العراقي شنيار عبدالله يقدم تجربة فريدة في فن النحت والخزف
قدرات تعبيرية ملفتة للانتباه
بغداد - في ستينيات القرن الماضي بدأت الخطوات الأولى والمهمة للفن العراقي، إذ شهد تطوراً سريعاً ونقلات نوعيَّة كبيرة وبشكل يدعو إلى الإثارة والدهشة، ومن بين الحقول الفنية التي أثارت الاهتمام بشكل ملفت كان فن الخزف والنحت، فكل من يتابع الفن العراقي وتاريخه دارساً أو باحثاً أو مطلعاً على تطور تلك الحركة الفنيّة وما صاحبها من وجود جماعات فنيّة لها خطابها الخاص والمستقل أو يتأمّل أسباب نشأتها سيصل إلى قناعة بأن بداية الستينيات كانت النواة الأولى لوجود خطاب جمالي وتعبيري يعزز هذا الفن.
وأحد أهم المبدعين في هذا المجال، الفنان شنيار عبدالله الذي نشأ في محافظة ديالي، ومن هناك ابتدأت أولى خطواته الفنية، ففي عام 1963، درس فن السيراميك أكاديميّاً. وكان الفنان اليوناني فلانتينوس كرمنليس الذي أسّس قسم الخزف في أكاديمية الفنون الجميلة من الأسماء التي أثرت في شخصيته وتوجهاته الفنيّة.
ونظم عبدالله أول معارضه الشخصية في العام 1968 ثم تعدّدت معارضه بعد أن لاقت نجاحا وقبولا كبيرين بين متذوقي فن السيراميك، وفي العام 1978 حصل على شهادة الماجستير في الفنون من جامعة ميشيغان بالولايات المتحدة. وبعدها أنجز عدة معارض شخصيّة لفتت الانتباه حيث كشفت عن قدرته التعبيريّة في السيراميك.
الفنان العراقي لم يقتصر على طابع تقليدي بل عمد إلى استعمال طرق جديدة وغير مبتكرة في طرح الأشكال
وقد تعدّدت معارضه في أكثر من بلد مثل الولايات المتحدة، وفرنسا والمغرب وسوريا والأردن، وجميعها تحركت باتجاه أسلوب ومميزات خالصة ميّزت هذا الفنان عن أقرانه بعد أن قدم للفن سخاء كبيراً تمثل في منجز خزفي يليق بهويته العراقيَّة.
وأكثر ما يشدّ في عمل هذا الفنان بمادة السيراميك، الروح المتطلعة إلى التجديد في نمط الأشكال المتعلقة بهذا الفن، فهو لم يقتصر على طابع تقليدي يقارب في شكله ومحتواه من فنون الشرق القديمة، بل عمد إلى استعمال طرق جديدة وغير مبتكرة في طرح الأشكال، وغايته من ذلك البحث عن الجديد الحافل بالجماليَّة ليستعمل نوعاً من الهندسة الشكليَّة في عمله أقرب ما تكون إلى الفن التجريدي الذي يتعامل مع البناء الهندسي وفقا لتغليب الشكل على المضمون.
هذا النوع من التجريب وفرّ له دراسة الأبعاد والكتلة والفضاء ليجعل الانسجام والتناغم مميّزين لأسلوبه وتقنيته وكانت غايته التشبّث بمفهوم خالص وهو مخاطبة الذائقة التي تنتصر لشكل الفن الحقيقي بعيدا عن التقليديّة وإعادة إنتاجها وتكرار أساليبها.
لقد مثل شنيار عبدالله مدرسة حداثية مضادة للفن التقليدي وقدّم من خلال السيراميك قوة جذب باتجاه المتذوّق.
وبقي الفنان وفيا لخطابه منذ ستينيات القرن المنصرم إلى يومنا هذا، مع أن نزعته التشكيلية بدت غريبة، فالمختلف عنده أنَّه لا يتعامل مع الخامة بدافع اللعب، بل بشعور الانتماء وكشف مساربها، لهذا تجده يقدم تجربة فريدة لها مقدرة في الشكل والمحتوى رغم أن الأشكال التي يصورها وينحتها تبدو مبهمة، وجزء منها تتراكم فيه إزاحات شكليَّة، ولو تفحّصنا نتائجها المثيرة لوجدنا عجزاً عن تفسير إيقاعها الداخلي.
وتميل أعمال الفنان إلى فن خارج عن الذاكرة بخلاف الغالب من فناني الخزف، إذ يميلون إلى خلق وتكرار الصور التقليديّة لكن مع شنيار هناك تصورا من إنتاج بنائيّة هندسيّة لم تكن غايتها أن تضمر الدهشة إنّما تجاري حسّا داخليّا للفنان حتى لو بدت غرائبيّة تلك الأشكال في السيراميك الذي لا يقبل الغموض.
ثمّة شعور بالانتماء إلى علامات خالدة وحروف وتكوينات ذات طابع رمزي احتفى بها شنيار عبدالله في عمله، إنّه يستعير الإشارات ليقدم الأفكار التي تختصّ به، ولهذا يبدو أنَّه يستمدُّ فكرة فنه من خلاصات تتعلق بفن فريد وطبيعة مميزة تقوم بالأساس على قيمة الاختلاف بين فنان وآخر.
يذكر أن الفنان شنيار عبدالله حائز على جائزة أفضل خزاف عراقي في العام 1992، وأقام خلال عقود من مسيرته الفنية جداريات في العراق ومدن عربية، واقتنت بعض أعماله متاحف في دول عربية وأوروبية وفي الولايات المتحدة. كما فاز بجوائز تقديرية وشارك في مهرجانات عالمية.
قدرات تعبيرية ملفتة للانتباه
بغداد - في ستينيات القرن الماضي بدأت الخطوات الأولى والمهمة للفن العراقي، إذ شهد تطوراً سريعاً ونقلات نوعيَّة كبيرة وبشكل يدعو إلى الإثارة والدهشة، ومن بين الحقول الفنية التي أثارت الاهتمام بشكل ملفت كان فن الخزف والنحت، فكل من يتابع الفن العراقي وتاريخه دارساً أو باحثاً أو مطلعاً على تطور تلك الحركة الفنيّة وما صاحبها من وجود جماعات فنيّة لها خطابها الخاص والمستقل أو يتأمّل أسباب نشأتها سيصل إلى قناعة بأن بداية الستينيات كانت النواة الأولى لوجود خطاب جمالي وتعبيري يعزز هذا الفن.
وأحد أهم المبدعين في هذا المجال، الفنان شنيار عبدالله الذي نشأ في محافظة ديالي، ومن هناك ابتدأت أولى خطواته الفنية، ففي عام 1963، درس فن السيراميك أكاديميّاً. وكان الفنان اليوناني فلانتينوس كرمنليس الذي أسّس قسم الخزف في أكاديمية الفنون الجميلة من الأسماء التي أثرت في شخصيته وتوجهاته الفنيّة.
ونظم عبدالله أول معارضه الشخصية في العام 1968 ثم تعدّدت معارضه بعد أن لاقت نجاحا وقبولا كبيرين بين متذوقي فن السيراميك، وفي العام 1978 حصل على شهادة الماجستير في الفنون من جامعة ميشيغان بالولايات المتحدة. وبعدها أنجز عدة معارض شخصيّة لفتت الانتباه حيث كشفت عن قدرته التعبيريّة في السيراميك.
الفنان العراقي لم يقتصر على طابع تقليدي بل عمد إلى استعمال طرق جديدة وغير مبتكرة في طرح الأشكال
وقد تعدّدت معارضه في أكثر من بلد مثل الولايات المتحدة، وفرنسا والمغرب وسوريا والأردن، وجميعها تحركت باتجاه أسلوب ومميزات خالصة ميّزت هذا الفنان عن أقرانه بعد أن قدم للفن سخاء كبيراً تمثل في منجز خزفي يليق بهويته العراقيَّة.
وأكثر ما يشدّ في عمل هذا الفنان بمادة السيراميك، الروح المتطلعة إلى التجديد في نمط الأشكال المتعلقة بهذا الفن، فهو لم يقتصر على طابع تقليدي يقارب في شكله ومحتواه من فنون الشرق القديمة، بل عمد إلى استعمال طرق جديدة وغير مبتكرة في طرح الأشكال، وغايته من ذلك البحث عن الجديد الحافل بالجماليَّة ليستعمل نوعاً من الهندسة الشكليَّة في عمله أقرب ما تكون إلى الفن التجريدي الذي يتعامل مع البناء الهندسي وفقا لتغليب الشكل على المضمون.
هذا النوع من التجريب وفرّ له دراسة الأبعاد والكتلة والفضاء ليجعل الانسجام والتناغم مميّزين لأسلوبه وتقنيته وكانت غايته التشبّث بمفهوم خالص وهو مخاطبة الذائقة التي تنتصر لشكل الفن الحقيقي بعيدا عن التقليديّة وإعادة إنتاجها وتكرار أساليبها.
لقد مثل شنيار عبدالله مدرسة حداثية مضادة للفن التقليدي وقدّم من خلال السيراميك قوة جذب باتجاه المتذوّق.
وبقي الفنان وفيا لخطابه منذ ستينيات القرن المنصرم إلى يومنا هذا، مع أن نزعته التشكيلية بدت غريبة، فالمختلف عنده أنَّه لا يتعامل مع الخامة بدافع اللعب، بل بشعور الانتماء وكشف مساربها، لهذا تجده يقدم تجربة فريدة لها مقدرة في الشكل والمحتوى رغم أن الأشكال التي يصورها وينحتها تبدو مبهمة، وجزء منها تتراكم فيه إزاحات شكليَّة، ولو تفحّصنا نتائجها المثيرة لوجدنا عجزاً عن تفسير إيقاعها الداخلي.
وتميل أعمال الفنان إلى فن خارج عن الذاكرة بخلاف الغالب من فناني الخزف، إذ يميلون إلى خلق وتكرار الصور التقليديّة لكن مع شنيار هناك تصورا من إنتاج بنائيّة هندسيّة لم تكن غايتها أن تضمر الدهشة إنّما تجاري حسّا داخليّا للفنان حتى لو بدت غرائبيّة تلك الأشكال في السيراميك الذي لا يقبل الغموض.
ثمّة شعور بالانتماء إلى علامات خالدة وحروف وتكوينات ذات طابع رمزي احتفى بها شنيار عبدالله في عمله، إنّه يستعير الإشارات ليقدم الأفكار التي تختصّ به، ولهذا يبدو أنَّه يستمدُّ فكرة فنه من خلاصات تتعلق بفن فريد وطبيعة مميزة تقوم بالأساس على قيمة الاختلاف بين فنان وآخر.
يذكر أن الفنان شنيار عبدالله حائز على جائزة أفضل خزاف عراقي في العام 1992، وأقام خلال عقود من مسيرته الفنية جداريات في العراق ومدن عربية، واقتنت بعض أعماله متاحف في دول عربية وأوروبية وفي الولايات المتحدة. كما فاز بجوائز تقديرية وشارك في مهرجانات عالمية.