أحمد بارة جزائري يصوّر المرأة وحضورها في المجتمع
نساء يحتفين بألوانهن الجزائرية
لا يخاف الفنان الجزائري أحمد صالح بارة من خوض التجربة، وإنما يؤمن بأن امتلاكه الفكرة والموهبة يمكنه من خوض محاولات الإبداع والرسم وفق المدارس الفنية المختلفة، فالمهم ليس أن ينجز موضوعا ويعيده، وإنما أن يعيد تقديمه بمنهج جديد وأسلوب مبتكر يجعلان الناظر إلى العملين لا يصدق أنهما للفنان نفسه.
الجزائر - يحاول الفنان التشكيلي الجزائري أحمد صالح بارة التنويع في موضوعات معارضه الفنية، لكنه يرى أنه لا بدّ من موضوع واحد لكل معرض، يكون هو الأساس الذي تدور في فلكه كل اللوحات مهما تنوعت المدارس الفنية التي اشتغل عليها.
واختار الفنان لآخر معارضه، المرأة كتيمة رئيسية بكل رموزها ودلالاتها، وليس كل امرأة، وإنما هي المرأة الجزائرية بهويتها الأمازيغية وبتفاصيلها اليومية والتاريخية والتقليدية التي تميزها عن الكثير من النساء في الدول العربية وحتى العالم، وتحضر إلى جانبها نساء ورموز لنساء من دول عربية، ذكرتهن الأعمال الفنية والتاريخية كقائدات ورائدات أو حتى كمجرمات منحرفات.
وافتتح الفنان السبت بدار عبداللطيف بالجزائر العاصمة معرضا فنيا يضم مجموعة من أعماله التي تعرض لأول مرة، والتي حاول من خلالها التعبير عن المرأة وحضورها في المجتمع، من خلال اللباس والرموز والعادات والتقاليد وغيرها، بكل ما تحمله من دلالات وإيحاءات تشع بالأنوثة والجمال والسحر.
ويستمر المعرض إلى غاية الثاني عشر من أغسطس الجاري، ويمكن للزائر اعتباره رحلة في عالم الفنان المخصص للمرأة بكل القضايا المرتبطة بها والأساطير والحكايات الشعبية وحتى الوقائع التاريخية.
◙ المرأة في حركة عمل دائمةتهيمن المرأة بكل حضورها الجسدي والاجتماعي والروحي على أعمال هذا الفنان العصامي، وهو من مواليد 1970 بسوق أهراس، بما يقدمه من إبداع فني راق ولمسة جمالية عالية تبرز مكانة وحضور المرأة الجزائرية والعربية والأفريقية ومساهمتها في حفظ ونقل التراث والثقافة، بجمالية وحساسية كبيرة.
يقدم الفنان 54 عملا زيتيا من الحجم الكبير والمتوسط، أنجزها بين عامي 2015 و2022، تتيح للزوار الولوج إلى عوالم المرأة في بيئتها الأصلية، إذ يأخذ الزائر من خلالها إلى عالم بديع يعج بالحياة والألوان وحكايا النساء، من الجزائر إلى تونس ومن الصحراء الغربية إلى مصر وصولا إلى هاواي.
يضم المعرض بورتريهات معبرة عن المرأة التارقية والعاصمية والشاوية والقبائلية والتونسية والمصرية وغيرهن، وهن في ملابسهن التقليدية ومحيطهن الطبيعي، تنبعث منها رائحة التراث والثقافة المحلية والحب والإحساس الأنثوي.
فمن خلال وضعيات النساء وكيفيات تجمعهن وهن في فضاءات عائلية أو خاصة يرتدين أبهى الأزياء التقليدية والحلي التي تعكس موروثاتهن الثقافية وكذلك طريقة إسدال شعورهن، استطاع بارة بحسه الفني أن يوجد شاعرية خاصة لتلك الأجواء التي تعج بالحياة والأحاسيس النفسية.
وقد تحيل تلك اللوحات إلى تيارات فنية مختلفة كالتكعيبية والمنمنمات والفن الساذج، كما قد يراها العديد من الزوار، إلا أن الفنان يؤكد أن أعماله “جاءت في لحظات عفوية عبّر من خلالها عن أحاسيس فنية تجاه المرأة”، التي يعتبرها “الحامل الأكبر للتراث والثقافة والعادات والتقاليد..”.
وليس من الصعب في هذا المعرض تمييز أعمال تعبّر عن الانتماءات الجغرافية والثقافية والعرقية لأولئك النساء، إذ منحت ريشة بارة بعدا أنثروبولوجيا كبيرا لأعماله التي ترصد أجواء متنوعة من الممارسات اليومية للنساء في محيطهن العائلي وخارجه، وفي مناسبات مختلفة كالأعراس والزيارات وجلسات الدردشة.ويظهر ذلك جليا من خلال بورتريهات على غرار “امرأتان من الطوارق” و”ثلاث مصريات” و”امرأة شاوية تحضر الشاي” و”توانسة” و”امرأتان من الصحراء” و”امرأتان إفريقيتان” و”امرأتان من هاواي”.
المعرض يضم بورتريهات عن المرأة التارقية والعاصمية والشاوية والقبائلية والتونسية والمصرية وغيرهن
ويبدو واضحا تأثر الفنان بعالم الفن السابع، إذ تحضر مثلا لوحة بعنوان “ريا وسكينة”، في إشارة إلى قصة المصريتين ريا وسكينة التي تقول المرويات الشعبية إنهما كانتا مجرمتين دمويتين تسببتا في قتل العديد من النساء بمدينة الإسكندرية، وكذا “باية، امرأة من جربة” التي استوحى شكلها من الممثلة المصرية شادية في فيلمها “شيء من الخوف”.
وعن قصص الحب قدم الفنان “قيس وليلى”، في إشارة إلى قصة الحب العربية الشهيرة، بينما أظهرت لوحة أخرى بعنوان “تسامح” امرأة بلباس حساني كالذي ترتديه النساء في جنوب غرب الجزائر والصحراء الغربية.
وبدأ الفنان أحمد صالح بارة مساره في الفن التشكيلي في التسعينات لمّا كان في الجامعة، حيث أقام أول معرض له بجامعة عنابة ثم بنادي الجامعة في سنة 1994، ثم توقف لفترة طويلة وعاد من جديد في 2002 بمعرض فردي له بجمعية الجاحظية بالجزائر العاصمة، وليشارك بعدها في العديد من المعارض الجماعية عبر مختلف الولايات.
والفنان المتخرج من جامعة عنابة، في تخصص البيولوجيا، يقول إنه درس تخصصه الجامعي رغما عنه، حيث كان من المفروض أن يوجه قدراته العلمية والفنية لدراسة الفن التشكيلي.
ويؤكد أحمد صالح أن عائلته كلها تمارس الفن بلا استثناء، لكن الكثير من أفرادها تخلوا عن هذه الهواية نتيجة مشاكل الحياة اليومية، إلا هو فقد بقي مرتبطا بالريشة ومصرا على الرسم.
ويحب الفنان الجزائري التنوع سواء في المواضيع المعالجة أو في الأساليب الفنية، كما أنه يفضل أن يكون معرضه بموضوع واحد شامل وبعنوان محدد، فمثلا أنجز معرضا عن “الأرض والفلاح”، عرض فيه حياة الريف الجزائري بجمالية ورومانسية، كان ذلك في 2009 برواق محمد خدة بالجاحظية، كذلك قدم معرضا عن العادات والتقاليد البربرية في 2008 بقاعة الموقار، ثمّن من خلاله الخصوصية الأمازيغية الأصيلة الممتدة في العمق الثقافي والاجتماعي الجزائري.
والتزم الفنان بارة في بداياته بالأسلوبين “الواقعي” و”الانطباعي”، لكنه سرعان ما اتجه إلى التنويع في المدارس الفنية كي يعطي دفعا أكبر لمساره وتجربته، فمارس مثلا الأسلوب “العفوي” ونجح فيه، وكذلك خاض تجارب في الرسم وفق أسس المدرسة “التكعيبية”.
وحين يصف الفنان هذا التنقل بين المدارس، يقول “من يرى لوحة لي خاصة بمدينة سوق أهراس في أسلوب الواقع وأخرى عن جميلات الجزائر في الأسلوب العفوي لا يظنهما لنفس الفنان، وهذا دليل على التنوع والاختلاف المطلوب عند أي فنان”.
والفنان مولع أيضا بالمدن ومعالمها، فقد أنجز معارض عن مدينة سوق أهراس وعن عنابة وسطيف والعاصمة وغيرها من المدن الجزائرية، مبرزا معالمها الثقافية والتاريخية، محاولا من خلال ذلك التوعية بضرورة حماية هذا التراث الذي تعرض في الكثير من الأحيان إلى الإهمال أو الاعتداء غير العمدي (كمحاولات تشويهه).
نساء يحتفين بألوانهن الجزائرية
لا يخاف الفنان الجزائري أحمد صالح بارة من خوض التجربة، وإنما يؤمن بأن امتلاكه الفكرة والموهبة يمكنه من خوض محاولات الإبداع والرسم وفق المدارس الفنية المختلفة، فالمهم ليس أن ينجز موضوعا ويعيده، وإنما أن يعيد تقديمه بمنهج جديد وأسلوب مبتكر يجعلان الناظر إلى العملين لا يصدق أنهما للفنان نفسه.
الجزائر - يحاول الفنان التشكيلي الجزائري أحمد صالح بارة التنويع في موضوعات معارضه الفنية، لكنه يرى أنه لا بدّ من موضوع واحد لكل معرض، يكون هو الأساس الذي تدور في فلكه كل اللوحات مهما تنوعت المدارس الفنية التي اشتغل عليها.
واختار الفنان لآخر معارضه، المرأة كتيمة رئيسية بكل رموزها ودلالاتها، وليس كل امرأة، وإنما هي المرأة الجزائرية بهويتها الأمازيغية وبتفاصيلها اليومية والتاريخية والتقليدية التي تميزها عن الكثير من النساء في الدول العربية وحتى العالم، وتحضر إلى جانبها نساء ورموز لنساء من دول عربية، ذكرتهن الأعمال الفنية والتاريخية كقائدات ورائدات أو حتى كمجرمات منحرفات.
وافتتح الفنان السبت بدار عبداللطيف بالجزائر العاصمة معرضا فنيا يضم مجموعة من أعماله التي تعرض لأول مرة، والتي حاول من خلالها التعبير عن المرأة وحضورها في المجتمع، من خلال اللباس والرموز والعادات والتقاليد وغيرها، بكل ما تحمله من دلالات وإيحاءات تشع بالأنوثة والجمال والسحر.
ويستمر المعرض إلى غاية الثاني عشر من أغسطس الجاري، ويمكن للزائر اعتباره رحلة في عالم الفنان المخصص للمرأة بكل القضايا المرتبطة بها والأساطير والحكايات الشعبية وحتى الوقائع التاريخية.
◙ المرأة في حركة عمل دائمةتهيمن المرأة بكل حضورها الجسدي والاجتماعي والروحي على أعمال هذا الفنان العصامي، وهو من مواليد 1970 بسوق أهراس، بما يقدمه من إبداع فني راق ولمسة جمالية عالية تبرز مكانة وحضور المرأة الجزائرية والعربية والأفريقية ومساهمتها في حفظ ونقل التراث والثقافة، بجمالية وحساسية كبيرة.
يقدم الفنان 54 عملا زيتيا من الحجم الكبير والمتوسط، أنجزها بين عامي 2015 و2022، تتيح للزوار الولوج إلى عوالم المرأة في بيئتها الأصلية، إذ يأخذ الزائر من خلالها إلى عالم بديع يعج بالحياة والألوان وحكايا النساء، من الجزائر إلى تونس ومن الصحراء الغربية إلى مصر وصولا إلى هاواي.
يضم المعرض بورتريهات معبرة عن المرأة التارقية والعاصمية والشاوية والقبائلية والتونسية والمصرية وغيرهن، وهن في ملابسهن التقليدية ومحيطهن الطبيعي، تنبعث منها رائحة التراث والثقافة المحلية والحب والإحساس الأنثوي.
فمن خلال وضعيات النساء وكيفيات تجمعهن وهن في فضاءات عائلية أو خاصة يرتدين أبهى الأزياء التقليدية والحلي التي تعكس موروثاتهن الثقافية وكذلك طريقة إسدال شعورهن، استطاع بارة بحسه الفني أن يوجد شاعرية خاصة لتلك الأجواء التي تعج بالحياة والأحاسيس النفسية.
وقد تحيل تلك اللوحات إلى تيارات فنية مختلفة كالتكعيبية والمنمنمات والفن الساذج، كما قد يراها العديد من الزوار، إلا أن الفنان يؤكد أن أعماله “جاءت في لحظات عفوية عبّر من خلالها عن أحاسيس فنية تجاه المرأة”، التي يعتبرها “الحامل الأكبر للتراث والثقافة والعادات والتقاليد..”.
وليس من الصعب في هذا المعرض تمييز أعمال تعبّر عن الانتماءات الجغرافية والثقافية والعرقية لأولئك النساء، إذ منحت ريشة بارة بعدا أنثروبولوجيا كبيرا لأعماله التي ترصد أجواء متنوعة من الممارسات اليومية للنساء في محيطهن العائلي وخارجه، وفي مناسبات مختلفة كالأعراس والزيارات وجلسات الدردشة.ويظهر ذلك جليا من خلال بورتريهات على غرار “امرأتان من الطوارق” و”ثلاث مصريات” و”امرأة شاوية تحضر الشاي” و”توانسة” و”امرأتان من الصحراء” و”امرأتان إفريقيتان” و”امرأتان من هاواي”.
المعرض يضم بورتريهات عن المرأة التارقية والعاصمية والشاوية والقبائلية والتونسية والمصرية وغيرهن
ويبدو واضحا تأثر الفنان بعالم الفن السابع، إذ تحضر مثلا لوحة بعنوان “ريا وسكينة”، في إشارة إلى قصة المصريتين ريا وسكينة التي تقول المرويات الشعبية إنهما كانتا مجرمتين دمويتين تسببتا في قتل العديد من النساء بمدينة الإسكندرية، وكذا “باية، امرأة من جربة” التي استوحى شكلها من الممثلة المصرية شادية في فيلمها “شيء من الخوف”.
وعن قصص الحب قدم الفنان “قيس وليلى”، في إشارة إلى قصة الحب العربية الشهيرة، بينما أظهرت لوحة أخرى بعنوان “تسامح” امرأة بلباس حساني كالذي ترتديه النساء في جنوب غرب الجزائر والصحراء الغربية.
وبدأ الفنان أحمد صالح بارة مساره في الفن التشكيلي في التسعينات لمّا كان في الجامعة، حيث أقام أول معرض له بجامعة عنابة ثم بنادي الجامعة في سنة 1994، ثم توقف لفترة طويلة وعاد من جديد في 2002 بمعرض فردي له بجمعية الجاحظية بالجزائر العاصمة، وليشارك بعدها في العديد من المعارض الجماعية عبر مختلف الولايات.
والفنان المتخرج من جامعة عنابة، في تخصص البيولوجيا، يقول إنه درس تخصصه الجامعي رغما عنه، حيث كان من المفروض أن يوجه قدراته العلمية والفنية لدراسة الفن التشكيلي.
ويؤكد أحمد صالح أن عائلته كلها تمارس الفن بلا استثناء، لكن الكثير من أفرادها تخلوا عن هذه الهواية نتيجة مشاكل الحياة اليومية، إلا هو فقد بقي مرتبطا بالريشة ومصرا على الرسم.
ويحب الفنان الجزائري التنوع سواء في المواضيع المعالجة أو في الأساليب الفنية، كما أنه يفضل أن يكون معرضه بموضوع واحد شامل وبعنوان محدد، فمثلا أنجز معرضا عن “الأرض والفلاح”، عرض فيه حياة الريف الجزائري بجمالية ورومانسية، كان ذلك في 2009 برواق محمد خدة بالجاحظية، كذلك قدم معرضا عن العادات والتقاليد البربرية في 2008 بقاعة الموقار، ثمّن من خلاله الخصوصية الأمازيغية الأصيلة الممتدة في العمق الثقافي والاجتماعي الجزائري.
والتزم الفنان بارة في بداياته بالأسلوبين “الواقعي” و”الانطباعي”، لكنه سرعان ما اتجه إلى التنويع في المدارس الفنية كي يعطي دفعا أكبر لمساره وتجربته، فمارس مثلا الأسلوب “العفوي” ونجح فيه، وكذلك خاض تجارب في الرسم وفق أسس المدرسة “التكعيبية”.
وحين يصف الفنان هذا التنقل بين المدارس، يقول “من يرى لوحة لي خاصة بمدينة سوق أهراس في أسلوب الواقع وأخرى عن جميلات الجزائر في الأسلوب العفوي لا يظنهما لنفس الفنان، وهذا دليل على التنوع والاختلاف المطلوب عند أي فنان”.
والفنان مولع أيضا بالمدن ومعالمها، فقد أنجز معارض عن مدينة سوق أهراس وعن عنابة وسطيف والعاصمة وغيرها من المدن الجزائرية، مبرزا معالمها الثقافية والتاريخية، محاولا من خلال ذلك التوعية بضرورة حماية هذا التراث الذي تعرض في الكثير من الأحيان إلى الإهمال أو الاعتداء غير العمدي (كمحاولات تشويهه).