نصائح طبية وتطبيقات مجانية لحماية الصحفيين من أمراض المكاتب
بواسطة مصطفى فتحي
Aug 10, 2022
بعدما تتفق مع مديرك في العمل على فكرة قصة صحفية جديدة، ستبدأ رحلتك لجمع المعلومات وربما التقاط الصور أو مقاطع الفيديو، قبل أن ينتهي بك الحال جالسًا على مكتبك بهدف تحويل قصتك لمادة مكتوبة جاهزة للنشر. وجلوسك أمام مكتبك قد يستمرّ لساعات تنسى فيها الحياة تمامًا محاولًا بكل حماس البحث عن كلمات قوية ومعبرة تصيغ بها قصتك. لكن هل تعلم حجم الخطر الذي يمكن أن يتسبب به جلوسك لأوقات طويلة أمام مكتبك محدقًا في شاشة حاسوبك؟
اسمح لنا أن نطلب منك أن تترك مكتبك قليلًا، وتأتي معنا في رحلة مليئة بالحركة والتمارين، لنعرض عليك مجموعة من النصائح الطبية المهمة، مع عرض مجموعة تطبيقات مجانية مفيدة، والهدف الأساسي أن تنجز قصصًا صحفية قوية ومؤثرة مكتوبة بتركيز شديد، لكن في نفس الوقت من دون أن يؤثر هذا الأمر على صحتك. فهل أنت جاهز لمصاحبتا في رحلة يمكن أن تحميك من أمراض المكاتب؟
في شبكة الصحفيين الدوليين قابلنا مئات المصادر الصحفية المبدعة، أغلب الخبراء يعملون في مجالات لها علاقة مباشرة بصناعة القصص الصحفية، لكن تُرى ما الذي يمكن أن يقدّمه لنا طبيب متخصص في جراحة العظام؟ بالتأكيد هناك الكثير الذي يمكن أن يضيفه لنا.
"هناك مخاطر عديدة على صحة الصحفيين يمكن أن يتسبب بها الجلوس لساعات طويلة على المكاتب"، هكذا يقول لشبكة الصحفيين الدوليين الطبيب المصري أحمد عبد الحليم، وهو أخصائي جراحة العظام، مضيفًا أنّ اعتقاد البعض –خصوصًا من يعملون في مهن بعيدة عن المكاتب- أنّ الأعمال المكتبية هي أسهل الأعمال بسبب قلة الحركة هو اعتقاد غير سليم. ويكمل أنّ الدراسات العلمية أثبتت أنَّ الجلوس لفترات طويلة يؤدي إلى خمول الجسم، ما يمكن أن يعرض الإنسان إلى زيادة احتمالية الإصابة بأمراض عدة منها على سبيل المثال مرض السكري، لأنّ الجلوس لفترات طويلة يمكن أن يقلل من كفاءة عمل البنكرياس، وبالتالي يضعف ضخ الأنسولين في الدم.
يمكن أن يتسبب الجلوس لفترات طويلة كذلك في زيادة احتمالية الإصابة بأمراض القلب وفق الطبيب المصري، وذلك لأن الجلوس لفترات طويلة يزيد من تراكم الدهون في الشرايين وخصوصًا شرايين القلب. إضافة إلى احتمالية الإصابة بأمراض أخرى ومنها مضاعفات الرأس المنحنية، وآلام الظهر، وزيادة الوزن، وأكثر.
ولتقليل المخاطر الصحية للأعمال المكتبية، ينصحكم الطبيب بعدة أمور، منها الالتزام دائمًا بوضعية الجلوس الصحيحة، والتي يكون فيها الظهر مستقيمًا وليس منحنيًا، ويشرح لكم أنّ استقامة الظهر أمر يمكنكم القيام به بسهولة إذا جعلتم المقعد الخاص بكم قريبًا جدًا من المكتب، بحيث يلتصق البطن بطرف المكتب، كي يبقى الرأس مستقيمًا ومواجهًا لشاشة الحاسوب لتجنب إنحناء الرقبة، كما يجب أن يكون الفخذان عند الجلوس بزاوية قائمة بالنسبة للجسم ومنحدرين باتجاه الأسفل، وبالنسبة للأقدام يجب أن تكون مثبتة على الأرض.
ينصح عبد الحليم كل من يعمل في مجال الصحافة بالحصول على مقعد مريح وله مسند خلفي قابل للحركة، وأن يكون المكتب نفسه مرتفعًا قدر الإمكان، بحيث تكون شاشة الحاسوب في نفس مستوى نظرنا، وهذا الأمر قادر على أن يجعل رأسنا في الوضعية المستقيمة السليمة، ولا يضطرنا للانحناء برأسنا للأسفل.
لكن حتى الجلوس بشكل صحي سليم لا يجب أن يكون لأوقات طويلة، لأنّه سيؤدي لأوجاع في الظهر والرقبة وإلى ركود الدم في بعض أنحاء الجسم، لذا من المهم القيام باستراحة كل 20 دقيقة لمدة لا تقل عن دقيقة إلى دقيقتين، وخلالها يمكنكم المشي سواء داخل مكان العمل أو حتى خارجه، وينصحكم عبد الحليم بحيلة ذكية يمكن أن تجبركم على الحركة، وهي إعادة ترتيب المكتب بشكل أكثر ديناميكية، بمعنى أن تضعوا الطابعة أو سلة المهملات في مكان بعيد عن المكتب، بحيث تضطرون للقيام والذهاب إليهما من وقت لآخر.
وينصحكم الطبيب كذلك بممارسة الرياضة بشكل يومي، مع التركيز على التمارين التي تقوي عضلات الرقبة والكتفين واليدين والرقبة، ويؤكد أن أكثر مشاكل العمل المكتبي الصحية تكون في الظهر والرقبة، وهناك بعض التمارين المفيدة لتخفيف آلام الظهر، منها على سبيل المثال الاستلقاء بشكل مستقيم على البطن، مع إبعاد القدمين، ووضع اليدين تحت الجبهة مثل الوسادة، وجعل عظمة الحوض تضغط برفق على الأرض للمساعدة في الحفاظ على أسفل الظهر ممددًا، ويصاحب ذلك التنفس بشكل جيد وصحي.
ومن المهم كذلك أن تنظموا وجبات الطعام الخاصة بكم، لأن من يجلسون ساعات طويلة في مكاتبهم وأمام الحاسوب، غالبًا ما يقومون بتناول الكثير من الوجبات الجاهزة والحلويات التي يمكن أن تتسبب في السمنة وأمراض أخرى، وأفضل بديل لذلك هو أن تكون معكم أطعمة صحية مثل الخضروات والفواكه والمكسرات المفيدة كالزبيب واللوز والفاكهة المجففة، وهذه الأطعمة قادرة على أن تعطي للجسم طاقة من دون أن تضره.
"قللوا من شرب المنبهات كالكافيين والشاي"، يقولها لكم الطبيب عبد الحليم، ويشرح أنّ المنبهات تزيد من مستويات التوتر في الجسم، والبديل الأكثر صحية لها هو المشروبات الطبيعية مثل الزنجبيل والليمون والقرفة، ولا تنسوا أبدًا شرب الكثير من الماء أثناء العمل، لأن شرب الماء يساهم في بناء جسم صحي.
ويلفت نظركم إلى أنّ التحديق لساعات طويلة في شاشة الحاسوب يسبب ما يطلق عليه "إجهاد العين الرقمي" ويتمثل في حدوث ضبابية في الرؤية وجفاف وألم بالعينين والشعور بالحرقة والحكة فيهما وشعور بالصداع، لذا من المهم أخذ فترات راحة للعين على أن لا تقل عن 20 ثانية بعد كل 20 دقيقة عمل، وحينها يمكنكم النظر إلى أجسام بعيدة كالنظر إلى السماء أو حتى إلى شجرة من بعيد.
وبصفة عامة من المهم أن تحرصوا على المشي لوقت كافٍ كل يوم، مثلًا يمكنكم الذهاب إلى العمل سيرًا على الأقدام إذا كان عملكم قريبًا من سكنكم، أو على الأقل يمكنكم ركن السيارة بعيدًا عن مقر العمل بمسافة كافية والترجل إلى مقر عملكم يوميًا.
ويذكركم عبد الحليم أنّ العمل المستمر لشهور طويلة له آثار سلبية على صحتكم الجسدية والنفسية، لذا يجب أن تحترموا ثقافة الإجازة، لأنّ الإنسان يحتاج لقضاء وقت راحة يبتعد فيه عن العمل وضغوطه.
كما عليكم عدم الجلوس تحت المكيف بشكل مباشر، لأن تعريض الرقبة للهواء المباشر، سواء الساخن أو البارد، يمكن أن يؤدي إلى تشنج في الرقبة.
وأخيرًا ينصحكم عبد الحليم بالابتعاد عن واحدة من أكثر السلوكيات الصحية الضارة، وهي إجراء المكالمات الهاتفية أثناء الكتابة على الحاسوب في نفس الوقت، عن طريق ميلان الرأس بحيث يكون الهاتف ملتصقًا بين الأذن والكتف، لأن هذا الأمر يؤدي للضغط على عضلات الرقبة ويتسبب في آلام حادة.
تطبيقات يمكن أن تحميكم من أمراض المكاتب
هناك العديد من التطبيقات التي يمكن أن تساعد موظفي المكاتب بصفة عامة، والصحفيين والكتاب بصفة خاصة، على اتقاء أمراض المكاتب.
فيما يلي سنعرض عليكم خمسة تطبيقات مجرّبة وفاعليتها مؤكدة، والجميل أنّ هذه التطبيقات مجانية، وبحسب مواقع تقنية متخصصة فهي آمنة بدرجة كبيرة، ولا يوجد أي تخوف أو قلق من تحميلها على حواسبكم.
1. تطبيق Time Out
تطبيق حصري لأنظمة تشغيل "macOS"، سيساعدكم بفاعلية على التعود على أخذ استراحة أثناء ساعات العمل، وإذا استخدمتم هذه الاستراحة في عمل بعض التمارين أو المشي، فهذا قادر بدرجة كبيرة على حمايتكم من أمراض المكاتب.
حين تحملون التطبيق على الحاسوب وتبدأون في التعامل معه ستلاحظون أنه يوفر لكم نافذتين افتراضيتين لتذكيركم بالراحة، الأولى تظهر مرة كل ساعة، وتظل تطلب منكم لمدة 10 دقائق كاملة الحصول على راحة، أما الثانية فتظهر مرة لمدة 15 ثانية كل 15 دقيقة، لتذكركم بعدم التوتر أو الجلوس في وضع سيئ. والتطبيق قابل للتخصيص بدرجة كبيرة.
2. تطبيق TomatoTimer
في عالم الإنترنت، يوجد العديد من التطبيقات التي تستخدم تقنية يطلق عليها "بومودورو"، وهي تقسم جلسات العمل إلى 25 دقيقة من التركيز المكثف مقطوعة بفواصل مدتها خمس دقائق واستراحة واحدة لمدة 10 دقائق كل ساعة، ومن بين تطبيقات عديدة تستخدم هذه التقنية، نرشح لكم تطبيق TomatoTimer الذي يمكن اعتباره أكثرهم سهولة، وهو تطبيق ويب لا يتطلب أي تثبيت ويعمل بمرونة شديدة مهما كان نظام التشغيل الذي تستخدمونه.
3- تطبيق Break Timer
يمكنكم تنزيل هذا التطبيق بكل سهولة من متجر متصفح "كروم"، ثمّ سيمكنكم تحديد فترات الراحة الأنسب لكم خلال ساعات العمل، ويمكنكم عبر هذا التطبيق تحديد وقت بداية عملكم ووقت انتهائه، بحيث لا تظهر التنبيهات سوى خلال ساعات العمل الرسمية.
4- تطبيق Awareness
يعمل هذا التطبيق على تذكيركم بضرورة أخذ استراحة من العمل من دون أن تتحول إلى مصدر إزعاج لكم، فهو لا يوفر نوافذ منبثقة، بل ينبهكم لوقت الاستراحة عن طريق صوت أغنية تختارونها بأنفسكم، وستعمل في الوقت الذي تحددونه مسبقًا.
5- تطبيق Eye Care 20 20 20
قد يكون إجهاد العين هو أبرز مشكلة تواجه الصحفيين والكتاب الذين يجلسون لفترات طويلة أمام شاشة الحاسوب، لذا يسعى هذا التطبيق لتذكيركم بحماية أعينكم من الإجهاد عبر قاعدة يطلق عليها (20-20-20) ويقصد بها ببساطة أنه كل 20 دقيقة، يجب عليك النظر إلى شيء ما على بعد 20 قدمًا لمدة 20 ثانية، على سبيل المثال يمكنكم النظر من نافذة مكتبكم لمبنى أو شجرة أو حتى طائر يطير في السماء، وهذه طريقة مضمونة لإراحة أعينكم.
التطبيق متاح على أندرويد من هنا، وعلى iOS من هنا.
وأخيرًا، يوفر لكم هذا الرابط معرفة تمارين رياضية مفيدة يمكنكم ممارستها بمساعدة المكتب أو المقعد، كما سيفيدكم مقطع الفيديو هذا في القيام بتمارين مهمة يمكن ممارستها في المكتب.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة "NordWood Themes".
إقرأوا المزيد من المقالات لـ
مصطفى فتحي
مصطفى فتحي، صحفي مصري حاصل على ماجستير في الصحافة الإلكترونية من كلية الإعلام جامعة القاهرة، كتب للسفير اللبنانية وموقع رصيف٢٢ ونشرت له مجموعة كتب أحدثها "سواق توكتوك" الذي يوثق لحياة سائقي التوكتوك في مصر.