انتهى زمن النقّاد هذا زمن القرّاء
خلود الفلاح
القراءة تتحكم في الكتابة (لوحة للفنان علي رضا درويش)
يبدو دور القارئ اليوم محوريا في العمل الأدبي وفي تجربة كل كاتب، إذ يمثل واحدا من الأركان الثلاثة لعالم الأدب، إضافة إلى ركني الكاتب والنص، وقد تضاعف دور القراء حيث تحولوا من الاستهلاك السلبي إلى التفاعل والتأثير الكبير في الكتابة، بل إن القراء اليوم هم من يتحكمون في استمرارية كاتب من عدمها، إذ صارت لهم سلطة قد تبدو للبعض إيجابية وقد تبدو لآخرين خطيرة.
يبدأ الكاتب والناقد العراقي كه يلان محمد كتابه “كهف القارئ” بعدة تساؤلات منها: هل يكفي التفصيل في الكتابة لإنجاز العمل الروائي وترويض المتلقي بالعوالم الموازية؟ ماذا عن دور التقنيات السردية في تأسيس الخطاب الروائي وبناء هيكلية المنجز السردي؟ ما هي المصادر التي يكتسب منها المبدع الدراية والمراس في تأليف الأعمال الروائية؟
هذا الكتاب، الصادر عن منشورات صفحة 7، يبدأ بمقدمة يشير فيها الكاتب إلى أنه مع انطلاق المبادرات النقدية ونحت المصطلحات السردية بالاستناد إلى محتويات العمل الروائي، تحولت كتابة الرواية إلى صنعة. ورغم وفرة الإصدارات الروائية في السنوات الأخيرة، وتصاعد الاهتمام بهذا الجنس الأدبي ورصد جوائز عديدة، مع كل ذلك لا نشاهد إلا نادرا تحول الروايات إلى الدراما بعكس ما كان سائدا في الحقب السابقة، إذ لا تزال روايات نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس ويوسف السباعي حاضرة في الذاكرة الدرامية والسينمائية.
كه يلان محمد: ضرورة تمتع الروائي بحس صحافي وأن ينتبه إلى ما ينشر في المنابر الصحافية ويحاول الاستفادة من ذلك في العمل الروائي
وهنا يشير محمد إلى العلاقة بين الرواية والصحافة، إذ أن الكثير من الروائيين استفادوا من المادة الخبرية في كتابة رواياتهم، بمعنى كانت درايتهم بالعمل الصحافي رافداً لمشروعهم الثقافي، على سبيل المثال غابرييل ماركيز وإرنست همنغواي، فرشاقة أسلوبهما وانسيابية سردهما وترتيب المادة الروائية والقصصية كل ذلك مطبوع بخلفيتهما الصحافية. وأصبحا مرجعا لمن يهمه سبك العبارات غير المثقلة بالحشو والفخامة المصطنعة.
الصحافة والسيرة
إن ما يجمع بين الرواية والخبر الصحافي هو عنصر السرد، والتشويق والحبكة في الصياغة. وكثيراً ما رأينا روايات بعناوين ذات نكهة صحافية مثل رواية “خبر الاختطاف” لماركيز، و”يوم قتل الزعيم” للروائي نجيب محفوظ، و”مقتل بائع الكتب” للروائي سعد محمد رحيم.
ويتساءل الناقد هل تفيد المعلومات الواردة على صفحات الأخبار أو ما يتداول على منصات التواصل الاجتماعي والتلفزيون الروائي؟ وهل تصبح الصحافة مصدراً يستمد منه الروائي موضوعاته، أو يلهم الخبر المنشور الكاتب بمادة روائية؟ بما أن الرواية محاكاة للحياة، والخبر رصد لما يحدث في الواقع. وهذا يتمثل في رواية “دورا بروديه” للروائي باتريك موديانو، ورواية “مدام بوفاري” للروائي غوستاف فلوبير، هذه الرواية بنيت على الخبر المنشور عن انتحار السيدة ديلمار عام 1848، بعدما انفض العشاق والمعجبون من حولها. والروائي نجيب محفوظ في روايته “اللص والكلاب”، والروائية ليلى سليماني في روايتها “أغنية هادئة”.
ويخلص المؤلف إلى ضرورة تمتع الروائي بحس صحافي وأن ينتبه إلى ما ينشر في المنابر الصحافية ويحاول الاستفادة من ذلك في العمل الروائي.
ولا ينكر معظم الروائيين الأخذ من معين تجاربهم الشخصية لبناء الأعمال الروائية، والتعبير عن الرؤى الفكرية والرغبات على لسان الشخصيات الروائية. وقد تكون الشخصيات المبثوثة في أعطاف الأعمال الروائية وجوها متعددة لشخصية المؤلف في أطوار مختلفة. هنا نذكر روايات “الخبز الحافي”، و”الشطار”، و”الوجوه” للروائي محمد شكري، والأميركي تشارلز بوكوفسكي في روايتيه “مكتب البريد” و”النساء”. وأيضا الروائي بول أوستر في روايته “حكاية الشتاء”. وهذه الأعمال تميزت بطابع سيري.
◙ هل يكفي التفصيل في الكتابة لإنجاز العمل الروائي
ولا تقتصر رغبة تسريد سيرة الحياة في إطار الرواية على النهل من خزانة الكاتب وتجربته الشخصية، وإنما تمتد إلى استلهام مادة أعماله من سيرة الآخر، سواء كان شخصية مشهورة أو نموذجية.
الشغف بالحكاية
هل أصبحت الرواية أسطورة الإنسان المعاصر؟ الإجابة بحسب الكتاب نعم، إذ أن اليوم لا يضاهي فن آخر الرواية على مستوى استقطابه لجمهور عريض من فئات وشرائح مختلفة، ولكن لماذا هذا الاهتمام بالفن الروائي؟ ولماذا عقد لها لواء السبق من بين الأجناس الأدبية الأخرى؟ هل يصح فهم الإقبال على قراءة الرواية على المستوى العالمي بالاستناد إلى العامل التجاري، لأن الرواية أكثر استجابة لمتطلبات السوق؟ أو أن الرواية حلت مكان الأساطير والأيديولوجيا، وبالتالي كلما زاد الشعور بالاغتراب لدى الفرد يكون أكثر افتتانا بالعوالم المتخيلة؟ أو أن التعددية المعرفية في الرواية هي العنصر الأساس في انتشارها؟ وهل يريد القارئ من خلال الالتحام بالكون الروائي تعويض محدودية حياته؟ طبعا ليس الهدف من هذه الأسئلة الوصول إلى إجابات جاهزة، بقدر ما أن الغرض من طرحها هو إعادة النظر والتأمل في الظاهرة.
هنا يتحدث محمد عن ضرورة امتلاك الروائي وعيا حادا وأن يكون أكثر تبصرا بالواقع واستشراف المستقبل، بناء على تعمق رؤيته ومشاهداته اليومية لحركة الحياة. لذلك كثيرا ما نقرأ روايات تستبق الحدث وتتنبأ به، على سبيل المثال ما قاله الروائي جمال الغيطاني عن رواية “ثرثرة فوق النيل” للروائي نجيب محفوظ حيث أن هذه الرواية لو تمت قراءتها جيدا من رجال الدولة لكان بالإمكان تفادي نكسة حزيران (يونيو).
ويخلص المؤلف إلى أن الرواية تلعب دورا أساسيا وإن بصورة مواربة، وهذه النتيجة تقود إلى السؤال حول طبيعة العلاقة التي تربط الروائي لكونه صاحب رسالة أدبية متشابكة مع السياسة، وبأصحاب السلطة.
◙ عالم الأدب غيرته الروايات
وتحدث المؤلف في كتابه عن تحول بعض الشعراء إلى منصة الرواية، وهل السبب في ذلك عزوف القراء عن متابعة الشعر؟ بالطبع الأزمة ليست في النص الشعري بقدر ما تكمن في المنتسبين إلى بيت الشعر. كما أن الاشتغال النقدي لم يعد عاملاً لاكتشاف النصوص التي تحمل بذورا جديدة من التناول الشعري.
ولكن من المعروف أن الأمزجة تتبدل تبعا للتحولات التي تشهدها الحياة الثقافية والأدبية.
عصر القارئ
يشير المؤلف إلى القارئ الذي يراهن عليه الروائي لخروج منجزه الأدبي من العتمة، وهذا ينبئ بأن ثمة من يزاحم الناقد في وظيفته، كما لا ينفرد طرف معين بإعطاء كلمة المرور للنصوص الأدبية.
وما ساهم في تشكيل جمهور القراء هو انفتاح وسائل التواصل الاجتماعي بوجه الجميع بعكس ما هو معروف عن الصحف والمجلات التي تتميز بطابعها النخبوي. وتتحكم بها الاعتبارات الأيديولوجية والفكرية.
هل أصبح دور الناقد محدودا؟ قد يقول البعض “نعم” خاصة وأن هناك ما يشير إلى فشل النقاد في اكتشاف المواهب وتقديم قراءات عميقة للنصوص الجديدة.
ويقول محمد “إن دور القارئ لم يتوقف عند تشكيل الذائقة والترويج للعمل الأدبي فقط، وإنما يتحكم بإيقاع حركة الكتابات الإبداعية، ذلك أن نسبة التفاعل ومستوى التواصل يدفعان بالمبدع للشروع في كتابة عمل جديد”.
ويتحدث الناقد عمّا طرحه الروائي إيتالو كالفينو في روايته “لو كنت مسافراً في ليلة شتاء” إلى ما يجب أن يكون عليه شكل الرواية في زمن متسارع، ومن الضروري أن تكون الأعمال الروائية مقتصدة في صياغة تعبيراتها. لأن ذوق القارئ المعاصر قد لا يتحمل الإسهاب والحشو.
دور القارئ لا يتوقف عند تشكيل الذائقة والترويج للعمل الأدبي فقط وإنما يتحكم بإيقاع حركة الكتابات الإبداعية
ختاماً، اشتمل الكتاب على قسمين، القسم الأول تناول عددا من القضايا المتعلقة بالفن الروائي مثل الرواية وهوية الفرد، الأدب والبيئة الافتراضية، الرواية والتمرد، رهانات الأدب في عصر العولمة، النقد واتجاهات الرواية وغيرها.
وتضمن القسم الثاني رصد خصوصية ما تتصف به الروايات المترجمة من حيث التنظيم والتكامل بين الشكل والمضمون والتنويع في التيمات، وتوظيف الهموم والمعطيات الحياتية في حياكة العمل الروائي.
خلود الفلاح
القراءة تتحكم في الكتابة (لوحة للفنان علي رضا درويش)
يبدو دور القارئ اليوم محوريا في العمل الأدبي وفي تجربة كل كاتب، إذ يمثل واحدا من الأركان الثلاثة لعالم الأدب، إضافة إلى ركني الكاتب والنص، وقد تضاعف دور القراء حيث تحولوا من الاستهلاك السلبي إلى التفاعل والتأثير الكبير في الكتابة، بل إن القراء اليوم هم من يتحكمون في استمرارية كاتب من عدمها، إذ صارت لهم سلطة قد تبدو للبعض إيجابية وقد تبدو لآخرين خطيرة.
يبدأ الكاتب والناقد العراقي كه يلان محمد كتابه “كهف القارئ” بعدة تساؤلات منها: هل يكفي التفصيل في الكتابة لإنجاز العمل الروائي وترويض المتلقي بالعوالم الموازية؟ ماذا عن دور التقنيات السردية في تأسيس الخطاب الروائي وبناء هيكلية المنجز السردي؟ ما هي المصادر التي يكتسب منها المبدع الدراية والمراس في تأليف الأعمال الروائية؟
هذا الكتاب، الصادر عن منشورات صفحة 7، يبدأ بمقدمة يشير فيها الكاتب إلى أنه مع انطلاق المبادرات النقدية ونحت المصطلحات السردية بالاستناد إلى محتويات العمل الروائي، تحولت كتابة الرواية إلى صنعة. ورغم وفرة الإصدارات الروائية في السنوات الأخيرة، وتصاعد الاهتمام بهذا الجنس الأدبي ورصد جوائز عديدة، مع كل ذلك لا نشاهد إلا نادرا تحول الروايات إلى الدراما بعكس ما كان سائدا في الحقب السابقة، إذ لا تزال روايات نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس ويوسف السباعي حاضرة في الذاكرة الدرامية والسينمائية.
كه يلان محمد: ضرورة تمتع الروائي بحس صحافي وأن ينتبه إلى ما ينشر في المنابر الصحافية ويحاول الاستفادة من ذلك في العمل الروائي
وهنا يشير محمد إلى العلاقة بين الرواية والصحافة، إذ أن الكثير من الروائيين استفادوا من المادة الخبرية في كتابة رواياتهم، بمعنى كانت درايتهم بالعمل الصحافي رافداً لمشروعهم الثقافي، على سبيل المثال غابرييل ماركيز وإرنست همنغواي، فرشاقة أسلوبهما وانسيابية سردهما وترتيب المادة الروائية والقصصية كل ذلك مطبوع بخلفيتهما الصحافية. وأصبحا مرجعا لمن يهمه سبك العبارات غير المثقلة بالحشو والفخامة المصطنعة.
الصحافة والسيرة
إن ما يجمع بين الرواية والخبر الصحافي هو عنصر السرد، والتشويق والحبكة في الصياغة. وكثيراً ما رأينا روايات بعناوين ذات نكهة صحافية مثل رواية “خبر الاختطاف” لماركيز، و”يوم قتل الزعيم” للروائي نجيب محفوظ، و”مقتل بائع الكتب” للروائي سعد محمد رحيم.
ويتساءل الناقد هل تفيد المعلومات الواردة على صفحات الأخبار أو ما يتداول على منصات التواصل الاجتماعي والتلفزيون الروائي؟ وهل تصبح الصحافة مصدراً يستمد منه الروائي موضوعاته، أو يلهم الخبر المنشور الكاتب بمادة روائية؟ بما أن الرواية محاكاة للحياة، والخبر رصد لما يحدث في الواقع. وهذا يتمثل في رواية “دورا بروديه” للروائي باتريك موديانو، ورواية “مدام بوفاري” للروائي غوستاف فلوبير، هذه الرواية بنيت على الخبر المنشور عن انتحار السيدة ديلمار عام 1848، بعدما انفض العشاق والمعجبون من حولها. والروائي نجيب محفوظ في روايته “اللص والكلاب”، والروائية ليلى سليماني في روايتها “أغنية هادئة”.
ويخلص المؤلف إلى ضرورة تمتع الروائي بحس صحافي وأن ينتبه إلى ما ينشر في المنابر الصحافية ويحاول الاستفادة من ذلك في العمل الروائي.
ولا ينكر معظم الروائيين الأخذ من معين تجاربهم الشخصية لبناء الأعمال الروائية، والتعبير عن الرؤى الفكرية والرغبات على لسان الشخصيات الروائية. وقد تكون الشخصيات المبثوثة في أعطاف الأعمال الروائية وجوها متعددة لشخصية المؤلف في أطوار مختلفة. هنا نذكر روايات “الخبز الحافي”، و”الشطار”، و”الوجوه” للروائي محمد شكري، والأميركي تشارلز بوكوفسكي في روايتيه “مكتب البريد” و”النساء”. وأيضا الروائي بول أوستر في روايته “حكاية الشتاء”. وهذه الأعمال تميزت بطابع سيري.
◙ هل يكفي التفصيل في الكتابة لإنجاز العمل الروائي
ولا تقتصر رغبة تسريد سيرة الحياة في إطار الرواية على النهل من خزانة الكاتب وتجربته الشخصية، وإنما تمتد إلى استلهام مادة أعماله من سيرة الآخر، سواء كان شخصية مشهورة أو نموذجية.
الشغف بالحكاية
هل أصبحت الرواية أسطورة الإنسان المعاصر؟ الإجابة بحسب الكتاب نعم، إذ أن اليوم لا يضاهي فن آخر الرواية على مستوى استقطابه لجمهور عريض من فئات وشرائح مختلفة، ولكن لماذا هذا الاهتمام بالفن الروائي؟ ولماذا عقد لها لواء السبق من بين الأجناس الأدبية الأخرى؟ هل يصح فهم الإقبال على قراءة الرواية على المستوى العالمي بالاستناد إلى العامل التجاري، لأن الرواية أكثر استجابة لمتطلبات السوق؟ أو أن الرواية حلت مكان الأساطير والأيديولوجيا، وبالتالي كلما زاد الشعور بالاغتراب لدى الفرد يكون أكثر افتتانا بالعوالم المتخيلة؟ أو أن التعددية المعرفية في الرواية هي العنصر الأساس في انتشارها؟ وهل يريد القارئ من خلال الالتحام بالكون الروائي تعويض محدودية حياته؟ طبعا ليس الهدف من هذه الأسئلة الوصول إلى إجابات جاهزة، بقدر ما أن الغرض من طرحها هو إعادة النظر والتأمل في الظاهرة.
هنا يتحدث محمد عن ضرورة امتلاك الروائي وعيا حادا وأن يكون أكثر تبصرا بالواقع واستشراف المستقبل، بناء على تعمق رؤيته ومشاهداته اليومية لحركة الحياة. لذلك كثيرا ما نقرأ روايات تستبق الحدث وتتنبأ به، على سبيل المثال ما قاله الروائي جمال الغيطاني عن رواية “ثرثرة فوق النيل” للروائي نجيب محفوظ حيث أن هذه الرواية لو تمت قراءتها جيدا من رجال الدولة لكان بالإمكان تفادي نكسة حزيران (يونيو).
ويخلص المؤلف إلى أن الرواية تلعب دورا أساسيا وإن بصورة مواربة، وهذه النتيجة تقود إلى السؤال حول طبيعة العلاقة التي تربط الروائي لكونه صاحب رسالة أدبية متشابكة مع السياسة، وبأصحاب السلطة.
◙ عالم الأدب غيرته الروايات
وتحدث المؤلف في كتابه عن تحول بعض الشعراء إلى منصة الرواية، وهل السبب في ذلك عزوف القراء عن متابعة الشعر؟ بالطبع الأزمة ليست في النص الشعري بقدر ما تكمن في المنتسبين إلى بيت الشعر. كما أن الاشتغال النقدي لم يعد عاملاً لاكتشاف النصوص التي تحمل بذورا جديدة من التناول الشعري.
ولكن من المعروف أن الأمزجة تتبدل تبعا للتحولات التي تشهدها الحياة الثقافية والأدبية.
عصر القارئ
يشير المؤلف إلى القارئ الذي يراهن عليه الروائي لخروج منجزه الأدبي من العتمة، وهذا ينبئ بأن ثمة من يزاحم الناقد في وظيفته، كما لا ينفرد طرف معين بإعطاء كلمة المرور للنصوص الأدبية.
وما ساهم في تشكيل جمهور القراء هو انفتاح وسائل التواصل الاجتماعي بوجه الجميع بعكس ما هو معروف عن الصحف والمجلات التي تتميز بطابعها النخبوي. وتتحكم بها الاعتبارات الأيديولوجية والفكرية.
هل أصبح دور الناقد محدودا؟ قد يقول البعض “نعم” خاصة وأن هناك ما يشير إلى فشل النقاد في اكتشاف المواهب وتقديم قراءات عميقة للنصوص الجديدة.
ويقول محمد “إن دور القارئ لم يتوقف عند تشكيل الذائقة والترويج للعمل الأدبي فقط، وإنما يتحكم بإيقاع حركة الكتابات الإبداعية، ذلك أن نسبة التفاعل ومستوى التواصل يدفعان بالمبدع للشروع في كتابة عمل جديد”.
ويتحدث الناقد عمّا طرحه الروائي إيتالو كالفينو في روايته “لو كنت مسافراً في ليلة شتاء” إلى ما يجب أن يكون عليه شكل الرواية في زمن متسارع، ومن الضروري أن تكون الأعمال الروائية مقتصدة في صياغة تعبيراتها. لأن ذوق القارئ المعاصر قد لا يتحمل الإسهاب والحشو.
دور القارئ لا يتوقف عند تشكيل الذائقة والترويج للعمل الأدبي فقط وإنما يتحكم بإيقاع حركة الكتابات الإبداعية
ختاماً، اشتمل الكتاب على قسمين، القسم الأول تناول عددا من القضايا المتعلقة بالفن الروائي مثل الرواية وهوية الفرد، الأدب والبيئة الافتراضية، الرواية والتمرد، رهانات الأدب في عصر العولمة، النقد واتجاهات الرواية وغيرها.
وتضمن القسم الثاني رصد خصوصية ما تتصف به الروايات المترجمة من حيث التنظيم والتكامل بين الشكل والمضمون والتنويع في التيمات، وتوظيف الهموم والمعطيات الحياتية في حياكة العمل الروائي.