الناقد الأستاذ سعد القاسم..كتب : المبدع أم ما يبدع؟!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الناقد الأستاذ سعد القاسم..كتب : المبدع أم ما يبدع؟!




    Saad Alkassem

    المبدع أم ما يبدع؟!

    11 تشرين1/ أكتوير 2021
    في خوالج نفسه كان ثمة شعور بصداقة عميقة تربطه بذلك الشاعر، وهو الذي لم يلتقه يوماً. بدأت يوم قرأ للمرة الأولى قصيدة بتوقيعه فأحبها وحفظ اسم كاتبها سريعاً. ولما تكرر الأمر رسخ الاسم في الذاكرة وأصبح مرادفاً للشعر الجيد حتى صار يجد تبريرات للضعيف منه، ويجد فيه مواقع قوة ربما لم تخطر على بال الشاعر ذاته. وشيئاً فشيئاً بدأت المخيلة ترسم صورة الصديق المجهول كما تشتهيها، إلى أن كانت اللحظة التي اصطدمت فيها الصورة المشتهاة بصورة الواقع لتكشف عن بون المسافة بينهما وتبدأ معها رحلة عودة للذاكرة لا لتصحح الصورة المتخيلة التي رسمتها للرجل، وإنما لتشوه الصورة الحقيقية لأعماله وقد صنعتها أعماله. فتتحول الأوصاف الجميلة التي طالما أُسبغت فيما مضى إلى نقيضها تماماً دون أن تكون هناك لحظة واحدة لمراجعة النفس فيما قرأت وحكمت.
    ليست مجرد حكاية، إنها صورة من بعض ما نشاهده في حياتنا اليومية ولو اختلفت التفاصيل.
    قدّم مشتغل بالكتابة يوماً على مسؤول نشر يسأله الموافقة على مقالة يهاجم فيها واحدة من المسرحيات، ولما قيل له: إن المسرحية لاتزال مشروعاً في ذهن المخرج!! قال: أعلم...لكنه إنسان رديء!
    لو أن الأمر كذلك فعلاً. فهل يبرر الرأي الشخصي بالسلوك الشخصي لإنسان ما الحكم على عمله على هذا الأساس؟!
    سيقول كثيرون أن لا انفصال بين الإنسان وما يصنع، ولو وافقنا على تعميم هذا الرأي لذهلنا مما في الواقع من استثناءات. هو رأي قد يرضي مشاعرنا الأخلاقية، لكنّه لن يرضي الحقيقة قطعاً. وإذا كنّا نحلم باتفاق الروح المبدعة مع السلوك الشخصي فإن حلمنا ليس دائم التحقق. وكم من فنان أبدع أعمالاً خالدة في تاريخ الإنسانية، و يعجز التاريخ عن امتداح شخصيته.
    يتفق البشر على كثير من القيم الأخلاقية، ويختلفون في تقويم سلوك أو سواه. وفي الحالين فإن ما نتحدث عنه لا ينتقص أهمية ما اتفقوا عليه أو اختلفوا، إنما هي محاولة للفصل بين المشاعر الشخصية بتناقضاتها وتبايناتها. وبين العقل الذي يفكر ويحلل ويناقش. ومن صفاته أنه لا يفسح المجال للأمزجة لتقول قوله فتفقده إنصافه فأهميته، والفرق شاسع بين أن نحب انساناً لأجل عمله، أو لأجل ذاته. في الأولى تقدير للعمل المبدع، وفي الثانية عشق لأهوائنا ورغباتنا وهي لا تصلح للحكم على العمل.
    وصفناها بمحاولة للفصل بين العقل والمشاعر. ويوم ننجح فيها سوف لا نقبل ما هو رديء لأن صانعه (آدمي)...والعكس بالعكس...
    * الصورة: لوحة للفنان الإيطالي الشهير كارافاجيو الذي تم اعتقاله لارتكابه جنح مختلفة وأنتهى به الأمر هاراً بعد ارتكاب جريمة قتل.
يعمل...
X