيـر مـرئـي!
صـفـيــة... لـم تـأل جـهـدا إلا وفـعـلـتـه كـي تـحـتـفـظ بـزوجـهـا، طـلـب ذهـبـهـا حـيـن اشـتـدت أزمـتـه الـمـالـيـة فـوهـبـتـه لـه عـن طـيـب خـاطـر، سـحـب رصـيـدهـا بتـوكـيـل مـنـهـا كـي يـبـنـي بـيـتـا عـلـى أرض ورثـهـا عـن أبـيـه، فـلـم يـشـوبـهـا أي ضـجـر، حـتـى عـنـدمـا تـذمـر مـن زيـادة وزنـهـا، لـم تـتـأخر أن تـرقـص الـزومـبـا وتـتـبـع حـمـيـة قـاسـيـة خـسـرت بـسـبـبـهـا الـكـثـيـر مـن الـوزن.
لـكـنـه مـع ذلـك طـلـقـهـا وتـزوج بـدلال الأقـل مـنـهـا جـمـالا والأكـثـر مـنـهـا وزنـا! وأسـكـنـهـا فـي الـبـيـت فـور الانـتـهـاء مـن بـنـائـه.
صـفـيــة الـتـي صـمـدت أمـام طـامـتـهـا الـكـبـرى.. لـم يـرحـمـهـا أحـد!
وخـزتـهـا صـديـقـتـهـا أنـهـا الـسـبـب بـخـنـوعـهـا الـزائـد، نـعتـتـهـا أخـتـهـا بالـمـجـنـونـة بـعـد أن عـلـمـت مـا نـهـبـه الـزوج مـن ذهـب ومـال، لـم تـعـد جـارتـهـا تـزورهـا أو حـتـى تـتـصـل بـهـا خـشـيـة عـلـى زوجـهـا الـذي يـهـوى المطلقات و الأرامـل، والأدهـى مـن ذلـك أنـهـا أطـلـقـت الـشـائـعـات الـمـغـرضـة عـلى صـفـيــة وادعـت إصابـتـهـا بـمـرض جـلـدي نـادر كـان الـسـبـب فـي طـلاقـهـا.
صـفـيــة أصـبـحـت صـعـبـة الـعـريـكـة يـهـابـهـا الـجـمـيـع، ويـعـمـل لـهـا ألـف حـسـاب، لا يـدخـلـون مـعـهـا فـي جـدال أبـدا قـد يـنـتـهـي بـمـحـضـر فـي الـقـسـم! حـتـى إنـهـا حـيـن وجـدت أكـوامـا مـن الـقـمـامـة أمـام إحـدى الـمـدارس.. تـوعـدت رئـيـس الـبـلـديـة أن تـفـضـحـة بـمـنـشـور نـاري عـلـى الـفـيـس بـوك، وأنـهـا سـتـتـصـل بالـمـذيـع الـفـلانـي شـخـصـيـا كـي تـشـتـعـل الـكـارثـة، فـتـحـرك رئـيـس الـبـلـديـة فـورا مـتـعلـلا بـحـبـه الـكـبـيـر لـلـوطـن ولـيـس خـوفـه مـن أن يـفـقـد مـنـصـبـه.
صـفـيــة _عكس مـا يـعـتـقـد الجميع_ لا تـزال تـخـشـى الـظـلام والـحـشـرات والـكـلاب الـضـالـة الـتـي تـلـهـث حـيـن تـراهـا، وتـبـكـي حـيـن تـنـفـرد بـنـفـسـهـا كــل لـيـلـة مـتـطـلـعـة لـصـورة قـديـمـة لامرأةٍ..
كـانـت تـشـبـهـهـا!
#دعاء_البطراوي