شهد تاريخ الإعلام حول العالم، وما يزال، العديد من الحوادث التي دفع فيها الصحفيون حياتهم نتيجة وجودهم في بؤر التوتر والصراعات، أو تم استهدافهم بشكل متعمد بحكم عملهم في مهنة المتاعب، أو ثمناً لمواقف سياسية اتخذوها أو توجهات فكرية آمنوا بها، ولم يمثل العالم العربي استثناءً من هذه الجرائم التي تستهدف تكميم الأفواه بالتصفية الجسدية وإرهاب دعاة حرية الرأي والتعبير وسُجّلت معظمها ضد مجهول."حفريات" يعرض لكم أشهر الصحفيين العرب الذين تعرضوا للاغتيال:غسان كنفاني
ولد غسان في عكا، شمال فلسطين، يوم الأربعاء 8 نيسان (إبريل) 1936، ثم انتقل مع أسرته إلى يافا، وتعلّم في مدارسها، إلى أن جاءت نكبة 1948، فغادر مع أسرته إلى لبنان، ثم منها إلى سوريا، أحبّ الأدب والعمل الصحفي، وكتب كثيراً من المقالات بشكل أساسي في موضوعات التحرّر الفلسطيني، وكانت أعماله الأدبية، من روايات وقصص قصيرة، متجذرة في عمق الثقافة العربية والفلسطينية، وهو عضو المكتب السياسي والناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقد اغتيل في بيروت، مع ابنة أخته (لميس)، في انفجار سيارة مفخخة على أيدي عملاء إسرائيليين، يوم السبت 8 تموز (يوليو) 1972.ناجي العلي
ولد سليم حسين ناجي في قرية الشجرة، الواقعة بين طبريا والناصرة، العام 1937، هاجر مع أهله إلى جنوب لبنان، بعد احتلال إسرائيل لفلسطين العام 1948، وعاش في مخيم عين الحلوة، اكتشفه غسان كنفاني، وسعى لسفره إلى الكويت، العام 1963، ليعمل محرراً ورساماً ومخرجاً صحفياً؛ فعمل في "الطليعة" و"السياسة"، و"السفير" اللبنانية، و"القبس" الكويتية، و"القبس" الدولية، ثمّ أصبح رسام كاريكاتير مشهوراً، تميز بالنقد اللاذع، رسم أربعين ألف رسم كاريكاتوريّ، أشهرها شخصية "حنظلة".
دفع العديد من الصحافيين ثمناً لمواقف سياسية اتخذوها أو توجهات فكرية آمنوا بها
وفي لندن، بتاريخ 22 تموز (يوليو) 1987؛ أطلق عليه شاب مجهول الرصاص فأصابه تحت عينه اليمنى، ومكث في غيبوبة حتى وفاته، في 29 آب (أغسطس) 1987، ودفن في لندن، رغم طلبه أن يدفن في مخيم عين الحلوة بلبنان إلى جانب والده، وأشارت أصابع الاتهام إلى تورط الموساد الإسرائيلي؛ فقد أغلقت مارجرت تاتشر، رئيسة الوزراء وقتها، مكتب الموساد في لندن بعد العملية مباشرة
: غسان كنفاني: رواية لم تكتملاختطف على طريق المطار، في 25 شباط (فبراير) 1980، وعُثر عليه مقتولاً بعد 9 أيام، في أحراج عرمون (جنوب بيروت)، قرب مواقع للقوات الخاصة السورية، وقد بدت على جسده آثار تعذيب بشع.رضا هلال
ولد رضا هلال في القاهرة، العام 1951، تدرّج بالعمل الصحفي إلى أن شغل منصب نائب رئيس تحرير صحيفة "الأهرام"، كما عمل صحفياً لصحيفة "العالم اليوم"، وله العديد من الكتب.
لم يتم كشف ملابسات حادثة اختفاء الصحافي المصري رضا هلال حتى الآن
كانت له علاقات جيدة مع الإدارة الأمريكية، اختفى في ظروف غامضة، يوم 11 آب (أغسطس) 2003؛ حيث شوهد أمام مصعد البناية التي يسكن بها، وتخلف عن عمله بالأهرام في تلك الليلة، مما جعلهم يكتشفون اختفاءه، لم يتم الكشف عن ملابسات اختفائه حتى الآن، وإن كانت هناك اتهامات غير رسمية لنظام مبارك السابق، بالتخلص منه نظراً لمعارضته لجمال مبارك، كما ترددت شائعات عن وجود دور ما لجهاز مخابراتي دولي في اختفائه، نظراً لامتلاكه معلومات خطيرة.ناهض حتّر
كاتب وصحفي يساري أردني، من مدينة الفحيص، القريبة من العاصمة عمّان، تخرّج العام 1960 في الجامعة الأردنية، قسم علم الاجتماع والفلسفة، حصل على درجة الماجستير في فلسفة في الفكر السلفي المعاصر، سجن مرات عديدة، أطولها في الأعوام 1977 و1979 و1996، له عدة إسهامات فكرية في نقد الإسلام السياسي، والفكر القومي والتجربة الماركسية العربية، وكان إسهامه الأساسي في دراسة التكوين الاجتماعي الأردني.اقرأ أيضاً: 5 اغتيالات دموية نفذتها جماعات الإسلام السياسيصباح يوم الأحد 25 أيلول (سبتمبر) 2016، تمّ اغتياله بثلاث رصاصات اخترقت رأسه، بالقرب من قصر العدل في منطقة العبدلي بوسط عمّان، أثناء توجهه لحضور جلسة محاكمته، أطلقها مواطن أردني يدعى رياض إسماعيل أحمد عبد الله، ينتمي إلى "التيار السلفي الجهادي".سمير قصير
ولد سمير قصير في لبنان، من أب فلسطيني وأم سورية، في أيار (مايو) 1960، كان أستاذاً للعلوم السياسية في جامعة القديس يوسف في بيروت، ودرس في جامعة السوربون في باريس كتب في عدد من الصحف اليومية والأسبوعية والمطبوعات الفصلية، مثل: جريدة "النهار" اللبنانية، و"الحياة"؛ الصادرة في لندن، وفي المطبوعة الفرنسية المشهورة "لوموند ديبلوماتيك"، وفي جريدة "لوريون لوجور" اللبنانية، الناطقة باللغة الفرنسية.وشارك العام 2004 في تأسيس حركة اليسار الديمقراطي، وكان من أبرز وجوهها، إلى جانب إلياس عطا الله ونديم عبد الصمد، وقد تمّ اغتياله في 2 حزيران (يونيو) 2005؛ بتفجير قنبلة مزروعة في سيارته، وما تزال هوية الفاعلين مجهولة، رغم تحميل المسؤولية للنظام السوري وحلفائه في لبنان.مصطفى جحا
كاتب ومفكر لبناني، كتب في السياسية والفلسفة، ولد في قرية الجبين، جنوب لبنان، العام 1942، وفي العام 1974؛ بدأ بنشر مقالاته في جريدة "العمل" و"الأحرار" و"النهار"، موجّهاً انتقادات قاسية للتدخل الفلسطيني في لبنان، ومنتقداً في الوقت عينه انجرار أبناء الطائفة الشيعيّة وراء حركة "فتح".أزعجت مقالاته القوى المتواجدة في جنوب لبنان، من الفلسطينيين وحلفائهم، وتعرّض للخطف العام 1975، على يد حركة "فتح" الفلسطينية، لمدة 20 يوماً، كانت تهمته حينها أنّه يتعامل مع الأحزاب اليمينيّة،والعام 1980؛ وضع كتاب "الخميني يغتال زرادشت"، انتقد فيه ترك الشيعة للبنانيتهم وانجرارهم خلف مشروعات غريبة عن الوطن لبنان، منتقداً أيضاً، في الكتاب، مواقف وسياسة وتصرفات مرشد الثورة الإسلاميّة في إيران، الإمام الخميني، ما أثار غضب رجال الدين الشيعة والإيرانيين، ومن بعدهم" حزب الله".والعام 1981؛ وضع كتاب "محنة العقل في الإسلام" انتقد فيه بعض جوانب الديانة الإسلامية بطريقة فلسفية، ليكون مصطفى الكاتب الذي أغضب كلّ القوى السياسية والدينية في لبنان، وفي نهار 15 كانون الثاني (يناير) العام 1992، وبعد انتهاء الحرب اللبنانية، اعترضته، في منطقة السبتيّة، سيارة يستقلها مسلّحون، أمطروه بوابل من رصاص مسدس عيار 7 ملم، مزوّد بكاتم صوت، وهو في سيّارته، ولم يعرف الفاعل، وتمّ تهميش القضية.محمد طه محمد أحمد
ولد محمد طه بمدينة القرير بدولة السودان العام 1956، درس الابتدائية بمدرسة حلفا القديمة، ثم المرحلة المتوسطة بالقرير الأميرية الوسطي، والثانوية بمدرسة مروي، والتحق بجامعة الخرطوم، كلية القانون، وقد عُرف بانتمائه الإسلامي، وعمل في منتصف الثمانينيات مديراً لتحرير صحيفة "الراية"، الناطقة بلسان حزب الجبهة الإسلامية القومية، التي أسّسها حسن الترابي، لكنّه ما لبث أن دخل في معركة حادة مع الترابي، ومع رموز حكومة الرئيس عمر البشير، بعد وصول الإسلاميين إلى السلطة.اقرأ أيضاً: صحفي فلسطيني يروي لـ"حفريات" توحش الممانعة في تل الزعترعرف محمد طه باستقلالية آرائه، وكان أحد أكثر الصحفيين إثارة للجدل في السودان في حياته؛ حيث اختلف مع كثير من الجهات، وهاجم العديد من الأفراد، وتعرض للاعتداء عدة مرات.وفي مساء يوم الثلاثاء 5 أيلول (سبتمبر) 2006، اختطفته مجموعة مجهولة من منزله، واصطحبوه في سيارة مظللة دون لوحات، وعند منتصف النهار اكتشفت الشرطة جثته بحي القادسية، في منطقة الكلاكلات، وقد تمّ نحره وفصل الرأس عن الجسد.كامل مروة
ولد كامل جميل مروة العام 1915، في بلدة الزرارية، في جبل عامل، وهي من قرى قضاء الزهراني في جنوب لبنان، وتوفَّى والده العام 1925، وكان عمره وقتها 10 أعوام، وقد تلقى دراسته الابتدائية في مدرسة المقاصد في صيدا، ثم تابع دراسته الثانوية في مدرسة الفنون الجميلة في صيدا، وبعد انتهاء دراسته الثانوية انتقل إلى بيروت، العام 1932، ونال منحة دراسية تابع فيها دراسته العالية في الجامعة الأمريكية في بيروت.بدأ عمله الصحفي الفعليّ العام 1933، في جريدة "النداء"، التي كان يصدرها كاظم الصلح، كما عمل مراسلاً لصحف عالمية عدة، وبعدها التحق، العام 1935، بجريدة "النهار".أنشأ كامل مروة، مع الشيخ فؤاد حبيش، في مطلع الحرب العالمية الثانية، مجلة "الحرب الجديدة المصورة"، ثم ما لبث أن فرّ خارج البلاد، وتعطّلت المجلة. وبعد عودته إلى البلاد، أسس وترأس الصحف الآتية: "الحياة"؛ أصدرها في 28 كانون الثاني (يناير) العام 1946، و"ذا ديلي ستار"؛ أصدرها العام 1952 باللغة الإنكليزية، "بيروت ماتان"؛ أصدرها العام 1959 باللغة الفرنسية.اغتيل يوم الإثنين 16 أيار (مايو) 1966، في مكتبه في دار "الحياة" في بيروت، برصاصتين أطلقتا من مسدس كاتم للصوت، فأصابتاه في القلب، وكان عمره 51 عاماً، وفي اعترافات القاتل، عدنان سلطاني، أنّ المخابرات المصرية هي من تقف وراء الاغتيال.جمال خاشقجي
ولد جمال أحمد حمزة خاشقجي في المدينة المنورة بالسعودية في 13 تشرين الأول (أكتوبر) عام 1958، ونشأ فيها وترعرع وتعلم في مدارسها، وأنهى تعليمه الثانوي في ثانوية طيبة درس الصحافة بكلية الصحافة بجامعة ولاية إنديانا الأمريكية وعمل في بداية مسيرته الصحفية مراسلًا لصحيفة "سعودي جازيت"، ثم أصبح مراسلًا لعدد من الصحف العربية اليومية والأسبوعية في الفترة الممتدة من عام 1987 إلى عام 1990.قام خاشقجي أيضاً بتغطية الأحداث في أفغانستان، الجزائر، الكويت، السودان والشرق الأوسط من عام 1991 حتى عام 1999. عُيّن في منصب نائب رئيس تحرير صحيفة عرب نيوز من عام 1999 إلى عام 2003، وتولّى منصب رئيس تحرير صحيفة الوطن اليومية عام 2004.عمل منذ العام 2004 مستشاراً إعلامياً للأمير تركي الفيصل، السفير السعودي في لندن ومن ثم في واشنطن، بدأ في الكتابة في صحيفة "واشنطن بوست" في أيلول (سبتمبر) 2017، وتركزت كتاباته عن الشأن السعودي.اقرأ أيضاً: الغنوشي وخاشقجي... ومآرب أخرىغادر جمال السعودية من مدينة جدة، وأقام في الولايات المتحدة واتخذها مَهجراً اختيارياً. وفي 2 تشرين الثاني (أكتوبر) 2018 دخل القنصلية السعودية في اسطنبول لاستكمال بعض الأوراق ولم يخرج منها.وفي أعقاب الإعلان عن مقتله، أعفى العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، كلاً من المستشار بالديوان الملكي في السعودية، سعود القحطاني، ونائب رئيس استخباراتها العامة، أحمد عسيري، من منصبيهما.كما أصدر العاهل السعودي، أيضاً، أوامر بإعفاء عدد من المسؤولين الآخرين من مناصبهم وهم مساعد رئيس الاستخبارات العامة لشؤون الاستخبارات، اللواء الطيار محمد بن صالح الرميح، ومدير الإدارة العامة للأمن والحماية برئاسة الاستخبارات العامة، اللواء رشاد بن حامد المحمادي، ومساعد رئيس الاستخبارات العامة للموارد البشرية اللواء، عبد الله بن خليف الشايع.وجاءت هذه الإقالات بالتزامن مع إعلان السعودية رسمياً، على لسان نائبها العام، سعود بن عبد الله المعجب، عن وفاة خاشقجي، نتيجة شجار
داخل قنصلية المملكة في اسطنبول.